|
الحزب الشيوعي ومسالة السلطة السياسية ... بعض وقائع ما سلف !
عارف معروف
الحوار المتمدن-العدد: 1806 - 2007 / 1 / 25 - 12:22
المحور:
في نقد الشيوعية واليسار واحزابها
لو كانت السلطة السياسية من مطامح الحزب الشيوعي واهتماماته، ولو انه نظر اليها كاداة حاسمة ونوعية في صراعه الطبقي والوطني ، وقدّر على نحو سليم ماتعنيه السلطة في بلد مثل العراق، سواءا من الناحية التاريخية او الاجتماعية او الاقتصادية ، لما وجد افضل فرصة واسنح ظرفا من ذلك الظرف ، مطلع الستينات ، حيث توفرت للحزب كل ما اشرنا اليه من امكانات وظروف ، لكن السلطة ما كانت ، في حقيقة الامر ، يوما هدفا للحزب الشيوعي ولم يقيّمها كاداة وقدرة نوعية في بلد متخلف ، حق تقييمها ، كما انه نظر الى اساليب التمكن منها والاستحواذ عليها نظرة شك وريبة ، متناسيا ان هذه الاساليب ، يمليها ، واقع موضوعي لايمكننا عنه فكاكا، مؤثرا بدلا عنه، عالما افتراضيا ، يتم فيه تداول السلطة سلميا وبطرق ديمقراطية ، قبل ان يصبح ذلك ممكنا حقا ، ولو نظريا ، ( لم تبرهن الظروف السائدة عالميا ، حتى الان ، عن امكانيته في البلدان المتخلفة ، ناهيك عن العربية ، ولو عبر تجربة واحدة !!) ونزوعا فكريا مقبولا على المستوى العالمي بعقود ! لقد ادمن الشيوعيون واستعذبوا ، نفسيا ، نوعا من الدور والممارسة الصوفية ، يكونون فيها ضحايا ومعذبين بدلا من ان يطمحوا الى قيادة المجتمع الى عالم افضل كما يدعون او مقصرين هذا الامر على الشعر والاغاني والخيالات ، متنصلين ومبتعدين عن استحقاقاته ومستلزماته الجدية ،الامر الذي جعل القاعدة الشعبية والتنظيمية لهم تدفع اثمانا فظيعة دون نفع او مسوغ او جدوى ! من المعلوم ان الحزب الشيوعي ، قيّم نظام عبد السلام عارف وصيغة الاتحاد الاشتراكي ، الصيغة التنظيمية والاطار السياسي الذي استعاره ذلك النظام حرفيا من مصر ، كما استعار تأميماته الخالية من المضمون "الاشتراكي" والجدوى الاقتصادية ، تقييما عاليا ، و نظر اليه كانه انتقالة نوعية حاسمة ، فتبنت قيادته، ربما بتاثير المركز الدولي الذي اغفلنا دوره حتى الان ، خطة او منهج يرمي الى حل الحزب والذوبان في تلك الصيغة التنظيمية" خط آب" لكن الرفض العاصف والحاسم من قبل القاعدة وجماهير الحزب وعدم تبنيها لتلك الخطة افشلها ، لقد كان لهذه الخطة وما سبقها وما تلاها من تراكمات اثر كبير في حالة من النقد ثم الرفض لذلك المنهج وتلك الرؤيا الامر الذي كان اساسا لاخطر انشقاق شهده الحزب في 1967لكن النقد لم يكن جذريا ، وياللاسف ، ولم ينتج منهجية ورؤيا مغايرة بالفعل واعتمد على ذات الاسس وتداول نفس المفردات، الا قليلا، الامر الذي اشرنا اليه في مقالات سابقة ، فلم يفرز البديل المناسب . على اية حال ، تحت وقع وتاثير تلك الظروف واستجابة لضغط القاعدة الحزبية والشعبية ، روجت قيادة الحزب لتبنيها لخطة اخرى بشان موضوعة السلطة السياسية ، تلك هي منهجية او خطة " العمل الحاسم "!، من الذوبان في الاتحاد الاشتراكي في نظام عبد السلام عارف ، الى "العمل الحاسم " ضد نظام عبد الرحمن عارف الذي كان يفضل ، في حقيقة الامر، وفي الكثير من الجوانب ، نظام عبد السلام عارف !!وسيتكرر نفس هذا الامر في السبعينات وسينتقل نظام البعث وصدام حسين من نظام ديمقراطي ثوري حليف ينبغي اسناده وتعضيده الى نظام فاشي عدو يتعين اسقاطه ومحاربته ، دون اية اسس موضوعية او تحليلات علمية ودائما على اساس الانفعالات والعواطف وردود الافعال الانية وغير المدروسة ، وسواءا اتجه الحزب للعمل الحاسم او الكفاح لاسقاط السلطة او تبني حرب الانصار ، فلم يزد الامر في كل الاحوال عن مبالغات وتهويل وادعاءات او محض خيالات وشعارات دون سند حقيقي وواقعي من عمل او ممارسة ! لقد كان الحزب الشيوعي يعد ، اذن ل"لعمل الحاسم" ، وحصل ان تداولت معه امر التحالف واسقاط السلطة ، وهي في اضعف مراحلها ، قوى سياسية من صف اليسار القومي ، في حين كانت مراكز النفوذ والقوة في سلطة عبد الرحمن عارف تبحث، جاهدة ، عن تعزيز قدرة النظام على الاستمرار بابدال عناصره او تنحيته عبر انقلاب قصر ياتي باشد قطاعاته قسوة للتصدي لحالة الغليان الشعبي المنذرة بتغيير غير محسوب ، وقد كانت مراكز القوة والتاثير( مدير الاستخبارات ، امر قوات الحرس الجمهوري ، امر كتيبة دبابات الحرس الجمهوري وغيرهم ) هذه "تدور" على القوى القومية باحثة عن حلفاء او وجوه سياسية واغطية تنفذ تحتها او بالتحالف معها ذلك التغيير وقد اشار السيد عبد الكريم هاني ، الوزير والشخصية القومية ، كما اوردت في مقال سابق ( النظام العربي والحالة العراقية .. حقيقة الصراع ، الحوار المتمدن971 في 29/9/2004) الى انهم ، أي الشخصيات والتنظيمات القومية رفضوا التحالف مع هؤلاء نظرا لما عرفوه عن تاريخهم وارتباطاتهم بالدوائر الاجنبية وكانوا يتداولون نكته عن هذا الامر مضمونها ان فلان وفلان والاخر يدورون بحمار محمل بالذهب باحثين عمن يمتطيه ! كناية عن بحثهم عمن يريد ان يركب حمار السلطة بالتحالف معهم ، وقد وجد ذلك الامر هوى في نفوس احمد حسن البكر ومن معه من اقلية كانت خارج صفوف البعث فتصدوا للامر وقبلوا بهذا الحلف وشرعوا باعداد ترتيباتهم لحسم هذا الامر . لكن العجيب ان مجموعة البكر، هذه ، اتصلت باللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي واعلمتها عن نيتها في الشروع بعمل عسكري لاسقاط النظام واستلام السلطة وطلبت اليها التحالف معها ! كان من المفترض ، بحسب الادعاءات ، ان هذه الاخيرة" اللجنة المركزية " كانت تغذ الخطى او ان لها خطتها ، هي الاخرى، باتجاه " عمل حاسم "، ومن المنطقي تماما ان ترى في ترتيبات البكر ومجموعته عملا اجهاضيا لخطتها وهجوما استباقيا عليها مما كان ، يتعين ، على اساسه، ان تبادر بالهجوم او اتخاذ ما من شانه احباط محاولة البكر وجماعته ، فماذا حصل ؟ لقد رفضت اللجنة المذكورة هذا العرض، بطريقة مؤدبة ، قائلة على لسان موفدها الى البكر ، مكرم الطالباني ، نفذوا انقلابكم ، وسوف لن نعرقل هذا الامر او نقف في سبيله ( امتنعت بعد ذلك فعلا عن أي جهد باتجاه العمل الحاسم !) ، اما مسالة تاييده او التحالف معكم فسوف نبت بها لاحقا ، استنادا الى ماسوف تتخذونه من قرارات وتقدمون عليه من انجازات . يقول الراحل رحيم عجينه في مذكراته ، ان استلامهم للسلطة( البعثيين)، في الايام التي تلت ، كان متوقعا لدينا تماما بحيث اننا ( هو وبعض اعضاء اللجنة المركزية للحزب )كنا في مكان قريب من القصر الجمهوري يوم الانقلاب وحينما سمعنا بعض الاطلاقات التي اطلقت عليه قلنا ما معناه ان قد فعلها البعثيون ! كما يقول ان السيد مكرم الطالباني، زار البكر، بعد ايام ، في القصر الجمهوري مهنئا، فاعرب الاخير عن اسفه بالقول ، بينما كان يسير متأبطا ذراع الطالباني " لكم تمنيت ان ندخل القصر وانت على يساري وهذا على يميني "!! مشيرا الى الفقيد عبد الخالق السامرائي ، الذي كان حاضرا .ان الامر ليبدو عصيا على التصديق! ان هذه المجموعة هي الاكثر عداءا للشيوعية والاكثر اتباعا لاساليب التامر والاجرام والمؤامرات ، كما اثبت كل تاريخها المعروف السابق لانقلاب تموز 1968 تخبر حزبا عانى من الذبح والتقتيل والابادة على يدها ، انها بصدد الاستيلاء على السلطة ، في الوقت الذي يعد هو العدة للاستيلاء عليها ، أي انها ، وفق ابسط الفروض ، تريد ان تحقق اجهاضا لمشروعه ، ان صح ، او ضربة استباقية ، فيعلمها انه سوف لن يحول دون تحقيقها لرغبتها تلك ولن يتدخل بالضد منها ، اما تحالفه معها فسيؤجله الى حين اثباتها انها جديرة به ! ن الامر ليشبه ان نجد، في عرض الطريق، انا وعدو لي قتل ، قبل سنوات قليلة ابي واخوتي واولادي ، وُعرف بكونه قاتلا سفاحا ، ان نجد سلاحا فتاكا، كنت ابحث عنه للحيلولة دون استخدامه ضدي ، وكان يبحث عنه لمارب اخرى مجهولة لدّي واقربها الى حدسي واعتقادي ان يعمد الى استخدامه ،ثانية، لقتلي او ابتزازي، فيقول لي دعنا ناخذه معا فا ترفع عن ذلك واقول له، وبراءة الاطفال في عيني، بل انت من سياخذه ، ايها الاخ ، وسوف لن احول دون ذلك ابدا ، فاذا كنت طيبا وعطوفا فسوف لن تستخدمه ضدي وسامحضك حبي وتاييدي ، اما اذا فعلت ، ووجهته نحوي فساعرفك جيدا عند ذاك ولن تنال مني تاييدا !!هل يشك ، عند ذاك ،احد في سفاهة شخصي وخطل تقديري ؟ تبقى الاسئلة المهمة الجديرة بالبحث والتمحيص والقراءة واعادة القراءة لعشرات بل ومئات المرات ، لماذا اخبر البعثيون الحزب الشيوعي بنيتهم في الاستيلاء على السلطة وطلبوا اليه التحالف معهم ؟ ولماذا غض الشيوعيون النظر عن هذا الخطر المحدق والاجهاض المسبق لخطتهم ، ان وجدت ، وان لم توجد فان الصمت في معرض الحاجة بيان ، كما يقول الحقوقيون ، او السكوت علامة الرضا كما عرف اهلنا فمن أي المنطلقات وعلى أي الاسس ، قام تاييد الشيوعيين لاستلام هذه المجموعة من البعث، وليس فيها واحد لم تتلطخ يداه بدماء الشيوعيين للسلطة؟ وهل كان الشيوعيون يجهلون ان السلطة السياسية في بلد عربي لم يعرف الديمقراطية ، السلطة التي تعني امتلاك مفاتيح القوة والثروة والسيادة شبه التامة في تقرير شؤون المجتمع ستعني تحولا نوعيا في قدرات اية مجموعة اذا قبضت على زمامها ، وهم الذين يهذرون ليل نهار بقانون تحول التراكمات الكمية الى تحولات كيفية جديدة ، هل غاب عن بالهم ان هذه المجموعة الصغيرة من الحزبيين ستتحول الى قوة ضاربة مهولة وهي تقبض على السلطة وامكاناتها ، وهل سيملكون ، بعد ان تتحول الى هذه الكيفية ، وفقا لطبيعة الظرف السائد عراقيا، يومذاك ،ولطبيعة هذه القوة نفسها ، الامكانية على تحديد الاختيار وقول مايريدون من الكلمات واتخاذ ما يشاؤون من المواقف ؟ سرعان ما اجابت الايام القليلة التي تلت على هذه الاسئلة وبدأت عجلة الموت تسحق في دورانها المرعب عشرات بل ومئات الضحايا ، لكن مكرم الطالباني او من ارسله ، لم ولن يعودوا قادرين، بعد ذلك ،على قول مايريدون او الوقوف كما ينبغي !
#عارف_معروف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
! الحزب الشيوعي والتعويل على الاب الطيب
-
شيء من التاريخ....... الستينات نموذجا !
-
الحزب الشيوعي ... سبعة عقود في سوح الوغى والكفاح !
-
الحزب الشيوعي ..... شيء عن علاقة الوعي بالواقع.
-
الحزب الشيوعي العراقي .......سنوات التألق ومنحنى التراجع وال
...
-
الحزب الشيوعي العراقي .. انعدام اللون والرائحة والطعم..... 2
-
! الحزب الشيوعي العراقي ......... انعدام اللون والطعم والرائ
...
-
المضمون الاجتماعي للطائفية في العراق ........افق الحرب الاهل
...
-
المضمون الاجتماعي للطائفية في العراق ........11
-
المضمون الاجتماعي للطائفية في العراق......... 10
-
المضمون الاجتماعي للطائفية في العراق .........9
-
المضمون الاجتماعي للطائفية في العراق .........8
-
المضمون الاجتماعي للطائفية في العراق .........7
-
! جورج حاوي : يا انصار العقل ... اتحدوا
-
المضمون الاجتماعي للطائفية في العراق .........6
-
المضمون الاجتماعي للطائفية في العراق .........5
-
المضمون الاجتماعي للطائفية في العراق .......4
-
المضمون الاجتماعي للطائفية في العراق ........3
-
من اجل العمل المشترك لقوى اليسار والتقدم والديمقراطية
-
المضمون الاجتماعي للطائفية في العراق .........2
المزيد.....
-
صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا الحرب الإسرائيلية على القطاع
...
-
الدفاع الروسية تعلن إسقاط 8 صواريخ باليستية أطلقتها القوات ا
...
-
-غنّوا-، ذا روك يقول لمشاهدي فيلمه الجديد
-
بوليفيا: انهيار أرضي يدمّر 40 منزلاً في لاباز بعد أشهر من ال
...
-
في استذكار الراحل العزيز خيون التميمي (أبو أحمد)
-
5 صعوبات أمام ترامب في طريقه لعقد صفقات حول البؤر الساخنة
-
قتيل وجريحان بهجوم مسيّرتين إسرائيليتين على صور في جنوب لبنا
...
-
خبير أوكراني: زيلينسكي وحلفاؤه -نجحوا- في جعل أوكرانيا ورقة
...
-
اختبار قاذف شبكة مضادة للدرونات في منطقة العملية العسكرية ال
...
-
اكتشاف إشارة غريبة حدثت قبل دقائق من أحد أقوى الانفجارات الب
...
المزيد.....
-
عندما تنقلب السلحفاة على ظهرها
/ عبدالرزاق دحنون
-
إعادة بناء المادية التاريخية - جورج لارين ( الكتاب كاملا )
/ ترجمة سعيد العليمى
-
معركة من أجل الدولة ومحاولة الانقلاب على جورج حاوي
/ محمد علي مقلد
-
الحزب الشيوعي العراقي... وأزمة الهوية الايديولوجية..! مقاربة
...
/ فارس كمال نظمي
-
التوتاليتاريا مرض الأحزاب العربية
/ محمد علي مقلد
-
الطريق الروسى الى الاشتراكية
/ يوجين فارغا
-
الشيوعيون في مصر المعاصرة
/ طارق المهدوي
-
الطبقة الجديدة – ميلوفان ديلاس , مهداة إلى -روح- -الرفيق- في
...
/ مازن كم الماز
-
نحو أساس فلسفي للنظام الاقتصادي الإسلامي
/ د.عمار مجيد كاظم
-
في نقد الحاجة الى ماركس
/ دكتور سالم حميش
المزيد.....
|