أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - بين خناجر البعث وأوتار الأمل ملحمة التآلف السوري الذي لن يُدفن -3














المزيد.....

بين خناجر البعث وأوتار الأمل ملحمة التآلف السوري الذي لن يُدفن -3


محمود عباس

الحوار المتمدن-العدد: 8382 - 2025 / 6 / 23 - 21:15
المحور: القضية الكردية
    


يتيم صُنّاع الموت، لم يكتفِ بتزوير التاريخ، بل مارس أعلى درجات النفاق المعرفي، فلو كان صادقًا في ادعائه التنقيب في الذاكرة، لعاد إلى مئات الكتب والمراجع التي أرّخت للوجود الكوردي في الجزيرة الكوردستانية، لا منذ قرن فحسب، بل منذ ما قبل الفتح الإسلامي نفسه، ولأدرك أن الجغرافيا التي يحاول اليوم طمسها بكلمات مغشوشة، كانت موطنًا للكورد، حضارةً وثقافةً، في عهود ما قبل الميلاد، واستمرت عبر مراحل الإسلام، حتى قيام "سوريا" الحديثة، تلك الدولة اللقيطة التي وُلدت من خاصرة سايكس بيكو وتربّت في حجر الانتداب الفرنسي.
لو كان حقًا ساعيًا إلى المعرفة، لما اكتفى بترهات أسياده من البعثيين الجدد، بل نظر في أسماء المدن والوقائع والأمكنة التي فضحت تزييفه، فهل يعلم مثلًا أن مدينة الرقة، التي يتباهى بإلحاقها زورًا بهوية أحادية، لم يكن لها هذا الاسم أصلًا في زمن الفتوحات؟ كانت تُعرف آنذاك باسم "كالينيكوس"، مدينة كوردية تحت هيمنة الإمبراطورية الرومانية، قبل أن يدخلها العرب كغزاة في عهد الخليفة عمر بن الخطاب.
أغرب ما في الأمر، أن أولئك العرب الذين استقروا جنوب الرقة آنذاك، جاؤوا ضمن طلائع الغزو لا كمواطنين، واشترط عليهم قادتهم، كما تشير بعض المصادر الإسلامية ذاتها، ألا يستوطنوا استيطانًا دائمًا، كي لا تُخمد موجات الغزو اللاحقة، وليظل المكان معبرًا لا مستقَرًا، ناهيك عن أن مناطق الشمال الشرقي كانت تُدار من قبل إمارات كوردية قبل الإسلام، مثل إمارة بيث زماني وبيت نهرين وغيرها.
ما يمارسه هذا الذيل الثقافي ليس بحثًا ولا تحليلًا، بل هو إعادة تدوير لدعاية بعثية بائسة، توهّم أنها دُفنت مع سقوط الأصنام، لكنها عادت على قلمه في شكل نثر مشوّه، لا يمت إلى البحث بصلة، بقدر ما يعكس ضحالة فكر، وعبودية خطاب، ونفاق رجل يخشى الحقيقة لأنها تهدم آلهة وهمه.
فمن يجهل أن الوجود الكوردي في الجزيرة الكوردستانية أسبق من خرائط الدول، ومن يجهل أن العرب الوافدين إليها هربوا من صراعات جزيرة العرب الداخلية، وتحوّلات نجد، فإن جهله لا يُغتفر، وإن علمه مغشوش بسبق الإصرار.
كما ويتناسى هذا النكرة، عمداً أو جهلاً، السلالات والإمارات التي شكّلت ملامح التاريخ الكوردي في قلب الجزيرة، بدءًا من الدولة الحمدانية والتي معظم حكامها كانوا من أصول كردية، ومرورًا بـالمروانية والأيوبية والبرامكة والزنكية، وليس انتهاءً بـإمارات آل بدرخان في بوطان وجزيرة ابن عمر، والتي كانت شاهدة على السيادة الكوردية، ثقافةً وسلطةً وهوية، بل يغضّ الطرف كذلك عن تقارير الرحالة والمستشرقين الأوروبيين الذين وثّقوا أسماء القرى الكوردية، وصفات رؤسائها، ولهجاتها، قبل أن يظهر على الأرض أحدٌ من "القادمين من الحجاز"، حين كانت الجزيرة الكوردستانية لا تعرف الطي، ولا الشمر، ولا العقيدات، ولا الجبور، ولا عنزة، إلا كضيوف عابرين، أرهقتهم هزائمهم أمام آل سعود في حروب الداخل النجدي، فشدّوا الرحال نحو سهول الجزيرة الكوردستانية الخصبة وظلال الجبال الكوردية طلبًا للنجاة.
يتحدث هذا المتطفل عن الجزيرة كأنها مرعى بلا ذاكرة، ويسمّي أهلها الأصليين "عابري سبيل"، ويتوسّل استعارات الجراد علّه يُلبس كراهيته لبوس الشعر، بينما هو في جوهره لا يفعل سوى تكرار النمط البعثي البائد: نزع الإنسانية عن الآخر، وشيطنته، وخلق "مشكلة ديمغرافية" تمهيدًا للإقصاء والاستئصال، والطعن في نسيج التآلف، وتدمير تلك العلاقة النبيلة التي تَشكّلت عبر عقود طويلة، بين العشائر العربية الأصيلة القادمة من حائل، وبين العشائر الكوردية الجذرية، أبناء الجغرافيا والتاريخ. لقد كان ذلك التآلف، رغم تعاقب الأنظمة وظروف الاستبداد، صمّام أمان ثقافي واجتماعي، قبل أن يطلّ علينا البعث بخباثته، ويورثنا فلوله ممن يكتبون بالحقد، لا بالحبر.
يتبع...
د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
20/6/2025م



#محمود_عباس (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين خناجر البعث وأوتار الأمل ملحمة التآلف السوري الذي لن يُد ...
- بين خناجر البعث وأوتار الأمل ملحمة التآلف السوري الذي لن يُد ...
- أمريكا تُنعش سردية العداء مع النظام الإيراني تمهيدًا لمواجهة ...
- إسرائيل وغايتيها في قصف إيران إزالة النظام وتثبيت الذات في خ ...
- ميزان الخسارة إسرائيل كدولة وإيران كسلطة
- حكومة الجولاني من برلمان بلحى إلى مقبرة مشروع الدولة
- هل بدأت نهاية إيران في ظل الاستراتيجية الإسرائيلية الجديدة؟
- الشراكة اللامركزية السياسية هي الطريق لإنقاذ سوريا
- هل يستفيد الشعب الكوردي من تصعيد الصراع في الشرق الأوسط؟
- الفرق بين اللامركزية السياسية والإدارية من تفويض الوظيفة إلى ...
- رابطة الكتّاب السوريين أمام امتحان العدالة، الكورد ليسوا خصو ...
- سياسات الأنظمة السورية البائدة تجاه الكورد من القرارات التشر ...
- الفيدرالية ليست منّة، بل خلاص لوطن أُبتلي بالاستبداد العربي ...
- لو أصاب القناص ترامب هل كانت أمريكا ستغزو العالم بالذكاء وال ...
- إعادة التوازن الديمغرافي في غربي كوردستان ضرورة تاريخية وعدا ...
- سوريا تحت خوذة المتطرفين، الجيش الذي لم يعد وطنيًا
- إعادة التوازن الديمغرافي في غربي كوردستان ضرورة تاريخية وعدا ...
- إعادة التوازن الديمغرافي في غربي كوردستان ضرورة تاريخية وعدا ...
- إعادة التوازن الديمغرافي في غربي كوردستان ضرورة تاريخية وعدا ...
- الرهان على الحراك الكوردي بين النقد الحصيف والدعم الثابت


المزيد.....




- 37 شهيدا فلسطينيا فجر اليوم.. قصف إسرائيلي يفتك بالنازحين وم ...
- -الدمار في كل زاوية-: عودة مؤقتة للنازحين الفلسطينيين قبل اس ...
- المحكمة العليا تنحاز لترامب بمعركة ترحيل المهاجرين
- إعدام سعودي تلقى كمية من أقراص المخدرات.. والداخلية تكشف تفا ...
- السفير ماجد عبد الفتاح عن إصلاح مجلس الأمن: أبقى قابلني.. ال ...
- رئيس بعثة الجامعة العربية بالأمم المتحدة: الوحدة العربية حول ...
- نتنياهو في أول زيارة لـ-نير عوز- منذ 7 أكتوبر.. هل اقتربت صف ...
- العفو الدولية تتهم -مؤسسة غزة الإنسانية- بالعمل كـ-أداة في ح ...
- إسرائيل تهاجم العفو الدولية وتتهمها بالانضمام إلى حماس
- مجازر جديدة بحق النازحين والمجوعين في غزة


المزيد.....

- “رحلة الكورد: من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر”. / أزاد فتحي خليل
- رحلة الكورد : من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر / أزاد خليل
- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - بين خناجر البعث وأوتار الأمل ملحمة التآلف السوري الذي لن يُدفن -3