رحيم حمادي غضبان
(Raheem Hamadey Ghadban)
الحوار المتمدن-العدد: 8339 - 2025 / 5 / 11 - 02:23
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تأتي زيارة وزير الخارجية الإيراني إلى المملكة العربية السعودية في توقيت بالغ الحساسية، حيث تسبق الجولة الرابعة من المفاوضات بين طهران وواشنطن، مما يفتح الباب أمام قراءات متعددة حول دلالات هذه الخطوة. يبدو أن إيران بدأت تدرك أن أي تقدم على المسار التفاوضي مع الولايات المتحدة لا يمكن أن يتحقق دون الاعتراف العملي بأهمية الدور العربي والخليجي، خاصة في ظل الواقع الجغرافي والسياسي الذي يجعل من السعودية ودول الخليج جيرانًا مباشرين يصعب تجاهلهم في معادلات الأمن الإقليمي.
الرسائل الأمريكية التي تصل طهران عبر الرياض ربما بدأت تُفهم في طهران على أنها إشارات واضحة بأن الأمن الخليجي ليس ملفًا منفصلًا عن المفاوضات النووية أو العقوبات، بل جزء لا يتجزأ من معادلة التسوية الشاملة. وجود السعودية كشريك استراتيجي لواشنطن يجعل من أي تفاهم أمريكي-إيراني ناقصًا ما لم يشمل طمأنة صريحة وواضحة لحلفاء واشنطن في الخليج. وهذا ما يفسر - على الأرجح - السعي الإيراني لإعادة تطبيع العلاقات وفتح قنوات دبلوماسية أكثر دفئًا مع الجوار العربي.
وقد يكون في ذهن صانع القرار الإيراني، وعلى رأسه المرشد الأعلى، النموذج العراقي السابق، حيث إن تجاهل صدام حسين لدور الخليج ومحاولة فرض واقع إقليمي بالقوة دون احتضان دبلوماسي كانت من الأسباب التي ساهمت في عزلة العراق ثم انهياره. إيران، بخلاف صدام، تدرك اليوم أن مشروعها الإقليمي، إن لم يُحط بإطار تفاهمي مع الجوار، فلن يؤدي إلا إلى مزيد من الاستنزاف والضغط، وربما يدفع بها إلى ذات المصير.
في الوقت ذاته، لا تزال إيران تمسك بأذرعها الإقليمية بقوة، لكن اللافت أنها بدأت توظف هذه الأذرع كورقة تفاوضية وليس فقط كأدوات ضغط ميدانية. الرسائل التي تبعث بها طهران باتت تشير إلى استعدادها لخفض التصعيد في اليمن، العراق، لبنان أو سوريا مقابل انفراجة اقتصادية أو تخفيف في العزلة السياسية. لكنها، في هذا السياق، تحاول انتزاع موقف خليجي داعم، أو على الأقل محايد، في مفاوضاتها مع الغرب، مقابل وعود بتطويق نفوذها المسلح وتهدئة ساحات التوتر.
من غير المؤكد بعد ما إذا كانت هذه الرسائل تحمل نوايا حقيقية في تعديل السلوك الإيراني على المدى الطويل، أم أنها مجرد تكتيك مرحلي هدفه تخفيف الضغوط وتعزيز أوراق التفاوض. لكن المؤكد أن المنطقة تقف على عتبة تحولات دقيقة، وأن أي تفاهم مستقبلي، سواء بين طهران وواشنطن أو بين طهران وجيرانها، لن يكتمل دون تموضع جديد لإيران يأخذ في الاعتبار مصالح وأمن دول الخليج.
#رحيم_حمادي_غضبان_العمري (هاشتاغ)
Raheem_Hamadey_Ghadban#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟