أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - أطفالُ غزة… الرصاصةُ الرحيمة …. والموتُ جوعًا!!














المزيد.....

أطفالُ غزة… الرصاصةُ الرحيمة …. والموتُ جوعًا!!


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 8335 - 2025 / 5 / 7 - 11:13
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الرصاصةُ رحيمةٌ! تأملوا عبثيةَ الجملة السابقة؟! لا، ليس من عبثٍ بها؛ إذ حين يتعلقُ الأمرُ بالعبث، يغدو الجنونُ عاقلا. لأن عبثَ العبثِ منطقٌ، على غرار: “نفيُ النفيِ إثباتٌ”.
وأنا لا أتكلّمُ عن "رصاصة الرحمة" التي تُطلق على المرضى الميئوسِ من شفائهم. بل عن رصاصة الغِيلة والغدر التي تخترقُ قلبَ سليمٍ معافًى. لا، بل قلب طفلٍ في مقتبل التعرّف على الحياة. رصاصةٌ يُطلقُها جبانٌ خسيسٌ ليسرق الحياةَ من طفل، ويسرق من الحياةِ طفلاً. مثل رصاصة الخسّة التي أطلقها صهيونيٌّ جبانٌ على صدر الطفل الفلسطيني "محمد الدُّرّة" يومَ ٣٠ سبتمبر عام ٢٠٠٠، ليستشهدَ بين يدي والده وأمام عين العالم الصموت. هل تذكرونه؟ بالطبع نعم؛ فهو محفورٌ في كتاب التاريخ في الصفحة السوداء التي يختبئ وراءها بنو صهيون، الأنذال قتلة الأطفال. تصوروا أن جاء يومٌ نرى فيه تلك الرصاصةَ التي استقرت في صدر "الدرّة": "رحيمةً وطيبةً"، بالمقارنة بأدوات القتل التي يتوسّلها اليومَ هذا العدوُّ الأعمى!!!!
تلك الرصاصةُ الخؤونُ أرحمُ من شيء أبشع منها وأخْوَن. أرحمُ من القتل تجويعًا! موتُ الرصاصةُ أرحمُ من موت الجوع!
هل بوسعك عزيزي القارئ أن تتخيلَ الموتَ جوعًا؟! أغلبُ الظنِّ لا تستطيع. بوسعك تخيُّلُ الموتِ برصاصةٍ في لحظة، أو الموتِ في زلزال خاطف، أو الموتِ في حادث سير. جميعُ ما سبق من صنوفِ موت الفواجع يحدثُ في لحظاتٍ يسبقها خدرٌ رحيمٌ يتعطّلُ معه جهازُ الألم. لكن الموتَ جوعًا لا يشبه موتَ الفجاءة. لا يأتي غيلةً في لحظة ولا في يومٍ؛ بل يزحفُ ببطء على مهلٍ كثعبانٍ أعمى؛ في أسابيعَ طوالٍ من العذاب والذبول والخمود وانطفاء الروح؛ شيئًا فشيء، حتى يترأفَ الموتُ... ويأتي. لا صراخَ، لا دماءَ. فقط عيونٌ متَسعة، وبطونٌ ضامرة، وعظامٌ بارزة، وأمهاتٌ عاجزات يرقبن أطفالهنّ يذبلون ولا حول لهن ولا قوة.
أمس الأول، يوم ٣ مايو، ماتت جوعًا الطفلةُ الفلسطينية "جنان صالح السكافي" لتحتلَّ رقم ٥٧ من الأطفال الذين ماتوا تجويعًا نتيجة الحصار الإسرائيلي لقطاع غزة. والعدّادُ يركضُ في جنون! إذ تقول تقاريرُ اليونيسيف إن ٦٠ ألف طفل يحتضرون جراء سوء التغذية وغياب الرعاية الصحية مع معاناة الأمهات الحوامل والمرضعات من سوء التغذية الحاد. وتصرخُ منظمات حقوق الإنسان، وهيومن رايتس ووتش، أن استخدام إسرائيل للتجويع كسلاح إبادة يشكل جريمة حرب. وتصرخُ منظمات الإغاثة محذرة من كارثة إنسانية لا سابق لها لأن إسرائيل لم تكتف بالقتل والتفجير والتهجير، بل تمنع دخول الطعام والمساعدات الطبية!
مَن بوسعه تصوُّر هذا العبث! من يصدّقُ أن القرن الحادي والعشرين، بعلومه وثوراته الصناعية والرقمية، سيشهد أطفالًا يموتون جوعًا؟! ليس في أدغالٍ نائية ومجاهلَ معزولة، بل في قلب العالم: في "غزة"، على مرأى ومسمع من العالم، وتحت سماء مكشوفة، أمام شاشات تُبَثُّ منها مشاهدُ القتل والتجويع، وكأن الجريمةَ لم تَعُد تتخفى كعادتها، بل تفجُر وتتبجّح.
الجوعُ موتٌ مهيٌن. ليس لمَن خبرَه بل لمن شاهده! المتوفى جوعًا نبيلٌ وشهيد، لكن مَن شاهده مجرم مُهان. أن يموتَ طفلٌ جوعًا، ونحن نلقي فوائضَ هدرنا للقمامة، فذاك صفعٌ لإنسانيّتنا جميعًا. طفلٌ يتضور جوعًا يعني أن هناك مَن قرَّر عمدًا تركه للموت. لا لنقص الطعام، بل لمنعه. غزة تُحاصَر، ويُقطع عنها الغذاء، ويُستهدف مَن يحاول إدخالَه، ثم نقف لنسأل في بلاهة: لماذا يموت الأطفال؟!
ومن صانعُ الموت؟ "بنيامين نتنياهو"، رئيس وزراء إسرائيل، مجرم الحرب، الذي اختار بدم بارد سياسةَ الإبادة كخيار استراتيجي، يحاصر المدنيين، يقصف المستشفيات، ويمنع الطعام عن الأطفال! جرائمه مشهودة بعيون العالم، موثّقة صوتًا وصورة، ومع ذلك لا تزال المحاسبةُ عصيّةً، والعدالةُ مؤجلة! محكمة الجنايات الدولية لديها ما يكفي من أدلة الإدانة، لكن شِطرًا من العالم، مازال غارقًا في صمته، يغضُّ الطرف عن جريمة التجويع الجماعي، في خرق صريح لاتفاقيات جنيف، وأبسط المبادئ الأخلاقية.
أطفالُ غزّة من حقّهم أن يأكلوا، يلعبوا، يناموا دون خوف، ويستيقظوا صباحًا على شدو العصافير لا دويّ القنابل. لكنّهم يموتون جوعًا كل ساعةٍ من كلِّ يوم، ونحن نُحصي: كلَّ اسم، كلَّ صورة، كلَّ جسدٍ نحيل ملفوفٍ في قماش أبيض! وصمةُ عارٍ على جبين البشرية الخانعة لجبروت البيت الأبيض وبجاحته. الفجيعةُ ليست الموت، بل التواطؤ، الصمت، التبرير، والخذلان. غزة لا تحتاج إلى طعامٍ، بل إلى ضمير الإنسانية الغائب. وأطفالُها الشهداءُ ومَن ينتظرون حتوفهم، سوف يدينون البشريةَ أمام العرش العظيم في يوم الهول الأعظم.
سيكتبُ التاريخ أن أطفالًا ماتوا جوعًا، لأن مجرمًا يُدعى "نتنياهو" قرر أن يحول الطعامَ إلى سلاحٍ، والجوعَ إلى سياسةٍ. وسيكتب التاريخُ أننا إما صمتنا، أو صرخنا. ففي مثل هذه اللحظات التعسة، لا حيادَ. الصمتُ جريمةٌ. والكلمةُ مقاومة.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هنا بيروت: التعدديةُ ثراءٌ ... لا إقصاء
- الأوقافُ والأزهرُ في وداع البابا -فرنسيس-
- “صلاح دياب-… عاشَ ليحكي
- -فرحًا مع الفرحين- … عيد قيامة مجيد
- البابا …. غاسلُ أقدامِ الكادحين
- -السَّعفُ-… حين يغدو الوطنُ جديلةَ حُبٍّ
- -ماكرون-… -السيسي- وشعبُه… هذي مصرُ المشرقة
- التهجير... هدرٌ للدم المصري والعربي
- “لام شمسية- … حين تخجلُ الشمسُ
- عيدُ الفطر … ذكرياتُ الفرح
- أنا … -أمٌّ مثالية-... لابنٍ مثاليٍّ
- مع الكُرد العظماء …. في عيدهم
- -يوم زايد للعمل الإنساني-… إرثُ العطاء المستدام
- مآذنُ وأجراسٌ... ومصرُ الواحدة
- طواويسُ الجمال والدهشة
- الإفطار مع -السيدة الأولى-
- حلويات رمضان (٢)
- حلويات رمضان … دون سكّر… بالشهد المُصفّى (١)
- ألا في الفتنةِ سقطوا (٢)
- مايسترو -الضمير- … في صالوني


المزيد.....




- بابا الفاتيكان الجديد ليو الرابع عشر: ما أكبر التحديات التي ...
- تردد قناة طيور الجنة الحديث على النايل سات والعرب لضحك الأطف ...
- مستوطن إسرائيلي يحاول إدخال قربان إلى المسجد الأقصى
- أطفالك هيتسلوا بأحلى الأغاني.. استقبل تردد قناة طيور الجنة ا ...
- بابا الفاتيكان ليو الرابع عشر يعقد أول مؤتمر صحفي له منذ تنص ...
- الأزهر يبارك والصحفيون يتحفظون.. قانون الفتوى يثير الجدل في ...
- اضبط الآن بجودة عالية.. تردد قناة طيور الجنة 2025 الجديد على ...
- استقبلوا الفرح في بيوتكم.. ثبت دلوقتي تردد قناة طيور الجنة ا ...
- بابا الفاتيكان يناشد العالم وقف الحرب على غزة
- إلام دعا البابا ليو الرابع عشر خلال أول قداس له بصفته رأس ال ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - أطفالُ غزة… الرصاصةُ الرحيمة …. والموتُ جوعًا!!