أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - سمعان ميشال حطّاب (أبو إيلي)... من الأشرفيّة إلى مخيم شاتيلا، قلبٌ يسكُنُهُ النّاسُ














المزيد.....

سمعان ميشال حطّاب (أبو إيلي)... من الأشرفيّة إلى مخيم شاتيلا، قلبٌ يسكُنُهُ النّاسُ


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 8385 - 2025 / 6 / 26 - 22:13
المحور: القضية الفلسطينية
    


في زحمة الحروب، وبين زوايا المدن التي التهمتها النيران، ووسط ضجيج البنادق وصراخ الضحايا، برز اسم رجلٍ لم يحمل يوماً سلاحاً، بل حمل قلمه... وقلبه.

سمعان ميشال حطّاب (أبو إيلي)، لبناني مسيحي من الرابية.
لم يكن في قلبه سوى شغف الحياة. عاش في الأشرفية بين الناس، افتتح محلّاً صغيراً لبيع الثياب، وكان مدرّباً لفريق الحكمة لكرة القدم، وأمين سرٍّ لمؤسسة مياه بيروت.

رجل بوجهٍ واحد في داخله: وجه الطيبة.

لم تكن الحرب بالنسبة إليه ساحة بطولات، بل كانت نهاية أحلام.
أحرقت الحرب محله في الأشرفية، ولم تترك له سوى ثلاثمئة بنطال، وحفنة من الذكريات.

باع ما تبقّى ليسدّد أقساط أولاده الدراسية، وساقته الصدفة إلى مخيم شاتيلا.

في مخيم شاتيلا، بين الأزقة الضيقة والوجوه المتعبة، رأى ما لم يكن يراه في الأشرفية:
الحياة رغم الوجع، والكرامة رغم الفقر.

جاء ليبيع البناطيل، فسرقه التّجار.
لكن شيئاً في داخله قال له:
"هون في ناس أكتر من الأشرفية."

وقرّر أن يبدأ من جديد... أن يبيع، أن يشتري، أن يبتسم رغم كل شيء.

لم يكن مخيم شاتيلا محطة عبور له، بل كان بيتاً.
صار وجهاً من وجوه المخيم، وصارت حياة المخيم جزءاً منه.
افتتح محلّاً لتصليح ماكينات الخياطة، فأصبح مقصداً للناس الذين أحبّهم وأحبّوه.

من الأشرفية إلى مخيم شاتيلا، لم يحمل الحقد، ولم يصرخ في وجه الزمن،
بل قال:
"صبرا وشاتيلا الخير، صبرا وشاتيلا رزقتي، وشقفة مني."

أنا، كاتب هذه السطور، كنت يوماً صديقه في الأشرفية.
وصدفةً التقيته في صبرا، مكسوراً، مغدوراً، كالغريق الذي يبحث عن يد.

أمسك بيدي ولم يتركها، ومنذ ذلك اليوم، صار جاري، وصار لي كالأخ، كالماء النقيّ في عالمٍ قاسٍ.

مرّت السنوات، وتبدّل كل شيء.
وجوه رحلت، وأصوات خفتت، وأزقّة تغيّرت ملامحها.
أما هو، فغاب في صمت، كما كان يعيش دوماً... بصمت.

غاب سمعان(أبو إيلي) الذي لم يُؤذِ أحداً، غاب الذي كانت يداه مشغولتين بالرزق، وقلبه مشغولاً بالناس.

لم أعُد أراه كل صباح كما اعتدت،
ولم أعُد أسمع صوته في الزاوية نفسها التي كان يجلس فيها، يصلّح ماكينةً، أو يسقي زهرة قرب الباب.

فهل ما زال صديقي سمعان ميشال حطاب (أبو إيلي) على قيد الحياة؟
أم أن المخيم خسر أحد أنقى وجوهه، كما اعتاد أن يودّع أحبّاءه... بصمت؟

[محمود كلّم] كاتب فلسطيني يكتُبُ في الشَّأنين السِّياسيِّ والوجدانيِّ، وَيُعنَى بقضايا الانتماء والهُويَّة الفلسطينيَّة. يرى في الكلمة امتداداً للصَّوت الحُرِّ، وفي المقال ساحةً من ساحات النِّضال.



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غزّة تُذبحُ... والأُمّةُ تتوضّأُ للصّلاةِ!
- ناجي العلي رسمها، ونزار بنات نطق بها: سيرةُ وطنٍ يغتالُ أبنا ...
- وصيّةُ الدّم... من نزار بنات إلى ابنته مارية بنت الأربعين يو ...
- الشهيد نزار بنات... حين يُغتالُ الصوتُ ولا تموتُ الحقيقة!
- خليل نزار بنات... يكبُرُ على وجعِ الوطنِ!
- نزار بنات... شهيدُ الكلمة والشّاهدُ الذي كتب وصيّتهُ بدمهِ!
- نزار بنات واليمن... قصّةُ حُبٍّ لا تعرفُ الخيانة!
- نزار بنات: شهيد الحقيقة في زمن الخيانة!
- حين بكى غسان... ونام نزار في تراب فلسطين
- جيهان ونزار... وحدهُما في حُضنِ الغيابِ!
- حين تُناديه الأُمُّ... ولا يُجيبُ!
- حين ينكسرُ قلبُ الأب… ولا أحدَ يسمع!
- مجزرة مدرسة صيدا الرسميَّة – المدخل الجنوبي: حين تحوَّل المل ...
- محمد نمر غضبان: ضميرُ الثورة الذي خذله الزمن!
- غزّة لا تنتظر القيامة... إنّها تعيشها!
- حين يموتُ المُؤرِّخُ... وتبقى غزّة تكتُبُ المأساة!
- الدكتورة آلاء النجار... أُمُّ الشهداء وصبرُ الجبال في وجه ال ...
- غزّة تمُوتُ ببُطءٍ... والعالمُ يغُضُّ الطّرف
- غزّة... النَّعشُ الذي يمشي وحدهُ
- غزّة تكتُبُ قصيدة الشّاعر نزار قبّاني الأَخيرة!


المزيد.....




- ناصيف زيتون ودانييلا رحمة يحتفلان بذكرى زواجهما الأولى
- فرنسا: قضية -المجوهرات المخفية- للوزيرة رشيدة داتي تعود إلى ...
- قضية اختطاف وقتل الطفلة الجزائرية مروة تثير تساؤلات عن ظاهرة ...
- تقارير: قرار واحد لترامب قد يُفضي إلى أكثر من 14 مليون وفاة ...
- من العزلة إلى الإعمار... هل ستفتح واشنطن أبواب سوريا للعالم ...
- قتيلان على الأقل في موجة حر شديدة وفيضانات تجتاح إيطاليا
- دعم خليجي متجدد للبنان.. تأكيد على الأمن والاستقرار والتنمية ...
- شبهة تجسس ـ برلين تستدعي السفير الايراني وطهران تنفي ضلوعها ...
- ماكرون يبحث مع بوتين الملف النووي الإيراني وحرب أوكرانيا في ...
- عاجل| ترامب: رفعت العقوبات عن سوريا من أجل منح البلاد فرصة


المزيد.....

- 1918-1948واقع الاسرى والمعتقلين الفلسطينيين خلال فترة الانت ... / كمال احمد هماش
- في ذكرى الرحيل.. بأقلام من الجبهة الديمقراطية / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / محمود خلف
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / فتحي الكليب
- سيناريوهات إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان -دراسة استشرافية ... / سمير أبو مدللة
- تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل / غازي الصوراني
- حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية / فتحي كليب و محمود خلف
- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني
- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - سمعان ميشال حطّاب (أبو إيلي)... من الأشرفيّة إلى مخيم شاتيلا، قلبٌ يسكُنُهُ النّاسُ