بينَ ما جرى ويجري

أيلول ألأيوبي

الحوار المتمدن-العدد: 1809 - 2007 / 1 / 28 - 07:43
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

مجموعة من ألجلادين غطت وجوههم أقنعة سوداء تحلقوا حولَ ألديكتاتور الطاغية هذا ألمهيب ألذي ارهبَ ألعراق وألعراقيين ونكلَ بهم شرَ تنكيل ، أصبحَ أليوم ضحيةً ، وضعوا حبلَ ألمشنقة حولَ عنقه ، وصرخوا هتافات طائفية وثأرية ودعوا له بألذهاب الى جهنم قبلَ أن يفتحوا ألكوة تحتَ أقدامه فيهوي . رقصوا من حول جثته ألهامدة كما يحتفل ألهنود ألحمر حولَ ألنار ، ويعلنَ بعدها هذا ألملقب بمستشار ألأمن ألقومي ألعراقي ألسيد ( موفق ألربيعي ) من على شاشة " ألس أن أن " الأميريكية أنَ مشهد ألأعدام وما رافقه من رقصٍ مهين حولَ الجثة انما هو تقليد درجَ عليه ألعراقييون ، فهم وبحسب قوله يرقصون حولَ ألجثة تعبيراً عن مشاعرهم فأينَ ألمشكلة في ذلك ؟ . ان ألمشكلة يا حضرة ألمستشار لا تكمن في ألرقص حولَ ألجثة أو حولَ ألنار ، انما ألمشكلة بما قد جرى ويجري ، وما قد ينتج عن هذا ألأعدام ألطائش وألغير مسؤول . فصدام لم يعدم على مجازره بحق ألعراق وألعراقيين ولا بحق جيرانه من ألأيرانيين الى ألسوريين وأللبنانيين وألكوتيين ، ولم تفتح له ملفات ألمجازر ألكبرى في كل من ( حلبجا) هذه ألمجزرة ألمروعة بحق ألأكراد وألتي اسخدمَ فيها ألمهيب كل أنواع ألأسلحة ألكيميائية ألمحظورة ، أو بحق ما ارتكبه جيشه من أعمال اغتصاب جماعي للنساء في ألقرى ألكردية . ولم يوفر ألشيعة في ألجنوب مروراً بألعاصمة بغداد ذات ألحضور ألسكاني ألمختلط . في ألوقت ألذي شنَ حربه على جارته ايران عام( 1980 ) كانَ في ألوقت نفسه يرسل ألسيارات وألعبوات الناسفة الى شقيقة ألعراق سوريا ، وقد آدت هذه الأعمال الى سقوط ألكثير من ألمدنيين ألأمنين في بلادهم . كما أنه دعمَ بألمال وألسلاح اطراف ألنزاع في لبنان ، فهوَ من ساندَ لفترة من ألزمن ألحركة ألوطنية وأمدها بألمال وألسلاح وهذا موثق في ألكثير من ألكتب وألمراجع وابرزها ما جاءَ على لسان الأمين العام ألأسبق للحزب ألشيوعي أللبناني ألرفيق ألشهيد جورج حاوي ، عندما قال لمحاوره ألصحافي وألمحلل أللبناني غسان شربل في كتاب ( جورج حاوي يتذكر – ألحرب وألمقاومة وألحزب ) وتحديداً في ألصفحة-- 112--وتحتَ عنوان صغير ( ألمساعدات ألعراقية ): ( التقيناه للأكثر من مرة ( يقصد صدام حسين ) وكانت علاقتنا بنائب ألرئيس ألعراقي صدام في ذلك ألوقت حميمة . كنا نلتقي ألرئيس أحمد حسن ألبكر فنتحدث حديثاً عاطفياً عاماً يركذ فيه على ( ألنشامى ويا هلا بألضيف وألشباب وألمقاتلين ) ثم ننتقل الى ألبحث ألجدي وألجاد مع نائبه صدام ثمَ مع وفد ألقيادة ألقومية مثل علي غنام وطارق عزيز ... ويسأل ألمحاور حاوي *ماذا كانَ يريد صدام من لبنان في ذلك ألوقت . مواجهة سورية فقط ؟ وما هو حجم ألدعم ؟ - (نحن رأينا أنه يريد مواجهة سورية واحراجها ولكن من موقعه كانَ يدعم ألمقاومة وألحركة ألوطنية بكل امكاناته ألمالية وألعسكرية . أما بألنسبة للشق ألثاني لا أحصاء دقيق معي ، ولكن كانت ألحركة ألوطنية تتلقى ما يراوح بينَ مليونين و 225 ألف دولار الى مليون و 950الف دولار حسب قيمة ألصرف شهرياً كمساعدة مالية من ألعراق . اضافة الى مساعدات خاصة لبعض ألأحزاب مثل ( الأشتراكي ) و ( ألشيوعي ) و ( منظمة ألعمل ) واستمرَ هذا ألدعم الى أن طالبت أنا بقطعه ، وربما من أندر ألمواقف أن يتلقى طرف مساعدة ويرفض استلامها . عندما بدأت حرب ألخليج ألأولى وعندما فك ميثاق ألعمل ألقومي بينَ سورية وألعراق وعندما أعدمَ 21 شيوعياً عراقياً في ألجيش ذهبنا في محاولة لاستجلاء ألموقف وألنقاش مع القيادة ألعراقية . ). من هذه ألقراءة ألسريعة نستجلي ألتالي : ان ألعراق بقيادة صدام لم يدعم ألحركة ألوطنية وأحزابها الرئيسية لمواقفها ألوطنية وألعربية ألممانعة ، ولا لارتباطها وعملها الى جانب ألكفاح ألمسلح الفلسطيني ، بل فقط من أجل احراج واخراج سوريا من لبنان ، وصدام لم يكن مرتاحاً ابداً لتواجد ومشاركة ألشيوعيين ألعراقيين في السلطة وهو ألذي ضربهم لأنه كانَ يرى كعادة جميع ألطغاة أن من يعارضه يود الأنقلاب عليه ولأنه يرى نفسه فوقَ الأخطاء كانَ من ألمستحيل ألسماح للحزب ألشيوعي ألعراقي أن يبقى ضمن ألسلطة ويتمايز عنها منتقداً أخطاءها . من هنا نرى أن صدام حسين ارتكبَ مجزرة جديدة بحق شعبه وبلده كما أرتكبَ ألكثير بحق جيرانه . وبعد ذلك عادَ صدام ليدعم حالة عون كتصفية حساب مع ألسوريين وفي ألوقت عينه يدعم ألقوات اللبنانية بقيادة سمير جعجع حتى في حربهم مع عون نفسه . لقد قامَ بأجتياح كامل لجارته ألنفطية ( الكويت ) وحاولَ ضمها الى ألعراق وسرقة خيارتها ، وهذا الغباء أوقعه ، واوقعَ ألخليج بأسره تحتَ ألسيطرة ألمباشرة للولايات ألمتحدة وكانَ بمسابة بداية ألنهاية لعهده ألميمون . هذا طبعاً اذا تعامينا عن ألدخول في عملية ألتصفية ألسياسية ألتي ارتكبها صدام حسين في حق رفاقه ألبعثيين. فهو من كانَ ينادي على رفاقه واحداً واحداً ويقول لكل رفيق منهم : اهتف شعار ألحزب وألحق ربعك . اذاء كل ما ذكر عن عهده ألميمون ، لا بدَ لمن يفهم ألعدل وألقانون ويحلل ألتاريخ جيداً ، من ان يقول كلمة واحدة ان صدام يستحق ألأعدام مليون مرة ومرة . ولكن أن يعدم طاغية ألعراق فقط بسبب مجزرة بلدة ألدجيل ألشيعية ، بين كل ألمجازر ألمروعة التي ارتكبها صدام وأعوانه في ألسلطة وقد أعدمَ أثنان منهم لاحقاً ،فهذا خطأ مميت وقسر نظر يخفي وراءه أمرٌ خبيث . فلماذا كانَ اختيار هذه ألمجزرة بألذات ؟ ان اختيار مجزرة ألدجيل لأنزال عقوبة الأعدام بحق صدام لم يكن اختياراً بريئاً أبداً في ظل هذا ألصراع ألمذهبي وألطائفي ألدموي بينَ أهل ألسنة وألشيعة في ألعراق ، وبغض النظر عن حسن أو سوء ألنية لدى ألأطراف ، علمت أو لم تعلم فقد انساقت وساقت ألعراق وألمنطقة كلها الى ألحرب ألهدامة ، وأوقعت نفسها وأوقعتنا جميعاً في مخالب ألمحافظين ألجدد ومخطط ألصهيونية ألعالمية . وما هيَ اشادة ألرئيس ألأميريكي بوش بأعدام صدام الا رسالة واضحة للمنطقة بشعبها وزعمائها بأن ألشرق الأوسط الجديد سيبنى بألرغم من كل ألدماء ألتي سالت وستسيل وبألرغم من ممانعة الممانعين لأن ألخيار أصبحَ واضحاً : أما ألسيرَ في ممانعة ظرفية لا تخدمُ أحلام الشباب بل تدمرها في مهدها كما هيَ الحال في لبنان هذا البلد ألذي يشهد صراع قوى أقليمية ودولية يترجم بألواسطة من قبل شركاء ألداخل ألمتناحرين حولَ بقايا وليمة دسمة كانت شبه وطن اصبحَ رهينة ، أما ، كما هيَ ألحال في ألعراق آتون ألحديد وألنار وألأقتتال ألمذهبي خدمةً لسيد البيت ألأبيض ومن خلفه أسياده ألصهاينة . وما مشهد الأنقسام في ألبيت ألعراقي ألواحد حولَ مسألة الأعدام وتوقيتها سوى الدليل ألقاطع . فهنا ،في ألشق ألسني ، مشهد عزاء بصدام وهناكَ في ألشق ألشيعي تهليلٌ وتشف بموته، علماً ان ألأسلام يدعو الى عدم ألتشفي بألميت ، اذ لا شماتة في ألموت .
ان الأثنين معاً يخدمان مخططاً واحداً هداماً كانَ قد تجلى بمشهد من مشاهده في ألثلاثين من شهر كانون ألأول عام 2005 بأنشقاق عبد ألحليم خدام ( أبو جمال ) عن ألقيادة ألبعثية ألأرسوزية ألأسدية في سوريا متهماً الأسد ألأبن حاكم سوريا وطاغيها بألوقوف وراء مقتل رئيس ألوزراء أللبناني ألأسبق ( رفيق ألحريري ). وألحقَ بمشهد آخر فجر ألثلاثين من كانون ألثاني من ألعام 2006 : مشهد اعدام صدام . والأصح أن يقال اغتيال صدام حسين ،وهذا وليسَ من باب ألدفاع عنه ، بل عدلاً واحقاقاً للحق لأن صدام أعدمَ بقرار من الأحتلال الأميريكي للعراق وهذا أمر مدان . ان طريقة اعدام صدام وألسرعة ألتي حدثَ فيها غطى صورة ألطاغية وأعطاه فخرَ الشهادة في أمةٍ ما عرفت ألأستقرار ولم تعرفه لفترة طويلة من ألزمن ...

#أيلول_ألأيوبي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات