دلير زنكنة
الحوار المتمدن-العدد: 8339 - 2025 / 5 / 11 - 18:13
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بقلم أردوغان أحمد
9 مايو 2025
يجب أن يكون السؤال الأول الذي يجب طرحه دائمًا هو "من هم المستفيدون من أي من هذه الاحداث". من أجل تحديد، أو على الأقل الحصول على فكرة واقعية أقرب ما يمكن، لا ينبغي للمرء أن يعلق بالحدث نفسه، بل بتداعياته المشخصة و العامة. في هذه الحالة، ما هو التاريخ الحديث لكل دولة معنية في السياق السياسي والاقتصادي، وما هو موقفها السابق وما هو موقفها الحالي من الصراع العالمي الشامل بين القوة المهيمنة المتراجعة للنظام العالمي أحادي القطب القديم والقوى الصاعدة للنظام العالمي متعدد الأقطاب الناشئ.
على الرغم من أنني تناولت موضوع التصريحات الاشتراكية الشوفينية للحزب الشيوعي الهندي (الماركسي) في مقالتي الأخيرة، إلا أنني لاحظت أنه "لم تعلن أي منظمة "إرهابية" مسؤوليتها عن الهجوم. عادةً ما تعلن إحدى المنظمات الإسلامية التي تدعمها الولايات المتحدة -الموساد مسؤوليتها. في ظل هذه الظروف، من يستطيع تحديد أي حكومة تقف وراء هذا الهجوم؟ بالنظر إلى التاريخ، والصراع العالمي الحالي في العالم، يبدو أن الاستنتاج الأكثر ترجيحًا هو أن "الإمبراطورية المتدهورة" هي وراء هذا الهجوم."
عند الاستماع إلى المناقشات وقراءة المقالات حول هذا الموضوع، يؤكد معظم الأشخاص والباحثين والمحللين ذوي العقلية النقدية و السليمة، بمن فيهم الهنود، شكوكي في أن هذا "الهجوم الإرهابي" لم يكن مصادفة وحدثًا في حد ذاته، بل كان جزءًا من خطة أكبر بشكل عام وبشكل خاص، خاصة بالهند.
لنبدأ بـ "المنظمة الإرهابية" التي نفذت الهجوم
بعد كل ما كشفت عنه جلسات استماع مجلس الشيوخ الأمريكي، ووثائق وكالة المخابرات المركزية التي رفعت عنها السرية، والمبلغين عن المخالفات، والشهود، والاعترافات، لم يعد سرًا أن معظم هذه المنظمات الإرهابية، إن لم يكن كلها، هي فروع للمجاهدين الذين تم إطعامهم وتسليحهم وتدريبهم واستخدامهم من قبل وكالة المخابرات المركزية وجهاز المخابرات البريطاني (MI6) والموساد.
كانت الهند سريعة جدًا في إلقاء اللوم على الحكومة الباكستانية لمجرد أن "الإرهابيين" يستخدمون باكستان كقاعدة لهم. وهذا لا يختلف عن إلقاء الولايات المتحدة اللوم على أفغانستان والعراق "لإيواء" "الإرهابيين" وتبرير هجماتها العسكرية في تلك البلدان. لا يوجد دليل ملموس على أن باكستان وراء هذا الهجوم أو حتى أن المهاجمين باكستانيون. كانت الهند متسرعة جدًا في إلقاء اللوم على باكستان ومهاجمتها. وهذا في حد ذاته سبب وجيه للشك في النية الحقيقية للنخبة الهندية. هذه ممارسة نموذجية لكل دولة رأسمالية لصرف انتباه شعبها عما يحدث بالفعل داخل البلاد.
تواجه الهند ضغوطًا تضخمية، وارتفاعًا في معدلات البطالة، وعدم يقين في التجارة العالمية، ونموًا إقليميًا غير متكافئ. تُضعف الضغوط التضخمية الطلب المحلي، مما يؤثر على الاستهلاك الخاص والاستثمارات. في حين أن معدل البطالة المعلن رسميًا يبلغ 4.2%، فإن بطالة الشباب أعلى بكثير عند 15%، مما يخلق أزمة وظائف ملحة. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن تؤثر التوترات التجارية العالمية، وعدم اليقين، وخاصةً الناجمة عن الرسوم الجمركية الأمريكية، سلبًا على اقتصاد الهند، مما قد يؤدي إلى انخفاض نمو الناتج المحلي الإجمالي
الهند بلد شاسع، يُعد النمو غير المتكافئ فيه اتجاهًا طبيعيًا؛ حيث تزدهر بعض الولايات بينما تكافح أخرى. ضعف الروبية الهندية مقابل الدولار الأمريكي، يزيد من تفاقم التحديات الاقتصادية.
بكلمات بسيطة، يعاني الشعب الهندي من ارتفاع مؤشر الفقر والجوع. لطالما كانت الصراعات والحروب أفضل وسيلة إلهاء في يد الطبقة الرأسمالية في مواجهة استياء الناس والاحتجاجات المتزايدة والمنتشرة.
بهذا المعنى، وعلى الرغم من حقيقة أن الحرب مع جارتها يمكن أن تؤدي حتماً إلى تفاقم الاقتصاد، فإن النخبة الحاكمة في الهند مستفيدة من "الهجوم الإرهابي".
على الرغم من أن باكستان عانت من حالة من عدم اليقين الاقتصادي وعدم الاستقرار السياسي والاضطرابات الاجتماعية وعودة ظهور الإرهاب، إلا أن اقتصادها يُظهر علامات استقرار وانتعاش مع نمو بنسبة 2.5% وفقًا لتوقعات التنمية الآسيوية (ADO). تباطأ معدل التضخم لديها إلى 1.5%، وهو أدنى مستوى له منذ 10 سنوات. وبهذا المعنى، ليس لدى باكستان أي سبب أو فائدة على الإطلاق من التورط في "هجوم إرهابي" في كشمير.
هنا، في رأيي الشخصي، نصل إلى الأجندة الخفية وراء الحدث والتطورات المحتملة.
تتمتع الهند بعلاقة جيدة مع كل من روسيا والولايات المتحدة، لكن الهند تُمثل ورقة رابحة للولايات المتحدة ضد الصين وضد مجموعة البريكس. المستفيد الحقيقي الوحيد من حرب بين باكستان والهند هو الولايات المتحدة.
كانت باكستان في عهد عمران خان تتجه نحو روسيا والصين، وقد قاطعت الولايات المتحدة هذا التحول بمؤامرة، واستُبدلت بحكومة عميلة للولايات المتحدة - من خلال الجيش الذي كان معظم جنرالاته موالين للولايات المتحدة. أدى دعم باكستان لأوكرانيا بالأسلحة والذخائر إلى قطع علاقاتها مع روسيا. ومع ذلك، فقد تم إنقاذ اقتصادها المنهار بدرجة أكبر من خلال تحسين علاقاتها مع الصين. إذن، لدينا هنا باكستان التي تتمتع بعلاقة جيدة مع الصين، وعلاقاتها مقطوعة مع كل من الولايات المتحدة وروسيا، مقابل الهند التي تتمتع بعلاقات جيدة مع الولايات المتحدة، وعلاقاتها مقطوعة مع الصين.
في مقال سابق، أشرتُ إلى أن "باكستان قد حسّنت مؤخرًا علاقاتها مع الصين، مما خيّب آمال الولايات المتحدة وأغضبها. إن الحرب في المنطقة لا تفيد الهند ولا باكستان، بل تفيد الولايات المتحدة. لا الصين ولا روسيا ترغبان في وجود حرب مستمرة بين قوتين نوويتين على أعتابهما. إن المحافظين الجدد في الولايات المتحدة، بخيالهم الذي لا ينتهي بدق إسفين بين الصين وروسيا، يلعبون بورقة أخرى في جعبتهم. إنهم يأملون أن تواجه الصين، التي تربطها علاقات جيدة بباكستان، مشاكل دبلوماسية مع روسيا التي تربطها علاقات جيدة بالهند. هذا بالطبع بالإضافة إلى الرغبة في استغلال الحرب والاستفادة منها، وهو ما سيضر حتمًا بمجموعة البريكس."
بالنظر إلى الصورة العامة، ليس من الصعب جدًا رؤية أن المستفيد الحقيقي الوحيد هو الولايات المتحدة؛ معاقبة باكستان، وابتزاز الهند بسياسة العصا والجزرة، وإثراء مجمعها الصناعي العسكري من خلال الهند. بالإضافة إلى ذلك، فإن الأهم من ذلك كله هو دق إسفين بين دول البريكس، وخلق مشاكل دبلوماسية (أمانيهم) بين الصين وروسيا
لطالما كان حلم المحافظين الجدد في الولايات المتحدة بدق إسفين بين الصين وروسيا رغبةً وسياسةً وممارسةً للولايات المتحدة. خاصة إذا أخذنا في الاعتبار حقيقة أن فصيل رهاب الصين من المحافظين الجدد في الولايات المتحدة يتم نسخه ولصقه من قبل وسائل الإعلام الرئيسية في الهند، فإن لديهم ورقة رابحة في جنوب آسيا لتحقيق أهدافهم. ومع ذلك، فإن المحافظين الجدد في الولايات المتحدة، مثل معظم القوميين والشوفينيين الهنود في الهند، يعيشون في عالم خيالي منفصل تمامًا عن واقع الهند المشخص والعالم بشكل عام.
باستثناء الدول الاشتراكية والدول ذات التوجهات الاشتراكية، من المحتمل أن الهند تمتلك أكبر عدد من السكان ذوي الميول الاشتراكية والذي قد يكون أكبر من إجمالي أعدادهم في العالم. تستمر الصراعات من أجل الحكم الذاتي، والحق في تقرير المصير، وحروب العصابات داخل الهند متعددة الأعراق والأديان منذ ستينيات القرن الماضي، أو ربما قبل ذلك. أعتقد اعتقادًا راسخًا أن حربًا مطولة بين الهند وباكستان يمكن أن تؤدي إلى تقسيم الهند.
إن مثل هذه الحرب المطولة على أعتاب الصين وروسيا - وكلاهما لا يمكن أن يبقى على الهامش - ستخدم، مرة أخرى، المصالح العامة للولايات المتحدة. على عكس رغبات الولايات المتحدة وتطلعاتها، من غير المرجح أن يتصاعد الصراع إلى هذا المستوى. ومع ذلك، إذا حدث ذلك، فقد تضرب الولايات المتحدة عصافير متعددة بحجر واحد.
بهذا المعنى، من المرجح جدًا أن تكون "اليد الخفية" وراء هذا الهجوم الإرهابي، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، هي الولايات المتحدة.
#دلير_زنكنة (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟