أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عصام مخول - نحن ندعو الى التحزب للثقافة القومية الوطنية مواقف الحزب الشيوعي واداؤه في المسألة القومية عصيّة على التشويه - الجزء الاول















المزيد.....


نحن ندعو الى التحزب للثقافة القومية الوطنية مواقف الحزب الشيوعي واداؤه في المسألة القومية عصيّة على التشويه - الجزء الاول


عصام مخول

الحوار المتمدن-العدد: 1808 - 2007 / 1 / 27 - 12:06
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


"أما الدودة"!
تستحوذ عليّ قصة الفتى الذي اجتهد في اعداد نفسه لامتحان في علم الاحياء. وراهن على قدرته بالحدس، ان يتوقع الاسئلة التي سيختارها المعلم، فركّز مراجعاته على "مزايا الدودة". لم يحالف الحظ هذا الفتى، وتبين ان اسئلة الامتحان تمحورت حول "مزايا الاسد"، فاُسقط في يديه، وقرر الاحتيال على معلمه فكتب بثقة كبيرة: "الاسد حيوان قوي وكبير، يعيش في الغابة، له ذيل ملتوٍ وطويل كالدودة.. اما الدودة.." واخذ يسرد كل ما حفظه عن الدودة. لم يكن ذلك كافيا لينجح في الامتحان!!
ويبدو ان السيد أيمن عودة، قرر اللجوء الى منطق "أما الدودة"! في مقالته الطويلة في ملحق "الاتحاد" 19.1.07، فيما وصفه بأنه: "نقاش بالاساس، مع عصام مخول – السكرتير العام للحزب الشيوعي الاسرائيلي" حول المحاضرة التي قدمها في اللجنة المركزية للحزب في 22 كانون الاول 2006، ونشرتها صحيفة "الاتحاد" في ثلاثة اجزاء في موضوع: "اطروحات الحزب الشيوعي في القضية القومية – حالة الجماهير العربية في اسرائيل!"


* ألموقف من مسألة "البقاء" برغم النكبة!
وبدلا من ان يتخذ السيد ايمن موقفا، من التقويمات المتناقضة في مسألة البقاء، والتي تعرضت لها المحاضرة والمقالات المنشورة، (البقاء كخيانة للقضية القومية، او "البقاء" في الوطن تحديا للنكبة وللخيانة القومية ونقيضا لها)، وبدلا من مناقشة تحليلات الحزب في هذا الموضوع، والتي تعرضت لهجوم شنته تيارات فكرية، ناشئة حديثا، اعتبرت نفسها "التيار القومي" وادعت انه لم تكن هناك "معركة بقاء". وان تمجيد هذا البقاء، ليس اكثر من مبالغة يقوم بها الشيوعيون، من دون ان يكون لهم باع فيها. فان السيد ايمن قرر ان يخطف النقاش الى موضوع التهجير والترحيل، ومسؤولية الحركة الصهيونية وعصاباتها في نكبة الشعب الفلسطيني، وهو موضوع جدير، لكنه ليس موضوع المحاضرة، وهو موضوع لا مجال للمزايدة فيه على موقف الحزب الشيوعي الذي كان قادته هم اول من دوّن لنكبة الشعب الفلسطيني وجذور قضيته، تاريخيا، وادبا ورواية وكفاحا وهم الذين حللوا جوهر الصهيونية الفكري وارّخوا لدورها المدعوم امبرياليا ورجعيا عربيا، في ارتكاب ابشع انواع الارهاب والمجازر والتشريد والهدم وهم الذين دافعوا عن حقوق الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال وحق العودة، حين غطت شرائح اخرى في سباتها العميق. فهل نعتبر ان تلميحات السيد ايمن، التي وصلت حد الافتراء على الحزب وتاريخه، وهو يُحصي عدد المرات التي قام بها الحزب باستعمال كلمة "النكبة" في ادبياته، نابعة فقط عن انه ركز في مذاكراته، على "مزايا الدودة" ولم يبذل جهده لمعرفة مزايا الاسد؟!!
والاخطر من ذلك، ان السيد ايمن، قد قام بدس مواقف لا تمت الى مواقفي بصلة خلال نقاشه المطول، مواقف تتناقض مع ما جاء في محاضرتي، وتتناقض مع مواقف الحزب الشيوعي، شكلا وجوهرا، جملة وتفصيلا، دسها في السياق واستطرد في مناقشتها ليخلق الانطباع والايحاء ونشر الوهم، ان نقاشه مع الحزب الشيوعي ومع امينه العام، هو نقاش من يتمسك بتحميل الحركة الصهيونية وعصاباتها، المسؤولية عن نكبة الشعب الفلسطيني وتشريده وسلبه، من جهة، في مواجهة مع موقف حزب شيوعي وامينه العام، يعمل على تبرئة ساحة الحركة الصهيونية وعصاباتها من المسؤولية عن النكبة والتشريد، والتغطية على جرائمها، من خلال اعتبار ان الشعب الفلسطيني كان قد "هاجر في موسم الهجرة الى الشمال" من جهة اخرى. ان دس هذا الانطباع على مواقف الحزب الشيوعي وامينه العام، هو افتراء، اشبه ما يكون بقيام المحقق في دس ممنوعات في ثياب المعتقل السياسي الخاضع للتحقيق، للامساك به متلبسا!! ان هذا الاسلوب خطير ودخيل على ثقافتنا السياسية وعلى نهجنا وممارستنا.





* و"ما يبتغي جل أن يسمى"! (المتنبي)الحقيقة انني لم اكن لأخصص هذا الجهد للرد على مقالة السيد ايمن، ما لم تكن تحمل في طياتها اكثر مما تقوله جهارا، وابعد مما يقوله هو. ولولا انها محاولة متعثرة لتكرار مقولات تحاول بعض نخب المجتمع المدني وبعض الجمعيات اليهودية والعربية الترويج لها، وخصوصا في اوساط اليسار التي يلفها القنوط واليأس من امكانات احداث التغيير في ظل التدهور السياسي والاجتماعي والدمقراطي الحاصل في اسرائيل وفي المنطقة.
وفي اطار هذا اليأس، يجري التراجع، المذعور احيانا، عن الفهم الطبقي والارتداد الى نظريات "ما بعد الاستعمار" والتي يشكل في اطارها البعد القومي، وليس الصراع الطبقي، التناقض الاساسي في المجتمع، وخط توزيع المياه السياسي والفكري والاجتماعي. ان موقف الشيوعيين في القضية القومية صحيح ودقيق، لأنه ينطلق من رؤية طبقية وأممية صحيحة وتحزب طبقي للطبقة العاملة والشرائح المسحوقة.
نحن نستطيع ان نتحالف في معارك عينية بلا شك، مع شرائح تحمل هذا الموقف غير الطبقي المذكور اعلاه، ولكننا لا نقبل بالتسليم، بتغييب التمايز الطبقي في داخل الشعب المعرّض للاضطهاد، والانعكاسات الاجتماعية والسياسية لهذا التمايز، التي تمكّن من بناء الوحدة الوطنية الكفاحية. ونرفض بشكل مطلق، تغييب التمايز بين الكفاح الوطني البطولي للشعب الفلسطيني من اجل التحرر والاستقلال، قبل النكبة وفي اطارها ومن بعدها، وبين الدور الذي اضطلعت به شرائح في قيادته التقليدية، وقوى رجعية تواطأت واسهمت في تسهيل النكبة والتشريد، وعجزت عن طرح أي بديل لها، كما طرح الشيوعيون الشباب وحلفاؤهم.
إن الانتماء الى الشعب الفلسطيني وحده، لا يشكل برنامجا سياسيا او خطة كفاحية، ولا مسحوق غسيل يغسل التواطؤ والعجز والموقف الرجعي لأحد. تماما كما ان الانتماء الى الشعب اليهودي الاسرائيلي، لا يشكل برنامجا احتلاليا، صهيونيا وقمعيا وليبراليا جديدا. وعندما نتحدث عن الامبريالية الامريكية، فنحن لا نتحدث عن 250 مليون امبريالي صغير. وانما نتحدث عن بنية طبقية يشتد فيها الاستغلال وقمع الحريات الدمقراطية، نحو الداخل، كلما اتسعت عدوانية المؤسسة الحاكمة وكلما تصاعدت الممارسات الامبريالية للطبقة المهيمنة، في اطار الصراع الطبقي غير المتوازن في هذه المرحلة محليا وعالميا.
إن قراءة متمعنة في مقالة السيد ايمن، تؤكد ان اهم ما يبتغى منها، هو ان يغسل ايدي الرجعية العربية في المنطقة، وشرائح في القيادة الفلسطينية التقليدية "من دم هذا – الشعب الفلسطيني – الصدِّيق" في الحاضر كما في الماضي، وليكن من بعده الطوفان! وهي بضاعة يكثر مروّجوها في ايامنا باسم التواصل والاتصال وصكوك الغفران، وهو يقوم بذلك، ليس بسبب قناعته بدور هذه القيادات و"ادائها الوطني"! بل اكتفاء بانتمائها القومي، "على الرغم من ادائها ودورها غير الوطني"، الذي اسهم في جعل النكبة الخيار الاوفر حظا، امام الشعب الفلسطيني، خدمة للمشاريع الاستعمارية البريطانية والانظمة العربية الرجعية الموالية لها، او سقوطا في شرك هذه المشاريع والتي اجتمعت على ارض فلسطين ليس لمنع التقسيم ولا لمنع قيام دولة يهودية، بل لاقتناص حصة الشعب الفلسطيني في اطار قرار التقسيم وابتلاعها في اطار المشاريع الاستعمارية والرجعية العربية في شرق الاردن. في وجه هذا النفس العاجز غالبا، والمتواطئ احيانا، دّلل الشيوعيون الشباب، انطلاقا من رؤيتهم الطبقية على الطريق البديل، واشاروا الى المخرج من دهليز التشريد والنكبة.
وفي اطار التصدي، لما جاء في محاضرتي (حول البقاء وليس حول النكبة) من ان "حرب عام 1948، مثل باقي الحروب قد ابقت في المؤخرة الاقسام المستضعفة من المجتمع الفلسطيني، عديمي الحيلة، الاكثر فقرا، ليس الشرائح البرجوازية وبقايا الاقطاع، وانما الفلاحين والعمال البسطاء، وصغار التجار، ثارت ثائرة السيد ايمن، بسبب الاشارة الى دور بعض القيادات التقليدية التي اسهمت على طريقتها في مرور النكبة والنزوح الكبير.
ليس هناك أي نقاش معي ومع الحزب الشيوعي، حول فظائع الحركة الصهيونية، من مجازر وتشريد وترحيل وارهاب حقيقي، لم تميز بين ابناء الشعب الفلسطيني، بل كانت ترمي الى اقتلاعه باكثر وابشع ما تستطيع وبأكثر ما تسمح به الظروف، لتنفيذ مقولة بن غوريون، "اكثر ما يمكن من الارض واقل ما يمكن من الفلسطينيين"!.
ولكن، هناك نقاش مع مقالة السيد ايمن، الذي انبرى يدافع عن القيادات الاقطاعية وشبه الاقطاعية، مؤكدا لنا، بنفس علمي – "ان القيادات الاقطاعية، ملكت عقارات ثابتة اساسا.. "أي انها لا تهرب وانما هجّرت قسرا"!! ناسيا ان هذه الشرائح كانت تدير املاكها اصلا من الخارج غالبا. ويضيف باللهجة العلمية ذاتها العالمة ببواطن الامور، "ان هذه البرجوازية والقيادات التقليدية والاقطاعية هي حليفة العمال والفلاحين، في المعركة ضد الاستعمار والصهيونية ومن اجل استقلال فلسطين".. (هيك خبط لزق)!
ويتساءل السيد ايمن: "من قال ان تسونامي النكبة الرهيبة.. لم يقتلع شيوعيين اصايل من وطنهم، منهم اكثر القيادات مركزية، مثل اميل توما، واميل حبيبي وجورج طوبي وحنا نقارة (وهم من حيفا) وغيرهم الكثير من الشيوعيين الاصايل الذين لم يتمكنوا من العودة، كسكرتير عام عصبة التحرر الوطني فؤاد نصار"..





* تمايز في الموقف الطبقي – تمايز في الموقف والاداء السياسي!
إن الجهد الذي وضعه السيد ايمن في هذا الجزء المحوري من مقاله، يحمل منطقا داخليا، يمتد على طول مقالته، يؤكد فيه انه في مثل حالة الشعب الفلسطيني، ليس هناك فارق بين الاقطاعي والليبرالي الوطني المتنور والشيوعي. كلهم في الهوى سوى – ليس فقط في استهدافهم من قبل الحركة الصهيونية وانما في ادائهم ودورهم ومصيرهم ومسؤوليتهم، في نهاية المطاف وموقفنا منهم.. ان هذا خلط للاوراق لا يخدم قضية الشعب الفلسطيني ولا يخدم الحقيقة التاريخية والتحليل العلمي.
ان مذكرات "الشيوعيين الاصايل" وادبياتهم تثبت ان وحدة الحال هذه لا فرق بين اقطاعي وشيوعي في "الوحدة التحليلية" ليست دقيقة، ورفيقنا طيب الذكر حنا نقارة – محامي الارض والشعب قد ارّخ لأدق اللحظات التي تعكس المناخ الذي ساد في حيفا (التي توقف عندها السيد ايمن كثيرا)، عشية النكبة وقبل سقوط حيفا، لقد دوّن حنا نقارة، كيف كان الانجليز، عندما يثبت وقف اطلاق النار، يعتلون اسطح العمارات العالية التي يحددونها، ويقومون باطلاق بعض الرصاصات باتجاه اليهود، ورصاصات اخرى باتجاه العرب، فيندلع اطلاق النار بين الجانبين من جديد، ويسقط المزيد من الضحايا العربية، ويستولي الهلع والرعب على السكان فتقوم موجة جديدة من النزوح.
ويصف نقارة تفاصيل اتفاق لوقف اطلاق النار في حيفا، توصل اليه اجتماع شارك هو فيه الى جانب القائمقام رفيق بيضون، مع وفد برئاسة القائمقام بيرغمان. ويصف نقارة تفاصيل التوصل الى اتفاق "يضمن الهدوء وبقاء السكان في بيوتهم، على ان يقرر مصير حيفا لاحقا في اطار ما يجري من حلول نهائية"، ويؤكد نقارة في مذكراته ان الاتفاق كان سيضمن: "ان تبقى حيفا مدينة مفتوحة، وان يبقى العرب في المدينة، ومن شاء منهم الرجوع اليها استطاع ذلك. وبذلك يحافظون على مكانتهم ومركزهم فيها". ويضيف حنا نقارة – بالرغم من قناعتنا بصحة اتخاذ الاجراء، توجهنا الى رئيس اللجنة القومية رشيد الحاج ابراهيم، ونقلنا له الاقتراح، وكان مفهوما انه آت من مصادر عليا. وقلنا: "اذا استمر القتال سينزح الباقون، وتسقط حيفا" ويروي نقارة ان رشيد الحاج ابراهيم كان رجلا عاقلا وحكيما، توجه الى القيادة العسكرية العليا، يستشيرها بالامر، وتم رفض هذا الاقتراح في دمشق، وكان جواب رئيس اللجنة: "حتى لو سقطت حيفا فسنستعيدها فيما بعد".
ويضيف نقارة، ردا على هذه المبادرة لوقف اطلاق النار، كان هناك من "وضع قائمة باسماء 26 شخصية عربية لاغتيالهم، لانهم يسعون الى تهدئة الجو وابقاء السكان العرب في حيفا. ولولا موقف رشيد الحاج ابراهيم الصلب لكانت ابتدأت الاغتيالات في حيفا وذهب ضحيتها الكثيرون، لا ذنب لهم سوى انهم مخلصون لشعبهم ويسعون لانقاذه". وكانت النتيجة ان حيفا سقطت في 22/4/1948 وشرد اهلها ولم يبق منهم بعد الرحيل سوى الف وخمسمائة انسان من اصل ما يقرب ثمانين الفا من العرب.
ويستعرض حنا نقارة تصرف لجنة الطوارئ العربية في حيفا – ويقول: "وبدلا من ان تتحمل لجنة الطوارئ مسؤوليتها وتدعو الاهالي العرب المزدحمين، بالوفهم في منطقة الميناء، في حالة رعب وخوف، للعودة الى بيوتهم ومساكنهم، طلبت من ممثل الجيش البريطاني الذي كان حاضرا الاجتماع، تسهيل نقل من يود النزوح، وتركت الجماهير العربية الحيفاوية لقمة سائغة لمؤامرات الاستعمار والصهيونية".. ويضيف نقارة: لقد كان من الممكن بقاء العرب في حيفا – والاهم من هذا انه لو تم هذا لكان دافعا وحافزا لبقاء غيرهم في مدنهم وقراهم". (حنا نقارة – محامي الارض والشعب ص. 158 – 159).
ان ما ساقه حنا نقارة حول حيفا، لا يعني ان هذه الظروف والمعطيات كانت متوفرة في كل موقع. ولكنها تقول – ان اصحاب القرار، لم يعملوا على انقاذ الشعب الفلسطيني من التشرد والنزوح حيث كان ذلك ممكنا. وانهم بانهزاميتهم ووقوعهم في شرك المخططات الاستعمارية لم يعملوا على اعاقة تفريغ البلاد من شعبها، وان المعركة الاساسية التي استطاعت ان تهزم توازن القوى المهزوز والمؤامرة السياسية، كانت ولا زالت، كما رآها "الشيوعيون الاصايل"، معركة البقاء في الوطن.
ان اسماء "الشيوعيين الاصايل" تساق هنا، كما تساق اسماء شخصيات برجوازية وطنية مثل رشيد الحاج ابراهيم، لتبرئة ساحة قيادات تقليدية رحلت وشجعت على الرحيل قبل ان يتم ترحيلها. وكان الاجدر بالكاتب، ان يعرف اكثر قبل ان يكتب بهذه الحماسة. فالقائد "الشيوعي الاصيل" فؤاد نصار انتقل الى قطاع غزة في شباط 1948، بعد قرار عصبة التحرر الوطني الموافقة على قرار التقسيم، من اجل قيادة المعركة في قطاع غزة، والتي لم تكن القوات المصرية قد دخلتها بعد، لبناء دولة فلسطينية مستقلة بدءا من قطاع غزة، خاصة وان القطاع كان في تلك الايام تحت اشراف لجنة قومية تشكلت من مندوبي الاحزاب السياسية ومنها العصبة ومؤتمر العمال العرب، وكان الشيوعيون العنصر المسيطر فيها.. ومع دخول الجيش المصري الى القطاع، لوحق فؤاد نصار لاعتقاله، وانتقل سرا الى رام الله ونابلس حيث لوحق هناك من قبل الجيش الاردني، وانتقل الى عمان وشارك في تأسيس الحزب الشيوعي الاردني، الى ان اعتقل وزج به في سجن الجفر الصحراوي الرهيب.
ولوحق الشيوعيون من قبل الانظمة العربية، والاستعمار البريطاني، ولم يشفع الجرح الفلسطيني النازف. وزج الامن اللبناني باميل توما في السجن، وحيث حل هؤلاء "الشيوعيون الاصايل" فقد تحركوا يحملون مهمات سياسية، منها تنظيم اللاجئين وحثهم على العودة حيث امكن، او اللحاق بافراد عائلة او اقارب ورفاق لمساعدتهم على العودة الى الوطن. (نمر مرقس – اقوى من النسيان)، ومنها رفض القوات البريطانية (في حالة حنا نقارة) السماح له بالعودة الى حيفا، وتهديده بالقائه في البحر لو اصر على البقاء في المركب العائد الى حيفا، واعلان القيادة العربية العليا تحويل عكا التي كانت تعج بالعائلات الى قاعدة حربية، وطلبها مغادرة النساء والاطفال لعدم عرقلة العمليات العسكرية. وكان حنا نقارة في لبنان، يحرض اللاجئين على تنظيم مسيرة العودة عبر الحدود اللبنانية، والتي اعتبرها رئيس الحكومة اللبنانية عملا لا يستطيع لبنان تحمله او القبول به. كما وصف حنا نقارة في مذكراته (حنا نقارة محامي الارض والشعب).





*عصبة التحرر الوطني ("الشيوعيون الاصايل") والموقف النقدي الشجاع!
في كراس اصدرته عصبة التحرر الوطني في ايلول العام 1948 في حيفا بعد قيام اسرائيل للاجابة على السؤال "لماذا يجب ان نناضل في سبيل الدولة العربية الفلسطينية" وتحت عنوان داخلي: "طريق الحرية والحياة – طريق الشعب"، جاء:
"انما القضية انهم اسلموا قيادهم لزعامة نفعية، انانية، رجعية، ضللتهم واوهمتهم بهتانا وغررت بهم، وساقتهم من فشل الى فشل اشد منه خطرا، ومن هوة الى هوة اشد منها سحقا.
"ليس الاستعمار وصنائعه الرجعيون العرب واليهود، وقادة الحركة الوطنية والرجعية الحاكمة في البلاد العربية، هم وحدهم المسؤولين عن هذه الكارثة، التي حلت بالمجتمع العربي الفلسطيني، وإن كان هؤلاء يحملون اكبر العبء في المسؤولية. اننا نحمل الكثير من العناصر الوطنية المخلصة، عناصر المتنورين والمثقفين قسطا ليس بقليل من المسؤولية. وذلك لأنهم ادركوا مغبة السير وراء قيادة لا تعتمد على الشعب، بل على حراب المستعمر، وتختط سياسة لا تستهدف الدفاع عن مصالح الشعب، بل عن مصالح المستعمر، فأغمضوا اعينهم عما رأوا، واكتفوا بالاحتجاج المكبوت المخفي او قبعوا في دورهم، لا يتدخلون في امر ولا يقوّمون منكرًا".
"ونحن نحمّل انفسنا، عصبة التحرر الوطني، قسطا من المسؤولية. وذلك للخطأ الذي ارتكبناه عند وضع سياستنا في الوحدة الوطنية.. ان مطالبتنا بوحدة وطنية "تامة" تضم قيادة الحركة الوطنية (التقليدية ع.م) مع العناصر الوطنية المخلصة، كان في الواقع تغطية لخيانة تلك القيادة التي كان من واجبنا ان نكشف حقيقتها امام الجماهير بكل صراحة وبكل جرأة، حتى نبعدها عن قيادة الشعب ونمنعها من اقتراف جرائمها المنكرة".
"كان بامكان شعبنا ان يتجنب هذه المأساة المفجعة التي نجح المستعمر في جرها على شعبنا. وقد رسم حزبنا – عصبة التحرر الوطني – الطريق الى ذلك"..
"ان هذه الطريق، هي النضال في سبيل اقامة دولة عربية في القسم العربي من فلسطين، على اساس قرار منظمة الامم المتحدة – دولة مستقلة، دمقراطية تقوم على اساس التفاهم والتعاون بين الشعبين العربي واليهودي، تلك هي الطريق لانقاذ المجتمع العربي الفلسطيني مما يتهدده من فناء وانقراض، تلك هي الطريق للقضاء على الاستعمار، ليس في فلسطين فقط بل في جميع انحاء الشرق العربي ايضا".





* لا تعتبوا: ففي كل شعب ثقافتان قوميتان واحدة بروليتارية أممية – وواحدة برجوازية!ويبقى ان من حق من يريد ان يرفض تحليلنا في ان النكبة قد ابقت في المؤخرة، الاقسام المستضعفة من المجتمع الفلسطيني، عديمي الحيلة، الاكثر فقرا، وليس الشرائح البرجوازية وبقايا الاقطاع، وان يرفض المعطيات التي سقناها حول حقيقة التركيبة الطبقية، لقوة العمل العربية في اسرائيل، والتي كانت الغالبية الساحقة منها لا تزال في العام 1976، شرائح مستضعفة، وطبقة عاملة غير مهنية، وفلاحين صغارًا مع شرائح رقيقة من المثقفين والمهنيين ينتمون الى الطبقة المتوسطة الناشئة.
ومن حق من يريد ان يتجاهل المعطيات التي اوردناها حول تركيبة قوة العمل العربية في اسرائيل، وفق احصاءات العام 2005، التي تثبت انه بالرغم من كل المتغيرات، وربما بسبب كل المتغيرات، فلا يزال 55% من العاملين العرب عاملين عربا غير مهنيين، (طبقة عاملة مسحوقة) ولو اضفنا اليهم العاملين في مجال الخدمات لوصلوا الى 64% من العاملين العرب.
ان من حق السيد ايمن ان يرفض "ادعاءنا" ان هذه البنية منذ البداية، وحتى اليوم، لا زالت تفسر، سهولة التفاعل والتداخل الذي يهمنا ونعمل على تقويته، بين الحزب الشيوعي، وبين هذه الاقلية القومية ذات الطابع الطبقي العمالي. لقد قبلت هذه الجماهير تاريخيا قيادة هذا الحزب لقضاياها طبقيا ووطنيا، واحتضنت تحليلاته واستراتيجيته ومنطلقاته الاممية والدمقراطية. فهذا الحزب لا يغامر ولا يقامر بهذه الجماهير، وهذه الجماهير تعلمت بالثمن الباهظ، انها لا تفرط بهذا الحزب وبطريقه.
فلا تعتب علينا عندما نتمسك بوجود ثقافتين قوميتين في كل قومية. ونحن ندعو الى التحزب للثقافة القومية الوطنية.

(يتبع)




#عصام_مخول (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جدلية المعركة على السلام والمساواة والدمقراطية العميقة!
- أطروحات الحزب الشيوعي في المسألة القومية – حالة الجماهير الع ...
- أطروحات الحزب الشيوعي في المسألة القومية – حالة الجماهير الع ...
- من العبث تحميل الفلسطينيين مسؤولية ضمان يهودية دولة اسرائيل!
- فشل استراتيجية بوش- يجعله اكثر خطرا
- حزبنا الاممي اليهودي العربي يشكل موضوعيا الجواب والامل والمس ...
- غيوم الخريف- وخريف الرئيس بوش!
- من مجزرة كفر قاسم إلى -تحرك أم الفحم-! دور الحزب الشيوعي في ...
- التجربة النووية الكورية الشمالية: بين نظرية الأمن الأمريكية ...
- لا بشائر حقيقية دون وقف العدوان - لإطلاق سراح الشعب الفلسطين ...
- انطلقوا.. نخترق واياكم جدران الفصل العرقي
- الإنتخابات لم تخرج إسرائيل من الأزمة السياسية والإجتماعية-ال ...
- عرب 30 اذار 1976 تغيّرنا فانجزنا يوم الارض وعندما انجزنا يوم ...
- السياسة الإسرائيلية مصابة بانفلونزا الطيور ان لم تحاصرها حاص ...
- المعركة الانتخابية فرصتنا لابراز تميز بنيتنا اليهودية-العربي ...
- ذاهبون لننجز - دَعَوْنا تاريخيا لوحدة الصف الكفاحية في تميزه ...
- التغيير في رئاسة حزب -العمل- فرصة لتوسيع تأثير الحزب الشيوع ...
- على معسكر السلام أن يتحرك! إستراتيجية الحزب إزاء تعمق الأزمة ...
- ألمطران ريا – كان رجل دين ورجل وطن، لا يكتمل الاول الا بالآخ ...
- ألطيبة: حالة مريضة نحن نوفر لها طبيبا ماهرا!


المزيد.....




- الديمقراطيون لا يمتلكون الأجوبة للعمال
- هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال ...
- الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف ...
- السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا ...
- بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو ...
- حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء ...
- الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا ...
- جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر ...
- بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
- «الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد ...


المزيد.....

- الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) / شادي الشماوي
- هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي ... / ثاناسيس سبانيديس
- حركة المثليين: التحرر والثورة / أليسيو ماركوني
- إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات ... / شادي الشماوي
- المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب - ... / شادي الشماوي
- ماركس الثورة واليسار / محمد الهلالي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عصام مخول - نحن ندعو الى التحزب للثقافة القومية الوطنية مواقف الحزب الشيوعي واداؤه في المسألة القومية عصيّة على التشويه - الجزء الاول