|
فلسطين عرّت عالم الكذب والتزوير في الغرب
سعيد مضيه
الحوار المتمدن-العدد: 8341 - 2025 / 5 / 13 - 18:15
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
عبارات شائعة جدًا في مجتمعنا. أنتم تعرفونها: الولايات المتحدة والغرب يدافعان في جميع أنحاء العالم عن الديمقراطية، وحرية التعبير، وحرية الصحافة، وحرية الأسواق، وسيادة القانون، وحقوق الإنسان. هذا ما يقولونه لنا. أما المعنى الذي ربما كانت تحمله هذه المشاعرذات مرة، وهي في الواقع كل منطوياتها ، فقد ضاع، إن وُجد. باتت هراءً. والأسوأ من ذلك، أنها أكاذيب تُكرر حتى الغثيان لتحصين المجتمعات من التفكير لمصلحتها. فلسطين، ربما أكثر من أي أزمة أخرى سبقتها، فضحت هذه الأكاذيب الشائعة وعرت حقيقتها، أكاذيب من الطراز الأول. لا أعلم ما إذا كانت هذه الحقيقة ستجد من يدافع عنها ويرسخها في المجتمع . لست متفائلًا. ولكن كما لم يكن هناك عودة إلى الوراء بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر[ تفجيرات الأبراج في نيويورك عام 2001]، فقد قاطع الواقع بوقاحة حفلنا المنحطة بوقاحة، كذلك لا عودة إلى الوراء بعد السابع من أكتوبر. دعونا نتناول بإيجاز كل واحدة من هذه الأكاذيب الغربية على حدة.
الديمقراطية عندما فازت حماس ديمقراطيًا بأغلبية مقاعد السلطة الفلسطينية عام 2006 (وهي انتخابات لم يكن لأي من أطفال غزة آنذاك ولا اليوم أي علاقة بها)، انتاب عالم الغرب، هذا المقرر الوحيد للديمقراطية العالمية، فقدان الصواب وصرخ بصوت واحد “لا! لم نكن نقصد الديمقراطية بهذه الطريقة!". سارع الكونجرس إلى إقرار قانون يحظر تقديم أي مساعدة للسلطة الفلسطينية ما لم تُظهر "تقدمًا نحو تطهير أجهزتها الأمنية من الأفراد المرتبطين بالإرهاب، وتفكيك جميع البنى التحتية للإرهاب والتعاون مع أجهزة الأمن الإسرائيلية، ووقف التحريض المناهض لأمريكا والمعادي لإسرائيل، وضمان الديمقراطية والشفافية المالية". بالمثل، أصدرت "اللجنة الرباعية للشرق الأوسط" المكونة من الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الروسي، بيانًا جاء فيه: "إن حل الدولتين للصراع يتطلب من جميع المشاركين في العملية الديمقراطية نبذ العنف والإرهاب، وقبول حق إسرائيل في الوجود، ونزع السلاح". غير مستغرب أن يندرج هذا الأمر على الفلسطينيين فقط، لا يُتوقع من إسرائيل أن تتخلى عن الإرهاب، وأن تقبل بحق فلسطين في الوجود، وأن تنزع سلاحها. بالذات حزب نتنياهو يرفض قيام دولة للشعب الفلسطيني. أكثر من ذلك، فإن إسرائيل، "الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط" كما يخبروننا (دون مراعاة لحقيقة أن أسوأ الأنظمة الاستبدادية في الشرق الأوسط - المملكة العربية السعودية ومصر - تتلقى مليارات الدولارات من الولايات المتحدة كل عام)، قد أقامت وجودًا قائمًا على قوانين جيم كرو [ قوانين عنصرية ضد السود بالولايات المتحدة ] بحكم الأمر الواقع وبحكم القانون على الفلسطينيين. لا يتمتع فلسطينيو إسرائيل بحقوق متساوية. تحتفظ منظمة عدالة بقائمة تضم أكثر من 65 قانونًا تمييزيًا ضد الفلسطينيين. ينص قانون الدولة القومية الذي أقره الكنيست الإسرائيلي في عام 2018 صراحةً على أن اليهود فقط لهم الحق في تقرير المصير الوطني داخل إسرائيل. يحظر على الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة التنقل بحرية الى غزة أو داخل إسرائيل نفسها. يمكن بموجب القانون الحظر على الفلسطينيين الإقامة بالقرى الإسرائيلية. جمع مياه الأمطار مخالف للقانون؛ ولا يمكن للفلسطينيين الحصول على تصاريح بناء لمنازلهم، ولا يتمتعون بنفس حقوق الزواج التي يتمتع بها الإسرائيليون اليهود. أي فرد يتزوج فلسطينيًا/ة، بغض النظر عن جنسيته، تُقيد حركته داخل إسرائيل وقد يُمنع حتى من العودة إلى المنطقة. ولا يمكن للفلسطيني الذي يتزوج من إسرائيلي/ة من اليهود أن يحصل على الجنسية الإسرائيلية. ويُمنع بعض الفلسطينيين الذين تمكنوا من مغادرة إسرائيل من العودة أبدًا. والهدف من قوانين الجنسية هذه واضح: الحفاظ على التفوق اليهودي على حساب الحقوق الفلسطينية. وقد اعترف وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد بذلك قائلاً: "يجب ألا نخفي جوهر قانون الجنسية. إنه إحدى الأدوات التي تهدف إلى ضمان أغلبية يهودية في دولة إسرائيل". واضح أن إسرائيل ليست دولة ديمقراطية. هنا في الولايات المتحدة، يحاول بعض المواطنين ممارسة حقهم الديمقراطي في مقاطعة البضائع الإسرائيلية. وللأسف، تُلزم العديد من الولايات الأمريكية الراغبين في الحصول على عقود أو وظائف حكومية بتوقيع تعهد بالولاء لإسرائيل، متجاهلةً بذلك أي تكتيكات تستخدمها حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS) ضد إسرائيل. ومن الأمثلة الحديثة على ذلك مدينة سان ماركوس في تكساس، التي اكتشفت أنها تُرسل 4.4 مليون دولار إلى إسرائيل سنويًا. وردًا على قيام مجلس المدينة بصياغة قرار للتصويت عليه يدعو إلى تحويل هذه الأموال نحو الأولويات المحلية، هدد حاكم ولاية تكساس، جريج أبوت، باستبعاد سان ماركوس من جميع عقود الولايات المستقبلية. هذه هي ديمقراطيتنا في العمل - حاكم ("محافظ") يُقوّض السيطرة المحلية لصالح دولة أجنبية. في الولايات المتحدة، يحاول بعض المواطنين ممارسة حقهم الديمقراطي في مقاطعة البضائع الإسرائيلية. وللأسف، تُلزم العديد من الولايات الأمريكية الراغبين في الحصول على عقود أو وظائف حكومية بتوقيع تعهد بالولاء لإسرائيل، متجاهلةً بذلك أي تكتيكات تستخدمها حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (بي دي إس) ضد إسرائيل. ومن الأمثلة الحديثة على ذلك مدينة سان ماركوس في تكساس، التي اكتشفت أنها تُرسل 4.4 مليون دولار إلى إسرائيل سنويًا. وردًا على قيام مجلس المدينة بصياغة قرار للتصويت عليه يدعو إلى تحويل هذه الأموال نحو الأولويات المحلية، هدد حاكم ولاية تكساس، جريج أبوت، باستبعاد سان ماركوس من جميع عقود الولايات المستقبلية. هذه هي ديمقراطيتنا في العمل - حاكم ("محافظ") يُقوّض السيطرة المحلية لصالح دولة أجنبية.
حرية التعبير لا أعلم إن كنتم قد لاحظتم، لكن الكثير من الناس قد أُلقي القبض عليهم، وتعرضوا للمضايقة والاعتداء، وأُلقوا في شاحنات بدون علامات من قبل رجال شرطة يرتدون ملابس مدنية؛ إخضع المعتقلون للمراقبة، أُلغيت تأشيراتهم، ورُحِّلوا لمجرد كتابة مقالات افتتاحية لصالح الشعب الفلسطيني. إن كنتم تريدون القول إن احتلال الطلاب للمباني الحكومية والجامعية بالقوة جريمة تستوجب الاعتقال، فهذا جيد؛ لكن لا يعتبر انتهاكا للقانون التصريح بصوت عالٍ بأنه لا ينبغي إبادة الشعب الفلسطيني على يد دولة صهيونية قومية عرقية؛ ولا ينبغي أن يكون كذلك أبدًا. في المملكة المتحدة، التي ربما قد تتفاجأون عندما تعلمون أنها لا تتمتع بحماية خاصة لحرية التعبير مثل الولايات المتحدة، أُلقي القبض على ناشط بارز في منظمة فلسطين أكشن ووُجهت إليه تهمة دعم منظمة إرهابية بسبب خطابين ألقاهما. هذا كل شيء. لقد ألقى خطابات. بهذه التكتيكات القاسية التي تلجأ اليها بعض الولايات نشهد عودة إلى أيام الحرب العالمية الأولى، عندما كانت الولاية الرجعية وميليشياتها والشرطة المفوضة من قبلها تنفذ حملة مطاردة ساحرات واسعة النطاق للقضاء تمامًا على النشطاء المناهضين للحرب، والداعين لتوفيرالعمل . تم نهب المكاتب وإغلاق دور النشر والتجسس على البريد الخاص. تم سجن الآلاف وترحيل المئات. تلك هي النقطة التي بلغناها في الزمن الراهن. من المثير للسخرية أن الآراء التي تتوافق مع الدولة، مثل الصهيونية، لا تُعتبر جرائم. آمل بالتأكيد أن تكون مواقفكم "المتوازنة" و"الموضوعية" المؤيدة لإسرائيل تستحق الثمن. جميع الكلفة التعديل الأولي.[ يضمن حرية التعبير]
حرية الصحافة جرى تسخير هذا التعسف الحكومي ضد الصحفيين أيضًا. لا أتحدث هنا عن الدعاية الإمبريالية الخبيثة التي لطالما روّجت لها الصحافة الليبرالية السائدة بشأن هذه القضية. بل أعني أن الصحفيين يُحتجزون ويُستجوبون ويتسرقون ممتلكاتهم الشخصية ويُتهمون بجرائم خطيرة. من الأمثلة على ذلك: اعتُقلت الصحفية سارة ويلكنسون في المملكة المتحدة وسُرقت أجهزتها بسبب "محتوى نشرته على الإنترنت" يتعلق بفلسطين. كما اعتُقل آسا وينستانلي، المحرر المساعد في "الانتفاضة الإلكترونية"، بالمملكة المتحدة وسُرقت أجهزته بتهمة "تشجيع الإرهاب". كما اعتُقل الصحفي كيت كلارينبرغ على يد ضباط مكافحة الإرهاب في المملكة المتحدة واستُجوب حول آرائه السياسية. كما اعتُقل كريج موراي، الصحفي والدبلوماسي البريطاني السابق، في المملكة المتحدة وسُرقت أجهزته بسبب أنشطته الداعمة لفلسطين. واعتقلت كل من الحكومتين البريطانية والنمساوية الصحفي ريتشارد ميدهيرست في مناسبتين منفصلتين، وصودرت عدته الصحفية في كلتا المرتين. أسباب هذا القمع الحكومي للصحفيين واضحة. خلال استجواب ميدهيرست من قبل الشرطة النمساوية، أكد الضباط حرفيًا أن ميدهيرست يجظى بقاعدة جماهيرية واسعة؛ من ثم فنفوذه خطير.
في بعض الأوساط، تُحدث أساليب القمع هذه تأثيرها المقصود. مثال شخصي: بعد اغتيال إسرائيل لزعيم حزب الله، حسن نصر الله، باستخدام قنابل أمريكية الصنع تزن 2000 رطل في بيروت في هجوم حضري أودى بحياة المئات، كتبتُ على الفور مقالًا عن الهجوم. جادلتُ بأن أسلوب إسرائيل القديم في اغتيال قادة حركة المقاومة، على الرغم من أن عمليات قطع الرؤوس هذه قد تكون مُنهكة لمنظمات مثل حزب الله للحفاظ على عملها بكامل طاقتها، إلا أنها مع ذلك لن تُدمر المقاومة في النهاية بل ستُديمها. قدمتُ المقال إلى العديد من المنافذ الأصغر التي تُركز على شؤون الشرق الأوسط والجنوب العالمي. أبدت إحدى هذه المنافذ، ومقرها أوروبا، اهتمامًا مبدئيًا بالمقال، لكنها أرسلت لي ما يلي: "قد لا نتمكن من نشر المقال للأسف. بعد التشاور مع محررينا الذين راجعوا مقالك، تقرر أنه لا يمكن نشر المقال، لا سيما بسبب التبعات القانونية". لم يُسهبوا في الحديث عن "التداعيات القانونية"، لكنني افترضتُ أنهم كانوا قلقين من توجيه اتهامات لهم بدعم حزب الله بطريقة ما. ونظرًا لافتقار أوروبا لحماية حرية التعبير، لم أُفاجأ بهذا الموقف، بل خاب أملي فيه بشدة. كنتُ على استعداد لتعديل المقال لنشره، وأرسلتُ إليهم هذا الرد: اعتقلت الشرطة البريطانية آسا وينستانلي، من موقع "الانتفاضة الإلكترونية"، وسرقت مواده. بالنسبة لي، هذا هو الوقت المناسب للصحافة البديلة لتكون أكثر شجاعة، وأكثر حزمًا، وأكثر جرأة، لا أقل. أكون سعيدًا بالتعاون مع المحررين إذا كانت هناك تفاصيل محددة يمكن تغييرها أو حذفها لنشر المقال (الذي يمكن أن يُركز الآن على اغتيال يحيى السنوار مؤخرًا). لكنني مع ذلك أؤكد على بقاء الفكرة الرئيسية ونبرة المقال كما هي. لم أتلقَّ أي رد. يمكن القول إنهم استخدموا ببساطة العذر "القانوني" كوسيلة لرفض مقال لم يكونوا لينشروه على أي حال. حتى لو كانوا صادقين، فمن الواضح جدًا أنهم استخدموا مثل هذا العذر كوسيلة فعالة لإسكات بعض الآراء. ولأن موضوع المقال كان حساسًا من حيث الوقت، فقد قررتُ نشره بنفسي، وانتهى الأمر. يمكنني الاستمرار في سرد أمثلة كهذه. الأمر لا يقتصر على الاعتقالات فحسب؛ فجميع ما يرسله مراسلو سي إن إن و بي بي سي في إسرائيل يجب أن يخضع للرقابة الإسرائيلية، وامتثلت هذ المنصات. هذا كل ما في الأمر بالنسبة لحرية الصحافة.
الأسواق الحرة
سبق الحديث عن قمع حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات، ولكن ماذا عن فلسطين نفسها؟ غزة محاصرة تمامًا عن العالم الخارجي. لا يستطيع سكان غزة . أنفسهم الصيد في البحر الأبيض المتوسط وإلا تُقصف قواربهم وتُطلق النار عليهم. سُرقت أراضيهم الخصبة أو دُمرت. انقطعت المساعدات تمامًا. أولئك الذين يحاولون تنظيم سفن المساعدات إلى غزة يتعرضون للهجوم دائمًا. في عام 2010، تعرض عشرة عمال إغاثة من أسطول الحرية، بينهم مواطن أمريكي، للهجوم وقتلوا على يد القوات الإسرائيلية لمحاولتهم إيصال المساعدات إلى غزة. الليلة الماضية فقط، في 2 مايو، تم قصف سفينة أخرى تابعة لأسطول الحرية وعلى متنها 30 عامل إغاثة بواسطة طائرتين بدون طيار انتحاريتين، يُرجح أن إسرائيل أطلقتهما. في الضفة الغربية، تُداهم قوات الدفاع الإسرائيلية المتاجر والبقالات المحلية وتُغلقها باستمرار. يُجبر الناس على الاعتماد على الجمعيات الخيرية الدولية وعمال الإغاثة. من بين هؤلاء، يشعر الكثيرون بقلق بالغ إزاء التبرع خوفًا من الوقوع في فخ قوانين مكافحة الإرهاب الغربية التي تحظر تقديم الدعم المادي لأي منظمة مرتبطة بـ"الإرهاب" كما يعتبره الغرب، وهو تعريف هش. لا توجد أسواق حرة لفلسطين وأنصاره علاوة على ما تقدم، تعطلت الأسواق العالمية بسبب هجمات الحوثيين في اليمن على السفن التجارية في البحر الأحمر ردًا على الإبادة الجماعية الإسرائيلية للفلسطينيين. مطالب اليمن واضحة؛ لن يتوقفوا عن مهاجمة السفن حتى تُنهي إسرائيل حملتها الدموية ضد غزة. رفضت إسرائيل ذلك، والغرب يقصف المدنيين اليمنيين ردًا على ذلك. من الواضح أن التجارة الحرة الدولية أصبحت في مرتبة ثانوية أمام إبادة جماعية تُدار دوليًا.
سيادة القانون إن الولايات المتحدة - بمواصلتها تمويل وتسليح الإسرائيليين حتى بعد أن أمرت محكمة العدل الدولية إسرائيل بمنع الإبادة الجماعية للفلسطينيين - شريكة كاملة في الإبادة الجماعية الإسرائيلية، ومسؤولة، من ثم، جنائيًا. استخدمت مرارا حق النقض (الفيتو) ضد قرارات متعددة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لوقف إطلاق النار. ورغم أن القانون الأمريكي يمنعنا من تقديم الدعم العسكري للدول التي تعيق وصول المساعدات الإنسانية، فقد واصلنا إمداد إسرائيل بالأسلحة رغم منعها دخول الغذاء وغيره من إمدادات المساعدات الضرورية إلى غزة. علاوة على ذلك، فإن كل دولار ترسله الولايات المتحدة إلى إسرائيل ينتهك معاهدة حظر الانتشار النووي لأن إسرائيل دولة نووية؛ وقد أقر الكونعرس ثانونا عام 1976 يمنع تقديم أي مساعدة للدول النووية التي لم توقع على المعاهدة؛ وإسرائيل لم توقع على المعاهدة. والولايات المتحدة حتى لا تعترف رسميًا بامتلاك إسرائيل للأسلحة النووية، لأن ذلك يعني الاعتراف بأن مليارات الدولارات التي تُمنح لإسرائيل سنويًا هي غير شرعية.
كما يشير الكاتب الفلسطيني الأمريكي رامي خوري، يُظهر الغرب باستمرار تقلباته الخارجة عن القانون فيما يتعلق بشؤون الشرق الأوسط: تكمن الصعوبة مع الإسرائيليين والحكومة الأمريكية، وخاصة وزارة الخارجية... في افتقارهم لأي مرجعية أخلاقية أو قانونية. ... فمهما قالوا، فإن القانون الدولي، وقرارات الأمم المتحدة، والمعاهدات، واتفاقيات الإبادة الجماعية، لا تعني شيئًا للحكومة الأمريكية أو للحكومة الإسرائيلية في هذا الوضع في الشرق الأوسط. قد تعني لهم شيئًا فيما يتعلق بالروهينجا أو بأي شخص آخر، لكن في وضعنا هذا، لا تُطبق هذه القواعد القانونية. أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغيره من السياسيين والقادة العسكريين الإسرائيليين رفيعي المستوى بتهمة ارتكاب جرائم ضد الفلسطينيين. ومع ذلك، لم تلتزم أي حكومة، من بين الحكومات التي استضافت زيارات هؤلاء المسؤولين الإسرائيليين منذ إصدار مذكرات الاعتقال، بواجبها القانوني في اعتقال هؤلاء المجرمين بصفتها أطرافًا موقعة على المعاهدة التي أنشأت المحكمة الجنائية الدولية. وبدلاً من ذلك، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على مسؤولين في المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية، إلى جانب أفراد عائلاتهم، ومنعتهم من السفر.
كما يشير الكاتب الفلسطيني الأمريكي رامي خوري، يُظهر الغرب باستمرار تقلباته الخارجة عن القانون فيما يتعلق بشؤون الشرق الأوسط: تكمن الصعوبة مع الإسرائيليين والحكومة الأمريكية، وخاصة وزارة الخارجية... في افتقارهم لأي مرجعية أخلاقية أو قانونية. ... فمهما قالوا، فإن القانون الدولي، وقرارات الأمم المتحدة، والمعاهدات، واتفاقيات الإبادة الجماعية، لا تعني شيئًا للحكومة الأمريكية أو للحكومة الإسرائيلية في هذا الوضع في الشرق الأوسط. قد تعني لهم شيئًا فيما يتعلق بالروهينجا أو بأي شخص آخر، لكن في وضعنا هذا، لا تُطبق هذه القواعد القانونية. أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغيره من السياسيين والقادة العسكريين الإسرائيليين رفيعي المستوى بتهمة ارتكاب جرائم ضد الفلسطينيين. ومع ذلك، لم تلتزم أي حكومة، من بين الحكومات التي استضافت زيارات هؤلاء المسؤولين الإسرائيليين منذ إصدار مذكرات الاعتقال، بواجبها القانوني في اعتقال هؤلاء المجرمين بصفتها أطرافًا موقعة على المعاهدة التي أنشأت المحكمة الجنائية الدولية. وبدلاً من ذلك، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على مسؤولين في المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية، إلى جانب أفراد عائلاتهم، ومنعتهم من السفر. مؤسسة هند رجاب، وهي مجموعة مراقبة، تنبه الحكومات عندما يزور جنود إسرائيليون بلدانهم، وقد وثقوا بوضوح جرائم الحرب التي ارتكبوها على وسائل التواصل الاجتماعي. لم يواجه أي من هؤلاء الجنود عقوبة جنائية على الرغم من وجود أدلة كافية (مبلغ عنها ذاتيًا). لم يتم إيقاف أي من رحلات الطيران الإسرائيلية فوق المجال الجوي الغربي. وهنا أذكركم بأن الولايات المتحدة أجبرت طائرة تقل رئيس بوليفيا، إيفو موراليس، عندما توقعت أن يكون إدوارد سنودن على متنها. إن سنودن، المبلغ عن المخالفات ضد المراقبة الأمريكية الإجرامية في جميع أنحاء العالم، ليس بالتأكيد مرتكب إبادة جماعية، ومع ذلك ألغت الولايات المتحدة جواز سفره وحاولت تسليمه من هونغ كونغ باستخدام وثائق قانونية "لم تمتثل تمامًا" للقانون، على حد قول هونغ كونغ. وفي البيان نفسه، وبلا أي مناسبة بالطبع، ذكّرت هونغ كونغ الولايات المتحدة أيضًا بأنها كانت تخترق أنظمة الكمبيوتر في هونغ كونغ بشكل غير قانوني لسنوات. وبالمثل، أُجبر جوليان أسانج على العيش في الأسر لمدة 14 عامًا بين فترة احتجازه في السفارة الإكوادورية الضيقة في لندن وسجن بلمارش شديد الحراسة، لمجرد نشره وثائق مسربة سلمتها له تشيلسي مانينغ، والتي أظهرت جرائم حرب واسعة النطاق وفسادًا دوليًا فاق كل التوقعات. هذا هو قانوننا. يُسجن المُبلغون عن المخالفات والصحفيون ويُطاردون حتى أقاصي الأرض. أما مرتكبو جرائم القتل الجماعي، فيعيشون أحرارًا.
حقوق الإنسان
من أين نبدأ وأين ننتهي؟ لم تتوقف الفظائع في غزة. ترسل الولايات المتحدة قنابلها دون معيقات إلى إسرائيل لتحيل الأطفال بخارا بالفضاء . ترسل المملكة المتحدة بانتظام طائرات تجسس فوق غزة لتزويد إسرائيل بالمعلومات الاستخباراتية العسكرية، مما يجعلها متواطئة في جرائم إسرائيل أيضًا. لا أصدق أنني أكتب هذه الجملة التالية: قصفت الولايات المتحدة مؤخرًا مدنيين يمنيين، مما أسفر عن مقتل 8 منهم، بعد أن نشرت واحدة من مستخدمي برنامج تويتر صورًا وإحداثيات لما اعتقدت أنه منشأة تخزين أسلحة حوثية. لطالما كانت المعلومات الاستخباراتية المستخدمة في حروب المسيرات وحملات القصف من الجو مبنية على حجوم كبيرة من الهراء، تمر فترات زمنية لم تكن الضحايا هم المستهدفون؛ فير ان هذا مستوى ادني من الكسل والفساد. الفظائع المستمرة في فلسطين هي مسلسل طويل، ليسؤبمقدور شخص بمفرده أو جموعة تتبّعها جميعًا. إنها يومية. إنها مستمرة. لكن أشد ما أثّر بي مؤخرًا هو هذه المقابلة مع الدكتور فيروز سيدهوا حول ذهابه مرتين في الآونة الأخيرة متطوعا لجراحة صدمات في ما تبقى من منظومة مستشفيات غزة. أرجوكم، أرجوكم، أرجوكم شاهدوا المقابلة. الدكتور سيدهوا واقعيٌّ للغاية، دقيق ومقنع. ما قدمه في مقابلة يصعب تصديقه لغرابته؛ فيما يلي بعض النقاط الرئيسة مما ورد على لسانه: لم يعد في غزة نظام مستشفيات فعال؛ إذا ما يشاركه مروعٌ لا يُصدق. إليكم بعض النقاط الرئيسية مما يقوله: لم يعد هناك نظام مستشفيات فعال في غزة. إذا كان ثمة مستشفى لم يقصف حتى النسيان، فقد قطعت عنه الإمدادات، واجتاحه المرضى واللاجئون، وتعرض للمداهمة والنهب عدة مرات من قبل القوات الإسرائيلية. تحولت مباني المستشفيات إلى مخيمات لاجئين. الناس مستهدفون من قبل القناصة والطائرات المحلقة لدى دخولهم وخروجهم من المستشفى. لذلك يبقى الطاقم الطبي بدوام كامل في المبنى، يعملون وينامون، يعملون وينامون، يعملون وينامون، يعملون وينامون. الرعاية التي تيقدمونها لا تزيد كثيرًا عما يمكن تقديمه في مطبخك باستخدام مشرط وبعض الشاش. يُحضر الأطباء المتطوعون الأفراد أكبر قدر ممكن من الإمدادات الطبية التي يمكنهم حملها شخصيًا لأن إسرائيل لا تسمح بدخول شاحنات الإمدادات. لا يوجد تعقيم. لا توجد بنوك دم. يموت الناس يمينًا ويسارًا جراء جروح يمكن النجاة منها لمجرد أنهم يُصابون بالعدوى أو ينزفون بشدة. هناك العديد من المقابر الجماعية خارج المستشفيات. يستقبل الأطباء فيما تيقى من المستشفيات عشرات الأطفال مصابين بطلقات نارية في الرأس والصدر. عشرات الأطفال مصابون بطلقات نارية في الرأس والصدر. ليست شظايا، بل طلقات نارية. يستهدفون أطفال. بعد هجوم إسرائيلي بفترة وجيزة، يقول الدكتور سيدهوا: "بصراحة، في الدقائق العشر أو الخمس عشرة الأولى، كل ما فعلناه هو إعلان وفاة أطفال صغار". وانا أشاهد ما نُلحقه بالفلسطينيين كل يوم ، حيال عدوى اللامبالاة الأخلاقية في مجتمعنا، وانكفاءنا بلا تفكير الى التفاهات والسقطات، مبتهجين بالأفيون، وبالاستعراضات، وبالنشوة الأميركية القاتلة - أشعر برغبة في الصراخ. أريد أن أُقلب الطاولات. أريد أن أوقظ الأطفال النائمين. ليس لهذا ان يمضي أكثر ؛ هذا، جميعه لا يُطاق. ومع ذلك يتحملونه. "كان الموت كثيفًا في الآونة الأخيرة"، تكتب الدكتورة فرح الشريف، الباحثة في تاريخ الفكر الإسلامي. إذا أخرجت لسانك في أي مكان بأمريكا هذه الأيام، ستترسب على شفتيك جزيئات مما يقارب الربع مليون قتيل في غزة. يمكنك تذوُّق مُرارة القتل الجماعي وأنت تتجرع قهوتك الفرابوتشينو من الكأس الكبيرة. جزيئات مضيئة من أرواح ضحايا الإبادة الجماعية تتغلغل بالهواء؛ لا مفر منها؛ الوحوش هي المسيطرة؛ الرعب يسد الفضاء، لكن"الحالة الطبيعية" المُخيفة هي المتجكمة. تفاهة شريرة مُعممة. الهواء مُثقل بالانحطاط الآلي، والموت الروحي، والانحلال الأخلاقي، والاختناق الجماعي. أهلاً بكم في أمريكا: جوهر الإمبراطورية. مهرجان الجنون هذه هويتنا. لا يُمكنك أخذ الخير، ما تبقى منه، دون الشر. أخشى أنه لا عودة عن هذا. هل تريد فقرة قابلة للفعل من كل هذا؟ انطلق.
#سعيد_مضيه (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كارثة غزة امام العدل الدولية من جديد ولم يساند إسرائيل غير ا
...
-
الرواية الصهيونية فقدت بريقها وتكشف تهافتها
-
تلفيقات تفضح الإصرار على ارتكاب جرائم الحرب
-
الغرب منحاز للبيض المسيحيين في الالتزام بحقوق الإنسان
-
إخفاق المقاومة المسلحة يوجب الشروع حالا بتحريك المقاومة الشع
...
-
فاشية ترامب تدمر مراكز المقاومة الذاتية لدى المجتمع والأفراد
-
مساع أميركية محمومة لخنق التضامن مع الشعب الفلسطيني (2من2)
-
مساع أميركية محمومة لخنق التضامن مع الشعب الفلسطيني (1من2)
-
اسرائيل تعرض للخطر أنظمة عربية ارتبطت بها
-
االمقاومة الفلسطينية.. هزائم ليست حظا عاثرا ولا قدرا معاندا
-
العلم يدعم القضية الفلسطينية وهو الفريضة الغائبة عند العرب
-
كابوس الثقافة الفاشية يجثم على المجتمع الأمريكي
-
هل انتقاد إسرائيل خارج القانون؟
-
فضيحة أميركا الحقيقية تتضح في العدوان على اليمن
-
المقاومة الشعبية كفيلة بإفشال خطة التهجير (1من2)
-
الدفاع عن الحريات المدنية معركةحاسمة
-
الامبريالية والصهيونية عنصرية التفوق العرقي افضت الى مجازر ا
...
-
الامبريالية والصهيونية ..عنصرية التفوق العرقي افضت الى مجازر
...
-
اعتقال محمود خليل أحد دلالات الفاشية في نظام ترمب
-
التعليم العالي حين يكرس للأغراض الحربية(3من3) معهد ماساتشوست
...
المزيد.....
-
ماذا يعني إلقاء حزب العمال الكردستاني سلاحه؟
-
مستشار أمريكي: نريد لسوريا الابتعاد عن الشيوعية وروسيا!
-
أوجلان بعد حلّ حزب العمال الكردستاني: أنا حزين لمقتل قياديين
...
-
أوجلان يرحّب بقرار حزبه حل نفسه وإلقاء السلاح
-
بالفيديو: هل يتصدر ’أوجلان’ المشهد السياسي في تركيا؟
-
مداخلة النائب البرلماني الرفيق أحمد العبادي، باسم فريق التقد
...
-
صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 12 مايو 2025
-
شاهد رد فعل أردوغان بعد إعلان حزب العمال الكردستاني حل نفسه
...
-
إيران ترحب بإعلان حزب العمال الكردستاني حل نفسه
-
لوفيغارو: ما الذي حصل عليه حزب العمال الكردستاني مقابل حله ن
...
المزيد.....
-
مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية
...
/ وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
-
عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ
...
/ محمد الحنفي
-
الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية
/ مصطفى الدروبي
-
جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني
...
/ محمد الخويلدي
-
اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963..........
/ كريم الزكي
-
مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة-
/ حسان خالد شاتيلا
-
التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية
/ فلاح علي
-
الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى
...
/ حسان عاكف
المزيد.....
|