أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ليث الجادر - عمال التصاريح..ورغيف الحزن المخبوز بوجع الكرامه














المزيد.....

عمال التصاريح..ورغيف الحزن المخبوز بوجع الكرامه


ليث الجادر

الحوار المتمدن-العدد: 8378 - 2025 / 6 / 19 - 01:01
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


في الأرض التي تقاوم منذ قرن، لا يجد العامل الفلسطيني نفسه في موقع البطولة، بل في موقع الابتلاع اليومي، دون مقاومة تُذكر. يُستنزف بصمت، ويُستغل بصبر، ويُدفن حيًا تحت عنوان: "تصريح عمل". سواء كان من غزة أو الضفة الغربية، فمصيره واحد: إما العمل في إسرائيل وفق شروط الإذلال، أو الموت جوعًا في بلده المُحتل والمقموع إداريًا.

حتى 6 أكتوبر 2023، كان نحو 170 ألف عامل فلسطيني من الضفة الغربية يدخلون إسرائيل يوميًا أو بتصاريح موسمية، ويشكّلون العمود الفقري لقطاعات البناء والزراعة والصناعات الخفيفة. في الوقت نفسه، كان هناك قرابة 18–20 ألف عامل من غزة يعملون في إسرائيل، أغلبهم بتصاريح "تجار"، وهي تسمية تضليلية تُخفي واقعهم كعمّال يوميين في أعمال شاقة ومُهينة، وبدون أي ضمان اجتماعي أو حقوق نقابية.

كان هؤلاء العمّال مجتمعين يُمثلون الرافعة المالية الكبرى للاقتصاد الفلسطيني الأسير، واليد التي تحرّك سوق الاستهلاك في الضفة وغزة، لكنها يد تُنهك وتُهان وتُستغل يوميًا تحت مظلة تنسيق أمني واقتصادي منظّم.

حين اندلعت الحرب على غزة، انهار هذا النظام الاستغلالي بالكامل، لكنه لم يُستبدل بتحرر، بل بعقوبة جماعية شاملة:
- في غزة: تم اعتقال أكثر من 4500 عامل غزي كانوا متواجدين داخل إسرائيل وقت الهجوم. احتُجزوا في ظروف مهينة دون محاكمات، وتعرضوا للتعذيب الجسدي والنفسي، ثم رُحّلوا قسرًا إلى غزة عبر معبر كرم أبو سالم. ومنذ ذلك التاريخ، لم يُسمح لأي عامل من غزة بالعودة للعمل داخل إسرائيل.
- في الضفة: جرى تجميد مؤقت لكافة التصاريح بعد الحرب، ثم أُعيد تشغيلها تدريجيًا بشروط أمنية مشددة، وتم تقليص عدد التصاريح إلى ما يُقدَّر بـ21 آلف فقط، واستُثنيت مناطق كاملة من التصاريح لأسباب أمنية، أبرزها جنين، مخيمات نابلس، وطولكرم. كما تفشّت سوق سوداء للتصاريح، يُدفع فيها أحيانًا ما يزيد عن 3000 شيكل عبر سماسرة يعملون في ظل صمت رسمي فلسطيني مخزٍ.

مئات الآلاف من الفلسطينيين الذين يشكلون هذه الطبقة العاملة الهائلة، باتوا بلا صوت سياسي، ولا تمثيل نقابي حقيقي، ولا حتى حماية إعلامية. تحوّلوا إلى كائنات اقتصادية بلا وجه، هدفهم فقط "تأمين لقمة العيش"، حتى لو كانت مرهونة بتوقيع ضابط إسرائيلي أو تاجر تصاريح في رام الله.
لا فصائل تسندهم. لا خطابات تستوعبهم. لا مقاومة تتبناهم. فقط جهاز أمني يديرهم، وسوق عمل يتاجر بهم، وسلطة عاجزة أو متواطئة تتفرج على انكسارهم.

منظومة "العمل مقابل الخضوع" ليست قدرًا، بل مشروعًا سياسيًا إسرائيليًا متكاملًا، يُنتج فلسطينيًا مُنضبطًا، محتاجًا، يائسًا من كل خيار سوى الرضوخ.
- لا تحرر إذا بقي 190 ألف عامل فلسطيني تحت رحمة تصاريح الاحتلال.
- لا كرامة إذا استمر التعامل معهم كأرقام في ملف أمني.
- لا اقتصاد وطني إذا كانت كل عائلة في غزة أو الضفة تنتظر كل صباح أن يُفتح الحاجز.

العمال الفلسطينيون ليسوا ضحايا فقط.
إنهم الخزان الحقيقي لأي إمكانية تحرر شعبي جماعي.
لكنهم لن يتحرروا بالنيابة، ولا عبر شعارات جوفاء.
التحرر يبدأ من كسر نظام التصاريح، من تنظيم الذات خارج المنظومة، من فهم أن اليد العاملة هي أيضًا يد مقاومة.
لن يكون هناك تحرر حقيقي… ما دام العامل الفلسطيني يضطر كل صباح أن ينحني أمام بوابة احتلال… كي يُسمح له أن يعيش.

ما يزيد عن 18% من مجمل الطبقة العاملة الفلسطينية كانت، حتى ما قبل الحرب الأخيرة، تعمل داخل إسرائيل أو في المستوطنات. نحو 190 ألف عامل من أصل 1.05 مليون يشكلون عمّال فلسطين، غالبيتهم العظمى من الضفة الغربية، يذهبون يوميًا إلى حيث يعملون تحت إشراف أمن الاحتلال، ويعودون إلى أوطانهم التي يُمنعون من بنائها.

هذا الرقم لا يعني فقط تبعية اقتصادية خطيرة، بل يُظهر كيف تحوّلت فلسطين إلى مستودع للعمالة الرخيصة في خدمة البنية الاستعمارية ذاتها. فلم تَعُد إسرائيل بحاجة إلى الاستيطان الكامل أو الاحتلال الشامل، طالما أنها تحكم الفلسطيني من بوابة الراتب، وتخضعه من فتحة تصريح



#ليث_الجادر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انعكاسات المواجهة الاسرائيليه-الايرانيه على واقع الطبقه العا ...
- هل يتجرّع خامنئي كأس السم كما تجرّعه الخميني؟
- أيران..من هندسة الخوف الى ادارة الخسائر
- هرمز..بين ارتجال التوظيف وحكمة التلويح
- التوقيت المرحلي للمواجهه الاسرائيليه - الايرانيه..لحظة توافق ...
- الموقف الجماهيري في المواجهة بين اسرائيل وايران..عبء أم رصيد ...
- باتريوت إلى أوكرانيا: إسرائيل تُفكك ظلال موسكو في المشرق
- تداعيات الخيار العسكري لغلق الملف النووي الايراني على كيان ا ...
- المعنى الاخر لاستثناء العراق من فعاليات اسرائيل العسكريه
- العداء الروسي- البريطاني : ترف الوهم
- الحرب الروسيه- الاوكرانيه...قابلة الشرق الاوسط الجديد
- صفقة العار...التضحويون يرقصون على اشلاء الابرياء
- حينما يستولد الموقف من ( كرشة ) ساق واقع غزه
- اللاعقلانيه في خطاب حماس والجهات الاعلاميه الداعمه لها
- مقارنه بين اداء المخابرات الاسرائيليه في ميدانين ..تثير الري ...
- طوفان الاقصى ..جرف اسرائيل ؟..أم اغرق غزه
- ماركس - لينين ..الجوهر الواحد ..والمسار المختلف
- الاربعينيه الحسينيه ..والعقيده الفرعونيه..
- تحلل مفاهيم العقل البشري ..الحمله المثيليه ...أنموذج...ج2
- تحلل مفاهيم العقل البشري ..الحمله المثيليه ...أنموذج


المزيد.....




- بعد عام من اعتقاله.. “أمن الدولة” تُحيل يحيى عبد الهادي إلى ...
- “النواب” يناقش غدًا قانون “المستأجرين”.. و”أمن الدولة” تنظر ...
- من الطريق إلى السوق الأوروبي: سلاسل الموت الزراعي
- سوريا.. القبض على عقيد سابق قمع المتظاهرين ضد النظام المخلوع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 30 يونيو 2025
- هآرتس تكشف عن مجموعات «باسيج نتنياهو» وكيف يقمع المتظاهرين ا ...
- صواريخ الفقراء مقابل طائرات الأغنياء.. دروس من المواجهة
- حزب العمال الكردستاني يستعد لتسليم أسلحته خلال مراسم مقررة ف ...
- ج?نگي اسرائيل و ئ?مريکا ل? دژي ئ?ران، س?رچاو?و ل?ک?وت?کاني
- غزة: مخاوف من توقف المستشفيات الرئيسية عن العمل


المزيد.....

- الإمبريالية والاستعمار الاستيطاني الأبيض في النظرية الماركسي ... / مسعد عربيد
- أوهام الديمقراطية الليبرالية: الإمبريالية والعسكرة في باكستا ... / بندر نوري
- كراسات شيوعية [ Manual no: 46] الرياضة والرأسمالية والقومية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- طوفان الأقصى و تحرير فلسطين : نظرة شيوعيّة ثوريّة / شادي الشماوي
- الذكاء الاصطناعي الرأسمالي، تحديات اليسار والبدائل الممكنة: ... / رزكار عقراوي
- متابعات عالميّة و عربية : نظرة شيوعيّة ثوريّة (5) 2023-2024 / شادي الشماوي
- الماركسية الغربية والإمبريالية: حوار / حسين علوان حسين
- ماركس حول الجندر والعرق وإعادة الانتاج: مقاربة نسوية / سيلفيا فيديريتشي
- البدايات الأولى للتيارات الاشتراكية اليابانية / حازم كويي
- لينين والبلاشفة ومجالس الشغيلة (السوفييتات) / مارسيل ليبمان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ليث الجادر - عمال التصاريح..ورغيف الحزن المخبوز بوجع الكرامه