|
قانون هيئة الاعلام العراقية واعادة تأهيل الذائقة العراقية
ابراهيم سبتي
الحوار المتمدن-العدد: 1811 - 2007 / 1 / 30 - 11:12
المحور:
الصحافة والاعلام
يأتي قانون هيئة الاعلام العراقية ، بديلا لقانون سلطة الائتلاف المؤقتة رقم 66 الصادر في 22 / 3 / 2004 الذي ينظم عمل شبكة الاعلام العراقية . بعد ان قضت المادة(103) من الدستور بأن هيئة الاعلام من الهيئات المستقلة وينظم القانون عملها .. وفي قراءة مركزة لمواد وفقرات مسودة القانون الجديد ، نجد تفهما واضحا لمتطلبات الاعلام العراقي وضرورة ابعاده عن التبعية لاية جهة كانت الا الدولة العراقية . وهو بذلك يلغي المفهوم المتعارف الذي اعتبر الاعلام جزء من ماكنة النظام التسلطي وتسخيره بكافة امكاناته لخدمته . نحن ازاء قانون يحترم الرأي العام بكل تنوعه كما جاء في الديباجة : ( ايمانا منا بأن العراق الجديد هو عراق المواطنة والديمقراطية والقانون والاصالة والانفتاح وانه دولة اتحادية موحدة ومستقلة وحرة وذات سيادة وانه يحتضن مجتمعا مؤمنا بالتعايش والمساواة والتكافؤ طامحا للحرية والكرامة والازدهار. واقرارا منا بأن الخدمة الاعلامية الرسمية المقدمة الى الرأي العام تعمل على قيام دولة مدنية حديثة ترعى القيم والفضائل وتنمي التعايش والانسجام وتنشد الامن والسلام وتنبذ التطرف والانغلاق وتحارب القهر والاستبداد وترعى الحقوق والواجبات الانسانية والوطنية وتهدف لانشاء مجتمع العدالة والتنمية والرفاهية ) وهنا تاتي اهمية القانون الجديد مستمدا قوته وتاثيراته اللاحقة من عمق وطنيته دون تمييز او الانحياز الى جهة ما . ولان تنظيم عمل الهيئة يتطلب الحذر من الوقوع في فخ التاثيرات الفئوية والاهواءات والتخندق ، فأن من شأن القانون الجديد ان ينهي هذه المخاوف بصورة تجعل من الاعلام الجديد انموذجا للاعلام التثقيفي الهادف والتعايشي القريب من كل فرد عراقي .. ويبدو من القراءة المتانية لمواد مسودة القانون وجدنا ان المشرعين له ، قد استفادوا من تجارب اعلامية اخرى مستقله ممولة من المال العام . وفيها يتجسد المفهوم الديمقراطي في اتخاذ القرار الذي يشترك فيه الجميع .. فيبدو ان تجارب اعلامية مثل BBC البريطانية و SABC في جنوب افريقيا وتجربة مونتينيغرو والتجربة الالمانية وغيرها .. قد اشتغلت على وجوب الالتزام والاهتمام بمصالح الراي العام ، الذي يعتبر الداعم الاساس لها . لقد تجاوب القانون في معظم مواده ، مع ما يمور في دواخل الشخصية العراقية التي تشبعت بالاعلام الاحادي والتعبوي طيلة عقود من الزمن . حتى غدت الذائقة الاعلامية للمواطن مخدوشة لاترى امامها الا اعلاما ينتهج ذات الاسلوب في طرح المادة أي كان نوعها . فجاءت بعض فقرات قانون الهيئة الجديد ، مطمئنا ومستجيبا للتغيير الذي يجب ان يقنع المتلقي العراقي بضرورة مساندة مفاصل الاعلام الممول منه لانه بالتالي يعبر عن همومه وتطلعاته وتشجيع مبدأ الحوار مع الاخر كما ورد في الاحكام التمهيدية ، المادة الثالثة الفقرة الخامسة : (تشجيع تقبل الرأي الآخر واستقلالية الإحكام وتعزيز ودعم المبادئ الديمقراطية من سيادة القانون والحقوق والحريات وغير ذلك مما نص عليه الدستور العراقي والقانون الدولي. ) . اجمل القانون بمسودته ، جميع النقاط التي يحتاج الرأي العام الاطلاع عليها وتفهم عمل الهيئة من خلالها ، وبذلك لم يدع مجالا للتقول او التاويل والغموض وصار لزاما على المتتبع لحيثيات القرار ، بأنه لم يغفل جوهر الغرض الاعلامي المطلوب وهو (إعلام الشعب بكل التطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والصحية والدينية وغيرها.) جاء القانون بسبعة فصول هي : الاحكام التمهيدية ، اهداف الهيئة وآلية تحقيقها ، تمويل الهيئة ، التنظيم ، تضارب المصالح ، انهاء الخدمة ، احكام ختامية . وقد جاءت اغلب المواد ضمن الفصل الرابع ( التنظيم ) اذ بلغت احد عشرة مادة من مجموع المواد البالغة سبع وعشرون مادة يتكون منها القانون . ويبدو ان القانون همش دور الصحافة الممولة من المال العام بشكل واضح . وابرز دورا للبث العام الذي يشمل الاعلام المسموع والمرئي . وكأن الهيئة تتكون بشكل اساس منهما . وقد ذكر صحيفة الصباح في موضعين : الاول : المادة 16 المجلس التنفيذي الفقرة 1 : (يتشكل المجلس التنفيذي من رئيس الهيئة رئيساً للمجلس وعضوية نائب رئيس الهيئة ورئيس تحرير جريدة الصباح و روؤساء الدوائر في الإذاعة والتلفزيون والخبراء الإعلاميين من داخل الهيئة. ) . والثاني : في الفصل السابع المادة 25 : (تؤول ممتلكات وحقوق شبكة الإعلام العراقية ( الهيئة العراقية للبث والإرسال) بما فيها القنوات التلفزيونية والمحطات الإذاعية وجريدة الصباح ومجلة الشبكة وأية وسائل ومحطات و مكاتب إعلامية أخرى ترتبط بالشبكة ، وممتلكات وحقوق وزارة الإعلام المنحلة إلى الهيئة المشكلة على وفق هذا القانون .) والملاحظ هنا بان ايراد ذكر صحيفة الصباح ليس تعزيزا لدورها في القانون الجديد ، انما في عضوية المجلس التفيذي مرة وفي تحويل ممتلكات وحقوق شبكة الاعلام العراقية الى الهيئة الجديدة مرة ثانية . وجريدة الصباح هي ركيزة مهمة من ركائز الهيئة ، الا ان القانون اغفل ايضا اصدارها بلغة اخرى غير العربية ، بل لم يذكر امكانية ذلك فعد تناقضا مع ما جاء في الفصل الاول ـ الاحكام التمهيدية المادة 3 الفقرة 1 الذي نص على : (أن تكون خدمة البث العام المستقل التي تتولاها الهيئة موجهة لجميع أبناء الشعب العراقي ومهيأة له بشكل عام وممولة منه وهو الذي يسيطر عليها.) وايضا ما جاء بنفس المادة الفقرة 3 : (تقديم برامج بجميع اللغات التي يتحدث بها العراقيون ) . وبذلك على المشرع ذكر اصدار صحيفة الصباح لغير الناطقين بالعربية .او اصدار ملحق اسبوعي يتضمن ذلك ويضاف كنص مستقل . وبالنسبة لصياغة القانون لغويا ، جاءت بعض المفردات لاتناسب التوجه الجديد للهيئة لاسيما انها تتعامل مع عقلية جديدة للمواطن العراقي داخل وخارج البلاد مثل مفردة ( شمولية ) التي هي في موضع تحسس للاذن العراقية لما تحمله هذه الكلمة من قصد .وقد وردت في ( و) الفقرة 6 من المادة 3 : (تعكس مختلف الآراء والاتجاهات السياسية والفلسفية والدينية والعلمية والفنية بشكل شمولي بقدر المستطاع.) . وكذلك ورودها في الفقرة ( ز ) اللاحقة : (تقدم برامج إخبارية عن الأحداث الراهنة تتسم بالشمولية والحيادية والاستقلالية وتعليقات تتميز عن الأخبار بوضوح ) . وكذلك ما جاء في الفقرة 4 من المادة 8 الفصل الرابع : (تعيين رئيس الهيئة من غير أعضائه، عند شغور هذا المنصب خلال (60) يوماً من تاريخ الشغور ، على ان يتولى الإعلان عن الترشيح لهذا المنصب في صحيفتين يوميتين واسعة الانتشار.) والاصح واسعتا الانتشار . وورد خطأ في المادة 13 الفقرة 1 : ( يجتمع مجلس الأمناء مرتان في الشهر ) والاصح مرتين في الشهر . وفي الاسباب الموجبة لتشريع قانون هيئة الاعلام العراقية ، لم يذكر المشرعون كلمة الحيادية في النص . اضافة الى التاكيد على البث العام الذي يعني المرئي والمسموع دون التطرق الى الاعلام المقروء : (الأسباب الموجبة: لأجل اعتماد معايير الاستقلال والنزاهة والشفافية في عمل هيئة الإعلام العراقية نحو ما قررته معايير البث العام المعروفة دولياً ولكي تكون الهيئة منبرا يعبر عن قيم المجتمع العراقي الأصيلة والتنوع العراقي بمكوناته وثقافاته ولكي يكون عمل الهيئة ملتزما بالمبادئ الديمقراطية والقواعد الدستورية من حرية تعبير وتفكير وقول: فقد شرع هذا القانون.) .
#ابراهيم_سبتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل ينبغي إحراق العراق ؟
-
نخلة في نهر
-
درس في السومريات
-
لقاء خاص وصريح مع الأديب احمد ألباقري
-
طيور العتمة
-
الحوار المتمدن ، حزمة ضوء في عتمة
-
!! صدّق .. صدّق .. حتى تُكذب نَفسَك
-
الابداع وهموم اخرى
-
فصل في هذيان القاص خارج المتن
-
عصف الظنون
-
قباب الماء / قصة قصيرة
-
الناصرية تكرم مبدعيها
-
الادب العراقي القديم : أوجه النص ودلالات المعنى
-
استشعار ضفة القصة في الناصرية
-
سواقي القلوب رواية الذاكرة الطرية
-
نعيم عبد مهلهل .. حلم المبدع المرصع بالحنين
-
صراع الاقواس .. من يغلقها اولا ؟
-
كم من المدن تنام فوق السطوح ؟
-
بقايا معطلة / قصة قصيرة
-
الشاهد والمطر / قصة قصيرة
المزيد.....
-
رئيس الوزراء الفرنسي يدعو النواب لـ-التحلي بالمسؤولية- وحكوم
...
-
سوريا.. مدى تهديد فصائل المعارضة وتحركاتها السريعة على بقاء
...
-
أكبر صندوق ثروة سيادي في العالم يعاقب إسرائيل
-
هل فعلا يجب شرب 8 أكواب من الماء يوميا؟
-
نصائح لتعزيز منظومة المناعة في الشتاء
-
مصر ترفع اسم ابنة رجل أعمال شهير من قائمة الإرهاب
-
عيد البربارة: من هي القديسة التي -هربت مع بنات الحارة-؟
-
من تاباتشولا في المكسيك إلى الولايات المتحدة.. مهاجرون يبحثو
...
-
منطقة عازلة وتنازل عن الأراضي.. كيف يخطط ترامب لإنهاء الحرب
...
-
رغم العقوبات على موسكو.. الغاز الروسي مازال يتدفق على أوروبا
...
المزيد.....
-
السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي
/ كرم نعمة
-
سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية
/ كرم نعمة
-
مجلة سماء الأمير
/ أسماء محمد مصطفى
-
إنتخابات الكنيست 25
/ محمد السهلي
-
المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع.
/ غادة محمود عبد الحميد
-
داخل الكليبتوقراطية العراقية
/ يونس الخشاب
-
تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية
/ حسني رفعت حسني
-
فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل
...
/ عصام بن الشيخ
-
/ زياد بوزيان
-
الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير
/ مريم الحسن
المزيد.....
|