أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - كاظم حبيب - ما هي طبيعة الصراع حول شؤون ومستقبل الاقتصاد العراقي بين سلطة الاحتلال وبين مجلس الحكم المؤقت والشعب؟















المزيد.....



ما هي طبيعة الصراع حول شؤون ومستقبل الاقتصاد العراقي بين سلطة الاحتلال وبين مجلس الحكم المؤقت والشعب؟


كاظم حبيب
(Kadhim Habib)


الحوار المتمدن-العدد: 543 - 2003 / 7 / 17 - 17:07
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


 

 

ما هي طبيعة الصراع حول شؤون ومستقبل الاقتصاد العراقي

بين سلطة الاحتلال وبين مجلس الحكم المؤقت والشعب؟

 

لم يأت تشكيل مجلس الحكم الانتقالي العراقي عن رغبة الإدارة الأمريكية, بل جاء تحت ضغوط محلية وإقليمية ودولية متزايدة ونتيجة نشوء أوضاع لا تقبل التأجيل. وهو أمر إيجابي يمنح الشعب العراقي الثقة بنفسه, بعد أن طمستها الدكتاتورية عشرات السنين, وبقدرته على تحقيق بعض أهم تصوراته وإرادته في الحياة السياسية الجديدة. وتخضع الآن صلاحيات المجلس لحوار بين سلطة الاحتلال ومجلس الحكم, وهي قابلة للتوسع أو التقليص وفق الظروف التي تمر بها سلطة وقوات الاحتلال في العراق من جهة, والضغوط المتعاظمة على الإدارة الأمريكية والوزارة البريطانية من جهة أخرى, وتحرك الأمم المتحدة لتأمين المزيد من الصلاحيات لمجلس الحكم الانتقالي من جهة ثالثة, إضافة إلى عاملين يلعبان دوريهما حالياً في الساحة السياسية العراقية, هما نضال الشعب لزيادة صلاحيات مجلس الحكم أولاً والأعمال التخريبية التي تقوم بها الجماعات الإرهابية والتخريبية أو الذين ينطلقون من مواقع العداء المجرد للاحتلال ثانياً. فالصراع بين سلطة الاحتلال ومجلس الحكم سيستمر دون أدنى ريب ما دامت الإدارة الأمريكية لا تريد التخلي جزئياً عن مشروعها الأول في العراق, أي أن هذا الصراع سيستمر إلى حين الانتهاء من فترة الانتقال. عندها يمكن أن يتخذ الصراع أشكالاً ومضامين جديدة وفق التطورات الجارية على الصعيد الداخلي وعلى مجرى انتخابات الرئاسة في الولايات المتحدة الأمريكية ومصير وزارة أنطوني بلير البريطانية وواقع التعاون والتحالف بين القوى السياسية العراقية. وسيكون الصراع على أشده الآن وفي المستقبل في المجال الاقتصادي, الذي يشكل العصب الحساس في السياسة الأمريكية, ولكنه العصب الشديد الحساسية أيضاً بالنسبة للمصالح الوطنية العراقية.

لو عدنا إلى الوراء قليلاً وحاولنا مراجعة ما كتب وما كتبت في موضوع أسباب حرب الخليج الثانية وأسباب حرب الخليج الثالثة لتبين لنا بما لا يقبل الشك بأن هناك أهدافاً اقتصادية وسياسية ذات طبيعة استراتيجية مؤكدة لا تشمل العراق فحسب, بل تمتد إلى المنطقة بأسرها, وهي جزء من سياسات العولمة الأمريكية وفق قاموس المحافظين الجدد وسياستهم اللبرالية الجديدة. وهي التي بدأت ملامحها منذ سنوات ولكنها تجلت أخيراً في اجتماعات البحر الميت في الأردن في ربيع هذا العام (2003).

وكان النفط العراقي ونفط المنطقة بأسرها, إضافة إلى عموم التوجهات الاقتصادية, وخاصة تأمين القبول بسياسات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي الخاصة ببرنامج التثبيت الاقتصادي والتكيف الهيكلي, المعبر عن سياسات الولايات المتحدة إزاء البلدان النامية, ودور الشركات الاحتكارية الأمريكية في الاقتصاد العراقي وعملية نقل الأنماط الإنتاجية والخدمية الأمريكية إلى الاقتصاد والمجتمع العراقي وربط الاقتصاد العراقي عضوياً بالاقتصاد الأمريكي وعزله قدر الإمكان عن الاقتصادات الأوروبية. وهذا الهدف الذي أشرت إليه في أكثر من دراسة ومقال حول الأهداف الأمريكية في العراق تؤكدها الإجراءات التي اتخذتها سلطة الاحتلال في العراق حتى الآن والعقود التي منحتها للشركات الأمريكية دون طرحها في إطار المناقصات الدولية كما هو مطلوب, أو إعادة إقامة شبكة الاتصالات الكهربائية والهواتف وفق التقنيات الحديثة والأجهزة الأمريكية ...الخ.

لا يمكن ولا ينفع العراق في المرحلة الراهنة ولا في المستقبل أن يرفض مشاركة الولايات المتحدة الأمريكية في العملية الاقتصادية العراقية, إن أن البلاد بحاجة إلى كل مساعدة ودعم ومساهمة في إعادة إعمار البلاد وتسريع التنمية وإيجاد فرص عمل للعاطلين عن العمل وتنشيط العملية الإنتاجية وحركة السوق والسيولة النقدية ورفع معدلات النمو الاقتصادي, إضافة إلى التعجيل في تطوير إمكانيات استخراج وتصدير النفط الخام. وليس هناك من عاقل يفكر بإبعاد الولايات المتحدة عن هذه المساهمة. ولكن في الوقت نفسه لا يمكن ولا يجوز وزلا ينفع العراق حصر عملية إعادة البناء والتنمية بالولايات المتحدة الأمريكية وفرض هيمنتها على العملية الاقتصادية في العراق ومنع تعاون العراق مع بقية دول العالم ومنها الدول الأوروبية واليابان والصين وروسيا الاتحادية والدول العربية وغيرها من بلدان العالم الثالث. إن هذا لا يجوز لا من منطلق المصالح العراقية البحتة فحسب, بل استناداً إلى الواقع الدولي ومضمون العولمة الموضوعية والتشابكات الشديدة في الاقتصادات الوطنية التي تتميز بها هذه المرحلة من التطور العالمي. كما أن عملية التعجيل في البناء الاقتصادي والاستجابة السريعة والفعالة لحاجات المجتمع اليومية للسلع والخدمات تتطلب مثل هذه المساهمة الدولية, بما فيها دور الأمم المتحدة.

وهذه الحاجة التي يفرضها واقع العراق الراهن تتعارض مع التصريحات التي أدلى بها الحاكم المدني في العراق, السيد باول بريمر, في يوم 14/07/2003 حول الموقف من الاقتصاد العراقي. وجاء ذلك بعد تشكيل مجلس الحكم الانتقالي مباشرة, وكأنها محاولة لسحب البساط من تحت أقدام مجلس الحكم من خلال سحب صلاحياته في الشؤون الاقتصادية. وهذه المسألة لا تجلب الانتباه فقط, بل تذكرنا بما كتب وكتبنا قبل ذاك حول الأهداف الأساسية وراء شن الحرب الأمريكية الأخيرة. وهي ظاهرة تزيد من عدم مصداقية قول الرئيس الأمريكي ووزير خارجيته كولن باول والحاكم العسكري والحاكم المدني بأن القوات الأمريكية والبريطانية جاءت محررة وليست محتلة أو تريد استغلال موارد العراق الاقتصادية واستغلال المجتمع العراقي أو الهيمنة على ثروته النفط بشكل خاص. إن العراقيين ليسوا بقصيري الذاكرة, فهم ما زالوا يتذكرون عبارات الجنرال ستانلي مود الذي احتل بغداد في 11 آذار من عام 1917 حين قال "جئنا محررين لا فاتحين, إذ لم يمض وقت طويل حتى صدر قرار مجلس الأمن وفق طلب الولايات المتحدة وبريطانيا العظمى باعتبار العراق محتلاً من قبل القوات الأمريكية منذ التاسع من نيسان/أبريل من عام 2003. وهذا ما يراد له أن يحصل في الممارسة العملية وفق تصريحات باول بريمر.   

دعونا نستمع أولاً إلى بعض الأقوال التي طرحها باول بريمر واعتبرها نهائية أمام مجلس الحكم الانتقالي حول الموقف من الاقتصاد العراقي وفق ما جاء في نشرة أخبار موقع صفحة الحزب الديمقراطي الكردستاني في الإنترنيت نقلاً عن رويترز:

"قال بول بريمر رئيس الإدارة المدنية الأمريكية في العراق يوم الاثنين انه سيستمع لآراء مجلس الحكم العراقي الجديد بشأن الاستثمار الأجنبي لكنه سيحتفظ بسيطرته العامة على مسار اقتصاد البلاد .

وكانت الإدارة المدنية قالت إن على العراق النظر في خصخصة القطاعات المملوكة للدولة والسماح بالاستثمارات الأجنبية في صناعة النفط قبل أن تتولى حكومة دائمة تتمتع بالسيادة إدارة شؤون البلاد.

وقال بريمر ردا على سؤال أن الإدارة المدنية لها القول الفصل فيما يتعلق بالتعاقدات وجلب الاستثمارات الأجنبية "أوضح التحالف بجلاء في مناقشاته أمس مع مجلس الحكم إننا نعتبر أن للتحالف سلطات واسعة جدا في تحديد اتجاه الاقتصاد العراقي."

وأضاف "وفيما يتعلق بالاستثمارات الأجنبية...فان هذا موضوع من الواضح أن مجلس الحكم سيود تقديم مشورته فيه ونحن ننوي الإنصات بدقة لما سيقوله المجلس الحاكم."

وتحدث بريمر للصحفيين بعد أن تحدث وفد زائر من البنك الدولي لزعماء قطاع الأعمال في العراق وقال إن البلاد تواجه مرحلة انتقالية صعبة"[i].

 

دعونا الآن نكثف ما أراد قوله إلى مجلس الحكم الانتقالي والشعب العراقي وكل الاقتصاديين العراقيين:

  1. إن الولايات المتحدة الأمريكية هي المسؤولة عن رسم وجهة تطور الاقتصاد العراقي, وليس من حق المجلس إلا إبداء المشورة, أي أن الرجل قد وضع العجلة قبل الحصان أو وضع القضية على رأسها بدلاً من يوقفها على قدميها. وكان ممثل الإدارة الأمريكية المعروف بكونه من المحافظين الجدد ومن أشد المتحمسين للبرالية الجديدة صريحاً جداً لا يقبل الالتباس, وعلينا الآن أن نقرر كيف نتعامل مع هذه الحقيقة.
  2. إن السياسة سترسم الآن ومن قبله قبل انتهاء مجلس الحكم الانتقالي من مهماته وتسليم زمام الأمور إلى السلطة المنتخبة من الشعب العراقي كله. أي أنه يريد من وراء ظهر الشعب والسلطة الشرعية تمشية الأمور استناداً إلى السلطات المخولة له من قبل مجلس الأمن, في حين أن مجلس الأمن لم يمنحه السلطة المطلقة في هذه الشؤون.
  3. وأن سلطة الاحتلال لها القول الفصل, وهي وحدها التي تقرر وبعقد الاتفاقيات ومنح الامتيازات بدلاً عن الشعب العراقي يغض النظر عن موقف مجلس الحكم الانتقالي والشعب في آن.
  4. وسلطة الاحتلال هي التي تقرر وتجلب الاستثمارات الأجنبية للعراق, وأن سلطاته في هذا المجال واسعة جداً.
  5. وإن سلطة الاحتلال تريد خصخصة الاقتصاد العراقي بما في ذلك قطاع النفط الخام وهو بيت القصيد, وهي التي تجلب الاستثمارات لهذا القطاع. وهنا يمكن الربط بين هي التي تجلب الاستثمارات للعراق وبين خصخصة النفط العراقي. ولم يكن بريمر في هذه النقطة غامضاً بأي حال.

إن هذه الفقرات تعتبر تجاوزاً فظاً على قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1483 بتاريخ 22 مايس/أيار 2003 وعلى صلاحيات قوات الاحتلال في العراق وعلى مصالح الشعب العراقي.

جاء في قرار مجلس الأمن رقم 1483 بشأن الجانب الاقتصادي ما يلي:

"ـ .. تيسير إعادة بناء العناصر الرئيسية للهياكل الأساسية، بالتعاون مع المنظمات الدولية الأخرى.
هـ ـ وتشجيع عملية إعادة بناء الاقتصاد وتهيئة الظروف اللازمة للتنمية المستدامة، عن طريق التنسيق مع المنظمات الوطنية والإقليمية، حسب الاقتضاء، ومع المجتمع المدني، والجهات المانحة، والمؤسسات المالية الدولية.

و ـ وتشجيع الجهود الدولية الرامية إلى المساهمة في المهام الأساسية للإدارة المدنية.
 9 ـ يؤيد قيام شعب العراق، بمساعدة السلطة وبالعمل مع الممثل الخاص، بتكوين إدارة مؤقتة عراقية بوصفها إدارة انتقالية يسيرها العراقيون، إلى أن ينشئ شعب العراق حكومة تمثيلية معترف بها دوليا وتتولى مسؤوليات السلطة"
[ii].

ومن نص الفقرة (ه) يتبين بأن مهمة سلطة الاحتلال تتركز في تشجيع عملية إعادة البناء وليس التدخل في رسم السياسة الاقتصادية للعراق, والمساهمة في تهيئة الظروف اللازمة عن طرق التنسيق, إضافة إلى تشجيع المساهمات الدولية في هذه العملية وليس ممارسة دور الرقيب على الاستثمارات ودور الحكم في منع هذه الشركة والسماح لتلك في العمل في العراق. إن هذه التصريحات التي أدلى بها السيد بريمر يجب أن ترفض من مجلس الحكم الانتقالي وأن تمارس ضغطها وبالتعاون الوثيق مع الأمم المتحدة والمجتمع الدولي والرأي العام العالمي لكي توافق الإدارة الأمريكية على عدم التدخل الفظ في رسم وتوجيه السياسة الاقتصادية العراقية, بل أن تترك للمجلس العراقي, ومن ثم يتم التشاور مع سلطة الاحتلال ولكن ليس من حقها ممارسة حق النقض (الفيتو) على قرارات المجلس في هذا الصدد, وخاصة في ما يخص موضوع النفط الخام والعقود الاقتصادية الدولية ومنح الامتيازات.

ويبدو أن السيد بريمر قد "استدعى وفداً من البنك الدولي ليوضح للعراقيين الموقف من الإصلاح الاقتصادي. وتحدث في هذا الاجتماع جوزيف سابا المدير الإقليمي بالبنك الدولي فقال "لقد أتينا آملين أن نتبادل مع العراقيين المعلومات التي لدينا عن دول أخرى مرت بفترات انتقالية عصيبة."

وأضاف "مع ذلك وكما تناولت مناقشاتنا فان العراق لديه مميزات كثيرة أعتقد إنها معروفة جدا تتمثل في قاعدته من الثروة البشرية وقاعدته من الموارد الطبيعية وموقعه في الشرق الأوسط. لذلك فالفرص التي تدعو للتفاؤل كثيرة.[iii]"

وسبق ذلك أن استدعت الإدارة الأمريكية مجموعة من الاقتصاديين العراقيين إلى واشنطن وأدخلتهم دورة تدريبية وسمعت لوجهات نظرهم بشأن الاقتصاد العراقي, وتبرع بعضهم, ومنهم الدكتور خليل شمة إلى تقديم محاضرة عن خصخصة الاقتصاد العراقي في واشنطن أمام المجاميع العراقية التي دعيت لتقدم خبرتها حول عراق ما بعد صدام حسين, والتي تركها أخيراً البعض منهم بسبب إهمالهم لهؤلاء الخبراء وإساءة معاملتهم. 

فإلى ماذا يدعوان البنك الدولي وصندوق النقد الدولي بشكل عام, دون أن يأخذا بنظر الاعتبار واقع العراق الاجتماعي وسياسات العسكرة والحروب والتجويع التي مرّ بها بسبب سياسات النظام والحصار الاقتصادي؟ إنهم يدعون إلى ما يلي:[iv]

1. تخلي الدولة الكامل عن التدخل في الشؤون الاقتصادية وترك المجال واسعا ومفتوحا للدور القيادي والرئيسي للقطاع الخاص وللمنافسة الحرة[1]. إنها اتجاهات اللبرالية الجديدة التي لم تعد تقبل بأية مشاركة للدولة في العملية الاقتصادية وتدعو إلى تصفية تامة لقطاع الدولة تحت شعار "الخصخصة" الكاملة. أي أنها تسعى "إلى تحديد دور الدولة الاقتصادي في تنظيم التوازنات الاقتصادية والمالية الكلية داخلياً ومع الخارج"[2], إنها وبهذا المعنى ستترك انسياب الفائض الاقتصادي صوب القطاع الخاص فقط وتمنعه عن الدولة, وبالتالي, تساهم مع عوامل أخرى في تأمين انسياب القسم الأكبر من الدخل القومي لصالح أصحاب رؤوس الأموال[3]. وبصدد العراق فأن شعار الخصخصة يمس قطاع النفط الخام أيضاً الذي يسيل له لعاب شركات النفط الاحتكارية وترفضه الأغلبية العظمى من الشعب العراقي ومن العاملين في الشؤون الاقتصادية العراقية.

2.  التخلي عن سياسات البرمجة الاقتصادية الحكومية والذي يعني في الوقت نفسه تخلي الدولة عن المشاركة في التأثير النسبي على سياسات التوظيف والتشغيل والأجور والأسعار ودعم الأسعار وترك ذلك كلية لقوانين أو آليات السوق دون تدخل الدولة[4].

3.  ممارسة سياسة الانفتاح الاقتصادي أو الاندماج الكامل والعاجل بالسوق الدولية والتي تعني بدورها الكف عن وضع أية قيود على حركة رؤوس الأموال والتجارة الخارجية وتصدير الأرباح, وكذلك التخلي عن التزاماتها بتنفيذ بنود قوانين العمل المحلية, وإلغاء القيود الجمركية النسبية لحماية الصناعة الوطنية الحديثة التكوين من حدة المنافسة الأجنبية غير المتكافئة, أي الدعوة للتخلي عن وضع وتنفيذ تعريفات جمركية وقيود وضرائب تحد من دخول أو خروج رؤوس الأموال والسلع, بغض النظر عن المصاعب الجدية التي تواجهها السلع المصنعة والمنتجات الزراعية للبلدان النامية في الولوج إلى أسواق الدول المتقدمة.

4.  .إجراء تغييرات واسعة في السياسات المالية والنقدية والضريبية, باتجاهات تقليص الإنفاق الحكومي العام وإلغاء الدعم الحكومي الذي يقدم للسلع والخدمات ذات الاستهلاك الشعبي الواسع. هذا من جانب, أما الجانب الثاني منها فيتمثل بمطالبة المؤسسات المالية الدولية حكومات هذه البلدان بزيادة الضرائب غير المباشرة على السلع والخدمات التي من شأنها إرهاق ميزانية الفئات الاجتماعية ذات الدخل المحدود والدخل الواطئ وبقية الكادحين, في حين تدعو إلى إلغاء الضرائب المباشرة أو تقليصها إلى الحد الأدنى على الدخل السنوي للأفراد وعلى أرباح الشركات الرأسمالية, أي إنها تعمل من أجل التخفيف عن أصحاب المشاريع ورؤوس الأموال المحلية والأجنبية بحجة تحقيق نسبة أعلى من الأرباح التي تساعد بدورها على تأمين المزيد من التراكمات المالية لاستثماراتها في المشاريع الإنتاجية والتنمية البشرية التي تسهم بدورها, كما ترى, بزيادة فرص العمل الجديدة, في حين تزيد من أعباء العمال والكسبة والحرفيين وصغار الفلاحين والمستخدمين وصغار الموظفين والفقراء في المجتمع بشكل عام.

5.  إصلاح النظام المالي والمصرفي والنقدي وتعويم صرف العملة المحلية وتأمين استقرارها في ضوء العلاقة مع الدولار الأمريكي على نحو خاص.

 

إن الأهداف المعلنة لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي من وراء هذه السياسات تتلخص في الوصول إلى إعادة التوازن إلى ميزان المدفوعات والميزان التجاري وتقليص الديون الخارجية وتحقيق معدلات استثمار ونمو اقتصادي أكثر ارتفاعا وتقليص البطالة والحد من ظاهرة ارتفاع الأسعار وتدهور أسعار صرف العملات الوطنية وتأمين دور قيادي للقطاع الخاص في عملية البناء الاقتصادي وإلغاء قطاع الدولة ودوره في الاقتصادات الوطنية وتسريع اندماج اقتصاديات هذه البلدان بالاقتصاد الرأسمالي الدولي أو في التقسيم الدولي الرأسمالي للعمل.

إن هذه الاتجاهات في برنامج التثبيت والتكيف الهيكلي لا تتميز بوحدانية الجانب والصرامة الشديدة, التي تستوجب مستلزمات غير متوفرة في البلدان النامية, ومنها العراق, فحسب, بل أنها لا تأخذ بنظر الاعتبار نقاط جوهرية يمكن الإشارة إليها فيما يلي:

n    إنها تسقط العلاقة العضوية القائمة بين السياسة والاقتصاد والمجتمع التي يفترض أن تكون لصالح المجتمع[5], ولكنها في واقع الأمر تمارس سياسة طبقية صارمة, سياسة تحقق مصالح الدول الرأسمالية المتقدمة ومصالح الفئات الرأسمالية المالكة لوسائل الإنتاج والغنية على التوالي. فهي لا تتجنب الحديث عن الديمقراطية السياسية فحسب, بل تكثر من الحديث عن اللبرالية الاقتصادية وحرية المنافسة, وهي تضعف قدرة الدول النامية على المنافسة والبقاء في السوق الدولية لصالحها, إنها تنسى بكل معنى الكلمة أو تتناسى الديمقراطية وحقوق الإنسان لا في الحياة السياسية فحسب, بل وفي نشاط المؤسسات الاقتصادية والحياة النقابية, إذ ما يهمها يتركز في دمج اقتصاديات وأسواق هذه البلدان بالسوق الدولية وفتح الأبواب أمام نشاط احتكاراتها الدولية. إنها تطالب حكومات هذه البلدان بامتلاك الإرادة السياسية لتنفيذ البرنامج, والذي لا يعني سوى ممارسة سياسة الاستبداد الاقتصادي في تنفيذ سياسات اقتصادية لا تتبناها الغالبية العظمى من السكان ولا تخدم سوى مصلحة أقلية ضئيلة في المجتمع.

n    إنها تنسى الواقع الذي تواجهه هذه البلدان وأهمية وضرورة وجود قطاع حكومي ديناميكي وفعال ومؤهل إداريا وتقنيا ومستقل في أداء جملة من مهمات العملية الاقتصادية, خاصة وأن بعضها يمتلك موارد مالية يمكن توجيهها للأغراض التنموية حيث يعجز أو يمتنع القطاع الخاص عن الولوج فيها, إذ أن الدولة بحاجة إلى جزء من الفائض الاقتصادي لتوجهه إلى تلك المشاريع التي لا تتوجه صوبها رؤوس الأموال الخاصة لأي سبب كان, أو من أجل تأمين الدعم الحكومي النسبي للتخفيف من أعباء شدة استغلال رأس المال؛

n    إنها, وهي تدعو إلى تقليص الإنفاق الحكومي, تركز على تشديد الاختلالات القائمة حاليا التي تعمق من انقسام المجتمع إلى معسكرين, الأغنياء والفقراء, وتجهز على مواقع الفئات الاجتماعية الوسطى وتنهي عمليا وجودها على الخارطة الاجتماعية للسكان, ولكنها تسكت كلية عن, أو حتى تشجع على, شراء الأسلحة التي تحمّل ميزانية هذه البلدان موارد مالية كبيرة وتزيد من مديونيتها الخارجية وتشجعها على حل مشكلاتها الداخلية والإقليمية بالقوة وممارسة العنف والحروب, كما لا ترفض تزويد البلدان التي تقوم بعمليات التسلح المستمرة بالقروض, وتغفل تماما الأضرار الناجمة عن ذلك على العملية الاقتصادية وارتفاع المديونية الخارجية وتدهور الحياة المعيشية والاجتماعية للغالبية العظمى من السكان.

n    إنها تقود إلى توسيع الاختلال الراهن في توزيع الدخل القومي وإلى تعميق الفجوة الدخلية والمعيشية بين الطبقات والفئات الاجتماعية وتؤدي إلى مزيد من البطالة وتخلق بؤر جديدة للتوتر الاجتماعي والصراع الطبقي والسياسي.

n    إنها تهمل كلية البيئة وأهمية ومستلزمات حمايتها وتخليصها من التلوث المتفاقم في إطار عملية التنمية الوطنية.    

n    وهي تهمل التطرق إلى سبل حماية الكفاءات الوطنية المتسربة باستمرار نحو الخارج بسبب الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلدان النامية والخسائر الفادحة التي تتحملها من جراء ذلك.

n    وهي تتجنب الإشارة ولو من بعيد إلى أهمية التعاون الإقليمي للدول المتجاورة لصالح التعاون والتنسيق الاقتصادي, إضافة إلى إهمالها موضوع تطوير البحث العلمي والتقني.

 

ومع ذلك, فليس كل ما هو مطروح في برنامج التثبيت الاقتصادي والتكيف الهيكلي خاطئ أو غير مناسب لبلداننا, ولكن فيه الكثير الذي يلحق أضرارا باقتصاديات ومجتمعات هذه البلدان, وخاصة تلك السرعة والشمولية والجذرية التي يراد بها تطبيق سياسات هذا البرنامج. ولهذا لا بد من التفكير بالطريقة التي نراها مناسبة للسير على طريق الإصلاح والتنمية دون أن تهمل الاتجاهات التي يطرحها هذا النموذج الرأسمالي الذي يستند إلى النظرية اللبرالية الجديدة في الفكر البرجوازي الحديث.

حتى عند الأخذ بهذا النموذج, فيفترض أن يتقرر من قبل مجلس الحكم الانتقالي العراقي وليس من سلطة الاحتلال الأول ومن ثم من الحكومة التي سينتخبها الشعب العراقي لاحقاً.

إن عملية التنمية في العراق بحاجة ماسة إلى مشاركة واسعة من رؤوس الأموال العربية والأجنبية ومساعدات الأمم المتحدة, إضافة إلى القطاع الخاص العراقي والقطاع المختلط وكذلك قطاع الدولة, إذ لا يمكن التفكير بنقل الرأسمالية بمضمونها اللبرالي الجديد إلى العراق بأي حال, بل يفترض التحري, في إطار الرأسمالية عن تلك الاتجاهات التي تساعد العراق وشعب العراق على التقدم المعجل ومساعدة السكان الأكثر كدحاُ للحصول على عمل وعلى دخل مناسب وعيش كريم. ولهذا اقترحت في دراسة سابقة لي الأخذ بمبدأ اقتصاد السوق الحر الاجتماعي. والذي يمكن تلخيصه بما يلي:

·    إن التوجه نحو اقتصاد السوق الحر الاجتماعي لا يعبر عن رغبة ذاتية بقدر ما هو واقع موضوعي لا يمكن ولا يصح الهروب منه أو تجاوزه. فعبر هذا التوجه يمكن انتهاج سياسة اقتصادية تعتمد الحرية الاقتصادية أو اللبرالية وتقليص دور الدولة إلى الحدود المعقولة في الحياة الاقتصادية لصالح القطاع الخاص ودوره, ولكن هذا لا يعني بأي حال إلغاء دور قطاع الدولة, وبمعنى آخر اعتماد النشاط الاقتصادي للبلاد على تمويل ونشاط القطاع الخاص المحلي والعربي والإقليمي, وكذلك على القطاع المختلط, إضافة إلى مشاركة مناسبة من جانب القطاع الحكومي, خاصة وأن العراق يمتلك موارد أولية تدر عليه موارد مالية غير قليلة يفترض أن توجه للتنمية المباشرة, وليس إلى دعم القطاعات الأخرى فقط. فالإصلاح الاقتصادي المطلوب لا يعني بأي حال الإجهاز التام على قطاع الدولة, بل يعني عقلانية مساهمته في التنمية الوطنية مع تنشيط وتفعيل أكثر للقطاع الخاص, إضافة إلى الانتباه إلى أهمية حماية مصالح الطبقات والفئات الاجتماعية الكادحة مثل العمال والفلاحين والكسبة والحرفيين على نحو خاص وتأمين مستوى معين من العدالة الاجتماعية في توزيع الثروة الوطنية.

·      ويفترض في الدولة أن تتعاون مع القطاعات الأخرى في طرح الاتجاهات الاستدلالية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية وأن تساهم في النهوض بهذه العملية, دون أن تفرض قيودا على حركة ونشاط القطاع الخاص والمختلط أو تتدخل في القرارات الاقتصادية لمنشآت القطاع الحكومي. وبمعنى آخر على الدولة, وفي ظروف العراق الملموسة, أن تتحمل مسؤولية المشاركة الفعالة في وضع برنامج اقتصادي عملي مقبول من جانب مختلف القطاعات ومرن يتضمن توجهات أساسية منها على سبيل المثال لا الحصر: برمجة التوزيع الجغرافي للاستثمارات والمشاريع؛ برمجة التشغيل والتخلص من البطالة مع الانتباه للتحديث التقني المطلوب والإنتاجية ومشكلة التكاليف؛ تأمين علاقة مناسبة بين التنمية الصناعية والزراعية التي تعاني اليوم من أسوأ أشكال التشوه في العلاقة في ما بينها وفي كل منها ومع بقية الفروع والقطاعات الاقتصادية والاجتماعية, وكذلك الربط العضوي بين سياسة تأمين معدلات نمو اقتصادية مناسبة وحماية البيئة من التلوث, والتأثير المناسب على معدلات النمو السكانية.

·    كما يفترض بمجلسي الحكم الانتقالي أن ينتبه خلال هذه الفترة بأهمية توزيع الموارد المتوفرة والمساعدات والقروض بصورة عقلانية بين أقاليم العراق الثلاثة, اتحادية كردستان العراق والمنطقتين الوسطى والجنوبية, بما يساعد على تنمية واقعية تمهد السبيل لسياسة اقتصادية إقليمية عقلانية من قبل السلطة الشرعية التي ستنتخب من قبل الشعب العراقي. إن عدالة توزيع الثروات بين المناطق المختلفة وفق أسس معينة تشبع حاجات المناطق المختلفة وفق الموارد المتوفرة ذات أهمية بالغة في خلق الإحساس بالرضا وعدم الغبن أو الشعور بمواطنة من الدرجة الثانية التي تعاملت بها النظم المركزية السابقة في العراق على امتداد تاريخ العراق الحديث منذ تشكيل الدولة العراقية الملكية حتى الوقت الحاضر.

·    حرية التجارة التي يفترض أن تأخذ بالاعتبار الاتجاهات الدولية الجديدة وما تقرر في دورات أوروغواي وغيرها, مع محاولة تأمين إمكانية التطور للسلع والخدمات المحلية بالشكل الذي لا يتقاطع مع التجارة الحرة ودور القطاع الخاص فيه, سواء في التجارة الخارجية أم الداخلية. ولا شك في أن اعتراضات الدول النامية هي التي أوقفت وإلى فترة لاحقة ما كانت تريد الولايات المتحدة الأمريكية فرضه في مؤتمر منظمة التجارة الدولية الأخير في سياتيل في واشنطن.

·    ويتطلب التوجه إلى مشاركة مناسبة للقطاع الخاص في مجال استثمار الثروات الأولية, بما فيها النفط الخام, لتأمين تسريع معالجة إشكاليات الاقتصاد العراقي الراهنة, دون أن يقود ذلك إلى تقليص دور قطاع الدولة في مجال النفط الخام أو الغاز أو الكبريت مثلا أو الفوسفات.

·    ويفترض أن تحتل مهمة التقليص المستمر للأيدي العاملة العاطلة أو توفير فرص عمل جديدة مكانة خاصة في المرحلة الراهنة بسبب البطالة الكبيرة وآثارها السلبية على الأفراد والمجتمع. ويفترض أن يراعى في هذا الصدد تقليص حجم البطالة واختيار المستوى المناسب من التقنيات الحديثة لتأمين تشغيل متزايد تدريجا ورفع إنتاجية العمل وتقليص تكاليف الإنتاج في آن واحد. ولا بد من بذل الجهود لاستعادة الكوادر العلمية والتقنية والمهارات التي غادرت العراق والاستفادة القصوى منها في عملية التنمية والإصلاح الاقتصادي. ومكافحة البطالة يتطلب دعم إنشاء وتطوير المشاريع الإنتاجية والخدمية الصغيرة والمتوسطة التي تستثمر مزيدا من الأيدي العاملة ولا تحتاج إلى رؤوس أموال أو عملة صعبة كبيرة, ولكنها تساهم في معالجة العديد من المشكلات الاقتصادية.

·    ويتطلب الإصلاح الاقتصادي إجراء تغيير واسع النطاق في النظام الإداري وأجهزة الإدارة الاقتصادية في البلاد وتحديثها وفق أسس علمية, تلعب فيها الديمقراطية واللامركزية والمسؤولية الفردية والجماعية والمشاركة في النشاط الاقتصادي دوراً مهماً فيها وفي قراراتها وتوجهاتها العامة.   

·      وضع وتنفيذ سياسات مالية ونقدية وضريبية جديدة على أن تراعي واقع الفقر السائد والتباين في الدخول ومستويات المعيشة بما يخفف من جشع ورغبة أصحاب رؤوس الأموال في تحقيق أقصى الأرباح على حساب المجتمع, إذ أن سوء توزيع وإعادة توزيع الدخل القومي يقود دون أدنى ريب إلى نتائج سلبية في مجمل العملية الاقتصادية ويخلق بذلك المزيد من الاختلالات الجديدة. إذن نحن أمام مهمة عقلنة وتقنين الإنفاق الحكومي وتأمين مصادر جديدة لإيرادات خزينة الدولة, وخاصة من العملات الصعبة, على أن لا تتم تلك العقلنة على حساب الكادحين من الناس ولصالح أصحاب رؤوس الأموال. كما أننا بحاجة إلى توظيفات رأسمالية لتحسين مستوى التراكم الرأسمالي من خلال العناية بالعلاقة العقلانية بين فائض القيمة أو الربح والأجر في توزيع وإعادة توزيع الدخل القومي.

وتقع على عاتق مجلس الحكم الانتقالي أن يكافح بكل السبل السلمية والديمقراطية ويمارس الاستعانة المطلوبة بالمجتمع الدولي, الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي, والرأي العام العالمي, لرفع مستوى الضغط على الإدارة الأمريكية وسلطة الاحتلال لتتخلى عن خططها في احتكار النشاط الاقتصادي العراقي وفرض توجهاته عليه, بل يفترض أن يأخذ المجلس الأمر بيديه وان يحتمي بالشعب وينشطه لدعمه في هذا الصراع الأساسي خلال الفترة القادمة.

إنها مهمة الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والقوى الشعبية المختلفة تتركز في مساندة مجلس الحكم الانتقالي ليمارس صلاحياته في مختلف المجالات بما فيها المجالات الاقتصادية, بغض النظر عن ملاحظات كثيرة حول بنية وطبيعة وبعض أعضاء هذا المجلس. فهذه الخلافات والاختلافات ممكنة, إلا أن الأهم هو وجود هذا المجلس الوطني الانتقالي. إن تجاربنا في هذا الصدد ليست قليلة وعلينا الاستفادة منها في هذه المرحلة الحرجة من نضال الشعب العراقي. لقد تخلصنا من الدكتاتورية بمساعدة أمريكا وعلينا أن نتخلص من الاحتلال بعد إنجاز مرحلة الانتقال بمساعدة المجتمع الدولي والرأي العام العالمي, وبشكل خاص نضال الشعب العراقي.

إن الإدارة الأمريكية وسلطة الاحتلال وفق تصريحات باول بريمر حول الاقتصاد العراقي تضع في أيدي المخربين من أعوان النظام السابق وأتباع الإسلام السياسي المتطرفين وبعض القوى القومية الشوفينية, التي تريد الصيد في الماء العكر لتشوش على مجلس الحكم الانتقالي, أوراقاً جديدة تستخدم في غير صالح التحولات المنشودة في العراق وتقليص فترة الانتقال ومغادرة القوات المحتلة للأراضي العراقية واستعادة العراق حريته الكاملة واستقلاله المفقود وسيادته الوطنية. وعلى عاتقنا جميعاً تقع مسؤولية إقناعهم بأهمية وضرورة أن يأخذ المجلس على عاتقه المهمات الاقتصادية الداخلية والعلاقات الاقتصادية العربية والدولية. ولا يجوز القبول بغير ذلك. ونحن نثق بقدرة الشعب وقواه السياسية على تحقيق ذلك.       

 برلين في 16/07/2003                                                                                       كاظم حبيب

             



[1] ملاحظة: تستوجب الإشارة هنا إلى أن الدول الرأسمالية المتقدمة وخاصة في أوروبا قد التزمت منذ نهاية الحرب العالمية الثانية بنموذج كنز للتنمية والذي أعتمد على دور أكبر للدولة ونشاطها الاقتصادي وتأمين مستلزمات تطور القطاع الخاص من جانب الدولة أيضا. إلا أن البرجوازية الكبيرة في الولايات المتحدة الأمريكية وفي أوربا قد تراجعت عن هذه السياسة من خلا تصفيتها التدريجية لقطاع الدولة وتأكيد ضرورة تقليص تدخل الدولة في الشؤون الاقتصادية. وهذا الاتجاه في السياسة الاقتصادية هي الذي يطلق عليه بسياسة اللبرالية الجديدة والذي يتضمن عناصر عديدة أخرى بما فيها الكف عن دعم أسعار السلع والخدمات التي كانت وما تزال تمس مصالح الفئات الكادحة والفقيرة في المجتمع وتؤثر عليها سلبيا, وكذلك تقليص نفقات الدولة على مشروعات الخدمات الاجتماعية …الخ.  

[2] السعدي, صبري زاير د. الاقتصاد السياسي للتنمية والاندماج في السوق الرأسمالية العالمية. بحث منشور في مجلة المستقبل العربي. يصدرها مركز دراسات الوحدة العربية. العدد (249) 11/1999. بيروت. ص 31.

[3] زكي, رمزي د. اللبرالية المستبدة. سينا للنشر. ط 1. القاهرة. 1993. ص 82-94.

[4] زكي, رمزي د. اللبرالية المستبدة.  نفس المصدر السابق. 

[5] قارن: السعدي, صبري زاير د. الاقتصادي السياسي…. مصدر سابق. ص 35. 



[i]   http://www.kdp.pp.se. 15.07.2003.

[ii]  جريدة الشر الأوسط اللندنية بتاريخ 23/07/2003.

[iv]  حبيب, كاظم د. أفكار حول الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي في العراق. "رؤية حوارية". 

 



#كاظم_حبيب (هاشتاغ)       Kadhim_Habib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدروس التي يمكن استخلاصها من الحرب الأخيرة واحتلال العراق
- التركة الثقيلة لنظام صدام حسين الاستبدادي على المرأة العراقي ...
- الجولة الأخيرة واليائسة لصدام حسين وعصابته أو صحوة موت
- لمواجهة نشاط قوى صدام حسين بعد سقوط النظام - الحلقة الخامسة ...
- أفكار حول الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي في العراق
- العوامل المحركة للقضية العراقية والصراع حول السلطة في العراق
- كيف يفترض أن نتعامل مع فتوى آية الله العظمى السيد كاظم الحسي ...
- موضوعات للحوار في الذكرى الأربعينية لثورة تموز عام 1958
- لِمَ هذه الخدمات المجانية لدعم غير مباشر لقوى صدام حسين التخ ...
- هل الدور الجديد الذي يراد أن تلعبه العشائر العراقية في مصلحة ...
- من أجل أن لا ننسى ما فعله الاستعمار البريطاني والنظام الملكي ...
- من أجل التمييز الصارم بين مواقف الشعب ومواقف أعداء الحرية وا ...
- قراءة في كتاب -دراسات حول القضية الكردية ومستقبل العراق- للأ ...
- انتفاضة السليمانية وثورة العشرين
- إجابة عن أسئلة تشغل بال مواطنات ومواطنين عرب ينبغي إعارتها ك ...
- من أجل مواصلة حوار هادئ, شفاف وبعيد عن الحساسية والانغلاق وا ...
- تحويل بعض بيوت الله من منابر للتسبيح بحمد الدكتاتور إلى مراك ...
- من أجل مواصلة حوار هادئ, شفاف وبعيد عن الحساسية والانغلاق وا ...
- الشفافية والمجاهرة حاجة ماسة في العلاقة المنشودة بين القوى ا ...
- من يقف وراء حملة التمييز بين مناضلي الداخل والخارج؟ وما الهد ...


المزيد.....




- مزارع يجد نفسه بمواجهة نمر سيبيري عدائي.. شاهد مصيره وما فعل ...
- متأثرا وحابسا دموعه.. السيسي يرد على نصيحة -هون على نفسك- بح ...
- الدفاع الروسية تعلن حصيلة جديدة لخسائر قوات كييف على أطراف م ...
- السيسي يطلب نصيحة من متحدث الجيش المصري
- مذكرات الجنائية الدولية: -حضيض أخلاقي لإسرائيل- – هآرتس
- فرض طوق أمني حول السفارة الأمريكية في لندن والشرطة تنفذ تفجي ...
- الكرملين: رسالة بوتين للغرب الليلة الماضية مفادها أن أي قرار ...
- لندن وباريس تتعهدان بمواصلة دعم أوكرانيا رغم ضربة -أوريشنيك- ...
- -الذعر- يخيم على الصفحات الأولى للصحف الغربية
- بيان تضامني: من أجل إطلاق سراح الناشط إسماعيل الغزاوي


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - كاظم حبيب - ما هي طبيعة الصراع حول شؤون ومستقبل الاقتصاد العراقي بين سلطة الاحتلال وبين مجلس الحكم المؤقت والشعب؟