لم يكن الأيزيديون في العراق دون هوية ، فقد تحمل الأيزيديون من المآسي والتضحيات ما تحملته بقية الشرائح العراقية ، لابل تحمل الأيزيديون إضافة الى نضالهم العراقي من أجل الوطن المتحرر من الاستبداد والطغيان والشعب المكفولة حقوقه ، فقد تحمل هؤلاء حرباً شرسة من أجل طمس معالم قوميتهم وتهميشهم من قبل السلطات القمعية المتعاقبة .
لاذكر للأيزيدية في مناهج التاريخ والجغرافية ، وكما تم مسحهم من الخارطة الثقافية ، ولاذكر للأيزيدية في الدستور والقوانين الوضعية الأخرى ، ولاخصوصية لدينهم العريق ، ولاأحترام لطقوسهم الدينية ، ومع كل هذا فهم عراقيون عليهم كل التزامات وواجبات المواطن العراقي ، ولكن ليس لهم حقوق العراقي .
أي مفارقة هذه حين نتحدث عن الحقوق والواجبات ؟ وحين نتحدث عن المواطنة والوطن والواجبات والتزام المواطن بالتضحية ، فأن علينا أن نتحدث أيضاً عن حقوق المواطن مهما كانت قوميته أو دينه أو مذهبه .
والأيزيدية الذين عانوا على مر العصور من الاضطهاد والإبادة البشرية والاضطهاد والقمع ، كانوا على مر العصور يتحلون بالصبر فيعطون ولايأخذون ، ويضحون ولايتحدثون ، ويصمدون ولايتبجحون ، ويقاوموا كل حملات الموت والشر ولايتفاخرون ، ويمارسون طقوسهم الدينية ببساطة وبهدوء وبصمت دون أن يخدشوا أسماع أي أنسان آخر .
والأيزيدية من بين الأديان الأكثر تحملاً للتلفيق والكذب بغرض الإساءة الى مقدسا تهم وقيمهم الإنسانية .
وكان الأيزيديون من بين أكثر الشرائح العراقية التي أنتظمت في صفوف المعارضة للنظام الدكتاتوري ، وناضلت بشكل ملحوظ جنباً الى جنب مع بقية الشرائح العراقية .
وبعد أن أبيد النظام الصدامي وكنسته الجماهير الى مزبلة التاريخ ، ترتب علينا أن نضع ونرتب الحقوق التي غيبت ونرفع الظلم عن الشرائح التي صبرت وجاهدت من أجل رفع الظلم عنها .
يقيناً أن تثبيت حقوق الجميع هاجس وطني يتمركز في ضمير كل المعنيين في رسم نصوص الدستور العراقي ، فأذا كانت الحسابات وفق التضحيات فقد كان الأيزيدية من المضحين ، وأذا كانت الحسابات على الكثافة السكانية فللايزيدية ثقل سكاني واضح وثابت ، وأذا كانت الحسابات وفق المنظور الأنساني والحق فالأيزيدية أول من يستحق الألتفات اليهم لما أصابهم من ظلم وحيف زمن ليس بالقصير .
على مجلس الحكم الأنتقالي الألتفات الى هذه الجهة وعلى المختصين في رسم معالم الدستور وأصلاح القوانين العراقية وضع هذا في ضمائرهم .
فالأيزيدية ديانة عريقة تؤمن بالله ، والأيزيدية شعب ينتمي الى الكرد ويتمتع بخصوصية دينية وطقوس وأماكن مقدسة ، والأيزيديون قدموا ماعليهم من موجبات النضال ضد الطاغية ، مما يستلزم الالتفات إليهم في قضية الأحوال الشخصية والأوقاف والشؤون الدينية ونصوص الدستور .
من يريد أن يبني عراق جديد تضلله حقوق الإنسان وأسس المجتمع المدني لن ينسى الأديان والملل ولن يهمش القوميات والطوائف وبالتالي ينهج على العكس مما نهجته الحكومات البائدة والمستبدة في هذا الخصوص .