يتحتم على الناقد المسرحي أن يُلمّ ببعض مفاهيم ألإبداع المسرحي قبل الولوج في كتابته النقدية لأي عمل مسرحي0فمن المعروف لدى العاملين في حقل المسرح ، أن أي عرض مسرحي لا يتشابه مع عرض آخر لنفس المسرحية في ألأيام ألأخرى للعرض ، مرتبطة بالحالة النفسية لكل العاملين في هذا العرض والذي بإختلافه مهما كانت نسبته ضئيلة سيؤثر بالتالي على مجريات العرض المسرحي00هذا إذا كنا نتحدث عن العرض المسرحي التقليدي والذي يذهب الناقدون الى تحليله وفق القواعد المعروفة والمتبعة في أنواع النقد المسرحي0 ولكن ماذا يمكن للناقد أن يقول في العروض المسرحية التجريبية والتي لا ترتبط بكثير من هذه القواعد المسرحية ؟
إن ألإبداع المسرحي الذي يظهر في العروض المسرحية التقليدية تؤدي بالتالي الى دراسة مستوى العرض المسرحي ومدى نجاحه ، ولكن في العروض المسرحية التجريبية ، يتحتم على كل العاملين في هذه العروض أن يلموا بكثير من ألإبداع المسرحي والوعي بدرجة عالية لما يفعلوه وبناء مستوى راقٍ من العرض المسرحي التجريبي الذي يؤهله فيما بعد للوقوف بمصاف العروض ألإبداعية00وبلا وعي وإبداع لا يوجد عرض مبدع ومبهر00
وحينما نشاهد عرض مسرحي تجريبي بإستخدام أي حقل إبداعي فيه سواء في التمثيل او ألإخراج او ألأزياء او الديكور او التكوينات التصويرية او ألأفكار 000الخ من مستلزمات العرض المسرحي التجريبي ، فإن أي حقل فيها او بكليتها ألإبداعية سوف تضع الناقد المسرحي في موقف حرج لا يستطيع فيها أن يقيِّم هذا العرض لعدم إرتباطه بأي قواعد مسرحية معروفة00وهنا تدخل إشكالية النقد المسرحي لمثل هذه العروض حين تتعارض قواعد هذه العروض مع قواعد مسرحية معروفة لا يستطيع بالتالي الناقد المسرحي من ان يقدِّم تحليلاً نقدياً لها ، لكنه يعتمد - وهذه نقطة مهمة جداً - في نقده المسرحي على قواعد شخصية في التحليل تؤدي بالتالي للولوج في النقد المسرحي ألإنطباعي00
وإذا أقررنا ان النقد المسرحي ألإنطباعي هو المتبع في نقد عروض مسرحية تجاربية ، هذا يعني أننا نقرر ألاّ نعتمد على اي كتابة نقدية واحدة لهذا العرض بل في متابعة العرض نفسه شخصياً وقراءة كل ماكتب عن هذا العرض من نقود مسرحية ومقابلة طاقم العمل المسرحي نفسه وتثبيت آرائهم حول عملهم وبالتالي تحليل لبعض صور العرض ، حينها فقط يمكن لأي باحث مسرحي من وضع خطوط أساسية لتحليل ونقد هذا العرض المسرحي0ولا نعتقد أن مثل هذه المهمة سهلة ويمكن إقرارها ذلك لأن معظم العاملين في النقد المسرحي لا يُقرّون إلاّ بما تُملى عليهم إبداعاتهم الكتابية00
عبد الفتاح مرتضى
1998