أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - الشهبي أحمد - حكايات الهدوء النبيل في زمن الاضطراب: تأملات الناصر التومي في رواية أحمد طايل














المزيد.....

حكايات الهدوء النبيل في زمن الاضطراب: تأملات الناصر التومي في رواية أحمد طايل


الشهبي أحمد
كاتب ومدون الرأي وروائي

(Echahby Ahmed)


الحوار المتمدن-العدد: 8352 - 2025 / 5 / 24 - 17:19
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


أحمد الطايل يرسم بأريحية كبيرة عالم الثلث الأول من القرن العشرين بمصر في ريفها وبين عائلاتها الثرية والفقيرة حياتهم وعلاقاتهم أفراحهم وأتراحهم دون تنغيص تلك الحياة بمآسي وفواجع باستثناء أحداث الموت الطبيعية التي يتقبلونها كقضاء وقدر.
تخللت مراحل الروايات خمسة عناوين فرعية :
ـ مكي سكّة.
ـ محمد عيسوي مفتاح الشهير بالبرنس.
ـ رشوان جابر الصعيدي.
ـ حفيد الباشا.
ـ عيد ميلاد ميت.
ومن خلال هذه العناوين المتضمنة لأسماء وشخوص المحركة لتفاعلات وأحداث الرواية فقط "المكي سكة" كان همزة وصل لا غير بين "رشوان" و"محمد العيسوي" بينما تربّع البقية على وقائع الرواية. ومن خلال هذه الأسماء نستشف أن العمل هو رواية شخوص تعارفوا وتصادقوا وتآخوا فكتبوا مسيرة عبقة بالوفاء لبعضهم البعض في غير طمع ولا جشع يجمعهم النبل والقيم الإنسانية السّامية.
الرواية تخللتها حكايات جانبية من بعض شخوصها وهي تقنيات أحبذها في العمل الروائي فهي تثري العمل بحكي جديد يقطع مع تسلسل الرواية ويفتح نوافذ من الآفاق للقارئ ما كان ينتظرها.
وما يلفت الانتباه تعدّد الأصوات والضمائر في الرواية ضمير الغائب فضمير المتكلم وتقع مراوحة وتداول السرد بينهما وإن طغى ضمير المتكلم وساد وهيمن محمّلا لنا الماضي من الأحداث والذكريات حلوها ومرها ولعل بعضها جاء مؤثرا مثل لوعة موت زوجة صغيرة السن مما جعل رجلها يهجر قريته ويسعف بنجدة أحدهم من الأثرياء. ويفرّ آخر من سلطة الأنقليز فيلتقيه ثري في الطريق فيهدئ من روعه ويقربه منه ويؤنس وحدته ويكرمه ويقبله للعمل عنده معززا مكرما.
وفد أفضى هيمنة ضمير المتكلم على الرواية حميمية تتناغم مع طابع الرواية المبنية عل الفضائل والقيم النبيلة فهذا الأنا قادر وحده على البوح بأعماق النفس الشفّافة البريئة المعطاءة أفضل من بقيّة الضمائر لذلك استعملته في أهم رواياتي وأنجذب إلى أي عمل روائي بني على هذا الضمير الكاشف للمكنونات والأسرار المتخفية في ثنايا القلوب.
زمن أحداث الرّواية لم يكن مستقيما خطيا استغل الكاتب علاوة على تعدّد الأصوات وتقنية الاسترجاع من قبل هذه الأصوات لتقصّ حكاياتها الجانبية والتي تؤلّف مع بقيّة الأحداث هيكل الرواية الكامل. وقد تستغرب قبل أن تنتهي من القراءة ما دور هذه الأحداث الجانبية لكن في النهاية تكتشف أنها صلب العمل الروائي لكن ارتأى الكاتب أن يتلاعب بالقارئ ويبعث فيه التساؤل والدهشة وينشّط ذاكرته فقط ليخرجه من كلاسيكية زمنية الأحداث الخطية المستقيمة إلى أخرى مراوغة ملاعبة وهي تقنية حديثة في العمل الروائي.
استهل الكاتب روايته " عيد ميلاد ميّت " بعتبة تلخّص مضمون أحداث الرّواية ومتناغمة مع رمزيتها نستشف منها إصرار الكاتب على الحياة العليّة بالفضائل والنبل جاعلا إياها هي الحياة الحقّ حتى ولو كان أهلها قد واراهم التّراب ويعتبر بعض الأحياء من شذّوا عن طوق سرّ الحياة أموات:
هناك من البشر من يظل حيا لعقود بعيدة المدى، المواقف الجادّة والمؤثرة هي أساس البقاء، فلنبحث عما يجعلنا أحياء. هناك أحياء فوق الأرض أموات، وهناك أموات تحت الأرض أحياء.
وفي النهاية أيضا جعل من بيتي شعر تحملان نفس مضمون العتبة العبقة بالرفع من الروح المعنوية فهو يعلي من شأن الفضائل ويسفّ نقيضها الموت.
كم مات قوم وما ماتت مكارمهم
وعاش قوم وهم في الناس أموات.
الرواية مفتقرة لعمود فقري يشحنها بطاقة من الصّراع الوجودي إما للمقاومة ضدّ الانقليز أو نتيجة ثأر أو تسلط عائلة ثرية أو تمرد عائلة فقيرة وتتوحّد مراحل الرواية وشخوصها حولها إلى النّهاية وهذا مما يشحنها بتصعيد درامي يشدّ القارئ إلى الآخر. ففي العصر الحديث الرواية مطالبة بأن تواكب الأعمال الدرامية في السينما والتلفزيون وحتى على أمواج الأثير وهذه المواكبة تتطلب حدثا غير عادي يخرج عن المألوف كما أسلفنا ثأرا أو نضالا أو مأساة يشارك في خضمها أغلب الشخوص ينتهي إما بانفراج أو انفجار وتلوح من ذلك عبرة ودهشة، لذلك فإن ميلاد ميت في حاجة إلى مثل هذا الحدث الرئيس الذي يجمع حوله الشخوص والأمكنة والأزمنة والتي تتطلبه الأعمال الدرامية، و لعل أديبنا أحمد الطايل رأى أن يريحنا من مثل هذه الأحداث المؤلمة إلى أخرى بديلة تريح النفس وقد تؤثر فينا إلى حد البكاء.

بقلم الناقد الأدبي التونسي: الناصر التومي



#الشهبي_أحمد (هاشتاغ)       Echahby_Ahmed#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -الوقوف على عتبات الأمس-: كتابة ضد النسيان في زمن القطيعة
- -المتشابهون-: احتجاج ناعم على صمت الأجيال
- قراءة في -عيد ميلاد ميت- لأحمد طايل: حين يتحوّل الموت إلى طق ...
- حين يرقص التعليم على جراحه
- الوطن ككابوس وحلم: تأملات في تناقضات الرواية المغربية «الوطن ...
- حين انفجرت الدار البيضاء... واهتزّ قلب الوطن
- -الطلياني: عندما يصبح العقل آخر ملاذ للبقاء- ـ قراءة نقدية و ...
- الأستاذ... من القسم إلى تيك توك
- حين تُطل الحرب من نافذة كشمير: العالم على حافة الزر النووي
- الكيان الصهيوني: مشروع اغتصاب لا وطن
- الجابري... عقل لا يُنسى
- في حضرة صاحبة الجلالة
- شكراً بنكيران… لقد بلغت من الشعب مبلغ الميكروبات
- طنجة: مرآة الروح المكسورة - قراءة نقدية وتحليلية لرواية -الس ...
- ربة البيت: عاملة بلا أجر في وطن لا يعترف بها
- العيد الذي لا يخص أحدً
- مفقوص على الأساتذة؟ ليتك وقفت معهم بدل أن -تتألم-
- نقابتنا العزيزة... رفيقة درب الأتراك
- ملتحٍ؟ إذن أنت مشتبه فيه
- حين يُمسك التراب بالذاكرة: قراءة في وجع الإنسان وهشاشة المصي ...


المزيد.....




- مليارديرات وميليشيات وحقوق تعدين.. من قلب صفقة ترامب الجديدة ...
- مسؤول في -حماس- يوضح لـCNN مدى -جدية واستعداد- الحركة لاتفاق ...
- المحكمة العليا البريطانية ترفض دعوى لوقف تزويد إسرائيل بقطع ...
- ما تداعيات الحكم الجديد الصادر بحق المحامية التونسية سنية ال ...
- قراصنة يهددون بنشر رسائل بريد لمساعدي ترامب وأميركا تتهم إير ...
- وفد أوروبي بكفر مالك يدعو لوقف اعتداءات المستوطنين بالضفة
- نتنياهو يترأس اجتماعا أمنيا ثلاثيا وواشنطن تؤكد أولوية صفقة ...
- -لسنا جمهورية موز-.. كيف قوبلت دعوة ترامب لوقف محاكمة نتنياه ...
- المقاومة ترفع تكلفة -عربات جدعون- والاحتلال يمهّد للانسحاب
- لماذا تتركز كمائن المقاومة في -عبسان الكبيرة- بخان يونس؟


المزيد.....

- قراءة تفكيكية في رواية - ورقات من دفاتر ناظم العربي - لبشير ... / رياض الشرايطي
- نظرية التطور الاجتماعي نحو الفعل والحرية بين الوعي الحضاري و ... / زهير الخويلدي
- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - الشهبي أحمد - حكايات الهدوء النبيل في زمن الاضطراب: تأملات الناصر التومي في رواية أحمد طايل