أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - غزّة تُذبحُ... والأُمّةُ تتوضّأُ للصّلاةِ!














المزيد.....

غزّة تُذبحُ... والأُمّةُ تتوضّأُ للصّلاةِ!


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 8384 - 2025 / 6 / 25 - 18:15
المحور: القضية الفلسطينية
    


في زمنٍ انقلبت فيه الموازين، وانعكست فيه المفاهيم، أصبح الدمُ خبز الفقراء، وأضحت الدموعُ اللغة الوحيدة التي يفهمها أطفال غزة. هناك، حيث يُولد الطفلُ وهو يعلم أن حضنه الأول ليس صدر أمّه، بل أنين القصف، وأن أول لُعبته ليست دمية من قطن، بل شظية حادّة تنتظر أن تستقر في عينيه أو صدره.

غزة لا تحتضر فحسب، بل تُقتل مراراً، ويموت معها ما تبقّى من نخوةٍ في صدور من يدّعون العروبة والإسلام. تحتضن غزة أحزانها، وتلتحف بقايا ركامها، بينما تُغلق الأبواب في وجهها، وتُفتح خلفها مؤتمرات التنديد والقلق والشجب.

أين الأمة؟ أين من كان يقول: "إنما المؤمنون إخوة"؟
أين أولئك الذين صدّعونا بخطب الوحدة، والنخوة، والدم الواحد؟
غزة اليوم لا تسأل عن السلاح، بل عن الخبز، عن الماء، عن الدواء. تسأل: "هل كُتب عليّ أن أكون ميداناً دائماً للموت، وحقلاً للأشلاء؟"

في زمنٍ صار فيه الكلبُ سيداً، والثعلبُ حاكماً، والذئبُ راعياً، نجد العربيّ يضع الكوفية في المتحف، ويعلّق القضية على الجدران كصورة قديمة بهتت مع الأيام. شيخ القبيلة مشغول بلون عباءته، والقائد مشغول بعدد متابعيه على المنصات، والجيوش تفتّش في الثكنات عن غلامٍ يرفع السلاح... لا لتقاتل، بل لتقول للعالم: "لدينا جيش".

أين القدس من خرائط قلوبكم؟ أين غزة من خُطب الجمعة؟
صار الدم الفلسطيني خبراً عادياً في نشرات الأخبار، وصورة شهيد طفلٍ تُقابل بابتسامة باردة، أو بتنهيدة محفوظة. حتى القبر هناك لم يعد يسع لميت، بل يُبنى على عجل، ولا يُحفر بيدٍ إنسانية، بل تحفره آلة لا تعرف الرحمة.

العرب اليوم يتفرّجون؛ بعضهم يطبّع، وبعضهم يُصفّق، وبعضهم يرفع صوته بالشتائم على الضحية، بينما القاتل يعيد ترتيب الجغرافيا بالحرب والنار.

غزة تنزف، لا لأنها ضعيفة، بل لأنها وحدها، تحمل على كتفيها عار أمةٍ نامت، وتستفيق فقط عندما تتحدث عن أسعار النفط، أو تعدّد فوائد الاستثمار في "تل أبيب".

في غزة، تموت الطفولة، تموت الكلمات، وينكسر الشعر في فم الشعراء، لأن الحبر لا يكفي لوصف حجم الوجع، ولأن القصيدة خجلت من أن تبقى حبراً لا يُسعف طفلاً ولا يوقف قذيفة.

وحدها غزة اليوم تقف، ليس لأنها لا تسقط، بل لأنها اعتادت السقوط، ونهضت من تحته ألف مرة. تقف لتقول لنا جميعاً: "من مات فيّ، لا يموت، ومن عاش في صمتكم، قد مات قبل أن يولد".

يا غزة… لا تعتبي كثيراً، فقد جفّ الدمع في العيون، وتحوّلت القلوب إلى حجر، واستكانت الضمائر في سباتٍ عميق. لا تنتظري نخوةً من أمةٍ باعت كرامتها على موائد السلاطين، وخلعت عباءة الدين لتلبس رداء الخنوع.
تُقاومين وحدكِ، تدفنين شهداءكِ بصمت، وتبنين من الركام مآذن تصدح بالأذان في وجه الموت.

أما نحن… فنموت في كل مرة نراكِ تنزفين ونحن مكتوفو الأيدي، نصرخ ولا يسمعنا أحد، نكتب ولا يُترجم الحرف إلى فعل.

يا غزة…
سامحينا، فنحن أمةٌ تفرّق دمكِ بين القبائل،
أمةٌ تقرأ التاريخ، لكنها لا تصنعه،
أمةٌ تعرف طريقكِ، لكنها تخاف أن تمشي فيه.

وحدكِ تعيشين البطولة، ووحدنا نعيش العار.
وما أقسى أن يُترك البطل في الميدان،
بينما يهتف الجبناء من خلف الشاشات:
"قلوبنا معكم"... والقلوب ماتت منذ زمن.



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ناجي العلي رسمها، ونزار بنات نطق بها: سيرةُ وطنٍ يغتالُ أبنا ...
- وصيّةُ الدّم... من نزار بنات إلى ابنته مارية بنت الأربعين يو ...
- الشهيد نزار بنات... حين يُغتالُ الصوتُ ولا تموتُ الحقيقة!
- خليل نزار بنات... يكبُرُ على وجعِ الوطنِ!
- نزار بنات... شهيدُ الكلمة والشّاهدُ الذي كتب وصيّتهُ بدمهِ!
- نزار بنات واليمن... قصّةُ حُبٍّ لا تعرفُ الخيانة!
- نزار بنات: شهيد الحقيقة في زمن الخيانة!
- حين بكى غسان... ونام نزار في تراب فلسطين
- جيهان ونزار... وحدهُما في حُضنِ الغيابِ!
- حين تُناديه الأُمُّ... ولا يُجيبُ!
- حين ينكسرُ قلبُ الأب… ولا أحدَ يسمع!
- مجزرة مدرسة صيدا الرسميَّة – المدخل الجنوبي: حين تحوَّل المل ...
- محمد نمر غضبان: ضميرُ الثورة الذي خذله الزمن!
- غزّة لا تنتظر القيامة... إنّها تعيشها!
- حين يموتُ المُؤرِّخُ... وتبقى غزّة تكتُبُ المأساة!
- الدكتورة آلاء النجار... أُمُّ الشهداء وصبرُ الجبال في وجه ال ...
- غزّة تمُوتُ ببُطءٍ... والعالمُ يغُضُّ الطّرف
- غزّة... النَّعشُ الذي يمشي وحدهُ
- غزّة تكتُبُ قصيدة الشّاعر نزار قبّاني الأَخيرة!
- بدر فلسطين التي غابت دون وداعٍ!


المزيد.....




- ناصيف زيتون ودانييلا رحمة يحتفلان بذكرى زواجهما الأولى
- فرنسا: قضية -المجوهرات المخفية- للوزيرة رشيدة داتي تعود إلى ...
- قضية اختطاف وقتل الطفلة الجزائرية مروة تثير تساؤلات عن ظاهرة ...
- تقارير: قرار واحد لترامب قد يُفضي إلى أكثر من 14 مليون وفاة ...
- من العزلة إلى الإعمار... هل ستفتح واشنطن أبواب سوريا للعالم ...
- قتيلان على الأقل في موجة حر شديدة وفيضانات تجتاح إيطاليا
- دعم خليجي متجدد للبنان.. تأكيد على الأمن والاستقرار والتنمية ...
- شبهة تجسس ـ برلين تستدعي السفير الايراني وطهران تنفي ضلوعها ...
- ماكرون يبحث مع بوتين الملف النووي الإيراني وحرب أوكرانيا في ...
- عاجل| ترامب: رفعت العقوبات عن سوريا من أجل منح البلاد فرصة


المزيد.....

- 1918-1948واقع الاسرى والمعتقلين الفلسطينيين خلال فترة الانت ... / كمال احمد هماش
- في ذكرى الرحيل.. بأقلام من الجبهة الديمقراطية / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / محمود خلف
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / فتحي الكليب
- سيناريوهات إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان -دراسة استشرافية ... / سمير أبو مدللة
- تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل / غازي الصوراني
- حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية / فتحي كليب و محمود خلف
- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني
- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - غزّة تُذبحُ... والأُمّةُ تتوضّأُ للصّلاةِ!