-مُحصَنَٰتٍ غَيرَ مُسَٰفِحَٰتٍ وَلاَ مُتَّخِذَٰتِ أَخدَانٍ-

سمير إبراهيم خليل حسن

الحوار المتمدن-العدد: 1807 - 2007 / 1 / 26 - 11:51
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

"مُحصَنَٰتٍ غَيرَ مُسَٰفِحَٰتٍ وَلاَ مُتَّخِذَٰتِ أَخدَانٍ"

إنه لمن ٱلمحزن للمرء أن يتلوا تلك ٱلتعليقات ٱلتى صبّ أصحابها ٱستنكارهم على مقالى "نكاح ٱلمؤمنين" وهم يصفون أنفسهم بٱسم قرءانيّين ويعلنون عن قطع صلتهم مع كلِّ قول فى ٱلدين من خارج ٱلقرءان. ومع ذلك فهم يتسابقون إلى ٱستنكار ما جآء لى من قول مسئول تدفعهم قوّة مفاهيم مَن أعلنوا عن قطع صلتهم بهم. وجميعهم يعلنون أنّ فهم قول ٱلقرءان لا يُقبل من دون سند سلفىّ يُرجع إليه.
ومن هذه ٱلتعليقات ٱلمستنكرة ما جآء مؤيدا لمقال ٱلأخ فوزى فراج "ما بين فريضة الصلاة وفريضة البغاء". فٱلجميع يحبّ ٱلعاجلة ويعفى نفسه من ٱلبحث وٱلنظر فيطلب مرجعا للقول إذ لا مسئولية لأىٍّ منهم فى قول.
ٱبن خالويه ٱلفارسىّ كان قد تحمّل مسئولية ٱلقول فيما تدلّ عليه ٱلكلمات ٱلعربية ورأىۤ أنّ ٱلبغآء هو ٱلزنى. فجآء ٱلأخ فوزى فراج وأخذ بما قاله ٱبن خالويه: (.. وقال ابن خالويه: البِغاءُ مصدر بَغَتِ المرأَة بِغاءً زَنَت،...) وألقى بٱلمسئولية عليه وعفى نفسه من مسئولية ٱلبحث فى ٱلدليل.
كما رأى فيما جآء فى ٱلقاموس ٱلعربى من أنّ كلمة بغاۤء تدلّ على دعاره فوثق بٱلقول من دون تفكير ولا تدبير. وعرض لما يظنّه تحويلا للكلمة إلى ٱلانجليزيه ويصدّقه فقال: (تأتى فى معانى كثيره, سأعرض نماذجا منها: Fornication ومعناها: بِغَاء, خَلَاعَة, دَعَارَة, دِعَارَة, زِنًى, سِفَاح, عَهْر, فاحِشة, فُجُور, فَحْشاء, فِسْق, فُسُوق, قاذُورَة, مُوبِقَة). فعنده كلّ هذه ٱلكلمات بدليل واحد وفق ٱلمثل "كلو عند ٱلعرب صابون".
وهو بسنده على ٱبن خالويه وغيره من ٱلسلف وٱلخلف يبيّن ذريعة للهروب من مسئولية ٱلفهم وٱلاتباع. فقد علّق علىۤ أعناق موتى مسئولية ما يتبع وهو حىّ وبذلك فهو لا يقبل لأحد من بعد ٱلسلف أن يكون له قول مسئول فى فهم دليل ٱلكلمات ٱلعربية.
أما عن خطِّ كلمة قرءان فيبدو أنّ ٱلأخ فوزى لم ينظر فى خطِّ ٱلقرءان إلا عبر نسخٍ بخطِّ ٱللّغة ٱلفصحى على ٱلانترنيت. وهو يعترض على تسميتى له بٱلبلاغ ٱلعربىّ من دون أن يدرى ما ورآء ذلك. وهو يظن أن ٱلقول ٱلعربى:
"بلسانٍ عَرَبىٍّ مُّبينٍ" 195 ٱلشعرآء.
هو لسان ٱلقوم. فهو لم ينظر بمسئولية فى ٱلقول ٱلعربىّ:
"ولقد نعلم أنهم يقولون إنّما يعلمه بشر لسان ٱلذى يُلحدون إليه أعجمىّ وهذا لسان عربىّ مبين" 103 ٱلنحل.
ليعلم أن ٱلذى يلحدون إليه هو من قوم ٱلرسول ويتكلم بلسانهم سوآء ءكان (كما يقول ٱلظّانُّون) أنّه ٱلقرشىّ ورقة ٱبن نوفل أو ٱلفارسى سليمان ٱلفارسى أو ٱلشامىّ ٱلراهب بحيرة وٱلثلاثة يتكلمون بلسان ٱلقوم. إذن كيف يكون لسان ٱلذى يلحدون إليه أعجمىّ وهو لسان قوم ٱلرسول ولسان ٱلقرءان عربىّ مبين؟
وأسأله لماذا لا يستنكر خطى جميعه وهو يختلف عمّا تعلمه من خطٍّ؟

مقالى هذا هو تعقيب على ٱلحوار ٱلجارى على مقال "نكاح ٱلمؤمنين" وليس كما يظنّ أنه نهاية للحوار. ولكن من دون دخول فى تعليقات وردود يتخذ ٱلبعض منها وسيلة للظهور بموقف ٱلمدافع عن ٱلدين فى هيئته ٱلتابعة لموتى. كذلك بسبب ٱلاختلاف ٱلكبير بين ٱلِّسان ٱلذىۤ أتبع ولسان ٱلمعلقين وأصحاب ٱلردود ٱلذين لا يفرقون بين دليل كلمة زنى وكلمة بغآء.
لقد قال ٱلأخ Hassan Omar فى تعليقه أنّه بحث عمّن أتبع فى منهاجى ٱلذى لم يفهم منه شيئا. وعندما وجدنى لاۤ أتبع أحدّا ورأى حجم مسئوليتى عن فهمى وقولى وما يتطلب منه من جهد فى ٱلبحث وٱلتفكير خرج بإعلان إسلامه لما تعوّد عليه.
وٱستنكر ٱلأخ عثمان على ٱعتمادى على فهم ٱلِّسان ٱلعبرى فقال مستغربا: (والغريب ايضا انه يعتمد فى فهمه على القاموس العبرى فى فهم اللسان العربى ثم يعتبر ان فهمه نابع من فهم القرآن. ولكم ان تراجعوا مقالته المذكوره وردوده فستجدون انه يكتب معنى بعض الكلمات باللغة العبريه. ويعتبر ان طالما معناها هكذا بالعبريه فهى صحيحة المعنى ولا قول فوق قوله ولا فهم غير فهمه). وأظنّ أنّه لم يتلوا يوما ٱلبلاغ ٱلعربى ٱلتالى:
"ومن قَبلِِهِ كِِتََٰبُ موسىٰۤ إمامًا ورحمةً وهٰذا كِتَٰب مُّصدِّق لِّسانًا عربيًّا لّينذر ﭐلّذين ظلمواْ وبشرى للمحسنين" 12 ٱلأحقاف.
فهو كتاب إمام كما يقول ٱلقرءان. وإدراك ما فى ٱلكتاب ٱلإمام لا يحدث إلا بلسانه ٱلعبرىّ.
وبسبب ما قاله ٱلأخ Hassan Omar عن ٱمتناع نفسه عن فهم كتبى فقد فكرت بتحويل (ترجمة) لماۤ أكتبه إلى ٱللّغة ٱلفصحى ليكون ماۤ أقوله أقرب إلى نفوس ٱلمتابعين وٱلمشاركين من أبنآئهاۤ. إلاۤ أننى تراجعت عن ٱلفكرة لأنها تجعل من ٱللّغة ٱلفصحى هى ٱلوسيلة لحمل ٱلمفاهيم ٱلمتعلقة بكتاب ٱللّه. فٱلحوار هو ٱلمطلوب لمن يريده. ولكن ٱلحوار لا يقوم من دون إدراك ٱلفكرة ٱلتى يقوم حولها. وأضرب مثلا على ٱفتراق ٱلإدراك فى كلمة "فريضة". فأناۤ أستعملها لتدل فى قولى على ٱنفراجٍ فى حياة ٱمرء. أمآ أتباع ٱللّغة ٱلفصحى فيستعملونها لتدلّ علىۤ أمر ملزم له. وبهذا ٱلاختلاف لا يكون ٱلحوار أكثر من حوار طرشان. وهذا مآ أراده ٱلكافرون بتحريفهم للكلم عن مواضعه.
لذلك رأيت أن أتابع عرض مفاهيمى ٱلتىۤ أدركها من كتاب ٱللّه فى مقال. وقد ٱخترت هذا ٱلمقال كتعقيب على مقال "نكاح ٱلمؤمنين" وعلى ٱلحوار فيما ورد فيه من مفاهيم.
وأتناول فى هذا ٱلمقال مفهوم كلمة مؤمن على ٱلرّغم من تناولى لها فىۤ أكثر من مقال. ومآ أرى فيه هو شخص يثق ويطمأن لما علم به فى ٱلحقِّ. ووجدت فى كتاب ٱللّه بيانا للونين من ٱلمؤمنين:
"إِنَّ ٱلَّذينَ ءَامنواْ وٱلَّذينَ هادُواْ وٱلنَّصٰرَى وٱلصَّٰبِئين مَن ءَامَنَ بِٱللَّهِ وٱليومِ ٱلأَخِرِ وَعَمِلَ صٰلحًا فلهم أَجرُهم عِندَ رَبّهم ولا خَوف عَلَيهِم ولا هم يحزنُون" 62 ٱلبقرة.
وفهمت منه أنّ ٱلمؤمنين منهم مَن لا يؤمن بٱللّه وٱليوم ٱلأخر ومنهم مَن يؤمن. وسبب فهمى أنّ ٱلمعدودين فى ٱلبلاغ 62 ٱلبقرة هم أربعة فئات من ٱلناس. ويبين ٱلبلاغ بٱلقول "مَن ءَامن" أنّ ٱلفرد من ٱلفئات ٱلمعدودة (ٱلذين ءامنوا) و(ٱلذين هادوا) و(ٱلنصٰرى) و(ٱلصّٰبئين) ٱلذى يتطور إدراكه وفهمه إلى "ءَامَنَ بِٱللَّهِ وٱليومِ ٱلأَخِرِ وَعَمِلَ صٰلحًا" هو ٱلذى ينال ٱلأجر من دون فئته عند ربِّه. وأنّ مجموع ٱلأفراد ٱلذين يؤمنون بٱللّه وٱليوم ٱلأخر ويعملون صالحا من ٱلفئات ٱلأربعة "لهم أَجرُهم عِندَ رَبّهم ولا خَوف عَلَيهِم ولا هم يحزنُون". فٱلذين ءامنوا كفئة ليست مؤمنة بٱللّه وٱليوم ٱلأخر وليس لهاۤ أجر كفئة.
ويوكّد ٱلقول ٱلعربىّ على ٱلمسئوليّة ٱلشخصية للمؤمن كفرد وليس كجماعة أو فئة:
"ولقد جئتمونا فرادى كما خلقنٰكم أوّل مرةٍ" 94 ٱلأنعام.
"وكلّهم ءَاتيه يوم ٱلقيٰمة فردًا" 95 مريم.
"كلُّ نفسٍ بِما كَسَبَت رهينة" 38 ٱلمدَّثر.
"ولا تَكسَبُ كُلُّ نفسٍ إلا عَلَيها ولا تَزِرُ وازرة وِزرَ أخرىٰ" 164 ٱلأنعام.
ويقول ٱلبلاغ للفرد ٱلمؤمن:
"ولا تقفُ ما ليس لك به علم إنّ ٱلسّمع وٱلبصر وٱلفؤاد كل أولـٰۤئك كان عنه مسئولاً" 36 ٱلإسرآء.
فما قاله ٱلفقهآء فى كتاب ٱللّه هو إدراك كلٍّ منهم وفهمه ومسئوليته. وٱلفرد ٱلمؤمن يسمع ويبصر ويفكر ويتدبر أقوالهم فيتبعهاۤ أو يتجاوزها وهو مسئول عمّا يتبع. فٱلمسئولية ٱلشخصيّة للفرد هى ما يوكّد ٱلبلاغ عليها ولذلك وجّه ٱلمؤمنين بٱلقول ٱلعربىّ:
"لاۤ إكراه فى ٱلدينِ" 256 ٱلبقرة.
ويترك ٱلبلاغ ٱلعربىّ للفرد حرية تحديد مسئوليته فى ٱلأخرة بقوله:
"وقُل ٱلحقُّ مِن رَّبِّكم فَمَن شآء فَليُؤمِن ومَن شآءَ فَليكفُر" 29 ٱلكهف.
وجآء فى سورة ٱلكافرين تفصيل عربىّ لهذا ٱلحقّ:
"قُل يٰۤأيُّها ٱلكٰفرونَ/1/ لآ أعبُدُ ما تعبُدُونَ/2/ ولآ أنتم عٰبدون مآ أعبُدُ/3/ ولآ أناْ عابِد مَّا عَبَدتُم/4/ ولآ أنتُم عٰبِدونَ ماۤ أعبُدُ/5/ لكُم دِينُكُم وَلِىَ دِينِ/6/".
فٱلطلب هنا موجّه مِن مؤمنٍ يطلب فيه من كافرين ألا يعتدوا عليه بسبب ما يعبد وأن يتركوا له مسئوليته ٱلشخصية فيه. ويعلن لهم أنّه يترك لهم مسئوليتهم فيمّا يعبدون.
على هذا ٱلأساس من ٱلمسئولية أقول مآ أفهمه من كتاب ٱللّه من دون أن يكون لقول ٱلفقهآء ما يمنعنى من مخالفتهم فيما فهمه وقاله كلّ منهم. وأول مخالفة لى معهم هى فى ٱفتراقى عنهم فى ٱلِّسان وخطّه. فهم يتبعون ٱللّغة ولغوها وخطّها وهى من صناعة ٱلكفرين كما يبين ٱلبلاغ ٱلعربىّ:
"وقالَ ٱلَّذين كفروا لا تَسمَعُوا لِهٰذا ٱلقرءانِ وٱلغوا فيه لَعلَّكم تَغلِبونَ" 26 فصلت.
وأنآ أتبع لسان وخطّ كتاب ٱللّه ٱلعربىّ. فٱلعربىّ عند ٱلفقهآء هو ٱسم لقوم. وعندى هو للقول ٱلشفاف transparent أو diaphanous ٱلذى لا يمنع بصرًا ولا نظرًا ولا مَسًّا. وهو ٱسم حصرىّ يوصف به لسان ٱلقرءان وحده من بين ٱلألسن. أما لسان ٱلفقهآء وهو لسان ٱلقوم ٱلشاميين وهم بشر يعجمون فى ٱلبيان عن ٱلحقِّ:
"ولقد نعلم أنهم يقولون إنّما يعلمه بشر لسان ٱلذى يُلحدون إليه أعجمىّ وهذا لسان عربىّ مبين" 103 ٱلنحل.
وما فهمته من قول ٱلبلاغ 103 ٱلنحل أنّ لسان ٱلذى يلحدون إليه أعجمىّ لأنه لسان بشر سوآء ءكان لسانه شامىّ أم فارسى أم رومىّ أم غيره من ٱلألسن. فلسان ٱلبشر أعجمىّ يأتى بعجمته جهل ٱلبشر فى ٱلحقِّ جميعه. أمَّا لسان ٱلوحى فهو لسان ٱللّه نور ٱلسّمٰوٰت وٱلأرض ولذلك هو عربىّ مُّبين. أى ظاهر ٱلدليل فصيحه لا لبس ولا عجمة ولا صعوبة ولا عسر ولا جهل فيه.
وأعلم من بيان ٱللّه ٱلخالق أنّ ٱلفكر ٱلبشرى يخضع لجدلية زوجية (فجور وتقوى). وبهذه ٱلجدلية ينوس بين ٱلحقِّ وٱلباطل. فٱلذى يدرك هذه ٱلجدلية يسعى لتزكية نفسه بعلم ٱلذى خلق نفسَه ومنهاجَها ٱلزوجىّ. ويأتى قوله عن ٱلحقِّ موافقًا له موافقة متشابهة (نسبية). أما ٱلذى لا يدرك هذه ٱلجدلية فتَفجُر نفسُه وتمنعه من ٱلعلم وتدفعه ليقول فيه ظنًا وتخريصًا (تخريفا).
وأعلم وأصدق أنّ ٱلِّسان ٱلذى يوافق قولُ بلاغِهِ ٱلحقَّ جميعه هو بيان عربىّ للحقِّ جميعه. وهو مآ أرسله ٱللّه بلسان عربىّ ووصل إلينا وحيًا إلى رسوله ٱلذى بلّغه لنا بصوته حديثًا وبخطِّه مسجّلا فى صحف منشورة (ٱلقرءان) كما نزل على قلبه.

لقد سبق لى وقلت أنّ ماۤ أقوله فىۤ أعمالى هو مسئوليتى ٱلتىۤ أعرضها على ٱلناس لتكون من مسآئل ٱلحوار كما حدث مع ٱلأخوة فوزى فراج وعثمان على عثمان وأخرين. وعندماۤ أستشعر خطأ فى مفهوم وأناۤ أحاور أعمل جهدى للحنف عنه ٱتباعًا لملَّة إبراهيم أبو ٱلمسلمين. فٱلبشر يعجمون فى ٱلحق كما بيّن كتاب ٱللَّه ٱلعربىّ ٱلِّسان.
وعليه فإنّ فهمى لكلمة بغآء أحصل عليه من فهمى لدليل ٱلفعل بَغَى ٱلذى يدلّ على حركة مَن يتجاوز حدّا محدّدا له. وٱسم بغىّ هو لمن تجاوزت حدّ ٱلمتعة فى حصن فرجهاۤ إلى ٱلمنفعة فى ٱلمتعة.
كذلك هو ٱلأمر مع كلمة "مسٰفحٰت" فٱلفعل سَفَحَ يدلّ على ٱلسيطرة وٱلقسوة وٱلقهر. وبهذا ٱلدليل أفهم ٱلقول ٱلعربىّ: "مُحصَنَٰتٍ غَيرَ مُسَٰفِحَٰتٍ وَلاَ مُتَّخِذَٰتِ أَخدَانٍ" أنّه يبيّن للمؤمن أنّ متعته من فتاة ممّن ملكت يمينه لا تحلّ له إلا بفعل ٱلإحصان لها بكتاب نكاح معلن. وليس له أن يتمتع بها مسافحا لها (مغتصبًا لها بفعل ٱلسيطرة وٱلقسوة عليها وٱلقهر لها وإرغامها عليه).
وبذات ٱلسبيل أفهم ٱلقول "وَلاَ مُتَّخِذَٰتِ أَخدَانٍ" فٱلفعل خَدَنَ يدلّ على مَن يعمل عملا فى سرٍّ عن ٱلناس. وأفهم أنّه لا يحلّ للمؤمن أن يتمتع بها فى خدنٍ (أى فى سرّ عن ٱلناس).
وأفهم أنّ حصن ٱلزواج لا يكون إلا بحدّه ٱلأدنى للإعلان وهو شهيدان من ٱلمؤمنين. لأن ٱلأصل فى زواج ٱلمؤمن (سوآء ءكان من محصن مؤمنة أم من فتاة مؤمنة لم تبلغ بعلمها وجهدها ٱلحصن لفرجها) هو فى بلوغ ٱلكتاب أجله وهو علنيته:
"ولا جناح عليكم فيما عرَّضتم به من خطبة ٱلنسآء أوۤ أكننتم فىۤ أنفسكم علم ٱللَّه أنكم ستذكرونهُنّ ولـٰكن لا تواعدوهُنّ سرًّا إلاّۤۤ أن تقولواْ قولاً معروفـًا ولا تعزمواْ عقدة ٱلنكاح حتى يبلغ ٱلكتٰب أجله" 235 ٱلبقرة.

أما كلمة "فريضة" فقد وصفت بها سورة كاملة هى سورة ٱلنور:
"سورة أَنزَلنٰها وفرضنَٰها وأَنزَلنَا فيهآ ءَايَٰتٍ بيِّنَٰتٍ لَّعَلَكُم تَذَكَّرونَ" 1 ٱلنور.
كذلك وصف بها ٱلإرث:
"فريضةً مِّنَ ٱللَّهِ .." 11 ٱلنسآء.
ووصف بها ٱلصّدقة:
"إنَّما ٱلصَّدقَٰتُ لِلفقرآء وٱلمَسَٰكينِ وٱلعَٰمِلِينَ عليها وٱلمؤَلَّفَةِ قُلُوبُهم وفى ٱلرِّقابِ وٱلغَٰرِمِينَ وفى سبيلِ ٱللَّهِ وٱبنِ ٱلسَّبيلِ فَرِيضَةً مِّنَ ٱللَّهِ وٱللَّهُ عليم حكيم" 60 ٱلتوبة.
ٱلفعل فرض يدلّ علىۤ إحداث فرجة فى ضِيقٍ. وهو ما تفعله ٱلصدقة بٱلمحتاج وكذلك ما يفعله ٱلإرث بٱلوارث. كذلك هو ما يفعله ٱلقرءان فى نفس مَن ينزِّله فيها ويثبّت به فؤاده فلا يشرك قول ٱلفقهآء ٱلأعجمىّ مع قوله ٱلعربىّ:
"إنَّ ٱلَّذى فَرَضَ عليكَ ٱلقرءانَ لَرَآدُّكَ إلى مَعَادٍ قُل رَّبىۤ أعلمُ مَن جَآءَ بِٱلهُدَىٰ ومَن هو فى ضَلَٰلٍ مُّبِينٍ(85) وما كُنتَ تَرجُوۤا أن يُلقَىٰۤ إليكَ ٱلكتَٰبُ إلا رَحمَةً مِّن رَّبِّكَ فلا تَكُونَنَّ ظَهِيرًا لِّلكَٰفِرِينَ(86) ولا يَصُدُّنَّكَ عن ءَايٰتِ ٱللَّهِ بَعدَ إذ أُنزِلَت إليكَ وٱدعُ إلىٰ ربِّكَ ولا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلمُشركينَ(87)" ٱلقصص.

لقد حرف ٱلكافرون كلمة فريضة عن موضعها ٱلذى يدلّ على ٱلانفراج وٱلوسع إلى دليل ٱلأمر ٱلملزم. وبمفهوم ٱلانفراج وٱلوسع رأيت أنّ ٱلبغآء فريضة لغير ٱلمحصنين من ٱلذكور. وفى ٱلبلاغ ٱلعربى نصح للمؤمن ليستعفف عن متعته بٱلبغآء بوسيلة حصن ٱلنكاح ٱلمعلن من محصن مؤمنة. فإن لم يستطع طولا "أن ينكح ٱلمحصنٰت ٱلمؤمنٰت فمن ما ملكت أيمٰنكم من فتيٰتكم ٱلمؤمنٰت".
وعليه أفهم أن ٱلبغآء ليس خيانة زوجية ولا يسمّى زنى ولا فاحشة. فٱلفاحشة هى وصف للزنى ٱلعلنىّ وللتناكح بين ٱمرأة وأخرى وذكر وأخر. وكلّ من ٱلزنى وٱلفاحشة ونكاح ٱلزانية وٱلمشركة محرّم على ٱلمؤمنين. أما ٱلبغآء فينصحهم كتاب ٱللّه بٱلاستعفاف عنه:
"وَلِيستَعفِفِ ٱلَّذينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّىٰ يُغنِِيَهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضلِهِ وٱلَّذينَ يَبتَغُونَ ٱلكِتَبَ مِمَّا مَلَكَت أَيمَنُكُم فَكَٰتِبُوهُم إن عَلِمتُم فِيهِم خَيرًا وَءَاتُوهُم مِّن مَّالِ ٱللَّهِ ٱلَّذى ءَاتَٰكُم وَلا تُكرِهُوا فَتَيَٰتِكُم على ٱلبَغآءِ إن أَرَدنَ تَحَصُّنًا لِّتَبتَغُواْ عَرَضَ ٱلحَيَوٰةِ ٱلدُّنيا ومَن يُكرِههُنَّ فَإِنَّ ٱللَّهَ مِن بَعدِ إِكرَٰهِهِنَّ غَفُور رَّحِيم" 33 ٱلنور.

أماۤ إقامة ٱلصّلوٰة فأرىۤ أنّ ٱلفريضة بها (بمفهوم ٱلانفراج وٱلوسع) تأتى من بعد طاعة ٱلمؤمن للأمر "أقيموا ٱلصّلوٰة". وهو أمر لإقامة جميع وسآئل ٱلمؤمن ٱلتى تجعله خليفة سّميعا بصيرا شهيدا رقيبا عليما قويا قديرا جبارا منتقما لطيفا حكيما خبيرا (مقال "أقبموا ٱلصّلوٰة وءاتوا ٱلزّكوٰة وٱركعوا مع ٱلرّاكعين"). وهذه ٱلوسآئل هى ما يقيمه ٱلمؤمن من بيوت ووسآئل للعلم وٱلنظر وما يعدّه من قوّة ورباط لها مع بعضها يُرهب بها عدّوه وعدوَّ ٱللّه (مقال "ٱلثقافة وٱلحداثة").
لم أرَ معلقين على مقال "أقيموا ٱلصَّلوٰة وءاتوا ٱلزَّكوٰة وٱركعوا مع ٱلرَّاكعين" ولا على مقال هل "ٱلقرءان هو كتاب ٱللَّه؟" أو مقال "ٱليهودى وٱلاسرٰءيلى وٱلمسلم" ولا على غيرها من ٱلمقالات ٱلتىۤ أعرض فيها لفهم مسئول يختلف عمّا قاله ٱلسلف فيه.

يقول ٱلأخ فوزى فراج: (فهذا هو معنى البغاء الذى ينادى الاستاذ سمير حسن بأنه ((فريضة)) فى الاسلام, ولما كانت الصلاه والزكاه والصيام والحج من فرائض الاسلام, ومن الممكن ان تؤدى جميعها فى وقت واحد, اى من الممكن ان تصلى وتصوم وتزكى فى نفس الوقت, فطبقا له من الممكن ايضا ان تمارس البغاء فى نفس الوقت).
فهل فى قوله غير ٱلاتباع بلا مسئولية لما قاله ٱلسلف ؟ وهل فى قوله غير ٱلتحريض للجاهلين على سمير حسن ليسبوه ويقتلوه؟
وهو فى قوله يرىٰۤ أنّ ٱلصلوٰة وٱلزّكوٰة وٱلصوم وحِجُّ ٱلبيت فرآئض. ولم أرى له تعليقا على ما قلته فى هذه ٱلكلمات فى مقالات أخرى. فلوۤ أنّه كان مهتمًّا بٱلعلم فى ٱلدين لكان بدأ حواره مع تلك ٱلمقالات. لكنه كان ينتظر ما يمكّنه من تحريك جاهلين على سمير حسن وظنّ أنّه وجده فى مقال "نكاح ٱلمؤمنين".

#سمير_إبراهيم_خليل_حسن (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات