|
رد إجمالي على ملاحظات عصام شكري على -نداء الى القوى والأحزاب الماركسية في الوطن العربي-
سلامة كيلة
الحوار المتمدن-العدد: 1811 - 2007 / 1 / 30 - 12:07
المحور:
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية
كنت انتظرت "طويلاً" إكمال عصام شكري لرده على "نداء إلى القوى والأحزاب الماركسية في الوطن العربي"، ولما تأخر قمت بالرد على الجزأين اللذين نشرهما في موقع الحوار المتمدن (وفي جريدة –نحو الاشتراكية- التي يصدرها الحزب الشيوعي العمالي اليساري). ولما كان قد أكمل رده بعد إذ، فقد وجدت أنه من المفيد إبداء بعض الملاحظات التكميلية. حيث أنه لم يضف جديداً فيما جاء به، بل كرّر اللازمة ذاتها، والقائمة على أن الماركسية تعني تحقيق الاشتراكية، وكل من لا يقول غير ذلك فهو "يدعي" الماركسية وليس بماركسي. وبالتالي فإذا كان امتلاك الحقيقة الماركسية المطلقة هو أهم ميزة للشيوعية التقليدية. التي أتاحت لها إصدار فتاوى التحريم والتحليل. الإخراج من جنة الماركسية أو الإدخال فيها. فإن عصام يكرر السمة ذاتها. لهذا أعتقد أنه التلميذ النجيب لمدرسة الشيوعية التقليدية التي إنبنت على حفظ النصوص وتكرارها، بدل أن ترى الواقع. رغم "اختلافه" في تحديد الهدف عما كانت تطرح. لكنه يطرح "الحد" المقابل (المعاكس) في صيرورة "فكرية" تقوم على جهل الواقع. فقد كان التعلق بالبرجوازية خطأ فادح، لكن ليس البديل هو الاشتراكية، لأن تحديد ذلك يفترض دراسة الواقع، أي دراسة وضع الطبقات في الواقع المحدد، وليس الإشارة العامة إلى البرجوازية والطبقة العاملة. وسنلمس أن "المجرد النظري" هو الذي يسكن وعي عصام، وليس وعي الواقع. وبالتالي فهو لا يفقه شيء في أواليات الماركسية التي تقوم على "التحليل الملموس للواقع الملموس" وليس على الشعارات. وإذا كنا لا ندعو إلى تحقيق الاشتراكية الآن، فلأن الواقع لا يحمل إمكانية ذلك. لكننا ندعو إلى هزيمة المشروع الرأسمالي، ونعمل على تغيير النظم، وهذا واضح في النداء. لكن الانجراف إلى التأكيد على أننا ندعو إلى الإصلاحية البرجوازية، ونعمل على إنقاذ المشروع البرجوازي، و"إن عدم الدعوة إلى دك أسس النظام الرأسمالي وبناء الاشتراكية بمثابة بديل الطبقة العاملة لحكم وإدارة المجتمع يعني أن التحالف يهدف في الأساس إلى إسداء خدمة للطبقة البرجوازية وإنقاذ برنامجها بشكل عمومي من خلال إصلاحها ديمقراطياً". جعل عصام "يخون" قراءة النداء، ليقول أننا لا ندعو إلى تغيير النظام القائم، ومواجهة الرأسمالية. الخلاف بيننا ليس في هذه المسائل، رغم ميل عصام إلى التوهم بذلك، ويسعى لإقناع ذاته بذلك أيضاً. الخلاف يتمثل في هل أن بديله هو الاشتراكية أم لا؟ لهذا أدعوه للنقاش باستقامة. وكذلك يشير إلى أننا لا نطرح أهداف إجتماعية. لكن هل تحقيق مطالب العمال والفلاحين الفقراء لا يتضمن مطالب إجتماعية؟ وهل أن تحقيق مشروع هؤلاء يعبر عن إصلاح لسيطرة الطبقة البرجوازية ديمقراطياً؟ ما يطفئ نار عصام هو تكرار كلمة الاشتراكية، بغض النظر عن الواقع وممكناته. أما الإجابة على أسئلة الواقع حين لا يشفي غليل، فيتحوّل إلى إجابة ليست ماركسية. هنا يسود الانفعال وليس العقل. ويسيطر الوهم بدل الحلم. إننا نقول بأن ميزان القوى الطبقي (النسبة بين الطبقات)، والمهمات المطروحة، لا يجعلان من إمكانية لتحقيق الاشتراكية، رغم أن الصراع الأساسي الآن هو ضد الرأسمالية كنمط عالمي، وكطبقة محلية، وأن المطلوب هو تجاوز الرأسمالية. هل هذا الأمر عصي على الفهم؟ سيكون كذلك لكل الذين يميلون إلى التعلق بالنصوص، وتشكيل "تصور نظري" من خلال قراءة الكتب، لأن الواقع أعقد من كل التصورات. حتى لينين ظل يردد أنه لن "يطبق" الاشتراكية، حينما كان يدعو إلى الثورة، وحتى حينما انتصرت ثورة أكتوبر، لأن الواقع الروسي لم يكن يفرض ذلك نتيجة تخلف البنى، رغم أن الطبقة العاملة هي التي انتصرت. فكيف لنا أن نقفز إلى الاشتراكية ومجتمعاتنا لازالت متخلفة من حيث التطور الاقتصادي (حيث لم تصبح الصناعة هي وسيلة الإنتاج الرئيسية، ولازالت الزراعة متخلفة). هذه ليست حجة، هذه واقع. وواقع أقسى من كل التصورات. ولأنه كذلك فهو ينتج الأصولية و"البربرية"، وكل مظاهر التخلف الفكري التي استشرتْ خلال العقود الماضية. وينتج البطالة والتهميش. لهذا لا يجب أن يسأل، أين الاشتراكية؟ لقد أكدنا على أننا نعمل على تحقيق مهمات ديمقراطية "في أفق مستقبل إشتراكي". لأن تحقيقها أمر جوهري من أجل تأسيس الأرضية المناسبة لتحقيق الاشتراكية. هل نستطيع تجاهل الهجوم الامبريالي واحتلال العراق؟ والوجود الصهيوني؟ أم أن هذه مسائل يحلها آخرون، مثل الضغط الدولي؟ وهل نستطيع تحقيق الاشتراكية في وطن محتل؟ أو تحقيق الاشتراكية في مجتمع يعاني من نقص التطور الاقتصادي (التصنيع الذي هو أس الرأسمالية، وأساس تبلور المجتمع الجديد الذي يهيئ للانتقال إلى الاشتراكية)؟ ولم يتطور الوعي العام إلى مستوى يسمح بتحقيق الاشتراكية؟ أعرف أن هذه كلها أسئلة خارج منطق التفكير الذي يحكم عصام. لأن نتائج الأخطاء والخطايا التي مارستها الشيوعية التقليدية وهي تتعلق بأذيال البرجوازية، دفعت إلى "السفح" المقابل، أي إلى معاكس البرجوازية، أي الاشتراكية. جعلت الاشتراكية هي الخيار بغض النظر عن الواقع. حيث لا يجب التحالف مع البرجوازية بل إسقاطها عبر الثورة الاشتراكية. وعصام هنا لازال غير ماركسي لأنه لازال ينحكم إلى وعي موروث يقوم على مفهوم الهوية الأرسطي (إما، أو). لهذا يطرح المعاكس المطلق لتصور الشيوعية التقليدية بكل حمية وانفعال. ولا يعرف بأنه لازال يقف على الأرضية ذاتها. لأنه لم يستطع بعد تجاوز الوعي التقليدي (بغض النظر عن الشعارات التي يطرحها). وليمتلك الوعي الماركسي البادئ باستيعاب الجدل المادي الذي لا يطرح الصيرورة كثنائيات، بل يرى تعقيدها. ويبتدئ من وعي الواقع وليس من الشعارات. المشكلة مع الشيوعية التقليدية لم تكن (إلى حدّ ما) حول المهمات، بل في مَنْ من الطبقات يستطيع تحقيقها. لأن لا اشتراكية دون تحقيق تلك المهمات. ولكن يجب على الطبقة العاملة والفلاحين الفقراء تحقيقها وليس البرجوازية التي باتت غير معنية بها. هل أن تحقيق هذه المهمات يعني خدمة البرجوازية؟ إنها ليست ملكية برجوازية، حيث أنها تتعلق بتطور الواقع، بالصيرورة. ولا تقدم دون تحقيقها. لكن دور الطبقة العاملة والفلاحين الفقراء في تحقيقها يجعل هذا التحقيق في مصلحة هؤلاء، خصوصاً وأنه مرتبط بتحقيق مصالحها المباشرة، أي الحياتية( حق العمل، الضمان الاجتماعي، الأجر المناسب....). وهذه الفكرة هي من إبداع لينين، ولازالت صالحة لأن النمط الرأسمالي لازال يقسم العالم إلى "عالمين"، رغم هيمنته العالمية وفي ظلها: الأمم الصناعية، والأمم الزراعية المهمشة. وهذه الأخيرة هي التي تصادم الرأسمالية (بمعزل عن رأسماليتها المتحالفة مع الرأسمال الامبريالي)، لأنها تسعى لتحقيق تطورها. وبالتالي لن يحقق ذلك سوى العمال والفلاحين الفقراء (في إطار تحالف طبقي عريض). هل يعني هذا إنتصار الرأسمالية؟ لا، إن تحقيق المهمات يأتي هنا في سياق مصالح طبقة أخرى هي الطبقة العاملة. لكن تحقيق هذه المهمات لا يعني تحقيق الاشتراكية، وإلا كان يجب أن نحدد معنى الاشتراكية، لأنني ألمس أن التباساً يطال هذا المفهوم. حيث يطرح بشكل مبسط، و"ساذج"، دون ملاحظة طبيعة قوى الإنتاج، ولا وضع الطبقات، ولا الوعي والنظام السياسي. وهذا ما يظهر في رد عصام، حيث يطرح مسألة خلاص الإنسان من الاستغلال، أو من أجل المساواة وإطلاق الحريات (وهي مسائل تتضمنها المهمات الديمقراطية التي نطرحها، وكذلك العلمانية ومساواة المرأة والمساواة بين المواطنين، التي يطرحها عصام كمهمات اشتراكية)، مقابل الأرض والقومية والوطن والموقف من الامبريالية. إذن، كيف يمكن أن يتحقق خلاص الإنسان من الاستغلال وهو يعيش في وطن محتل؟ هنا تطرح مسائل الأرض والقومية والوطن، نعم. فإذا لم يتحقق استقلال الوطن، وتشكُّله في دولة/أمة، وبالتالي "إنهاء" الشعور القومي عبر تحققه، كيف يمكن إنهاء الاستغلال بمعناه الاقتصادي؟ إن السيطرة والاحتلال يهدفان إلى الاستغلال، وحسب ماركس فإن شعباً يضطهد شعباً آخر لن يكون حراً. وبالتالي كيف يمكن وضع هذه مقابل تلك؟ وإذا كان المطلوب هو إنهاء استغلال الرأسمالية كطبقة، يجب إنهاء سيطرة الدولة الرأسمالية على الأمم الأخرى، لأن هذه السيطرة هي التي تقود إلى الاستغلال والنهب والإفقار والتهميش. أليس للاحتلال أهداف اقتصادية؟ ألا يطال الطبقة العاملة، حيث تصبح القوة المحتلة هي "الطبقة" التي تسيطر، وبالتالي يجب مواجهتها؟ أم أن المسألة تتعلق بالبرجوازية المحلية وتناقضها مع الطبقة العاملة فقط؟ أو بالصراع ضد "الرأسمالية العالمية" دون لمس تجسيداتها الواقعية؟ حيث تعلن هنا الثورة الاشتراكية في فضاء مليء بالكلمات. على ماذا يقوم هدف تحقيق الاشتراكية؟ يقول عصام، "يثبت الواقع أن ما قاله ماركس وصحّ على تطور القوى المنتجة وعلاقات الإنتاج (أي تطور الطبقة العاملة كماً ونوعاً من جهة واشتداد بؤسها واستغلالها من قبل البرجوازية من جهة أخرى) في أوروبا الغربية أواسط القرن التاسع عشر، أصبح اليوم يصح على قوى الإنتاج وعلاقاته في كل أنحاء العالم وبلا استثناء، من أمريكا حتى أفريقيا، ومن أوروبا حتى الشرق الأقصى، ومن الشرق الأوسط إلى أمريكا اللاتينية". كيف ذلك، وقد عملت البرجوازية في أوروبا وأميركا واليابان على تجاوز قانون فائض القيمة الطلق إلى قانون فائض القيمة النسبي، وبالتالي قلصت الاستغلال بدل زيادته، كما قلصت حجم الطبقة العاملة؟ ولاشك في أن تصاعد الاستغلال وقع على الأطراف، لكن حجم الطبقة العاملة ظل ضعيفاً نتيجة عدم ميل البرجوازية (المحلية والعالمية) إلى بناء الصناعة. وبالتالي ظل للفلاحين دور كبير نتيجة حجمهم وتركز الاستغلال تجاههم. لهذا فإن ما أشار إليه ماركس أصبح من الماضي، وهناك وضع جديد يجب لحظه. يكمل عصام "إستكملت البرجوازية دورة نموها وغزت أركان الأرض ورفعت معها الطبقة العاملة في كل بقاعها". وأنا أوافق على الفقرة الأولى، لكن غزو أركان الأرض لم يؤدِ إلى "رفع" الطبقة العاملة. حيث ظلت محدودة الحجم لأن البرجوازية لم تدمر البنى الريفية القديمة، ولم تسمح بنشوء صناعة تستوعب جيش العمل الاحتياطي. وحين تدمر الريف تشكلت الفئات المهمشة،وتضخمت البطالة. ليصل إلى نتيجة تتمثل في أن الطبقة العاملة وصلت "إلى مرحلة التطور التقني والعلمي بات معه حل التناقض بينها وبين علاقات الإنتاج المتخلفة والاستغلالية مسألة ملحة ولا تحتمل التأجيل. إن التناقض القائم بين قوى الإنتاج وعلاقاته اليوم يدل على أن الاشتراكية ليست فقط ممكنة بل ضرورية لحل هذا التناقض". كيف أصبحت فكرة ماركس معممة على كل العالم؟ المشكلة أن التطور خالف ماركس، فلم تبنِ الرأسمالية "عالماً على صورتها ومثالها"، بل بنت عالماً مختلاً، لأنها منعت تطور قوى الإنتاج في معظم أركان الأرض. ولقد حاربت كل الميول لبناء صناعة في الأمم المخلفة. الأمر الذي جعل الإنتاج الصناعي هامشياً. والطبقة العاملة الصناعية قليلة العدد. وإذا كانت الرأسمالية تعمق من استغلال هذه الأمم، فقد عملت على تخفيف استغلال طبقتها العاملة، وقلصت من حجمها. وبالتالي فإذا كان الممكن النظري يشير إلى إمكانية الاشتراكية في الأمم الرأسمالية (أوروبا، أميركا، واليابان) فإن الممكن الواقعي ينفي ذلك. لهذا كانت الحركة الماركسية هنا في أزمة. حيث لم تسعفها تصورات ماركس، ولم تستطع هي التخلص من الموروث الماركسي القديم. فضاعت بين الممكن النظري والاستحالة الواقعية. هذا واقع تعززه الأرقام، رغم أن التناقض بين قوى الإنتاج وعلاقات الإنتاج واضح إلى حدّ كبير. في الأمم المخلفة الأمر أسوأ، لأن انتشار العلاقات الرأسمالية لم يُبنَ على نشوء وسائل الإنتاج، بل نتيجة الاندماج بالنمط الرأسمالي العالمي. وبالتالي فإذا كان ذلك يفرض مواجهة الرأسمالية، إلا أنه لا يسمح بتحقيق الاشتراكية، حيث المهمات الما قبل اشتراكية هي الماثلة، كما أن ميزان القوى الطبقي لا يعطي الإمكانية للطبقة العاملة تحقيق ذلك وحدها. من هنا تنشأ مسألة التحالفات وتبرز أهميتها. لهذا فإن تحقيق تلك المهمات يفرض تحالف العمال والفلاحين والفئات الوسطى معاً من أجل تشكيل كتلة قادرة على الانتصار في مواجهة الرأسمالية المحلية والامبريالية ( وهو التعبير الذي يمقته عصام رغم أنه يعبر عن جوهر النمط الرأسمالي كما حدده لينين)، أي رأسمالية المراكز. الطبقة العاملة وحدها غير قادرة على تحقيق شيء، سواء في مواجهة الرأسمالية المحلية، أو في مواجهة الرأسمال العالمي. وبالتالي فإن هذا التعميم حول الاشتراكية يشكل هروباً من مواجهة استحقاقات الواقع. وهذا الأمر يبدو واضحاً في العراق، حيث أن الدعوة إلى الاشتراكية في وضع الاحتلال يشكل هروباً من مواجهة الاحتلال (كما فعل الحزب الشيوعي، لكن بشكل آخر، أي عبر المشاركة مع الاحتلال)، لأن أول سؤال تطرحه الجماهير هو مواجهة الاحتلال، حيث بات واضحاً أنه المسبب لكل المشكلات اللاحقة، من تدمير للبنى التحتية وفقدان الأمن والبطالة والفقر وإنهيار الاقتصاد ونهب النفط. إن طرد الاحتلال هو الذي يفسح لتأسيس نظام بديل يمثل العمال والفلاحين. هل يمكن حل "معضلات الجماهير" تلك دون طرد الاحتلال؟ وبالتالي أليست مقاومة الاحتلال هي الهدف الأول؟ إننا هنا إزاء هدف التحرر والاستقلال عبر المقاومة. ألم تلحظ الماركسية وضعاً كهذا؟ نعم، وكان موقفها واضحاً، فهي مع المقاومة من أجل التحرر. الخلاف مع عصام وتيار الشيوعية العمالية التي يمثله واضح. إنه خلاف بين رؤية الواقع وتحديد المهمات التي يطرحها من جهة، والتمسك بشعارات من جهة أخرى. نحن نطرح ما يطابق الواقع، حيث الهجوم الامبريالي الأميركي الصهيوني قائم في الواقع وليس من مخترعات الذهن. وحيث يجب أن تتحقق مهمات أساسية ذات طابع ديمقراطي كخطوة لتحضير المجتمع للانتقال إلى الاشتراكية. منها ما يتعلق بما هو "قومي"، أي تحقيق الاستقلال (بما يعني مواجهة المشروع الامبريالي الصهيوني) والتوحد العربي. ومنها ما يتعلق بتحقيق التطور المحتجز (أي تطوير قوى الإنتاج). ومنها تأسيس نظام ديمقراطي علماني، و.... الخ. وهذا ما يجب أن يتبلور في برنامج التحالف حينما يتحقق. لكن كل ذلك لن يتحقق إلا بقيادة الطبقة العاملة والفلاحين الفقراء. ولا يفيد هنا تطيير الشعارات، و"اللعب" بالألفاظ، واستعارة كلمات فات أوانها. وإذا كان ماركس قد حلل التكوين الرأسمالي، وتوصل إلى ما توصل إليه، يجب علينا نحن أن نحلل واقعنا الراهن لكي نتوصل إلى تحديد ما يطرحه هذا الواقع. ليس "التشدد اليساري" هو الحل، كما ليست "المرونة اليمينية" هي الحل. وعي الواقع هو الذي يسمح بطرح إجابات سليمة. ولم ألحظ بأن عصام قدّم فهماً للواقع، لا في الرد على النداء، ولا في مقالاته التي ينشرها. إنه مغرم بالشعارات كما الشيوعية العمالية اليسارية التي يمثلها. أخيراً أود الإشارة إلى أننا أشرنا، في النداء، إلى ضرورة الالتحام بالطبقة العاملة، الأمر الذي أثار حفيظة عصام، حيث إعتبر أننا "خارج" الطبقة العاملة لهذا ندعو كمثقفين إلى "توصيل" اليسار بالطبقة العاملة بدلاً من تنظيم العمال وقيادتهم نحو الاشتراكية. ويبدو أنه لا يعرف بأن المثقفين هم الذي يتبنون الماركسية ، ويحللون الواقع على ضوئها. وبالتالي يعملون على تنظيم العمال وفق تصور يطرحونه. وإذا كان يعتبر بأنه والشيوعية العمالية قد نبعا من الطبقة العاملة، فهو يكمل شعاراته التي حاولنا تناولها في المقالات السابقة. إنه يتجاهل بأن الذين يستوعبون الماركسية هم، في الغالب، من الفئات الوسطى. وأن المطلوب هو اندماج هؤلاء في الطبقة العاملة للتعبير عن مصالحها، وإضافة "الوعي والتنظيم" لها وفق ما أشار لينين. والماركسية عادة ما تبدأ كحلقات صغيرة بعيدة عن الطبقة العاملة، حيث يمكن أن تبقى كذلك وهي ترفع الشعارات الكبيرة، ولكن عليها أن تندمج بالطبقة العاملة لكي تؤسس لقوة إجتماعية فاعلة. وبالتالي حين أشرنا إلى الالتحام بالطبقة كنا نقصد ذلك، لأننا نعرف واقع الحركة الماركسية كلها، ونعرف أنها قليلة التواصل مع الطبقة العاملة. ثم أن عصام يتعامل مع النداء وكأنه برنامج تحالف تبلور. لهذا يأخذ علينا أننا لم نقدم "بلاتفورم مشخص". وأننا ندعو للتحالف من اجل الجدل والتفكير وليس من أجل العمل. ويبدو أنه قرأ النداء بالمقلوب، حيث أسميناه نداء لأننا نطلق دعوة للحوار من أجل تأسيس تحالف. وبالتالي كيف يمكن أن نبدأ من البرنامج قبل أن يتحقق الحوار؟ العالم تتحاور لكي تتحالف. وما قمنا به هو مبادرة في هذا الاتجاه.
#سلامة_كيلة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الجديد في إستراتيجية بوش الجديدة في العراق
-
واليسار الفلسطيني
-
أميركا في العراق والمقاومة
-
سوريا في الوضع الإقليمي
-
خطر الحرب الأهلية في فلسطين
-
رد على ملاحظات عصام شكري حول -نداء الى القوى والأحزاب المارك
...
-
رد على ملاحظات عصام شكري حول -نداء الى القوى والأحزاب المارك
...
-
رد على ملاحظات عصام شكري حول -نداء الى القوى والأحزاب المارك
...
-
خطة أولمرت الجديدة
-
مكانة اللينينية في الماركسية
-
لماذا -ماركسية-؟ : بصدد تسمية الاتجاه الفكري الذي بدأ مع مار
...
-
النضال الفلسطيني واشكالية القطري والقومي
-
المقاومة الفلسطينية: محاولة تقييم انتقادي
-
أزمة العقل الأحادي في تناول العلاقة بين الوطنية والديمقراطية
-
الحزب الشيوعي العراقي ومسألة الأولويات
-
من اجل تحالف القوى الماركسية في الوطن العربي
-
حزب الشعب الفلسطيني وتعزيز الهوية اليسارية
-
المساءلة حول المقاومة:بصدد حجج الليبراليين العرب الساذجة
-
ترقيع السلطة الفلسطينية
-
وحدة اليسار: حول اعادة صياغة اليسار الماركسي
المزيد.....
-
اليساري ياماندو أورسي يفوز برئاسة الأوروغواي
-
اليساري ياماندو أورسي يفوز برئاسة الأورغواي خلال الجولة الثا
...
-
حزب النهج الديمقراطي العمالي يثمن قرار الجنائية الدولية ويدع
...
-
صدامات بين الشرطة والمتظاهرين في عاصمة جورجيا
-
بلاغ قطاع التعليم العالي لحزب التقدم والاشتراكية
-
فيولا ديفيس.. -ممثلة الفقراء- التي يكرّمها مهرجان البحر الأح
...
-
الرئيس الفنزويلي يعلن تأسيس حركة شبابية مناهضة للفاشية
-
على طريق الشعب: دفاعاً عن الحقوق والحريات الدستورية
-
الشرطة الألمانية تعتقل متظاهرين خلال مسيرة داعمة لغزة ولبنان
...
-
مئات المتظاهرين بهولندا يطالبون باعتقال نتنياهو وغالانت
المزيد.....
-
نَقْد شِعَار المَلَكِيَة البَرْلَمانية 1/2
/ عبد الرحمان النوضة
-
اللينينية والفوضوية فى التنظيم الحزبى - جدال مع العفيف الأخض
...
/ سعيد العليمى
-
هل يمكن الوثوق في المتطلعين؟...
/ محمد الحنفي
-
عندما نراهن على إقناع المقتنع.....
/ محمد الحنفي
-
في نَظَرِيَّة الدَّوْلَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
هل أنجزت 8 ماي كل مهامها؟...
/ محمد الحنفي
-
حزب العمال الشيوعى المصرى والصراع الحزبى الداخلى ( المخطوط ك
...
/ سعيد العليمى
-
نَقْد أَحْزاب اليَسار بالمغرب
/ عبد الرحمان النوضة
-
حزب العمال الشيوعى المصرى فى التأريخ الكورييلى - ضد رفعت الس
...
/ سعيد العليمى
-
نَقد تَعامل الأَحْزاب مَع الجَبْهَة
/ عبد الرحمان النوضة
المزيد.....
|