|
جماعة أو - زلم - الملاقط
راسم عبيدات
الحوار المتمدن-العدد: 1806 - 2007 / 1 / 25 - 12:10
المحور:
القضية الفلسطينية
عنوان هذه المقاله أوحى لي به أحد الأصدقاء المقاولين ، والذي يرفض العمل في بناء المستوطنات والشوارع الإلتفافيه وجدار الفصل العنصري ، وهذا المصطلح يطلق على الأفراد والجماعات الذين يلغون حاسة الشم ، وبالتالي فهم مستعدين للقيام بأي عمل مهما كان نوعه وشكله ومحاطره وتأثيراته المجتمعيه والسياسيه والوطنيه ، شريطة أن يتفق هذا العمل أو الفعل مع مصالحهم وأهدافهم ، أو أن يحقق لهم الجاه والغنى و" البرستيج " والمكانة الإجتماعيه والسياسيه ... الخ ، وفي هذا الزمن الرديء فلسطينيا وعربيا ، تتنامى هذه " الشلل " والجماعات ، كما يتنامى الصدأ على العملة التالفه ، ففي ظل الواقع الفلسطيني المعاش ، والذي يشهد حاله واسعه من الإحتقان الداخلي ، وحيث تنتشر العصابات و" المافيات " والمليشيات العشائريه والتنظيميه ، نتيجة لحالة الفلتان الأمني ، وغياب السلطه ، والمساءلة والمحاسبه ، وإنتشار ثقافة البلطجه والزعرنه ، و" إهبش قديش بتقدر " ، حتى أصبحنا سوقا رائجا لكل شيء ، حتى وصل الأمر بنا ، حد إعتبار الخيانة والخروج عن الموقف الوطني وجهة نظر ، وأصبح كل شيء قابل للبيع والتبديل والتغير والتزوير والتدوير ، بما فيها القيم والمبادىء ، حتى أنك تجد أن هناك من يتندرون على القابضين على مبادئهم ، بالقول أن في رؤوسهم " ميه عتيقه " ، وأن العالم تغير ، وأن هؤلاء لا يتماشون مع روح العصر ، والتغيرات والتطورات محليا وإقليميا ودوليا، وجماعة الملاقط هؤلاء يقومون أو ينفذون أعمالهم ، ليس بالشكل الساذج أو العفوي ، أو من باب الجهل أو عدم المعرفه بالنتائج وبواطن وخفايا الأمور ، بل ينفذون ويقومون بذلك عن دراية ومعرفه ، فعلى سبيل المثال لا الحصر ، هناك المئات من مؤسسات " الأنجزه " ، أي المنظمات غير الحكوميه ، التي يعج بها المجتمع الفلسطيني ، والتي تتمول من جهات أجنبيه ودوليه ، بل وحتى إسرائيليه ، دون معرفة مصدر هذا المال ، دوره ، أهدافه ، شروطه وإشتراطاته ، وأولوياته ، ناهيك عن أنه في غياب السلطه والرقابه والمساءلة والمحاسبه وغيرها ، ، أصبحت لا تعرف المال المشبوه من المال التطبيعي ، او المال السياسي من المال الوطني ، ولذلك غدى في العديد من مؤسسات " الأنجزه " ، العديد من الأباطره والقياصره ، والمتحكمين في رقاب هذا الشعب والناطقين باسمه ، والذين يكثرون من إستخدام مصطلحات الفساد ، المساءله ، المحاسبه ، الديمقراطيه ، التنميه المستديمه والمستدامه ، وطبعا شريطة أن لا يسألوا هم ومؤسساتهم عن مصدر ثرواتهم وشكل علاقاتهم وإرتباطاتهم ، لأنهم من نسل الأولوياء الصالحين ، وفوق الشبهات والمساءلة والمحاسبه ، وفي الجانب السياسي ، فحدث ولا حرج ، فتحت يافطة حرية الرأي والتعبير والتعدديه ، وحق الإجتهاد ، والمصالح الوطنيه العليا للشعب الفلسطيني ، نرى ونسمع كل يوم عن مبادرات ولقاءات وإتصالات مع إسرائلين وأمريكان وأوروبيين وغيرهم ، بالأضافة الى الفتاوي في مايتعلق بمرتكزات البرنامج الوطني والعبث بها ، وهناك من يرى أن ذلك حق مشروع له وهو وفق الشبهات ، وهو لا ينطق عن الهوى ، والنتيجه هي بالطبع فيها الكثير من المخاطر على الحقوق الوطنيه المشروعه للشعب الفلسطيني ، وفي جانب آخر ترى أن العديد من المنظرين لفكر أو رؤيا سياسيه معينه ، يرتدون ويستدرون عن تلك الرؤيا أو ذلك الفكر ، بدون أية مقدمات ، وبزاويه مائه وثمانون درجه ، تحت حجج وذرائع الواقعيه والعقلانيه ، أو مفردات التكلس والتحجر وغياب الديمقراطيه ، وطبعا وبما يخدم أهدافهم ومصالحهم وتوجهاتهم ، وفي مجالات أخرى نرى من يتاجر بصحة البشروحياتهم ، ويقوم ببيع الأغذيه والأدويه الفاسده ومنتهية الصلاحيه ، دون أية محاسبه أو مساءله ، تحت حجج وذرائع أنه يبع بأسعارمخفضه مراعاة لظروف الناس ، وتعاطفا وشعورا معهم ، وهناك من يقوم بتسريب الأراضي والممتلكات للعدو ، ويسرح ويمرح في طول البلاد وعرضها ، وهناك من يقوم بالتلاعب بأملاك الغائبين والإستيلاء عليها، بدعم وإسناد من بعض النافذين وأصحاب الجاه والسلطان وحمايتهم ، وهناك من يعيشون على خلافات الناس ، حيث يقومون بشراء أراض متنازع عليها ، وبالتالي يقومون بالمساومه عليها من أجل الحصول على المال ، وهناك من يقومون بأعمال الزعرنة والعربده ، والإستقواء على الآخرين بغير حق ، مستغلين نفوذهم وسطوتهم وقوتهم ، من أجل فرض الخاوات والأتاوات ، وهذه العمليه يعرفها التجار أكثر من غيرهم ، وهناك من يستولون على أراض الغير بالقوة وبدون وجه حق، ويتعدون على الأراضي العامه بدعم وإسناد من جهات نافذه . " زلم " الملاقط هذه زادت من سطوتها وعبثها بكل شيء ، في هذا الزمن الفلسطيني الغابر ، الزمن الرديء ، زمن ضاعت فيه الحدود والفواصل ، والمسموح والممنوع ، والمساءله والمحاسبه ، زمن يهتك ويدمر فيه النسيج المجتمع الفلسطيني ، وتضعف فيه روابط الإنتماء الوطني والقومي ، لصالح القبلية والعشائريه والجهويه والطائفيه ، زمن تضع فيه المليشيات الأجندة ، ليس للشارع الفلسطيني فقط ، بل للقضيه بأكملها ، " زلم " الملاقط هذه فرخت هياكل وبنى ومؤسسات ، بحيث غدت قوة في الشارع الفلسطيني ، وهذا نتاج للحالة الفلسطينيه الراهنه ، حيث بدلا من إحتثاث هذه المجموعات من جذورها ، نرى أن هناك من يحتضنها ويدافع عنها ، بل يستعين بها من أجل تنفيذ مهام وخدمات لمصلحته ، وهي تفرخ " زلم " في كل الهيكل والبنى والمؤسسات ، وبحيث يغدو الخراب عام وطام ، ويصبح سيد الموقف ، ومن هنا ، فإنه من الهام جدا القول ، وفي هذا الجانب وبالتحديد ، أنه اذا لم تبادر كل القوى المناضله والشريفه ، الى التصدي لمثل هذه الجماعات والشخوص ، بكل الوسائل والأساليب المشروعة ، والعمل على فضحها وتعريتها ، من أجل محاصرتها أولا ، على أن يجري إجتثاثها لاحقا من الجذور ، ، بدلا من توفير الدعم والإسناد والإحتضان لها ، لأن من شأن ذلك ، ليس فقط هتك وتدمير النسيج المجتمعي الفلسطيني ، وتسعير حدة الخلافات العشائرية والقبليه والطائفيه ، بل دفع المجتمع الفلسطيني نحو الإحتراب والإقتتال الداخلي ، وبما يهدد كل ومنجزات ومكتسبات شعبنا الفلسطيني ، والتي عمدت بالكثير من المعانيات والتضحيات ، وعلى الجميع أن يعي المخاطر والكوارث ، التي ستترتب على تفشي ظاهرة " زلم " الملاقط في مجتمعنا ، والتي لا تقل خطورة عن الإحتلال ، وليقف الجميع الآن وقفة مسؤولة وحازمه ، وقبل فوات الآوان .
#راسم_عبيدات (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
القدس تعزيز الاستيطان
-
قراءة أولية في محاكمة الأمين العام للجبهة الشعبية أحمد سعدات
-
المطلوب من القوى الديمقراطية الفلسطينية تحمل مسؤولياتها في ه
...
-
أما آن الأوان لأهل القدس ..أن ينظموا أنفسهم ويتوحدوا
-
قراءة أولية في لقاء عباس - أولمرت
-
فلتان أمني ، تهدئه، لجان تحقيق والنتيجة صفر
-
علينا أن لا نضيع البوصلة إسرائيل وأمريكا الخطر وليس إيران
-
الوجه الآخر للقدس
-
التهدئة تبدأ في بغداد وتنتهي في القدس
-
حماس فتح ملتحية في الصراع على السلطة
-
لبنان على حافة الاستنقاع والحرب الأهلية
-
مقاربة لبنانية_ فلسطينية الرئاسة والحكومة
-
التيار الثالث أو الطريق الثالث بلا طريق
-
بين (ليبرمان) و حماس مع فارق التشبيه
-
بيت حانون, قانا, الفلوجة, قندهار
-
القدس والعمل السياسي
-
الانتخابات المبكرة دوامة من الأزمات ولا بديل عن حكومة الوحدة
...
-
-رايس- تسوق بضاعة فاسدة لحفر باطن جديد
-
لبنان أكثر من أجنده وأكثر من رؤيا
-
إختبر معلوماتك مع النظام الرسمي العربي
المزيد.....
-
-محتوى بعيد عن الإسفاف والبلطجة-.. ياسمين عبدالعزيز سعيدة بـ
...
-
متحدث باسم المفوضية الأوروبية عن رسوم ترامب الجمركية: ردنا س
...
-
متحدث حكومي يعلق لـCNN على ما قاله ترامب لولي عهد البحرين عن
...
-
-للسيطرة على مساحات واسعة-.. إسرائيل تعلن توسيع عمليتها العس
...
-
قاذفة أمريكية ثانية تصل الشرق الأوسط، وقاعدة دييغو غارسيا في
...
-
ما وراء الهجوم الإسرائيلي على رفح قرب الحدود المصرية؟
-
فيتسو: أسعار الغاز في أوروبا لن تشهد انخفاضا إلا في حال استئ
...
-
موسكو: التهديد بقصف البنية التحتية للطاقة النووية في إيران م
...
-
من الفصول الدراسية إلى قفص الاتهام.. فضيحة جنسية لمعلمة في م
...
-
تنسيق لضمان انسيابية العبور.. أول اتصال بين الدبيبة وسعيد ب
...
المزيد.....
-
تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل
/ غازي الصوراني
-
حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية
/ فتحي كليب و محمود خلف
-
اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني
/ غازي الصوراني
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|