أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - سامح سعيد عبود - أحل لكم العمل وحرم غيره لكسب العيش















المزيد.....

أحل لكم العمل وحرم غيره لكسب العيش


سامح سعيد عبود

الحوار المتمدن-العدد: 1806 - 2007 / 1 / 25 - 12:38
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


أدلى الممثل العالمى المصرى الأصل عمر الشريف بحديث يبرر فيه إنفاقه الباذخ أن "فلوس التمثيل حرام" وأن إنفاقها هو الحل الوحيد
للتخلص منها حتى يستفيد بها آخرون هم في حاجة أكثر إليها وبرر الشريف تصريحه
المثير بأنه لا يشعر بأنه يجهد نفسه كثيرا مثلما يفعل
آخرون في مهن أخرى للحصول على المال حتى أن ما يحصل عليه يفوق بمراحل كثيرة ما
يحصل عليه أشخاص يقضون ساعات طويلة في عمل مجهد جدا و لا
يتقاضون عنه ربع ما يتقاضاه. وبرغم ما يشوب هذا التصريح من تناقضات ليست موضوع المقال، فإن ما كان يحصل عليه عمر الشريف كان مقابل عمل يشتريه الناس بمحض إرادتهم، حتى و لو كان ما يدفعونه لا يساوى قيمة هذا العمل، و لكن هناك من يكسبون بلا بذل جهد و لا القيام بأدنى عمل، فهل يشعرون بمثل بالأثم، ومن هنا يمكن أن نعتبر هذا التصريح يحسب لعمر الشريف فى نهاية الأمر، لأنه يتضمن إدانة أخلاقية لكل من يعيشون على حساب الآخرين وعلى جهدهم، ولكل من يحصلون على ما لا يستحقونه من ثروات المجتمع،و يستمتعون على أساس حرمان من يستحقون، و لما فى هذا التصريح من إدانة ضمنية لعالمنا المنقسم بين من يكسبون بلا عمل يوازى الكسب، وبين من يتعبون بلا كسب يوازى العمل.
وعلينا أن نعترف أنه ليس كل أنواع التعب تستحق الكسب، فاللصوص على سبيل المثال يتعبون لأجل ما يسرقونه إلا أن الجهد الذى يبذلونه لا يبرر بالطبع ما يكسبوه، لأن المقصود بالعمل والجهد الذى يستحق الكسب هو إنتاج سلع أو تقديم خدمات مفيدة للناس وليس على أساس الاضرار بهم وانتهاك حقوقهم ، على أن يحصل منتج السلعة ومقدم الخدمة على ما يساوى ما قدمه من جهد، إلا أن هذا الوضع غير قائم واقعيا، فهناك من لايضيفون أى ثروة حقيقية للناس، ومن يمكن الاستغناء عن خدماتهم وجهدهم، ولكنهم يحصلون على أضعاف من من ينتجون الثروة، و أضعاف من لا يمكن الاستغناء على خدماتهم وجهدهم، ومن هنا فلا يوجد توازن بين قيمة الجهد وفائدته والمقابل الذى يحصل عليه من بذله وهذا أحد معالم الظلم الاجتماعى.
العمل البشرى بالمعنى السابق إيضاحه هو خالق الثروة ، و هو الوسيلة الأولى لتلبية الاحتياجات البشرية قبل أن يعرف بعض البشر التطفل على ما يخلقه العمل من ثروة، ومن هنا فإن البشر الأوائل ظلوا يلبون احتياجاتهم عبر هذا النوع من العمل وحده، إلى أن ظهر المتطفلون من بينهم، هؤلاء الذين يلبون احتياجاتهم على حساب من يعملون لإنتاج هذه الاحتياجات، فانقسم المجتمع إلى من يعملون ومن لا يعملون، وانقسم ما ينتجه العاملون بين الطرفين بوسائل شتى.و إن كان من لا يعملون يحصلون دائما على الجانب الأكبر من الثروة، وإن كان هذا الحديث ليس بجديد، إلا أنه لا مفر من تكراره لأن الخطاب السياسى من فرط إهماله لتلك الحقيقة قد أهال عليها التراب، والمطلوب منا أن ننفض هذا التراب عن القضية الجوهرية المدفونة وراء ركام من القضايا الفرعية.
عرف البشر وعبر تاريخهم العديد من أشكال التطفل على عمل الآخرين وجهدهم، فبجانب السرقة والتسول والدعارة والربا والرشوة والقمار والمراهنة والمضاربة وغيرها ، التى نصت على تحريمها بعض النصوص الدينية، وعاقبت عليها بعض القوانين. عرف البشر أشكالا أخرى من التطفل على جهود الآخرين وعملهم منها.
تحويل البشر الذين ولدتهم أمهاتهم أحرار لعبيد، إما جبرا عبر الحرب بتحويل الأسرى لعبيد أو بشراء هؤلاء العبيد، كما أن المحاربين والسلالات الحاكمة عبر معظم التاريخ البشرى المكتوب فرضت على الحرفيين والمزارعين كافة أشكال الجباية من الضرائب والمكوس والجزية و الخراج المماثلة فى حقيقتها للأتاوات التى يفرضها البلطجية، مقابل حماية الحرفيين والمزارعين، من الحكام والبلطجية الآخرين، و مقابل حكمهم القسرى لهؤلاء الحرفيين والمزارعين وإدارة شئونهم والتحكم فى حياتهم، فى حين أن هؤلاء الحرفيين والمزارعين غالبا لم يطلبوا تلك الحماية، و لم يختاروا هؤلاء الحكام الذين غالبا ما حصلوا على امتيازاتهم على المحكومين بالفتح والغزو والحرب، و إن صادف و طلب الحرفيين والمزارعين الحكم والحماية فأنهم أضطروا لذلك من أجل الأمن وتحقيق مصالحهم الملحة، و قد طلبوها اتقاء لشرور هؤلاء الحكام وأمثالهم ومنافسيهم أو هربا من بلطجية آخرين وهم فى هذا كالمستجيرين من الرمضاء بالنار.
و ظهر المرابون الذين يحترفون اقراض المقترضين ما يحتاجونه من أموال مقابل فوائد لتنمو أموال المرابين دون بذل أى جهد على حساب احتياجات المدينين، وظهر التجار والوسطاء والسماسرة بين المشترين والبائعين، والذين يربحون من الأموال ما لا يستحقونه فيبخسون حق المنتجين فى أثمان ما يشترونه منهم من سلع وخدمات، و يبالغون فى أثمان ما يبيعونه للمستهلكين من سلع وخدمات،و طفيلية هؤلاء على جهد الآخرين تتضح لنا من إمكانية الاستغناء عن خدماتهم للطرفين بإمكانية التبادل المباشر بين المنتجين والمستهلكين دون الاحتياج لوسطاء وسماسرة وتجار. و هناك من يمتلكون من العقارات التى آلت إليهم بالميراث أو الشراء، التى يؤجروها مقابل ريع لمن يحتاجها، ويعيشون على ريع تلك العقارات بلا عمل غير تحصيل الإيجارات العينية والنقدية.
و ظهر من أشكال التطفل من يملكون من الرأسمال ما يشترون به وسائل للإنتاج من آلات وأراضى ومواد خام بالإضافة لقوة العمل البشرى لإنتاج سلع وخدمات يبيعونها للمستهلكين بأكثر مما اشتروا به وسائل الإنتاج وقوة العمل البشرى التى خلقت القيمة المضافة بجهدها ووقتها وحريتها،و الذى يتقاسمها مع من يبيعون قوة العمل ويخلقون الثروة الرأسماليين، ليحققوا من الأرباح لأنفسهم ما لا يستحقون.
وأخيرا ظهر من يحققون أرباحهم من المضاربات على السلع والأسهم والنقود والعقارات فى عمل أقرب للمراهنة والقمار،دون بذل جهد أو قيمة حقيقية، ومازالت معظم تلك الأشكال من التطفل على العمل البشرى قائمة وسائدة.
والحقيقة إن الأخلاقيات والقيم السائدة الآن لا تستنكر على الأفراد أن يكسبون معاشهم على حساب جهد وعمل الآخرين، مستثنين فحسب ما حرمه النص الدينى أحيانا وحرمه القانون من سرقة ورشوة وربا وغيرها، على أن هذه ليست وحدها طرق الكسب غير الأخلاقية كما اتضح مما سبق، فأن تشترى إنسانا و تملكه وتقيد حريته، ليحقق رغباتك المختلفة، ولينتج لك ما تريد وتستحوز على ناتج عمله،و تستخدم جسده لمتعتك ورغباتك ،وتبيعه وتؤجره، هو عمل أحقر من السرقة..أن تجبر إنسانا على أن تحميه دون أن يطلب منك الحماية، وأن تدير شئونه أو تحقق له بعض المصالح مقابل أن يدفع لك مقابل مادى أو معنوى مقابل تحقيق تلك الحماية و الإدارة والمصالح عمل لا يقل شرا عن الرشوة، أن تدفع لأمرأة نقدا وعينا مقابل استمتاعك بها جنسيا سواء أكان هذا الاستمتاع مؤقتا أو دائما، و ولكى تخدمك ولتنجب لك من يحملون اسمك ويرثون جيناتك وأموالك فضلا عن أن تتولى هى العناية بأسرتك، هو نوع من العبودية حتى ولو سميت زواجا، و المرأة التى تقبل أن تبيع حبها وجسدها وحريتها بمقابل لا تختلف عن العاهرة حتى ولو غطى ما تفعله غطاء من الشرعية.
أن تشترى آلات وأراضى وقوة عمل لتنتج سلع وخدمات تبيعها بأكثر مما اشتريت به، هو أسوء من الربا، أن تشترى سلعا لتبيعها بأكثر من ثمنها دون أن تبذل جهدا أو قيمة هو نوع من النهب.و أخيرا أن تحصل على أجر أكثر مما تستحقه سواء أكان هذا الأجر لا يساوى ما بذلته من جهد أو عن عمل لم تعمله هو أسوء من السلب.
الفاعل فى عنوان المقال مبنى للمجهول، يعود على هذا الصوت الذى يتردد فى عقل هؤلاء الذين يستنكرون أن يعيشوا على جهد غيرهم ،هؤلاء الذين لا يرتضون أن تقتصر حياتهم على مجرد اشباع غرائزهم بأى وسيلة و على حساب الآخرين ، و لاشك أن أخلاقيات هؤلاء أرقى من أخلاق هؤلاء الذين يعيشون على حساب الآخرين وجهدهم،بل و أخلاقيات من يبررون ذلك الأسلوب فى الحياة بشتى الحجج الواهية، هذا الصوت هو الذى يحل العمل كوسيلة لكسب العيش ويحرم كل وسائل كسب العيش الأخرى.



#سامح_سعيد_عبود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اعتراف بالفصل العنصرى فى إسرائيل
- ما يعاديه اللاسلطويون وما يعملون من أجله
- الجزء الخامس- جذور وثمار انحطاط الرأسمالية .. مصر نموذجا
- الجزء الرابع العمال ..انحطاط الرأسمالية .. مصر نموذجا
- الجزء الثالث) طبقات برجوازية أخرى انحطاط الرأسمالية .. مصر ن ...
- الجزء الثانى الرأسماليون انحطاط الرأسمالية .. مصر نموذجا
- الجزء الأول: محددات الرؤية انحطاط الرأسمالية .. مصر نموذجا
- الهوس الجنسى فى زمن الانحطاط
- هل الديكتاتورية العسكرية اليمينية قادمة؟
- الازدواجية! التناقض بين ما ندعيه عن أنفسنا، و بين ما نمارسه ...
- الحرية لا تعنى سوى الحرية الفردية
- الفردية المنطوية على نفسه
- توضيح لمعالم اليسار اللاسلطوى-2
- توضيح لمعالم اليسار اللاسلطوى
- معالم اليسار اللاسلطوى الجديد
- المهمشون و كيف تساعدهم التعاونيات
- مشروع لإنشاء شركات مدنية على أساس المبادىء التعاونية(معدل
- أى شرعية تلك التى تحترمون
- التعاونيات كأداة للتحرر الذاتى
- الأجور والأسعار فى عهد حكم الحزب الوطنى


المزيد.....




- مسؤول إسرائيلي: وضع اقتصادي -صعب- في حيفا جراء صواريخ حزب ال ...
- مونشنغلادباخ وماينز يتألقان في البوندسليغا ويشعلان المنافسة ...
- وزير الخارجية: التصعيد بالبحر الأحمر سبب ضررا بالغا للاقتصاد ...
- الشعب السويسري يرفض توسيع الطرق السريعة وزيادة حقوق أصحاب ال ...
- العراق: توقف إمدادات الغاز الإيراني وفقدان 5.5 غيغاوات من ال ...
- تبون يصدّق على أكبر موازنة في تاريخ الجزائر
- لماذا تحقق التجارة بين تركيا والدول العربية أرقاما قياسية؟
- أردوغان: نرغب في زيادة حجم التبادل التجاري مع روسيا
- قطر للطاقة تستحوذ على حصتي استكشاف جديدتين قبالة سواحل ناميب ...
- انتعاش صناعة الفخار في غزة لتعويض نقص الأواني جراء حرب إسرائ ...


المزيد.....

- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - سامح سعيد عبود - أحل لكم العمل وحرم غيره لكسب العيش