|
في وصف التغيير والارتياب به.. هل تحول الاسلاميون فعلاً!!؟
ماجد المذحجي
الحوار المتمدن-العدد: 1811 - 2007 / 1 / 30 - 11:16
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يبدو لي مؤخراً، إن من أهم التغيرات في علاقاتي الشخصية، وتحديداً ذات البعد السياسي والثقافي منها، هو تأسيس علاقات يُمكن أن توصف بالحميمة، مع أفراد "مسيسين"، وقادمين من مرجعية دينية (إسلامية)!. وهي علاقات حميمة، لم تعكر عليّ الالتقاء الذي تم معهم، خارج منطقة التوافق المهذب، والمحروس بالمجاملة كما يُفترض. وان كنت لا انفي وجود شيء من ذلك في الأمر، فليست لدى الطرفين خبره كافية بالاختلاف الصحي، والذي يُتيح تماماً جعل الأشياء واضحة ومجرده بيننا!. بل حصل في الكثير من الأحيان، أن حدث هذا اللقاء في منطقة يتم " التنازع " بها عادةً، وجملتها الأساسية - بالمعنى النظري - هي اقرب لي، مما هي اقرب لهم، كما كنت افترض!. وهو ماحررني ضمناً من " فزع "شخصي حقيقي، كان يعتري رؤيتي من هذا " الفرد " الإسلامي، والذي كان يبدو لي في الكثير من الأحيان غير " انساني "، ومجرد " أنياب "، و " مخالب "!!. هذه الأنياب، والمخالب، التي افترضت دوماً - وبشكل مسبق وتلقائي - أنها جاهزة لنهش لحمي مباشرة، فور اختلافي معه!؟. وهو موقف - برأي الشخصي - له علاقة حميمة مع ارتيابي، ونفوري المعتاد، من المزاج المحافظ الذي يُميز موقف الإسلاميين الاجتماعي والثقافي قبل السياسي، والذي يُفزع أي فرد ينتمي لخيارات مدنية، وخصوصاً ذات بعد اجتماعي وثقافي. إضافة إلى تناسل هذا " الفزع " الشخصي من حذر كبير، أنتجته عقود من التناحر " الدموي ". وهو " التناحر " الذي ميز ارث العلاقة بين اليسار - الذي انتمي له نظرياً وعاطفياً في بعض المستويات - والقوى الإسلامية، والذي امتدت مفاعليه على المستوى المحلي، وبشكل جلي، حتى عهد قريب ( حرب صيف 1994 ). ناهيك عن السلبية، وعدم القدرة أو الرغبة سابقاً، في تجاوز افتراض اجتماعي شائع وضاغط بقوة على الطرفين، يتمحور حول " طلاق "، و " خصام " ابدي، يجب أن يُميز علاقتهما، وأي موقف قد يحضران فيه، أو فكرة قد يتحاوران عليها. وهو افتراض لا يتقبل بسهولة أي فكرة معاكسه له، واستطاع تجذير حضوره، في أي تقدير لاحق لمصير ما قد يجمع بين الاثنين، وفي أي ظرف كان!!؟ ( ألا يبدو ذلك الاستغراب، الذي ميز موقف الجمهور من اللقاء المشترك، والذي جمع بين الإصلاح والاشتراكي بشكل رئيسي، جزء ونتيجة من هذا الافتراض الاجتماعي المسبق، وهو الشأن الذي كان المؤتمر الشعبي، يغذيه ويستثمره في الانتخابات الرئاسية والمحلية الأخيرة بشكل ذكي!! ). وبالطبع، لا يمكن أيضاً تجاوز الخبرات، والذكريات الشخصية القريبة، للكثير من الأفراد المنتمين للوسط المحيط بي ( وهم من تيارات وأوساط مختلفة بالمعنى السياسي والثقافي، بعضها محافظ، ولكنه ليس متدين ) في ما يتعلق بالعلاقة التي جمعتهم مع " مطاوعة ". وهي خبرة، وذكريات، مليئة بتعارضات وصدامات حادة معهم ( كتلك التي حدثت في عقد التسعينات، بين الناشطين الطلابيين الإسلاميين، ومجموعات من تيارات أخرى في الجامعة، أثناء قيام الأول، بمنع الثاني، من إقامة احتفالات غير " ملتزمة "، أو رحلات جماعية " مختلطة "، غير متقيدة بالضوابط الشرعية!! )، وهذا الأمر من الشؤون التي رتبت ارث من الشك العميق، وأفسدت ضمناً أي تواصل مع " الإسلامي " في الكثير من الظروف، وأشاعت بشكل كبير - وتعميمي - هذا " الانطباع " الشرس عنه!!. مع تأكيدي أيضاً، على عنصر إضافي في هذه المسألة، يتعلق تحديداً بانغلاق " الإسلامي " في صدفة عقائدية شديدة الحماية لمنظومته النظرية، واستقراره اليقيني، تجاه الأخريين ( طبعاً، لا يمكن إنكار الانغلاق الذي ميز أيضاً اليساريين والقوميين في فترات سابقة، والذي تحرر كثيرين منهم، من جزء كبير منه لاحقاً )، وخصوصاً ممن صنفهم بـ " العلمانيين " من الأحزاب الأخرى، أو الأفراد ذوي التوجهات المناهضة لاختياراته. وعدم تجاوزه لهذا الموقع شديد الثبات والمتجهم، إلا مؤخراً، وبقرار " تنظيمي "، ذو خلفيه سياسية، للانفتاح على الأخريين، بعد انكشاف الغطاء " السلطوي " عنه، وفك التحالف التاريخي الذي جمعه مع مؤسسات السلطة، و لطبيعة الضرورات السياسية التي استدعت إنشاء علاقات مع القوى الأخرى، لتعزيز موقعه الجديد في العمل السياسي العام. طبعاً، رتبت هذه " الإتاحة " التنظيمية - رغم أنها مشروطة سياسياً بظرف جديد فقط، وغير مؤسسة على تحول نظري - للأفراد الإسلاميين تواصل سياسي، واجتماعي، وثقافي مهم، كان له تداعيات ايجابية على العديد منهم، من ناحية تعزيز التحول في التفكير بشكل ما، والانفتاح قليلاً على جملة " الخصوم " النظرية، والسياسية، وتغيير الخطاب التقليدي الذي ميزهم، ذو النبرة الدعوية والفقهية، باتجاه خطاب أكثر انتماءاً لمفردات الزمن الراهن، ويستبطن جزء من أولوياته الديمقراطية والحقوقية. ولكن هذا السلوك السياسي الجديد، ولكونه غير مؤصل نظرياً، أو مبرر فقهياً وفق منظومتهم التعبيرية، فأنه كما انشأ تحولات ايجابية، رتب أيضاً ردود سلبية، عكسية، ومستنفرة لدى العديد من الإفراد، سواء كانوا ملتزمين تنظيمين، أو مجرد مناصرين، والذي تصادمت التحالفات الجديدة لتنظيمهم السياسي " الإصلاح " - الذي يُفترض به تحقيق تصورهم الديني النقي للدولة، والشريعة، والمجتمع - مع القوى الأخرى، وتحديداً " الاشتراكي " منها، مع قناعتهم المحروسة برأسمال محافظ ومتجهم، وارث راسخ من العداء، لم يستطع في المجمل تقبل هذا " الإخوة " الجديدة مع " العلمانيين " و " الشيوعيين "!، وهو ما استدعى اعتراضات متعددة لديهم، كان أبرزها، وأكثرها حده ووضوح، " اغتيال " جارالله عمر، الأمين العام المساعد للحزب الاشتراكي اليمني، والذي كان المبادر الأبرز تجاه " الإصلاح "، والسياسي المحنك الذي استطاع زحزحته من موقعه التقليدي، باتجاه خصومه السابقين، وكان مُهندس البناء السياسي الجديد في الساحة اليمنية، والذي سيصبح لاحقاً ما عرف باللقاء المشترك. وهو " الاغتيال " البشع، الذي كان أحد أهدافه - كما صرح به منفذه " علي جارالله السعواني " - تنبيه قيادات الإصلاح للخطاء " الشرعي " الذي يغرقون فيه، وفك التحالف مع الاشتراكي!. إذاً، كانت هذه العلاقة الجديدة مع " الإسلامي "، تغيراً مهماً وملفتاً بالنسبة لي، وبقدر ما أسعدني هذا التواصل مع تعبير كان مُغلق بشده أمامي، وحررني من جزء كبير من حمولة " الفزع " منه، فانه استدعى توقف مهم لي تجاه ما ترتبه هذه العلاقة معه - وربما أي علاقة يقيمها الأخريين - على المستوى الفردي والعام ( وهنا ستتعلق تساؤلاتي بالفرد " الإصلاحي "، أكثر من الفرد الإسلامي بعموميته، وتعدد انتماءاته، ومواقفه الفقهية، والسياسية. والذي تتمايز فيه " إسلامية " الأول، عن " إسلامية " الثاني بتفصيل واضح، وهي ارتباطها لدى الأول بمرجعية سياسية وفقهية يُمكن تعيينها، بينما تتناثر لدى الثاني بشكل واضح! ). إذاً، أثارت هذه العلاقة الجديدة تساؤلات عن حقيقة التغيرات التي حدثت لدى هذا الإسلامي، ولدى " ضده " المفترض، وعن جذرها الثقافي، وحقيقة الدور الذي لعبته " الحاجة " السياسية الجديدة فيها، وماذا ستحدثه هذه التغيرات من نتائج مختلفة على كافة المستويات؟؟!.بالإضافة إلى تساؤل حول الأثر الذي ستخلفه هذه التغيرات على المواقف التقليدية التي يتخذها بالعادة، وخصوصاً من قضايا شائكة فعلاً، وتميز موقفه، وسلوكه تجاهها بنبرة اعتراضية حادة، مثل الحريات الاجتماعية، ومدى الحرية الشخصية المُتاحة للفرد، خصوصاً في حين تعارض بعض مفرداتها مع " النواهي " الدينية، أو " المفترض " الشرعي لديه!!؟. ولا يمكن تجنب استفسار أخر مهم، يتعلق بتفحص حقيقة موقفه غير التصعيدي منها الان، فهل هو موقف أصيل يُفصح عن تغيير حقيقي، أم هو مجرد موقف " برجماتي " مؤقت، استدعته مجموعة الارتباطات والتحالفات السياسية الجديدة، والرغبة بعدم كشف أي نبره " أصولية " حادة، ضمن مزاج " التقية " بشكل ما، لكي لا تشعر قوى كثيرة بالتوجس منهم؟!. خصوصاً أن الإسلاميين اليمنيين، وتحديداً " الإصلاح " إذا تجاهلنا الجماعات " الإرهابية "، مازالوا قيد نظر متفحص ومتشكك بشده، من جهات دولية وإقليميه ( الولايات المتحدة أبرزها ). وهي، وان كانت ترحب بـ " اعتداله "، والذي يشكل تحالفه مع الاشتراكي تأكيداً مهماً عليه، وغطاءاً سياسياً يستثمره " الإصلاح " بشكل ذكي في هذا الشأن، إلا أن هذه الجهات، ذات الأجندة الأمنية والسياسية المناهضة للإسلاميين، تستطبن ريبه شديدة به، يُحرض إلحاحها عليه، ذلك الارتباط القديم، والوثيق، لبعض عناصره القيادية، مع مرحلة " الجهاد الأفغاني " في البداية، ولاحقاً مع " القاعدة " وقياديها. بالإضافة إلى رعاية الإصلاح الضمنية لـ " جامعة الإيمان "، والتي يترأسها رئيس مجلس شورى الإصلاح " اللجنة المركزية "، الشيخ/ عبد المجيد الزنداني. وهي الجامعة المتهمة ضمناً بتخريج " التكفيريين " في العالم الإسلامي، وتعد الثانية من حيث الأهمية في هذا الشأن بعد المدارس الدينية في باكستان!. ناهيك عن كون " الزنداني " ذاته، شخص رئيسي في القوائم الأممية الخاصة بالمطلوبين الإسلاميين، والتي تلعب الولايات المتحدة دوراً رئيسياً في تحديد المُضافين إليها. إن هذه الأسئلة المتشعبة، هي جزء من محاولتي لإنقاذ " رأيّ " من التداعي العاطفي، والاحتفاء الشخصي بالأصدقاء الجدد، ذوي الخلفيات الإسلامية، والذي لا يكفي تحولهم الذاتي، لتشكيل حكم معياري على تحول حقيقي قد تم لدى الإسلاميين عامه. خصوصاً وان اغلب هؤلاء الأشخاص، هم من النخب الثقافية، أو ذوي الاهتمام بحقول الثقافة المتعددة، بنو ارتباط وثيق مع الشأن المعرفي، وارسوا علاقة إنسانية مع إفراد من تيارات أخرى، جزء كبير منهم ذوي موقف ثقافي نقدي ومنفتح، وهو ما أتاح لهم - عبر جهد مستمر وتراكمي - تطوير نقدية شخصية عاليه، فككت ارتباطهم - بدرجة ما - مع ارثهم المتجهم!. بالإضافة إلى هذا التمييز الضيق، الذي يخص بعض الأفراد منهم، كانت هذه الأسئلة تحاول أن تتحقق من حقيقة تقدير غالب وشائع مؤخراً بشده، يميل إلى وصف الإسلاميين - كأفراد وتيارات سياسية - بـ " التحديثين " على المستوى السياسي، و " المحافظين " على المستوى الاجتماعي والثقافي. مما يُرتبه هذا من " انتقائية " في سلوكيتهم، وموقفهم العام، وهو الموقف الذي يُمكن أن يوصف بـ " الانتهازي " و " المتسلق " إذا صح هذا التقدير؟!. كونهم يُفاضلون وفق المصلحة الآنية، وتصبح مسألة مثل الديمقراطية، والحقوق المدنية، والسياسية للأفراد، والمجموعات مثلاً، موضوع أولوية شديدة لهم، يدافعون عنه بشده، حين يكون محور العمل عليها في الحقل السياسي فقط، بينما تنتفي هذه الأولوية في الدفع بها، وحمايتها، والتحريض عليها، حين تمتد لتشمل الحقل الاجتماعي، والثقافي، والحريات الشخصية، لان موقفهم منها متحفظ، وربما عدائي على الأغلب؟!!. أي أن موقفهم من الحرية، والديمقراطية، ومنظومة الحقوق العامة والفردية، يتعلق تحديداً بكونها فرصه لتمكينهم سياسياً وفق هذا الوصف، لا لكونها فرصه للتمكين العام، والتحديث الحقيقي لمناخ المجتمع، والذي قد يُتيح لفئات وأفراد مختلفين عنهم، الحصول على فرصه للتعبير عن أنفسهم، خصوصاً في مناطق هم يعتبرون أوصياء على تصنيفها الأخلاقي والشرعي!. ما أوردته في السطور السابقة، هي استنتاجات مُسبقة، وقد تكون متجنية عليهم، لكنها احد عناصر التقدير الشائع عنهم، والمتشكك بـ " مصداقيتهم " الديمقراطية، والتي أميل لأخذها بعين الاعتبار أثناء " نظري " لهم، فسلوكهم يُربك في العادة، ويشوش على أي تقييم يحاول تفحص موقفهم من القضايا المختلفة، فكونهم اشتغالهم الموصوف بـ " التحديثي " هو سياسي تماماً - والعمل السياسي هو موضع الأهمية والتركيز، وأيضاً مليء بالضجيج، ويستغرق الانتباه، ومجرد من العمق في الغالب منه - فأنهم لا يطالبون بذات " التحديثية " والاندفاع التغيري في القضايا الأخرى، إما لكون السياسي يستهلك الأولوية، ويشتت الانتباه تجاه المسائل الأخرى؟!. أو لأنه يتم تأجيل الحديث و " المكاشفة " معهم، تجاه هذه الموضوعات والقضايا، ضمن موقف " برجماتي " من القوى الأخرى - وخصوصاً الحليفة معهم سياسياً - يميل إلى تقدير أن هذه التحديثية السياسية لديهم، ستؤدي إلى خلق تحديثية مُرادفه في الموضوعات الأخرى بالضرورة!، وأن كانوا يقرون بان ذلك سيستغرق زمن أطول؟!. وبالتالي فلا حاجة لإفزاعهم، وخلق ضغوط عليهم، أكثر من احتمالهم، تدفعهم للنفور، وتعزز من التشككات القديمة - والحية - لدى الجناح المحافظ، أو " الأصولي " لديهم. والذي يتسول أي مبرر لتعزيز اعتراضه على هذا المزاج السياسي الجديد في تنظيمه السياسي " الإصلاح "، وعلى طبيعة هذه التحالفات المعقودة مع خصومهم التاريخين بالمعنى الإيديولوجي، حتى وان كان يُفترض انتهاء هذه الخصومة بالمعنى الزمني والواقعي، فلقد حدثت تحولات متعددة وجذريه، لم يعد فيها هذا الخصم بنفس السياق الإيديولوجي السابق. ذلك السياق الذي تموضعو في مواجهته سابقاً ( قبل الوحدة، وحتى النصف الثاني من التسعينات )، ضمن وظائف " عقائدية " و " أمنية " نهضوا بها، وكانت تحرضهم بشده عليه. وفي هذا الفهم " المسيس "، ذو الصفة البرجماتية في التعامل معهم، خصوصاً من قبل شركائهم الحاليين، استبطان لشروط الحاجة لهم، باعتبارهم قوة سياسية ذات امتداد شعبي هائل ومنظم، رغم تصدع هذا الانطباع المتضخم عنهم بشده في العملية الانتخابية الأخيرة، بما تستتبعه هذه الحاجة من تنازلات لدى هؤلاء الشركاء، قد تأتي على حساب الكثير من التفاصيل التي تمثل رأسمالهم الرمزي!. في العموم، لا يُمكن الإشارة باطمئنان لموقع واضح يحضر فيه الإسلاميين حالياً، وخارج الانطباع الشخصي المريح للتحولات التي مر بها أفراد منهم، جعلتهم خارج ارثهم السابق بشكل ما، بما يُقرن به هذا الإرث من فزع لدى القوى ذات الهوية المدنية، لا يمكن الاكتفاء بالتحول السياسي الايجابي في موقفهم، أو بنعومة لهجتهم تجاه الحريات الاجتماعية، وانخفاض النبرة الأصولية في موقفهم الثقافي!. ثمة حاجه واضحة لتدشين عهد جديد، وتأسيس عقد واضح معهم، يُنقذ هذه التفاصيل من التجاذبات، ويبعدها عن الاهتزازات التي قد تنتجها التحولات في الظروف السياسية العامة. فكون خطابهم، وبرنامجهم، وعملهم يستثمر المنطقة الأكثر خطورة في الوعي العام ( الدين )، فنحن نحتاج إلى أن يكونوا أكثر وضوحاً، مثلاً في موقفهم من خصوصية علاقة الأفراد باختياراتهم، ومدى الحماية المحققة للفرد لتحقيق ذلك. وحراسة الحريات الاجتماعية من أي موقف " أصولي " معقد قد يقوم بقضمها. وتعزيز تحولهم السياسي الايجابي، ذو الهوية الذكوريه حتى الان، بتمكين المرأة فيه، واحترام حقوقها خارج التفسيرات الفقهية التقليدية، وأن يكونوا ضمن الإجماع العالمي في هذا الشأن. إن الوضوح في هذه التفاصيل والقضايا، وإشهارها ضمن تأصيلهم النظري، لا جعلها حاضره مؤقتاً، ضمن موقف سياسي متبدل، والتلاعب بها كورقة في ظل احتياج طارئ للقوى المدنية، سيُمكن المجتمع من حماية نفسه من أي نزوع " متطرف " مُفاجئ، ويحصن حقوق المختلفين، ويجعل التنافس السياسي مُحرراً من الفزع " الأصولي "، ويجذر الحرية كمنطقة تعاقد وإجماع لكل القوى.
يبدو لي مؤخراً، إن من أهم التغيرات في علاقاتي الشخصية، وتحديداً ذات البعد السياسي والثقافي منها، هو تأسيس علاقات يُمكن أن توصف بالحميمة، مع أفراد "مسيسين"، وقادمين من مرجعية دينية (إسلامية)!. وهي علاقات حميمة، لم تعكر عليّ الالتقاء الذي تم معهم، خارج منطقة التوافق المهذب، والمحروس بالمجاملة كما يُفترض. وان كنت لا انفي وجود شيء من ذلك في الأمر، فليست لدى الطرفين خبره كافية بالاختلاف الصحي، والذي يُتيح تماماً جعل الأشياء واضحة ومجرده بيننا!. بل حصل في الكثير من الأحيان، أن حدث هذا اللقاء في منطقة يتم " التنازع " بها عادةً، وجملتها الأساسية - بالمعنى النظري - هي اقرب لي، مما هي اقرب لهم، كما كنت افترض!. وهو ماحررني ضمناً من " فزع "شخصي حقيقي، كان يعتري رؤيتي من هذا " الفرد " الإسلامي، والذي كان يبدو لي في الكثير من الأحيان غير " انساني "، ومجرد " أنياب "، و " مخالب "!!. هذه الأنياب، والمخالب، التي افترضت دوماً - وبشكل مسبق وتلقائي - أنها جاهزة لنهش لحمي مباشرة، فور اختلافي معه!؟. وهو موقف - برأي الشخصي - له علاقة حميمة مع ارتيابي، ونفوري المعتاد، من المزاج المحافظ الذي يُميز موقف الإسلاميين الاجتماعي والثقافي قبل السياسي، والذي يُفزع أي فرد ينتمي لخيارات مدنية، وخصوصاً ذات بعد اجتماعي وثقافي. إضافة إلى تناسل هذا " الفزع " الشخصي من حذر كبير، أنتجته عقود من التناحر " الدموي ". وهو " التناحر " الذي ميز ارث العلاقة بين اليسار - الذي انتمي له نظرياً وعاطفياً في بعض المستويات - والقوى الإسلامية، والذي امتدت مفاعليه على المستوى المحلي، وبشكل جلي، حتى عهد قريب ( حرب صيف 1994 ). ناهيك عن السلبية، وعدم القدرة أو الرغبة سابقاً، في تجاوز افتراض اجتماعي شائع وضاغط بقوة على الطرفين، يتمحور حول " طلاق "، و " خصام " ابدي، يجب أن يُميز علاقتهما، وأي موقف قد يحضران فيه، أو فكرة قد يتحاوران عليها. وهو افتراض لا يتقبل بسهولة أي فكرة معاكسه له، واستطاع تجذير حضوره، في أي تقدير لاحق لمصير ما قد يجمع بين الاثنين، وفي أي ظرف كان!!؟ ( ألا يبدو ذلك الاستغراب، الذي ميز موقف الجمهور من اللقاء المشترك، والذي جمع بين الإصلاح والاشتراكي بشكل رئيسي، جزء ونتيجة من هذا الافتراض الاجتماعي المسبق، وهو الشأن الذي كان المؤتمر الشعبي، يغذيه ويستثمره في الانتخابات الرئاسية والمحلية الأخيرة بشكل ذكي!! ). وبالطبع، لا يمكن أيضاً تجاوز الخبرات، والذكريات الشخصية القريبة، للكثير من الأفراد المنتمين للوسط المحيط بي ( وهم من تيارات وأوساط مختلفة بالمعنى السياسي والثقافي، بعضها محافظ، ولكنه ليس متدين ) في ما يتعلق بالعلاقة التي جمعتهم مع " مطاوعة ". وهي خبرة، وذكريات، مليئة بتعارضات وصدامات حادة معهم ( كتلك التي حدثت في عقد التسعينات، بين الناشطين الطلابيين الإسلاميين، ومجموعات من تيارات أخرى في الجامعة، أثناء قيام الأول، بمنع الثاني، من إقامة احتفالات غير " ملتزمة "، أو رحلات جماعية " مختلطة "، غير متقيدة بالضوابط الشرعية!! )، وهذا الأمر من الشؤون التي رتبت ارث من الشك العميق، وأفسدت ضمناً أي تواصل مع " الإسلامي " في الكثير من الظروف، وأشاعت بشكل كبير - وتعميمي - هذا " الانطباع " الشرس عنه!!. مع تأكيدي أيضاً، على عنصر إضافي في هذه المسألة، يتعلق تحديداً بانغلاق " الإسلامي " في صدفة عقائدية شديدة الحماية لمنظومته النظرية، واستقراره اليقيني، تجاه الأخريين ( طبعاً، لا يمكن إنكار الانغلاق الذي ميز أيضاً اليساريين والقوميين في فترات سابقة، والذي تحرر كثيرين منهم، من جزء كبير منه لاحقاً )، وخصوصاً ممن صنفهم بـ " العلمانيين " من الأحزاب الأخرى، أو الأفراد ذوي التوجهات المناهضة لاختياراته. وعدم تجاوزه لهذا الموقع شديد الثبات والمتجهم، إلا مؤخراً، وبقرار " تنظيمي "، ذو خلفيه سياسية، للانفتاح على الأخريين، بعد انكشاف الغطاء " السلطوي " عنه، وفك التحالف التاريخي الذي جمعه مع مؤسسات السلطة، و لطبيعة الضرورات السياسية التي استدعت إنشاء علاقات مع القوى الأخرى، لتعزيز موقعه الجديد في العمل السياسي العام. طبعاً، رتبت هذه " الإتاحة " التنظيمية - رغم أنها مشروطة سياسياً بظرف جديد فقط، وغير مؤسسة على تحول نظري - للأفراد الإسلاميين تواصل سياسي، واجتماعي، وثقافي مهم، كان له تداعيات ايجابية على العديد منهم، من ناحية تعزيز التحول في التفكير بشكل ما، والانفتاح قليلاً على جملة " الخصوم " النظرية، والسياسية، وتغيير الخطاب التقليدي الذي ميزهم، ذو النبرة الدعوية والفقهية، باتجاه خطاب أكثر انتماءاً لمفردات الزمن الراهن، ويستبطن جزء من أولوياته الديمقراطية والحقوقية. ولكن هذا السلوك السياسي الجديد، ولكونه غير مؤصل نظرياً، أو مبرر فقهياً وفق منظومتهم التعبيرية، فأنه كما انشأ تحولات ايجابية، رتب أيضاً ردود سلبية، عكسية، ومستنفرة لدى العديد من الإفراد، سواء كانوا ملتزمين تنظيمين، أو مجرد مناصرين، والذي تصادمت التحالفات الجديدة لتنظيمهم السياسي " الإصلاح " - الذي يُفترض به تحقيق تصورهم الديني النقي للدولة، والشريعة، والمجتمع - مع القوى الأخرى، وتحديداً " الاشتراكي " منها، مع قناعتهم المحروسة برأسمال محافظ ومتجهم، وارث راسخ من العداء، لم يستطع في المجمل تقبل هذا " الإخوة " الجديدة مع " العلمانيين " و " الشيوعيين "!، وهو ما استدعى اعتراضات متعددة لديهم، كان أبرزها، وأكثرها حده ووضوح، " اغتيال " جارالله عمر، الأمين العام المساعد للحزب الاشتراكي اليمني، والذي كان المبادر الأبرز تجاه " الإصلاح "، والسياسي المحنك الذي استطاع زحزحته من موقعه التقليدي، باتجاه خصومه السابقين، وكان مُهندس البناء السياسي الجديد في الساحة اليمنية، والذي سيصبح لاحقاً ما عرف باللقاء المشترك. وهو " الاغتيال " البشع، الذي كان أحد أهدافه - كما صرح به منفذه " علي جارالله السعواني " - تنبيه قيادات الإصلاح للخطاء " الشرعي " الذي يغرقون فيه، وفك التحالف مع الاشتراكي!. إذاً، كانت هذه العلاقة الجديدة مع " الإسلامي "، تغيراً مهماً وملفتاً بالنسبة لي، وبقدر ما أسعدني هذا التواصل مع تعبير كان مُغلق بشده أمامي، وحررني من جزء كبير من حمولة " الفزع " منه، فانه استدعى توقف مهم لي تجاه ما ترتبه هذه العلاقة معه - وربما أي علاقة يقيمها الأخريين - على المستوى الفردي والعام ( وهنا ستتعلق تساؤلاتي بالفرد " الإصلاحي "، أكثر من الفرد الإسلامي بعموميته، وتعدد انتماءاته، ومواقفه الفقهية، والسياسية. والذي تتمايز فيه " إسلامية " الأول، عن " إسلامية " الثاني بتفصيل واضح، وهي ارتباطها لدى الأول بمرجعية سياسية وفقهية يُمكن تعيينها، بينما تتناثر لدى الثاني بشكل واضح! ). إذاً، أثارت هذه العلاقة الجديدة تساؤلات عن حقيقة التغيرات التي حدثت لدى هذا الإسلامي، ولدى " ضده " المفترض، وعن جذرها الثقافي، وحقيقة الدور الذي لعبته " الحاجة " السياسية الجديدة فيها، وماذا ستحدثه هذه التغيرات من نتائج مختلفة على كافة المستويات؟؟!.بالإضافة إلى تساؤل حول الأثر الذي ستخلفه هذه التغيرات على المواقف التقليدية التي يتخذها بالعادة، وخصوصاً من قضايا شائكة فعلاً، وتميز موقفه، وسلوكه تجاهها بنبرة اعتراضية حادة، مثل الحريات الاجتماعية، ومدى الحرية الشخصية المُتاحة للفرد، خصوصاً في حين تعارض بعض مفرداتها مع " النواهي " الدينية، أو " المفترض " الشرعي لديه!!؟. ولا يمكن تجنب استفسار أخر مهم، يتعلق بتفحص حقيقة موقفه غير التصعيدي منها الان، فهل هو موقف أصيل يُفصح عن تغيير حقيقي، أم هو مجرد موقف " برجماتي " مؤقت، استدعته مجموعة الارتباطات والتحالفات السياسية الجديدة، والرغبة بعدم كشف أي نبره " أصولية " حادة، ضمن مزاج " التقية " بشكل ما، لكي لا تشعر قوى كثيرة بالتوجس منهم؟!. خصوصاً أن الإسلاميين اليمنيين، وتحديداً " الإصلاح " إذا تجاهلنا الجماعات " الإرهابية "، مازالوا قيد نظر متفحص ومتشكك بشده، من جهات دولية وإقليميه ( الولايات المتحدة أبرزها ). وهي، وان كانت ترحب بـ " اعتداله "، والذي يشكل تحالفه مع الاشتراكي تأكيداً مهماً عليه، وغطاءاً سياسياً يستثمره " الإصلاح " بشكل ذكي في هذا الشأن، إلا أن هذه الجهات، ذات الأجندة الأمنية والسياسية المناهضة للإسلاميين، تستطبن ريبه شديدة به، يُحرض إلحاحها عليه، ذلك الارتباط القديم، والوثيق، لبعض عناصره القيادية، مع مرحلة " الجهاد الأفغاني " في البداية، ولاحقاً مع " القاعدة " وقياديها. بالإضافة إلى رعاية الإصلاح الضمنية لـ " جامعة الإيمان "، والتي يترأسها رئيس مجلس شورى الإصلاح " اللجنة المركزية "، الشيخ/ عبد المجيد الزنداني. وهي الجامعة المتهمة ضمناً بتخريج " التكفيريين " في العالم الإسلامي، وتعد الثانية من حيث الأهمية في هذا الشأن بعد المدارس الدينية في باكستان!. ناهيك عن كون " الزنداني " ذاته، شخص رئيسي في القوائم الأممية الخاصة بالمطلوبين الإسلاميين، والتي تلعب الولايات المتحدة دوراً رئيسياً في تحديد المُضافين إليها. إن هذه الأسئلة المتشعبة، هي جزء من محاولتي لإنقاذ " رأيّ " من التداعي العاطفي، والاحتفاء الشخصي بالأصدقاء الجدد، ذوي الخلفيات الإسلامية، والذي لا يكفي تحولهم الذاتي، لتشكيل حكم معياري على تحول حقيقي قد تم لدى الإسلاميين عامه. خصوصاً وان اغلب هؤلاء الأشخاص، هم من النخب الثقافية، أو ذوي الاهتمام بحقول الثقافة المتعددة، بنو ارتباط وثيق مع الشأن المعرفي، وارسوا علاقة إنسانية مع إفراد من تيارات أخرى، جزء كبير منهم ذوي موقف ثقافي نقدي ومنفتح، وهو ما أتاح لهم - عبر جهد مستمر وتراكمي - تطوير نقدية شخصية عاليه، فككت ارتباطهم - بدرجة ما - مع ارثهم المتجهم!. بالإضافة إلى هذا التمييز الضيق، الذي يخص بعض الأفراد منهم، كانت هذه الأسئلة تحاول أن تتحقق من حقيقة تقدير غالب وشائع مؤخراً بشده، يميل إلى وصف الإسلاميين - كأفراد وتيارات سياسية - بـ " التحديثين " على المستوى السياسي، و " المحافظين " على المستوى الاجتماعي والثقافي. مما يُرتبه هذا من " انتقائية " في سلوكيتهم، وموقفهم العام، وهو الموقف الذي يُمكن أن يوصف بـ " الانتهازي " و " المتسلق " إذا صح هذا التقدير؟!. كونهم يُفاضلون وفق المصلحة الآنية، وتصبح مسألة مثل الديمقراطية، والحقوق المدنية، والسياسية للأفراد، والمجموعات مثلاً، موضوع أولوية شديدة لهم، يدافعون عنه بشده، حين يكون محور العمل عليها في الحقل السياسي فقط، بينما تنتفي هذه الأولوية في الدفع بها، وحمايتها، والتحريض عليها، حين تمتد لتشمل الحقل الاجتماعي، والثقافي، والحريات الشخصية، لان موقفهم منها متحفظ، وربما عدائي على الأغلب؟!!. أي أن موقفهم من الحرية، والديمقراطية، ومنظومة الحقوق العامة والفردية، يتعلق تحديداً بكونها فرصه لتمكينهم سياسياً وفق هذا الوصف، لا لكونها فرصه للتمكين العام، والتحديث الحقيقي لمناخ المجتمع، والذي قد يُتيح لفئات وأفراد مختلفين عنهم، الحصول على فرصه للتعبير عن أنفسهم، خصوصاً في مناطق هم يعتبرون أوصياء على تصنيفها الأخلاقي والشرعي!. ما أوردته في السطور السابقة، هي استنتاجات مُسبقة، وقد تكون متجنية عليهم، لكنها احد عناصر التقدير الشائع عنهم، والمتشكك بـ " مصداقيتهم " الديمقراطية، والتي أميل لأخذها بعين الاعتبار أثناء " نظري " لهم، فسلوكهم يُربك في العادة، ويشوش على أي تقييم يحاول تفحص موقفهم من القضايا المختلفة، فكونهم اشتغالهم الموصوف بـ " التحديثي " هو سياسي تماماً - والعمل السياسي هو موضع الأهمية والتركيز، وأيضاً مليء بالضجيج، ويستغرق الانتباه، ومجرد من العمق في الغالب منه - فأنهم لا يطالبون بذات " التحديثية " والاندفاع التغيري في القضايا الأخرى، إما لكون السياسي يستهلك الأولوية، ويشتت الانتباه تجاه المسائل الأخرى؟!. أو لأنه يتم تأجيل الحديث و " المكاشفة " معهم، تجاه هذه الموضوعات والقضايا، ضمن موقف " برجماتي " من القوى الأخرى - وخصوصاً الحليفة معهم سياسياً - يميل إلى تقدير أن هذه التحديثية السياسية لديهم، ستؤدي إلى خلق تحديثية مُرادفه في الموضوعات الأخرى بالضرورة!، وأن كانوا يقرون بان ذلك سيستغرق زمن أطول؟!. وبالتالي فلا حاجة لإفزاعهم، وخلق ضغوط عليهم، أكثر من احتمالهم، تدفعهم للنفور، وتعزز من التشككات القديمة - والحية - لدى الجناح المحافظ، أو " الأصولي " لديهم. والذي يتسول أي مبرر لتعزيز اعتراضه على هذا المزاج السياسي الجديد في تنظيمه السياسي " الإصلاح "، وعلى طبيعة هذه التحالفات المعقودة مع خصومهم التاريخين بالمعنى الإيديولوجي، حتى وان كان يُفترض انتهاء هذه الخصومة بالمعنى الزمني والواقعي، فلقد حدثت تحولات متعددة وجذريه، لم يعد فيها هذا الخصم بنفس السياق الإيديولوجي السابق. ذلك السياق الذي تموضعو في مواجهته سابقاً ( قبل الوحدة، وحتى النصف الثاني من التسعينات )، ضمن وظائف " عقائدية " و " أمنية " نهضوا بها، وكانت تحرضهم بشده عليه. وفي هذا الفهم " المسيس "، ذو الصفة البرجماتية في التعامل معهم، خصوصاً من قبل شركائهم الحاليين، استبطان لشروط الحاجة لهم، باعتبارهم قوة سياسية ذات امتداد شعبي هائل ومنظم، رغم تصدع هذا الانطباع المتضخم عنهم بشده في العملية الانتخابية الأخيرة، بما تستتبعه هذه الحاجة من تنازلات لدى هؤلاء الشركاء، قد تأتي على حساب الكثير من التفاصيل التي تمثل رأسمالهم الرمزي!. في العموم، لا يُمكن الإشارة باطمئنان لموقع واضح يحضر فيه الإسلاميين حالياً، وخارج الانطباع الشخصي المريح للتحولات التي مر بها أفراد منهم، جعلتهم خارج ارثهم السابق بشكل ما، بما يُقرن به هذا الإرث من فزع لدى القوى ذات الهوية المدنية، لا يمكن الاكتفاء بالتحول السياسي الايجابي في موقفهم، أو بنعومة لهجتهم تجاه الحريات الاجتماعية، وانخفاض النبرة الأصولية في موقفهم الثقافي!. ثمة حاجه واضحة لتدشين عهد جديد، وتأسيس عقد واضح معهم، يُنقذ هذه التفاصيل من التجاذبات، ويبعدها عن الاهتزازات التي قد تنتجها التحولات في الظروف السياسية العامة. فكون خطابهم، وبرنامجهم، وعملهم يستثمر المنطقة الأكثر خطورة في الوعي العام ( الدين )، فنحن نحتاج إلى أن يكونوا أكثر وضوحاً، مثلاً في موقفهم من خصوصية علاقة الأفراد باختياراتهم، ومدى الحماية المحققة للفرد لتحقيق ذلك. وحراسة الحريات الاجتماعية من أي موقف " أصولي " معقد قد يقوم بقضمها. وتعزيز تحولهم السياسي الايجابي، ذو الهوية الذكوريه حتى الان، بتمكين المرأة فيه، واحترام حقوقها خارج التفسيرات الفقهية التقليدية، وأن يكونوا ضمن الإجماع العالمي في هذا الشأن. إن الوضوح في هذه التفاصيل والقضايا، وإشهارها ضمن تأصيلهم النظري، لا جعلها حاضره مؤقتاً، ضمن موقف سياسي متبدل، والتلاعب بها كورقة في ظل احتياج طارئ للقوى المدنية، سيُمكن المجتمع من حماية نفسه من أي نزوع " متطرف " مُفاجئ، ويحصن حقوق المختلفين، ويجعل التنافس السياسي مُحرراً من الفزع " الأصولي "، ويجذر الحرية كمنطقة تعاقد وإجماع لكل القوى.
#ماجد_المذحجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في الحديث عن الضيق، وعن كون صنعاء مدينة غير حديثة!!؟
-
ميونيخ ل ستيفن سبيلبرغ.. فيلم سينمائي يشكك بمشروعية القتل
-
بيروت والقدس.. محاولة ابتكار مشهديه عن مدن المأزق المستمر
-
في محاولة اكتشاف الصوفي.. أو الوعي به
-
الصورة والحقيقة، ما تقوله وما تستولي عليه
-
!!عن الفراغ كحاصل لاحتفاء المكان بمزاج بدائي.. وعدائي
-
الاحتفاء بالمكان الخطأ... عن صنعاء، والشعر الجديد، والثقل كح
...
-
الصورة التلفزيونية.. انحراف عن الحقيقة
-
في معنى أن تختار دون أن تُعرض نفسك لابتسامه عمياء
-
التاريخ يتكلم بإسم عبد القادر الجزائري ..-كتاب الأمير- لواسي
...
-
اعتراضاً على إعدام قاتل جار الله عمر
-
رواية الضجر الأنثوي والجملة الناقصة.. رواية غرفة السماء ل مي
...
-
ما يُفترض ان يكتبه شخص من ملاحظات
-
عن الرمز المقدس وما عليه........
-
التفكير في فكرة الرقيب الاخلاقي
-
ستولد من أحبها من ضوء قمري أو من قدح
-
الحزب الاشتراكي اليمني وتشكيل تراث الخيبة
-
المشاهد التي يُمكن أن أنتبه لها للحظة
-
بطاقة تخصني وتتعلق بما أنا علية
-
الرواية في فخ التجريب والحنين..واسيني الأعرج يأكل مصير أبطال
...
المزيد.....
-
المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجتمها جنوب الأراضي المح
...
-
أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202
...
-
طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال
...
-
آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|