أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - سعد هجرس - التعذيب.. يا حفيظ 3















المزيد.....

التعذيب.. يا حفيظ 3


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 1812 - 2007 / 1 / 31 - 11:25
المحور: حقوق الانسان
    


مهم جدا أن يتم فتح ملفات التعذيب المسكوت عنها منذ سنوات لأن هذه جريمة بشعة لا تسقط بالتقادم.
لكن الأهم الآن أن تفكر الجماعة الوطنية في المستقبل، من أجل تجفيف منابع هذه الظاهرة المروعة التي تمثل أخطر صور انتهاك آدمية البشر واغتيال حقوق الإنسان وقتل مشاعر الانتماء الوطني، ناهيك عن تدمير الديمقراطية وقطع الطريق أمام تطورها بصورة صحية وجادة.
وكما رأينا في المقال السابق فإن المسئولية لا تقع فقط علي وزارة الداخلية، رغم أنها من أهم الأطراف.
فهناك مسئولية علي الهيئة التشريعية من أجل تلافي الثغرات الموجودة حاليا في التشريعات المصرية، التي أشرنا إلي بعضها من قبل.
ونأمل أن تتضافر جهود المنظمات والجمعيات والشخصيات المعنية بحقوق الإنسان من أجل إعداد مشروع متكامل بهذا الصدد، وشن حملة واسعة النطاق لخلق رأي عام مساند وضاغط أدبيا وسياسيا.
الأمر الثاني هو أن المسألة لم تعد شكاوي فردية علي النحو الذي يراه اللواء أحمد ضياء مساعد وزير الداخلية للشئون القانونية، وإنما نحن إزاء »ظاهرة« تتحدث عنها تقارير منظمات دولية ملء السمع والبصر مثل »هيومان رايتس ووتش« و»منظمة العفو الدولية« ولجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة.. وهذه المنظمات لا يمكن اتهامها بـ »الكيد« السياسي للحزب الوطني وحكومته لأنها باختصار ليست طرفا في الصراعات السياسية المحلية، فضلا عن أنها أكبر من أن تكون مخلب قط لمنظمات محلية صغيرة الحجم والتأثير داخليا، فما بالك بأن يكون لها أي تأثير علي الصعيد الدولي.
وتقارير مثل هذه المنظمات الدولية لا يمكن التذرع بالصمت إزاء ما تتضمنه من وقائع، فإما أن يتم الرد عليها بحقائق موثقة أو الاعتراف بما هو حقيقي فيها والتعهد باتخاذ اللازم نحو إصلاحه واجتثاث جذوره دون لف أو دوران.
ويلفت النظر بهذا الخصوص إلي أن التقارير الدولية المتعلقة بالتعذيب لم تعد مقتصرة علي الجهات المشار إليها آنفا، بل وصلت مؤخرا إلي وكالات استخبارات أجنبية، أهمها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية التي قالت إن الأجهزة الأمريكية سلمت مواطنين مصريين إلي السلطات المصرية للقيام بانتزاع اعترافات تحت التعذيب منهم بشأن تورطهم في نشاطات »إرهابية«.
هذه التقارير بالغة الخطورة، وتم نشرها في سائر وسائل الإعلام الدولية، ومع ذلك لم يتم الرد عليها بأي صورة من الصور، الأمر الذي يعطي الحق لأي شخص بأن يصدقها، ويصدق كل القصص المروعة عن السجون السرية التي أصبحت تنتشر في أنحاء شتي من هذا العالم، وتجري فيها انتهاكات بشعة لحقوق الإنسان ويجري فيها تعذيب وحشي لخلق الله وهو أمر مرفوض حتي لو كان هؤلاء من ألد خصومنا فكريا وسياسيا.
ثم إن رئيس وزراء مصر الدكتور أحمد نظيف ذاته هو الذي أدلي بتصريحاته لصحيفة »نيويورك تايمز« قال فيها إن تجدد العمليات الإرهابية في سيناء يمكن أن يكون نتيجة التجاوزات الأمنية والتوسع في دائرة الاشتباه إثر أول عملية.
هذا الكلام عندما يأتي علي لسان أكبر رأس في الحكومة المصرية يعني أن الأمور أكبر من أن تكون مجرد حالات فردية كما قال اللواء أحمد ضياء الدين، وأنها تحتاج بالتالي إلي معالجة مختلفة.
والمعالجة المختلفة ربما تتطلب تشكيل لجنة تحقيق »قومية«، علي غرار اللجان التي تشكلها البلدان المتقدمة لتقصي الحقيقة والتحقيق »السياسي« ـ وليس القانوني ـ في الأمور الكبري التي تؤرق المجتمع.
وقضية التعذيب، بتراثها الفظيع منذ بداية قيام الدولة المركزية علي ضفاف نهر النيل حتي اليوم، هي واحدة من هذه القضايا التي تحتاج إلي لجنة تتألف من حكماء هذه الأمة، وتنأي بنفسها عن الصراعات الصغيرة المماحكات الحزبية الآنية والإحن السياسية، وتغوص في أعماق هذه الظاهرة وتضع يدها علي جذورها الدفينة، وبعد تشخيصها الموضوعي لهذا الداء المزمن تقترح له الدواء الفعال، الذي يجب أن يكون المجتمع مستعدا لدفع فاتورته.
والفاتورة لها بنود كثيرة، منها علي سبيل المثال ذلك النموذج اللافت للنظر الذي تبلور في المملكة المغربية حيث تم تحقيق واسع في قضايا التعذيب التي جرت في عهود سابقة، وإدانة هذا التعذيب سياسيا، واعتذار الدولة عنه، رغم أن الإدارة الحالية لم تكن مسئولة عنه بأية صورة من الصور، وتعويض من تضرروا من هذه السياسة الوحشية أو تعويض أهل من قضي نحبه منهم.
وبهذا فتح الحكم صفحة جديدة بيضاء مع الشعب ومع الطبقة السياسية.
هذا علي الجانب السياسي، أما التعذيب الذي يقع لأسباب غير سياسية ـ وأهم صوره إساءة معاملة المواطنين في أقسام الشرطة أو الكمائن ـ فإنه يمكن ابتكار صيغ مختلفة منها إشراك منظمات وجمعيات حقوق الإنسان في التفتيش علي هذه الأماكن ومراقبة مجريات الأمور بها.
وطالما أن وزارة الداخلية ليس لديها ما تخفيه مما يحدث في هذه الأقسام والمراكز فماذا يضيرها لو سمحت لوسائل الإعلام بالدخول إليها وإجراء مقابلاتها وتحقيقاتها دون موانع؟!
وألم يكن من الأفيد ـ مثلا ـ التصريح للزميلة هويدا طه الصحفية بقناة الجزيرة بدخول أقسام الشرطة والسماح لها بإجراء مقابلات مع الضباط وضباط الصف والجنود والمحتجزين، بدلا مما حدث، طالما أنه ليست هناك مخالفات أو انتهاكات لحقوق الإنسان، كما يقول اللواء أحمد ضياء الدين مساعد وزير الداخلية؟!
إن العالم قد تغير، والخطاب الذي كان يصلح بالأمس لم يعد يصلح اليوم.
صحيح أن التعذيب مرفوض ومدان أمس واليوم وغدا بيد أن كثيرا من ممارسات الماضي ـ وفي مقدمتها التعذيب ـ لم يعد ممكنا أن تمر اليوم، سواء لأن هناك ثقافة جديدة، وعالمية الطابع، تكونت وأصبح من قبيل المستحيل التناطح بالرأس معها، وسواء لأن ما كان ممكنا إخفاؤه من قبل أصبح من الصعوبة بمكان إبقاؤه طي الكتمان لفترة طويلة بفضل ثورة وسائل الاتصال وثورة المعلومات التي فضحت جرائم سجن أبو غريب الحصين ونقلت وقائع إعدام الرئيس العراقي صدام حسين، وأصبح جهاز تليفون محمول مزود بكاميرا في يد مواطن عادي أو فرد من أفراد الشرطة قادرا علي نقل ما يحدث في كهف بالقطب الشمالي إلي العالم بأسره في غضون ثوان معدودات.
وطالما أن مساعد وزير الداخلية للشئون القانونية وافق علي الجلوس مع اثنين من نشطاء حقوق الإنسان أمام شاشات التليفزيون وتحاور معهما.. وهذا تطور مهم ويحسب لوزارة الداخلية.
وطالما أن وزارة الداخلية تدين ممارسة التعذيب، وتتنصل ممن يقوم به حتي لو كان من ضباطها أو جنودها، شأنها في ذلك شأن منظمات وجمعيات حقوق الإنسان المحلية والأجنبية.. فإن ذلك يجعلنا نطالبها بما هو أكثر من مطالبة كل »فرد« لديه شكوي بأن يطرق باب اللواء أحمد ضياء الدين.




#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- راحت السكرة وجاءت الفكرة
- لبنان .. فى مفترق الطرق
- -الحمار- يهزم -البروفيسور- .. في جامعة المنصورة!
- التعذيب .. يا حفيظ 2
- الرابحون والخاسرون فى اضراب لبنان
- رجاء النقاش .. مكتشف المواهب
- رؤية بديلة للتعامل مع الجماعة »المحظورة«
- اعتذار عمارة وعذر الأوقاف
- 6 + 2 + 1 لا تساوي تسعة!
- حوار الطرشان
- خطة بوش الجديدة : كثير من اللغو المفخخ
- استراتيجية بوش المسمومة
- الملابسات حول التعديل الدستوري بين »التهويل« و »التهوين
- إنفتاح دستورى وانغلاق حزبى
- خليل كلفت
- بداية .. ونهاية
- سبحان مغير الأحوال: علاوى ومبادرته المثيرة 2-2
- سبحان مغير الأحوال: علاوى ومبادرته المثيرة!
- حكومة »ديجيتال« تستخدم أسلحة العصر الحجري
- المجتمع الأهلي.. فى إجازة


المزيد.....




- في يومهم العالمي.. أشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة ألهموا الع ...
- سويسرا تفكر في فرض قيود على وضع -أس- الذي يتمتع به اللاجئون ...
- كاميرا العالم ترصد خلوّ مخازن وكالة الأونروا من الإمدادات!
- اعتقال عضو مشتبه به في حزب الله في ألمانيا
- السودان.. قوات الدعم السريع تقصف مخيما يأوي نازحين وتتفشى في ...
- ألمانيا: اعتقال لبناني للاشتباه في انتمائه إلى حزب الله
- السوداني لأردوغان: العراق لن يقف متفرجا على التداعيات الخطير ...
- غوتيريش: سوء التغذية تفشى والمجاعة وشيكة وفي الاثناء إنهار ا ...
- شبكة حقوقية: 196 حالة احتجاز تعسفي بسوريا في شهر
- هيئة الأسرى: أوضاع مزرية للأسرى الفلسطينيين في معتقل ريمون و ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - سعد هجرس - التعذيب.. يا حفيظ 3