|
مؤشرات التطور الاقتصادي والاجتماعي في إسرائيل
سالم جبران
الحوار المتمدن-العدد: 1808 - 2007 / 1 / 27 - 12:02
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الفقراء يزدادون عدداً وفقراً والطبقة الاحتكارية تزداد غنىً أُسطورياً! صدر مؤخراً بحث مثير أعده البروفسور شلومو سبيرسكي رئيس معهد "إدفا" للدراسات الاقتصادية والاجتماعية يتناول بالتحليل العلمي المتتابع خلال سنوات المبنى الطبقي والاجتماعي في إسرائيل واتجاهات تطوره، خلال السنوات الخمس الماضية. والاستنتاج المركزي في هذا البحث الهام، هو: تقلص الطبقة الوسطى عددياً ووزناً اقتصادياً مقابل زيادة تركز الثروة الخيالية لدى الطبقة الرأسمالية الاحتكارية العليا في المجتمع الإسرائيلي . ويقول البروفسور سبيرسكي إن هذا التطور الاحتكاري ليس جديداً، ليس وليد السنوات الأخيرة، فقط، فالاتجاه في العشرين سنة الأخيرة، هو التطور الاحتكاري وتركز المزيد والمزيد من الثروة في أيدي الطبقة الرأسمالية الكبيرة الاحتكارية. ويقول سبيرسكي إن الطبقة الوسطى هي القوة الاجتماعية الرئيسية، وهي كلما نمت وزاد نشاطها الاقتصادي كلما دل ذلك على حيوية الاقتصاد ونجاحه. بينما تركز الثروة بشكل حاد في أيدي الطبقة البرجوازية الكبيرة الاحتكارية يكون عادة انعكاساً للاستقطاب الحاد، وكلما زاد غنى الطبقة الاحتكارية العليا زاد الإفلاس بين قطاعات من الطبقة الوسطى وزاد الفقر في الطبقة الدنيا في المجتمع. " إن الطبقة الوسطى –قال سبيرسكي- هي الطبقة التي تقدم قوة عاملة مهنية، عادة أكاديمية. وهي طبقة تدفع الضرائب حسب القانون بينما لا تأخذ مساعدات اجتماعية. كذلك فإن الطبقة الوسطى هي قوة استهلاكية هامة جداً في المجتمع، مما يسرِّع تطور عجلة الاقتصاد". وحول ملامح الطبقة الوسطى في إسرائيل يقول الدكتور جوني غال من كلية العمل الاجتماعي في الجامعة العبرية في القدس: "عادة يجري الحديث عن زوجين كلاهما يعملان، أكاديميان، يعملان في وظيفتين جيدتين مع دخل جيد وهما يسعيان باستمرار للتطور المهني وتحسين ظروف الحياة والسكن وهي عائلة تستهلك استهلاكاً جيداً، وتدفع الضرائب والمخصصات بانتظام بدون مشاكل. الطبقة الوسطى تتركز بأغلبتها في منطقة الساحل، بين حيفا وتل أبيب، وهي عادة أشكنازية (يهودية غربية). اليهود الشرقيون قلائل والعرب، تقريباً غير موجودين فيها. بين الطبقة الوسطى تكثر المهن الحرة أو الوظائف العالية في جهاز الدولة الحكومي. ويقول الدكتور غال: كلما اتسعت الطبقة الوسطى وزاد وزنها ونشاطها كان ذلك دليلاً على النمو الاقتصادي المتكافىء، بينما ما يحدث هو تركز متزايد للثروة في يد القشرة البرجوازية الاحتكارية العليا وتناقص عدد الطبقة الوسطى، وسقوط فئات من الطبقة الوسطى إلى الطبقات الشعبية الفقيرة. ويقول البروفسور سبيرسكي إن الطبقة الوسطى تقلصت ليس فقط عددياً بل أيضاً من حيث إسهامها في ميزانية الدولة. فقد كان الإسهام، حتى ما قبل 7 سنوات 28 بالمائة من مداخيل جهاز الدولة وتناقص إلى 21 بالمائة فقط، والاتجاه هو الهبوط والمزيد من الهبوط. وقد نقصت نسبة الطبقة الوسطى ب3 بالمائة، من 607 ألف عائلة إلى 570 ألف عائلة. مقابل ذلك الملاحظ تماماً هو زيادة غنى الطبقة العليا، مع استمرار العملية الاقتصادية الاحتكارية. فقد زادت مداخيل الطبقة الاحتكارية العليا من 58 بالمائة من الإنتاج القومي العام إلى 66 بالمائة من الإنتاج القومي العام. وبطبيعة الحال، فقد كان لذلك مردود سلبي على الطبقة الوسطى، وأيضاً زيادة الفقراء والمعوزين وزيادة البطالة وأزمة السكن وعجز العائلات الفقيرة عن ضمان العيشة الكريمة حتى بشكل متواضع جداً. ويقول البروفسور سبيرسكي إن المقارنة مع الدول الغربية تكشف التطور الاحتكاري والمشوه في إسرائيل، فبينما حصة الطبقة الوسطى في السويد 47 بالمائة، وفي النرويج 46 بالمائة، وفي ألمانيا 43 بالمائة وفي كندا 37 بالمائة وفي تايوان 36 بالمائة، وفي إسبانيا 33 بالمائة، وفي بريطانيا 32 بالمائة، وفي الولايات المتحدة الأمريكية 29 بالمائة، فإن الطبقة الوسطى في إسرائيل هبطت إلى 28 بالمائة، بينما كانت في الثمانينات من القرن الماضي في حدود 45 بالمائة. ويقول معدو هذا البحث الاجتماعي الهام إن الدولة تقلل سنة بعد سنة من مسؤولياتها الاجتماعية المباشرة، تقلل من الدعم (السوبسيديا) للطبقات الفقيرة وتقوم بعملية خصخصة واسعة لشركات ومؤسسات تصبح ملكاً للطبقة الاحتكارية وعندها يقل الاهتمام الاجتماعي بالشعب مقابل سعي الطبقة العليا إلى الغنى والربح. ويقول البحث إنه رغم النظام الديمقراطي الغربي، فان الثروة الأساسية في يد الطبقة العليا أغلبها في أيدي اليهود من أصل غربي، كما أن الطبقة الوسطى أغلبها من الغربيين، بينما اليهود الشرقيون أكثريتهم من الطبقات الدنيا، وطبعاً العرب كذلك. فعند العرب في إسرائيل أكثر من 54 بالمائة من الناس "تحت خط الفقر" وفي النقب حيث يعيش القطاع البدوي من العرب 65 بالمائة تحت خط الفقر.كما أن البطالة التي تصل إلى 8 بالمائة من قوة العمل تتركز كلها عند الطبقة الشعبية الفقيرة، وتصل عند العرب إلى حوالي 25 بالمائة من قوة العمل العربية. وقد تقلصت في السنوات الأخيرة المخصصات الحكومية لدعم الفقراء والمحتاجين والكهول، كما تقلصت القيمة الشرائية للمعاشات. إن الدولة حين تدَّعي أنها ستقلل "التدخل في الاقتصاد" تقصد فعلياً: تقليص ووقف الدعم للطبقات الفقيرة والشعبية والعاطلين عن العمل، وتحولها إلى جهاز دولة في خدمة الاحتكارات الإسرائيلية والأجنبية. ومن الحقائق الصارخة المرافقة لهذا التطور زيادة الفساد الاقتصادي والسرقات والرشوات في الجهاز الحكومي على كل المستويات، وتقوم الشرطة بالتحقيق مع مئات الشخصيات المفتاحية في جهاز الدولة والاقتصاد بتهم الرشوة، بينهم وزراء وموظفون كبار في الجهاز الحكومي. وفي إحصائية حول توزيع الثروة في نهاية عام 2006 يتبين ما يلي: الطبقة العليا زادت حصتها من الدخل العام للدولة من 58.2 بالمائة إلى 65.5 بالمائة، الطبقة الوسطى نقصت حصتها من27.9 بالمائة إلى 21.1 بالمائة، الطبقات الشعبية الفقيرة نقصت من 13.9 بالمائة إلى 13.4 بالمائة بين المقولات الصهيونية الراسخة جداً القول: "كل اليهود أخوة". أما في الحقيقة وعلى أرض الواقع فالأغنياء أغنياء والفقراء فقراء وكل الشعارات الديماغوغية هي للتخدير وللضحك على الذقون.
#سالم_جبران (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من أين لك أربعة مليارات دولار، يا سماحة الشيخ؟!
-
كيف يفكر الفلسطينيون داخل إسرائيل
-
فيلم وثائقي إسرائيلي..أثار عاصفة -يوسف نحماني..وسقوط طبريا!:
-
في المالية الإسرائيلية..فضائح كبرى وحامي الخزينة-حراميها!
-
لبنان نموذج حضاري متقدم للأمة العربية.. فهل يهدمونه؟!!
-
نهاية الطاغية..تحذير لبقية الطغاة!
-
هروب الأدمغة من العالم العربي
-
حول الفساد في العالم العربي: السمكة تفسد من الرأس!
-
أنظمة البطش والتخلف واللصوصية-مسؤولة عن فقر الشعوب العربية!
-
الأسد -معتدل- و-حضاري- مع أولمرت فلماذا هو بلطجي بالتعامل مع
...
-
حزب العمل الإسرائيلي أزمة قيادة..وأزمة طريق!
-
ابتهجوا يا عرب : اللغة العربية ألا تواجه خطر الانقراض!
-
مؤتمر إنكار المحرقة اليهودية-في إيران هل يخدم، حقاً، قضية فل
...
-
!كارثة التخلف الاقتصادي الأساس للتطرف الديني!
-
المتعصبون المتطرفون فقط-يخافون من الحوار والتفاعل
-
البيان الختامي للإتحاد العام للأدباء مثل بيان ختامي لوزراء ا
...
-
الدفاع عن سيادة لبنان الديمقراطي دفاع عن كل المستقبل العربي
-
لمواجهة قوى التطرف الديني والاستبداد
-
لا قيمة للإنسان وحياة الإنسان
-
ربيع الثورة يعم أمريكا اللاتينية
المزيد.....
-
دام شهرًا.. قوات مصرية وسعودية تختتم التدريب العسكري المشترك
...
-
مستشار خامنئي: إيران تستعد للرد على ضربات إسرائيل
-
بينهم سلمان رشدي.. كُتاب عالميون يطالبون الجزائر بالإفراج عن
...
-
ما هي النرجسية؟ ولماذا تزداد انتشاراً؟ وهل أنت مصاب بها؟
-
بوشيلين: القوات الروسية تواصل تقدمها وسط مدينة توريتسك
-
لاريجاني: ايران تستعد للرد على الكيان الصهيوني
-
المحكمة العليا الإسرائيلية تماطل بالنظر في التماس حول كارثة
...
-
بحجم طابع بريدي.. رقعة مبتكرة لمراقبة ضغط الدم!
-
مدخل إلى فهم الذات أو كيف نكتشف الانحيازات المعرفية في أنفسن
...
-
إعلام عبري: عاموس هوكستين يهدد المسؤولين الإسرائيليين بترك ا
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|