أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضيا اسكندر - جدوى الكفاح المسلح في ظل التحولات الدولية: بين الواقع والتطلعات














المزيد.....

جدوى الكفاح المسلح في ظل التحولات الدولية: بين الواقع والتطلعات


ضيا اسكندر

الحوار المتمدن-العدد: 8340 - 2025 / 5 / 12 - 14:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لطالما شكّل الكفاح المسلح ركيزة أساسية في استراتيجيات حركات التحرر الوطني، بوصفه تعبيراً مشروعاً عن مقاومة الاحتلال والاستعمار والأنظمة الاستبدادية. غير أن تقييم فعالية هذا الخيار لم يعد ممكناً بمعزل عن موازين القوى الدولية المتغيرة، التي تلعب دوراً حاسماً في تقرير مصير تلك الحركات، بين النهوض والانكسار.

لنأخذ القضية الفلسطينية نموذجاً صارخاً؛ فمنذ انطلاق الثورة الفلسطينية في الستينيات، اعتمدت الفصائل نهج الكفاح المسلح سبيلاً للتحرير الكامل، مقدِّمة تضحيات جسيمة. لكن، رغم رمزية هذا المسار، لم تتحقق الأهداف الوطنية، بل تحوّل الكفاح المسلح إلى أداة ضغط سياسي أكثر منه وسيلة للتحرير الفعلي. لاحقاً، تم اللجوء إلى المسار السياسي عبر اتفاقات أوسلو عام 1993، على أمل تأسيس دولة فلسطينية مستقلة، لكن هذه الاتفاقات لم تُنفَّذ كما اتُّفِق عليها، وظلت الحقوق الفلسطينية معلّقة في ظل غياب إرادة دولية حقيقية لإنصافها.

هذا المشهد لا ينفصل عن تجارب مشابهة؛ فحزب العمال الكردستاني، على سبيل المثال، خاض أكثر من أربعة عقود من العمل المسلح ضد الدولة التركية دون أن يحقق أهدافه السياسية. وقد دفعت الخسائر البشرية الفادحة زعيمه، عبد الله أوجلان، المعتقل منذ عام 1999، إلى الدعوة إلى إنهاء الكفاح المسلح والتحوّل إلى حزب سياسي. وقد عُقد مؤخراً مؤتمر تاريخي للحزب بين 5 و7 مايو الجاري، أعلن فيه بوضوح تخلّيه عن عقيدة الكفاح المسلح وحلّ بنيته التنظيمية، في خطوة قد تمهّد لتحوّل جذري في مساره، رغم استمرار المناوشات في شمال العراق، ما يطرح تساؤلات حول مدى التزام جميع الأطراف بعملية السلام، ومدى قابلية النضال السلمي للصمود دون دعم دولي.

وهنا يبرز السؤال الجوهري: هل يمكن لحركات التحرر الوطني أن تحقق أهدافها بالاعتماد على وسائل سلمية فقط، في غياب قوة دولية كبرى تتبنى خطابها وتدعم مسارها؟

الإجابة، كما تشير شواهد التاريخ، ليست مطمئنة. فنجاح معظم حركات التحرر في القرن العشرين كان مرتبطاً بدعم مباشر من المعسكر الاشتراكي، وعلى رأسه الاتحاد السوفيتي، الذي قدّم لها الغطاء العسكري والاقتصادي والدبلوماسي. ومع انهيار هذا المعسكر عام 1991، دخلت تلك الحركات مرحلة حرجة من التراجع أو الانكفاء:
• في لبنان، تراجع دور المقاومة الوطنية بقيادة الحزب الشيوعي وعدد من أحزاب الحركة الوطنية، ليحلّ محلها حزب الله بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران وتلقّي جميع أشكال الدعم منها.
• اليمن الجنوبي، الذي كان يعتمد كليّاً على الدعم السوفيتي، فقد توازنه السياسي والعسكري بعد الانهيار، مما مهّد لتوحيد اليمن تحت قيادة صنعاء عام 1990.
• حركات تحرر أخرى كحركة ظفار في عُمان، وحركات التحرر في الصومال وإريتريا، جميعها تراجعت أو انهارت في ظل غياب المظلة الدولية الداعمة.
• أما دول مثل ليبيا والعراق، فرغم امتلاكها موارد ضخمة، فقد واجهت تحوّلات دراماتيكية بعد زوال التوازن الدولي الذي وفّره المعسكر الاشتراكي.

إزاء هذا الواقع، تبرز الحاجة الماسّة إلى إعادة النظر في استراتيجيات التحرر، بعيداً عن النماذج الكلاسيكية، لصالح نهج أكثر مرونة وشمولاً. وفي ظل هيمنة نظام عالمي أحادي القطب، بدأت بعض القوى الجديدة – مثل منظمة شنغهاي والبريكس – في الصعود، ما قد يغيّر قواعد اللعبة مستقبلاً. لكن، إلى أن تتبلور تلك التحوّلات بالكامل، تبقى حركات التحرر الوطني أمام تحديات ملحّة تفرض التفكير خارج القوالب التقليدية.

من هنا، يمكن اقتراح نموذج جديد يتجاوز الثنائية العقيمة بين "الكفاح المسلح" و"المسار السياسي"، فقد أثبتت المقاومة الشعبية غير العنيفة فعاليتها في عدد من التجارب العالمية اللافتة، لعل أبرزها حركة استقلال الهند بقيادة المهاتما غاندي، التي نجحت عام 1947 في إنهاء الاستعمار البريطاني عبر العصيان المدني الشامل، وكذلك الانتفاضة الفلسطينية الأولى (1987–1993) التي اعتمدت على الإضرابات والمقاطعة الشعبية وأرست حضور القضية في الوعي العالمي، وتجربة جنوب أفريقيا التي نجحت في إنهاء نظام الأبارتايد عام 1994 بفضل نضال شعبي غير عنيف مدعوم بحراك دولي متضامن.

في المحصّلة، لم تعد البندقية وحدها تُجدي، ولا يكفي التفاوض في غرف مغلقة بلا ظهير شعبي وازن. النجاح اليوم يتطلب استراتيجية هجينة، مرنة، قابلة للتكيّف مع مشهد دولي سريع التحوّل. حركات التحرر مدعوّة إلى إعادة صياغة خطابها وأدواتها، حتى لا تنزلق من موقع الطليعة إلى أرشيف الذكريات الثورية التي تجاوزها الزمن.



#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين يتجاوز ترامب -إسرائيل-: دلالات التفاهم مع الحوثيين
- الصراع المتجدد بين الهند وباكستان: جذور تاريخية وتحديات معاص ...
- جنازة الضمير في بث مباشر
- ظاهرة الإساءة إلى الأديان: من يؤجّجها؟ وكيف نواجه تداعياتها؟
- من حرب المصالح إلى خطر التقسيم.. سوريا أمام مفترق طرق
- الوطنية بين الشعارات الجوفاء والممارسات المكشوفة
- من زنزانة إلى طاولة المفاوضات.. هل تدرك أنقرة قيمة ورقة أوجل ...
- الفساد والانفتاح.. إعدام الاقتصاد السوري
- الواقع الأمني والاجتماعي في الساحل السوري.. مجازر وقلق وخيبا ...
- اليسار نائم: الرجاء عدم الإزعاج!
- -ثوار- خارج الخدمة
- اللجنة الوطنية للتحقيق: عندما تتحول المجازر إلى مسلسل شهري ب ...
- رسالة إلى سلطةٍ لم تَعُد ترى إلا ما تُريد..
- سكاكين المخطط: سوريا خارج التاريخ
- المجازر وخريطة التقسيم: كيف تؤدي الفظائع إلى تفتيت الأوطان؟
- لماذا تقلّ نسبة الجرائم في الدول الاسكندنافية؟
- من الطفولة إلى الإجرام: كيف يُصنع القتلة؟
- بين إحصاء الموظفين وإحصاء الضحايا.. ذاكرة الحكومة الانتقائية ...
- العلويون في سوريا.. تاريخها معتقداتها معاناتها مستقبلها (الج ...
- العلويون في سوريا.. تاريخها معتقداتها معاناتها مستقبلها (الج ...


المزيد.....




- نوايا.. مبادرة مصرية تحيي تراث الطهي من خلال جولات ريفية
- بسبب العمليات العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية.. المحاك ...
- بيان للحكومة السعودية عن زيارة ترامب للمملكة الثلاثاء
- الصليب الأحمر: الأسير عيدان ألكسندر في طريقه إلى نقطة التسلي ...
- مكتب نتنياهو: رئيس الوزراء اجتمع مع ويتكوف ووجه بإرسال وفد إ ...
- بن غفير: تلقينا دعما أمريكيا لفتح أبواب الجحيم على غزة
- الفصل الثامن والثمانون - غودفريد
- ترامب: نفكر بشكل جدي في تخفيف العقوبات عن سوريا
- ترامب يقول انه يفكر بالتوجه إلى إسطنبول حيث يعقد الاجتماع بي ...
- بعد مفاوضات مباشرة مع واشنطن.. حماس تقرر الإفراج عن الرهينة ...


المزيد.....

- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضيا اسكندر - جدوى الكفاح المسلح في ظل التحولات الدولية: بين الواقع والتطلعات