أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ناضل حسنين - قافلة الصمود: بالعبرية .. لا تقتربوا من غزة














المزيد.....

قافلة الصمود: بالعبرية .. لا تقتربوا من غزة


ناضل حسنين
الكاتب الصحفي

(Nadel Hasanain)


الحوار المتمدن-العدد: 8380 - 2025 / 6 / 21 - 13:50
المحور: القضية الفلسطينية
    


حين أوقفت السلطات المصرية "قافلة الصمود" عند حدود ليبيا الشرقية، لم توقف قافلة محملة بالمساعدات، بل عطلت فعلًا رمزيًا هائلًا كان كفيلًا بترميم شيء من الكرامة المتآكلة في المشهد العربي تجاه غزة. لم يستهدف المنظمون الوصول إلى عمق القطاع، ولا تغيير معادلة عسكرية أو سياسية، بل أرادوا أن يقولوا ببساطة: "لسنا غائبين".
شارك في القافلة عشرات النشطاء من تونس والمغرب والجزائر، وساروا في صحراء ممتدة حتى اصطدموا بحدود خاضعة لسيطرة قوات خليفة حفتر، حليف القاهرة وصدى موقفها. لم يصدر حفتر قراره من فراغ، بل انتظر إشارة القاهرة، ثم نفذ ما بدا كأنه تعليمات عليا لا ترد. ورغم أن القافلة لم تتجه مباشرة إلى معبر رفح، إلا أن المحور المصري–الليبي تعامل معها كما لو أنها تجاوزت خطًا أحمر يجب إبعاده عن الحدود الفلسطينية بأي ثمن.
في الخلفية، لوح وزير الأمن الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، علنًا بضرورة منع القافلة من الاقتراب، ووجه دعوة مباشرة إلى القاهرة للتصرف بحزم. في المقابل، استجابت السلطات المصرية من دون أن تعلن صراحة أنها تنفذ رغبة تل أبيب، بل سارعت إلى تغليف قرارها بتبريرات تبدأ بالأمن القومي ولا تنتهي بالسيادة، مرورًا بعبارات من قبيل: "عدم التنسيق المسبق"، و"الحاجة إلى ترتيبات دبلوماسية عبر السفارات"، و"خطورة التحركات العشوائية على حدود حساسة".
تجدر الإشارة إلى أن هذه التبريرات لم تقنع أحدًا ممن تابعوا القافلة أو شاركوا فيها، خصوصًا أنها لم تكن تحمل سوى الأعلام والرسائل الإنسانية.
إلى جانب هذا، حرص المشاركون على تجنب أي صدام أو استفزاز. لم يرفعوا شعارات معادية لأي دولة، ولم يظهروا نية لاقتحام معبر أو تجاوز حاجز. اكتفوا بالسير، حرفيًا، على أطراف الخريطة السياسية، واختاروا طريقًا طويلًا وشاقًا عبر شمال أفريقيا، فقط كي يصلوا إلى مشارف غزة.
من ناحية أخرى، لم تترك لهم السلطات المصرية مجالًا حتى لتوصيل صوتهم. بدت الأوامر واضحة: لا مجال لأي فعل شعبي خارج الأطر الرسمية، حتى وإن كان سلميًا بالكامل.
ورغم الطابع الإنساني الخالص للقافلة، جاء الموقف المصري متناغمًا تمامًا مع الطلب الإسرائيلي، ثم مدعمًا بتصرف مباشر من قوات حفتر على الأرض، ليكتمل مثلث المنع: طلب إسرائيلي، استجابة مصرية، تنفيذ ليبي. هذا التوافق لا يمكن اعتباره مصادفة، بل يعكس هندسة سياسية واضحة تهدف إلى تجفيف أي تعبير تضامني شعبي مستقل مع غزة، خصوصًا إذا كان مرئيًا إعلاميًا، وقادرًا على تحريك الرأي العام العربي والعالمي.
لا يتعلق المنع بحرمان غزة من شحنة دواء أو كيس طحين، بل بحرمانها من لحظة إنسانية كانت قادرة على أن تقول للعرب وللعالم: هناك من يراها. فحين تُمنع هذه البادرة، تختنق الروح المعنوية الفلسطينية، وتكون بمثابة رسالة مقلقة إلى كل الشعوب العربية: لا تحاولوا التضامن، حتى لو حملتم الورود.
يختار البعض التعامل مع ما جرى كحدث هامشي، بينما الحقيقة، أن منع القافلة يمثل صفعة قوية لمفهوم التضامن العربي ذاته، ويعكس حجم الرعب الذي تثيره مبادرات الشعوب في أوساط بعض الأنظمة. فبينما تنشغل العواصم بتسويات ومبادرات رسمية جوفاء، ما زال الشارع يبحث عن وسيلة للتعبير عن ضميره، ولو سيرا على الأقدام في الصحراء.
ورغم أن إسرائيل لم تطلق صاروخًا هذه المرة، إلا أنها حققت نصرًا استراتيجيًا صامتًا: أبعدت القافلة، ونجحت في فرض خطابها الأمني على حدود لا تسيطر عليها. وبينما انشغل المشاركون بمحاولة إيصال رسالتهم، تفرّغت المنظومة السياسية لمنعهم من مجرد الاقتراب.
يتكرس أمامنا واقع جديد: لم يعد الحصار يقتصر على غزة، بل تمدّد ليطوق كل من يمد يده نحوها. ومع كل باب يُغلق أمام من يقصد فلسطين، تنفتح نافذة جديدة أمام التطبيع الصامت، والتواطؤ غير المعلن.
السؤال لم يعد ما إذا كانت غزة محاصرة، بل ما إذا كان العالم العربي لا يزال يسمح لأحد بأن يتضامن معها فعلًا، خارج الكلمات الباردة.



#ناضل_حسنين (هاشتاغ)       Nadel_Hasanain#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ترامب ونتنياهو: مَن يستخدم مَن؟
- هل صارت إسرائيل القوة الوحيدة في المنطقة؟
- الجريمة تنهش عرب الداخل
- صرخة..
- يوم -القيامة- ..
- المواطن في إسرائيل يدخل كتاب غينيس
- المسيحي الفلسطيني...
- إيران تستعرض... وإسرائيل تنفّذ
- من المسجد الى الكنيست..
- حل الدولتين.. الميت الذي نرفض دفنه
- نشيد الكوفية والشخير الوطني
- ما أشبه اليوم بالأمس..
- إضاءة على التطهير العرقي لعرب الداخل
- إيلون ماسك: عبقري أم مهووس؟
- ترانيم العصائر..
- حين تكون -اللي- أكثر فصاحة من -الذي-
- مفتاح الشرف تحت الخاصرة
- حكايتي مع المجرمين..
- لا تأكلوا -صديقها-!
- كلمة لا بد منها..


المزيد.....




- نتنياهو يكشف عن زيارة قريبا لأمريكا واجتماع مرتقب مع ترامب
- الأردن: إحالة 25 متهما إلى القضاء في حادثة -التسمم الكحولي- ...
- قصة أخطر جاسوس مصري في إسرائيل
- هذه المرة في إزمير...السلطات التركية تواصلها حملتها ضد المعا ...
- هل اقتربت سوريا ولبنان من التطبيع مع إسرائيل؟
- رمز للثروة والحظ السعيد.. أحجار الجاد الثمينة من مناجم بورما ...
- متطوعات في وحدات نخبة الجيش الدانماركي
- اليابان تسجل حرارة قياسية وسط موجة حر عالمية
- جيش الاحتلال في مرمى المستوطنين.. هل تنقلب أدوات إسرائيل علي ...
- ناشط فلسطيني يوثق -رحلة الموت- قرب مراكز المساعدات بغزة


المزيد.....

- 1918-1948واقع الاسرى والمعتقلين الفلسطينيين خلال فترة الانت ... / كمال احمد هماش
- في ذكرى الرحيل.. بأقلام من الجبهة الديمقراطية / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / محمود خلف
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / فتحي الكليب
- سيناريوهات إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان -دراسة استشرافية ... / سمير أبو مدللة
- تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل / غازي الصوراني
- حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية / فتحي كليب و محمود خلف
- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني
- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ناضل حسنين - قافلة الصمود: بالعبرية .. لا تقتربوا من غزة