أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - جهاد عقل - أحمد التليلي: ضمير الحركة النقابية والوجه الديمقراطي المغيّب في تاريخ تونس














المزيد.....

أحمد التليلي: ضمير الحركة النقابية والوجه الديمقراطي المغيّب في تاريخ تونس


جهاد عقل
(Jhad Akel)


الحوار المتمدن-العدد: 8384 - 2025 / 6 / 25 - 16:47
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    


مقدمة
أشرف النقابي نور الدين الطبوبي الأمين العام للإتحاد العام التونسي للشغل صباح يوم الأربعاء 25 حزيران 2025 على مراسم إحياء ذكرى القائد النقابي والوطني احمد التليلي ، خلال زيارة ضريحه بإشتراك أفراد عائلته وثلة من النقابيين ، وبعد قراءة الفاتحة على روح الفقيد، أكد النقابي نور الدين الطبوبي في كلمته على أهمية إحياء ذكرى الفقيد "ليكون دوماً مثالاً للنقابيين والنقابيات وللجيل النقابي الجديد ليعلموا حجم التضحيات التي قام بها الرواد لبناء الوطن والإتحاد وقدموا أرواحهم لفائدة تونس".
ويعتبر الخامس والعشرين من حزيران/ يونيو يوم ذكرى رحيل أحد أبرز رموز الحركة الوطنية والنقابية التونسية،القائد النقابي والوطني أحمد التليلي،الرجل الذي اقترن اسمه ببناء أولى اللبنات الصلبة للاتحاد العام التونسي للشغل، والذي دفع ثمن تمسكه بالمبادئ النقابية والديمقراطية بالإقصاء والمنفى. قليلون من يحظون في ذاكرة التاريخ التونسي بمكانته، إذ يجمع إرثه بين مقاومة الاستعمار، والنضال من أجل استقلالية العمل النقابي، والوقوف ضد انحراف السلطة بعد الاستقلال.

النشأة والتكوين

وُلد المرحوم أحمد التليلي في 10 تشرين الأول / أكتوبر عام 1916 بمدينة قفصة، في الجنوب الغربي التونسي، في وسط فلاحي بسيط. ثم التحق بالمدرسة الفرنسية - العربية في قصر قفصة، وواصل دراسته في المدرسة الصادقية في تونس العاصمة، والتي كانت حينها من أبرز المعاقل الفكرية التي خرّجت نخبة من الزعماء والمصلحين. هذا المسار التربوي أهّله للانخراط مبكراً في الحياة العامة، حيث ظهرت ميوله الوطنية والاجتماعية منذ شبابه.

النشاط النقابي: من التأسيس إلى الريادة

انخرط القائد أحمد التليلي مبكراً في الحركة النقابية، وكان أحد أبرز مؤسسي الاتحاد العام التونسي للشغل (UGTT) سنة 1946، إلى جانب القائد فرحات حشاد. عرف عنه دفاعه المستميت عن استقلالية المنظمة النقابية عن الأحزاب السياسية، وهو المبدأ الذي ظل وفياً له طوال حياته. في كانون الأول / ديسمبر 1952، بعد اغتيال القائد فرحات حشاد، عُيّن عضواً في الهيئة القيادية للإتحاد العام التونسي للشغل ، ثم تولى منصب أمين عام مساعد الأتحاد سنة 1954. وفي خضم الصراع على استقلال تونس، لعب دوراً محورياً في تأطير العمال التونسيين ضمن دينامية وطنية جماعية ضد الاستعمار الفرنسي. بعد الاستقلال، أصبح الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل من 1956 إلى 1963، وقاد مرحلة بالغة الحساسية في مسار بناء الدولة الوطنية، حيث سعى للحفاظ على التوازن بين الانخراط في المشروع الوطني ومقاومة محاولات توظيف النقابات من قبل النظام.

النشاط السياسي والوطني

بالإضافة إلى دوره النقابي، كان القائد النقابي أحمد التليلي من أعضاء الديوان السياسي للحزب الحر الدستوري الجديد، وتولى منصب أمين الصندوق فيه بين 1955 و1963. كما مثّل تونس في عدة محافل دولية، لا سيما في أفريقيا، وكان أول أفريقي في الأمانة العامة للاتحاد الدولي للنقابات الحرة (ICFTU)، مما أهّله ليلعب دوراً بارزاً في دعم حركات التحرّر الوطني، خاصة في الجزائر وفلسطين.

القطيعة مع النظام والمنفى

في بداية الستينات، مع تنامي النزعة الاستبدادية في النظام الحاكم، بدأ التليلي في توجيه نقد صريح لخيارات الرئيس الحبيب بورقيبة، خاصة فيما يتعلق بتهميش الديمقراطية ومصادرة استقلالية النقابات. بلغت القطيعة ذروتها سنة 1964 حين قدم التليلي استقالته من الاتحاد العام التونسي للشغل بسبب احتواء المنظمة من قبل السلطة، ثم تم طرده من الحزب وحرمانه من عضوية البرلمان، ما دفعه إلى مغادرة البلاد نحو المنفى في باريس، حيث بقي مهمشاً ومراقباً حتى وفاته المفاجئة يوم 25 حزيران/يونيو 1967، في ظروف لا تزال غامضة إلى حد الآن. تم نقل جثمانه إلى تونس ودفنه في مقبرة الجلاز، جنباً إلى جنب مع رموز المقاومة الوطنية، لكنه ظل مغيباً عن التكريم الرسمي لعقود.

الإرث والتكريم المتأخر

رغم أن اسمه لم يُذكر كثيراً في كتب التاريخ الرسمية، فإن أحمد التليلي يمثل ضمير الحركة النقابية الديمقراطية في تونس، وتجسيداً لرفض التبعية والانتهازية السياسية. أعيد الاعتبار له جزئياً بعد أحداث 2011، من خلال إطلاق اسمه على عدد من الشوارع والمؤسسات.
في السنوات الأخيرة، أحيت بعض مكونات المجتمع المدني والاتحاد العام التونسي للشغل ذكراه، وصدرت عنه دراسات وشهادات تؤكد عمق إسهامه الوطني والنقابي.

خاتمة
كان القائد النقابي أحمد التليلي أكثر من مجرد نقابي، بل كان مفكراً سياسياً ومثقفاً عضوياً حمل هموم العمال والوطن في آن واحد. دفع حياته ثمناً لموقفه الرافض للهيمنة وتدجين النقابات، وعاش منفياً لأنه تمسّك بفكرة أن الاستقلال لا معنى له دون حرية وديمقراطية وعدالة اجتماعية. إن ذكرى وفاته اليوم ليست فقط محطة تأبين، بل دعوة لتأمل حاضر العمل النقابي ومستقبله في ضوء إرث قادةٍ من طينة أحمد التليلي.



#جهاد_عقل (هاشتاغ)       Jhad_Akel#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المؤتمر الكونفدرالي الثالث عشر لنقابة -اللجان العمالية الاسب ...
- الاتحاد العام التونسي للشغل: بين إرثه الوطني وحاضره ومستقبله ...
- مؤتمر العمل الدولي 2025: قرارات هامة لمؤتمر العمل الدولي ، ا ...
- إنجاز عمالي ونقابي فلسطيني في مؤتمر منظمة العمل الدولية
- في ظل توحش الرأسمالية -انهيار حقوق العمال في جميع أنحاء العا ...
- تقريرمنظمة العمل الدولية : وضع عمال الأراضي العربية يُرثى له ...
- ثمانية عقود على النصر في الحرب العالمية ولكن!
- في ذكرى يوم ضحايا العمل والأول من أيار
- في ذكرى كارثة عمال النسيج بمصنع رنا بلازا – بنغلاديش
- -أريد موتاً مدوياً- الإحتلال يواصل استهداف الصحفيين في الأرض ...
- العنصرية قائمة ضد العمال، واليوم العالمي للقضاء على العنصرية
- المؤتمرات النقابية ودورها
- قلق النقابات العمالية لعمال الصناعة والصلب من الوضع الحالي.
- دور النقابات العمالية هل هو مطلبي فقط؟
- الذكرى المئوية لتأسيس،-جمعية العمال العربية الفلسطينية-
- في الذكرى ال 80 لتأسيس اتحاد النقابات العالمي
- تفاقم ظاهرة الاتجاز بالأطفال
- ترامب يقوم بهجوم كاسح على العمال الامريكان
- مجموعة العشرين العمالية تتخذ قرارات هامة في اجتماعها بجنوب أ ...
- يوم العدالة الاجتماعية ، هل توجد عولمة عادلة؟


المزيد.....




- حماس: نتعامل بإيجابية للتوصل لوقف العدوان.. ونتنياهو يعرقل ا ...
- مدير مستشفى ببابل يعاقب ممرضاً لـ-عدم قيامه من الكرسي- والنق ...
- جمع الخردة الفولاذية مهنة جاذبة لفقراء زيمبابوي
- الاحتلال يقتحم مقر انتخابات النقابات في بيت حنينا ويستدعي عض ...
- منظمة غزة الإنسانية- تعلن إصابة عاملين أميركيين فيها بهجوم
- 1000 عامل وقع ترسيمهم في شركة ” ناني ” بمنزل بوزلفة اضافة ال ...
- إجتماع بين جامعة النقل و النقابة الاساسية للسوق الحرة بمطار ...
- في سليانة : تقييم المفاوضات والاستعداد لإضراب 17 جويلية في ق ...
- اتفاق في “Figeac Aero” : ترسيم جميع المتعاقدين وزيادة في وصو ...
- تفاصيل الاتفاق في الخطوط التونسية الفنية


المزيد.....

- الفصل السادس: من عالم لآخر - من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الفصل الرابع: الفانوس السحري - من كتاب “الذاكرة المصادرة، مح ... / ماري سيغارا
- التجربة السياسية للجان العمالية في المناطق الصناعية ببيروت ( ... / روسانا توفارو
- تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات / جيلاني الهمامي
- دليل العمل النقابي / مارية شرف
- الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا ... / خميس بن محمد عرفاوي
- مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها / جهاد عقل
- نظرية الطبقة في عصرنا / دلير زنكنة
- ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟ / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - جهاد عقل - أحمد التليلي: ضمير الحركة النقابية والوجه الديمقراطي المغيّب في تاريخ تونس