محمود الزهيري
الحوار المتمدن-العدد: 1812 - 2007 / 1 / 31 - 11:25
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لا إكراه في الدين .
لا إكراه في العقيدة .
لا إكراه في الفكر .
لا إكراه في الكفر .
لا إكراه في الشرك .
لا إكراه في الإلحاد.
لا إكراه في الإيمان.
لا إكراه في التحول من دين إلي دين !!
المجتمع الإسلامي في حقيقة أمره كان يقبل بالمنافقين بين ظهراني المسلمين وفي كيان دولتهم التي كان يرأسها الرسول الكريم محمد صلي الله عليه وسلم .
هذه حقيقة واقعية !!
وليست من نسج الخيال المريض الأعمي والكسيح !!
ماذا فعل الرسول الكريم محمد صلي الله عليه وسلم مع المنافقين الذين كانوا يعيشون معه وبين ظهراني المسلمين ؟
هل أمر بقتلهم ؟!!
هل أمر بحصارهم إقتصادياً وإجتماعياً وسياسياً ؟!!
هل منع الزواج من بناتهم ومنع زواج أبنائهم من بنات ونساء المسلمين ؟!!
هل حرم البيع لهم والشراء منهم في المعاملات التجارية والإقتصادية ؟!!
أليس في القرآن الكريم سورة تسمي سورة المنافقون ؟!!
وهل الرسول وضع أحكاماً للمنافقين الذين يظهروا بخلاف مايبطنوا من عقائد وإيمان ؟!!
وإن وجدت فماهي مصادرها في القرآن والسنة الصحيحة ؟!!
وأليس المنافقون أخطر علي المجتمع من المخالفين في الدين والعقيدة والملة والنحلة ؟!!
فلماذا نقبل بالمنافقين ولانقبل بالمخالفين ؟!!
أليس هذا تناقض خطير في الرؤية والتصور ؟!!
أليس هذا تناقض في السلوك الديني والشخصية الدينية المبنية علي قداسة إتباع النص الديني في الأقوال والأفعال والتصورات ؟!!
فإذا كان النص الديني منعدم من الإساس في تجريم المنافقين فلماذا نكفر ونجرم ونتلذذ بتعذيب المخالفين في الدين والعقيدة والفكر والتصور ؟!!
بل .. ولماذا نستبيح دمائهم وأموالهم ونسائهم وندعوا عليهم باللعنة والهلاك والدمار والتشتيت وترميل النساء وتيتيم الأبناء وهلاك نسلهم وزرعهم ؟!!
وفيما يروي من تفاسير لسورة المنافقون أنه بالرغم من توجيه الإساءة للرسول الكريم صلي الله عليه وسلم هو وأصحابه وتوصيفهم بالكلاب ووصفهم بالأذلاء فيما روي عن تفسير آية :( يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل)
قال: قد قالها منافق عظيم النفاق في رجلين اقتتلا أحدهما غفاري والآخر جهني، فظهر الغفاري على الجهني، وكان بين جهينة وبين الأنصار حلف، فقال رجل من المنافقين: وهو عبد الله بن أبي، يا بني الأوس والخزرج، عليكم صاحبكم وحليفكم. ثم قال: والله ما مثلنا ومثل محمد إلا كما قال القائل: سمن كلبك يأكلك. والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل. فسعى بها بعضهم إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال عمر: يا نبي الله مر معاذا أن يضرب عنق هذا المنافق. فقال: لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه.
وهذا هو موقف محمد صلي الله عليه وسلم من المنافقين الذين سماهم أصحابه!!
فكيف به يأبي قتلهم وهم المنافقون المعلومون لديه بأنهم منافقون يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر , بل ويسميهم أصحابه :
حتي لايتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه !!
فإذا كان الدين يقبل بالمنافقين في المجتمع الذي يوجد به المؤمنين بالإسلام فلماذا يرفض المخالفين له في العقيدة والدين والشريعة ؟!
ولماذا يصر أتباع الدين الإسلامي علي تطبيق حد الردة علي من يغير دينه إلي دين آخر أو من يخرج من الدين الإسلامي إلي اللادين ؟!!
وهل يقبل أتباع الدين الإسلامي بالإنسان المنافق الذي يظهر الإيمان ويخفي الكفر بالإسلام ويصبح من المنافقين ؟!!س
مع العلم بأن سورة المنافقون سورة مدنية أي نزلت في المدينة التي أقيمت فيها دولة الرسول بمعني أن كان للإسلام دولة وكان رئيس هذه الدولة هو الرسول الكريم وكان هو صاحب السلطة الدينية والسلطة الزمنية معاً وفي آن واحد لاينازعه أحد في هاتين السلطتين !!
مع التنبيه أنه لاتوجد عقوبة دينية للمنافقين في الحياة الدنيا وإنما حسب المفهوم الديني هي عقوبة آخروية يختص بها الله الرؤوف الرحيم , الحكم العدل فقط ولا ينازعه في توقيع هذه العقوبات الأخروية المؤجلة أحد من الأنبياء أو المرسلين علي الإطلاق ومهما كان قدره ومقداره !!
فلماذا التكفير والتجهيل ؟!!
إذا كان الشاب عبد الكريم نبيل سليمان وهو في مرحلة الشباب والذي مر عام واحد علي بلوغه سن الرشد والأهلية القانونية , لديه بعض الأفكار التي حملها علي عناق عقله وعقال أفكاره ومهما كانت هذه الأفكار والمعتقدات التي يعتنقها سواء كانت مع المفاهيم الدينية أو ضد المفاهيم الدينية .
فماذا يضر الدين أو ماذا ينفع الدين من الأفكار التي حملها عقل عبد الكريم نبيل سليمان ؟!!
إنه فتي في مقتبل عمر الزهور والشباب له قوه عقلية جبارة يستخدمها ويوظفها في أفكار وأطروحات دينية أو لادينية , علمية أو ثقافية , رياضية أو فنية , أدبية أو سياسية .
فكيف بنا نحاكم شباب له أفكار ولديه أطروحات لم يستطع أحد من رجال العلم أو علماء الدين أن يناقشه في أفكاره أو أطروحاته هو وغيره من ملايين الشباب المهمشين في الحياة السياسية و الحياة الإجتماعية الذين قتلهم الفساد والظلم الإجتماعي والتحلل الأخلاقي والإستبداد السياسي , وضاع أملهم في مستقبل مشرق كانوا يأملون أن تتحقق فيه أمانيهم وآمالهم التي كانوا يخططون لها علي أوراق كتبهم وكراساتهم في مدارسهم ومعاهدهم العلمية وإذا بها تصبح هي والعدم سواء , بل وينتظرهم مستقبل مظلم حالك في السواد دون بارقة لأمل في إنفراجة للعيش في وطن يستشعرون فيه آدميتهم وإنسانيتهم فإذا بهم يستشعرون أنهم كحيوانات لدي الحاكم الذي يستأثر بأفكارهم وأمالهم وتطلعاتهم ويريد منهم أن يفكروا بطريقته وأن يتعلموا حسبما يريد وأن يقولوا مايريد أن يقول !!
أليس هذا هو حال الشباب الفاقد للوظيفة وفرصة العمل الغارق في بحر البطالة والفراغ ؟!!
أليس هذا هو حال الشباب المغيب بإرادة سلطة الفساد الفاصلة بينه وبين تحقيق طموحاته وأحلامه التي كان يطمح إلي تحقيقها ويأمل أن تكون هذه الأحلام لها واقع في دنيا الناس حيث لاعمل ولا أمل وكانت المخدرات وكان التطرف الديني والذي يقابله التطرف اللاديني علي السواء ؟!!
لماذا نلبس الدين ثوب الفوبيا ؟!!
لا أدري لمصلحة من أن يتم إلباس الدين لباس الخوف والرعب والترعيب وإظهار الدين في صورة المتشفي من المخالف له ولعقائده ولشرائعه وكأن الدين وحش كاسر يلتهم من لايطيعه في الأوامر والنواهي ؟
ومن الذي أراد للدين أن يكون هو المرعب والمرهب والمخيف للناس من مخالفته والخارجين عن حدود طاعته وعصيانه ؟!!
ولماذا نظهر الدين علي أنه عبارة عن مجموعة من الحدود الخاصة بالقتل والجلد والرجم والتقتيل والتصليب وتقطيع الأيدي والأرجل من خلاف ؟!!
وهل الدين في أبجدياته قد بني علي الإنتقام والتشفي حسبما يظهره العديد من حملة لواء الإنتقام للمخالف في الدين والعقيدة والشريعة , بل والمخالف في الرأي والوجهة والتصور ؟!!
ولماذا نحاول أن نتحدث عن بيوت الرعب الدينية منذ وجود أزمة أو مشكلة أو مصيبة أو كارثة فنرجعها دائماً للإنتقام الإلهي ذا الصبغة الدينية الغيبية ؟
ولماذا جعلنا حياتنا وأمراضنا وصحتنا وأرزاقنا وأقواتنا ومستقبلنا مربوط بالرباط الغيبي المقدس وكأننا لاحول لنا ولاقوة ولارأي لنا ولا إرادة في الفعل أو الإمتناع عن الفعل ومن ثم تعطلت حياتنا وإبداعاتنا في العلم والحضارة والتقدم والثقافة ؟!!
ولماذا جعلنا عذاب القبر ومنكر ونكير والثعبان الشجاع الأقرع وضمة القبر وتكسير الأضلاع والكلاليب التي هي من نحاس وحديد والتي تنهش في لحوم أجسادنا وتكسر عظامنا وتدخلها في لحوم أبداننا , لماذا جعلناها أحاديث رائدة في خطبنا ودروس العلم وندواتنا ومحافلنا وجلساتنا ؟
ولماذا الحديث الدائم والترهيب الدائب من جهنم وسقر وسعير والطامة والقارعة والصاخة , هي الأحاديث المرعبة التي تجعلنا نلجأ للإلتزام بالدين وكأنه إلتزام إضطراري مخافة الدخول في عذابات بيوت الرعب الدينية من كوارث ونكبات وأعاصير وزلازل ورياح , وأحاديث المسخ والسخط للإنسان إلي قرود وحيوانات , مروراً بعذابات القبر وعذابات الآخرة في سقر وجهنم وسعير ؟!!
هل فرغ الدين من المحتويات الإيمانية والعقائدية الأخري التي ترغب فيه وتحبب الناس إلي فضائله وتجعلهم يتبعوا أوامره ويتجنبوا نواهيه ؟!!
أعتقد أن لغة الخطاب الديني لغة منفرة ومرعبة ومخيفة لأنها لغة حصرت الدين بين نطاقين إثنين لاثالث لهما نطاق الحلال ونطاق الحرام , ومن ثم تبعهما مجالين إثنين لاثالث لهما أيضاً نطاق الجنة , ونطاق النار , وكأن الدين قد فرغ نطاقه من الإسلام والإيمان والإحسان ,وكأن الدين قد خلا مجاله من المندوب والمباح والمكروه كراهة تحريمية , والمكروه كراهة تنزيهية .
هكذا دارت المفاهيم الدينية بين هذين النطاقين الحلال والحرام والجنة والنار ومن هنا نشأ سؤ الفهم ونشأ التطرف في الأفكار والمغالطات في المفاهيم الدينية !!
فكان أن كان عبد الكريم نبيل سليمان قرينه في ذلك الجماعات الدينية المتطرفة والمنحرفة في أفكارها وتصورتها ومعتقداتها والتي تكفر المخالف لها من الجماعات الدينية الأخري ؟!!
فهل عاقب علماء الدين الإسلامي من يكفروا ويجهلوا المجتمع بأسره من المنتمين للجماعات الدينية المتطرفة والمتعصبة وقدموهم للمحاكمة علي أفكارهم السوداء التي تبيح القتل وإراقة وسفك الدماء ونهب الأموال والثروات بدعوي أنهم من الكفار المستباحة لهم النساء والأموال والأولاد ؟!!
ولماذا عبد الكريم نبيل سليمان هو الذي يكفر ويلعن ويسب ويشتم ويهان لمجرد أنه إعتنق أفكاراً فقط نتفق أو نختلف معه ليس هذا هو بيت القصيد وإنما بيت القصيد :
لماذا عبد الكريم نبيل سليمان يحاكم ويسجن ويكفر ويلعن , مع أن أفكاره أو معتقداته لم تخرج من نطاق ذاته ولم تتعدي حدود الآخرين , كبقية المنتمين للجماعات الدينية المتطرفة التي تنتمي للتيارات الدينية الجهادية والتي تكفر المجتمع وتدعو إلي الهجرة منه لأنه يمثل دار الكفر وتوجب العودة إليه حينما تتواجد دار الإسلام ؟!!
هل من المتوجب أن تطالب الولايات المتحدة الأمريكية والإتحاد الأوروبي حتي يتم الإفراج عن عبد الكريم نبيل سليمان ؟
أم أننا يتوجب علينا أن نؤمن بحرية العقيدة وحرية الدين وحرية الفكر , من باب : من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر !!
أعتقد أننا نحتاج لوقفة مع أنفسنا قبل أن نقبل المنافقين في الفكر والسياسة والثقافة والدين , ونرفض الكافرين في الفكر والسياسة والثقافة والدين !!
بل وقبل أن نتحول إلي مجتمع من المنافقين نضمر الكفر ونظهر الإيمان .
وأعتقد أن عبد الكريم نبيل سليمان رفض أن يكون من المنافقين !!
#محمود_الزهيري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟