محمود الزهيري
الحوار المتمدن-العدد: 1804 - 2007 / 1 / 23 - 09:44
المحور:
المجتمع المدني
في البدء أود أن أسأل سؤال إستنكاري وليس إستفهامي وهذا السؤال يكمن في مدي الحب الذي يحبه الآباء لأبنائهم ومدي حرصهم علي تأمين مستقبل أبنائهم في الحياة , ومن ثم يشقي الآباء في دنياهم لكي يستريح الأبناء حال رحيلهم من دنيا الناس إلي الدار الآخرة .
ومن هنا كان الأباء علي موعد مع الشقاء لراحة أبنائهم وسعادتهم علي الدوام , والقاعدة المتعارف عليها في ذلك :
أنه لايوجد إنسان يحب أن يكون هناك إنسان أفضل منه سوي الأباء الذين يحبون أن يكون أبنائهم أفضل منهم وأسعد حظاً وأوفر رزقاً وأعظم أمناً ورفاهية ورخاءاً.
والسؤال الذي أود طرحه يتعلق بمبارك الأب , ومبارك الإبن , حال كون المبارك الأول يرغب في توريث المبارك الثاني لحكم مصر وطناً وشعباً مع العلم أن هذا الميراث من أسوأ مايورث الأب لإبنه سواء في حياة الأب أو بعد وفاته أ و وصيته في توريث هذا الميراث !!
فهل مبارك الأب يحب مبارك الإبن لهذه الدرجة ؟!!
أو بمفهوم المخالفة والمعاكسة في المعني :
هل مبارك الأب يكره مبارك الإبن لهذه الدرجة ؟!!
أعتقد أن مبارك الأب يكره مبارك الإبن كرهاً شديداً لدرجة أنه قد يورد بمبارك الإبن موارد الشؤم والهلاك وإزدياد حجم ونوع البغض والعداء والكراهية له من الشعب المصري الذي عاش تحت ظلال حكم مبارك الأب لمدة تزيد علي ربع قرن من الزمان تحت وطأة حكم الفرد المختزل جميع السلطات في شخصه , وشخصيته الفرعونية التي تنطق بلسان الحال علي أنه هو الرب الأعلي في جميع السلطات , وكان ينقصه أن يقول للشعب المصري : يا أيها الشعب المصري : أنا ربكم الأعلي !!
يا أيها الشعب المصري : إن نهر النيل , والبحر الأبيض المتوسط , والبحر الأحمر , وجميع البحيرات , الموجودة بأرض مصر هي ملكي !!
يا أيها الشعب المصري إن الأرض وماعليها هي ملك لي وأنتم عبيداً ورعايا عندي , فأنا أرزقكم , وأنا أطعمكم , وأنا أسقيكم , وأنا أكسوكم , وأنا أحييكم , وأنا أميتكم , بل انا الذي يرحمكم , وأنا الذي يعذبكم .
يا أيها الشعب المصري :
من أراد منكم أن أكون رئيساً له فلينضم للحزب الوطني الديمقراطي , فهذا الحزب هو حزب الرئيس , وأنا الرئيس !!
من أراد ان تكون له الحماية والرعاية فليكن معنا في هذا الحزب !!
هذا الحزب الوطني الذي يضمن لكم السلطة , ويحافظ لكم علي الثروة , ويوفر لكم ولأبنائكم المناصب العليا سواء داخل حزبكم الوطني , أو في خارج حزبكم الوطني في وزاراته وهيئاته ومؤسساته والتشكيلات التابعة له في القطاع الخاص من رجالنا المخلصين الأوفياء الطائعين لأوامري وأوامر الحزب !!
وسوف تكون الرحلات والترفيهات والعطايا والهبات والمنح الحزبية لكم يا أبناء الحزب !!
فمن أراد منكم أن يكون ضابطاً في الداخلية أو الحربية أو في النيابة العامة أو النيابة الإدارية عيناه وثبتناه في وظيفته أو في عمله , ومن أراد منكم أن يكون محاسباً في بنك أو موظفاً في السلك السياسي أو الديبلوماسي , أو من السفراء والقناصل كان له ما أراد , ومن أراد أن يكون من موظفي وزارة التعليم العالي أو وزارة العدل أو وزارة البترول كنا له ملبين , ومن أراد أن يكون من موظفي الجهاز المركزي للمحاسبات أو الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة كنا لطلبه طائعين !!
يا أيها الشعب المصري هذا هو ندائي لكم :
من أراد من رجال الأعمال تملك الأراضي الزراعية أو الأراضي الصحراوية أو الأراضي المطلة علي شاطئ النيل أو البحر الأبيض المتوسط , أو البحر الأحمر , او البحيرات أو ألسنة الخلجان بأبخث الأثمان ملكناه وكنا لعقود البيع موقعين ولرسوم التسجيل ونقل الملكية جاهزين !!
من أراد منكم ياشعب مصر أن يكون في موقع المسؤلية ويرتكب ماشاء من أخطاء ويقترف ماشاء من جرائم في حق الوطن مصر وفي حق المواطنين المصريين فلايحزن ولا ييأس ولايخاف منا فنحن له حافظون وعلي مستقبله مؤمنين !!
هل تتعجبوا من ذلك !! ؟
لاتتعجبوا فالواقع شاهد علي ذلك والوقائع مقررة له ومثبتة إياه !!
فماذا فعلنا ببلطجية الإنتخابات ؟
وماذا فعلنا بمن هتكوا عرض النساء والبنات ؟
وماذا فعلنا بمن زوروا الإنتخابات والإستفتاءات ؟
وماذا فعلنا بمن قتل من الشعب المصري 1300 مواطن مصري في العبارة المشؤمة ؟
وماذا فعلنا بمن تسبب في حرق أبناء الشعب المصري في محرقة مسرح بني سويف ؟
وماذا فعلنا مع من تسبب في قتلي القطارات ؟
وهل عاقبنا يوسف والي المتسبب في قتل الشعب المصري بالبطئ علي مدار سنوات حكمه في الوزارة والحزب بالمبيدات المحرمة دولياً والهرمونات المسببة للكبد والفشل الكلوي والسرطانات بأنواعها ؟!!
أليس يوسف والي حراً طليقاً حتي الأن ؟!!
ماذا فعلنا بأحمد عز الذي تحصل علي مبالغ مالية تزيد عن 40 مليار جنية مصري في أقل من خمس سنوات ؟
وهل منعناه من تصدير الحديد والأسمنت لبناء الجدار العازل في إسرائل ؟
وهل تتبعنا الفاسدين والمفسدين من أبناء الحزب لدينا ؟
فهذا قطاع الإذاعة والتليفزيون ومدينة الإنتاج الإعلامي , وهذا حجم الفساد في قطاع الزراعة , وحجم الفساد في قطاع الصحة والمستلزمات الطبية , وهذا حجم الفساد في المواني والمطارات , وهذا حجم الفساد في قطاع الإسكان , وهذا حجم الفساد في قطاع التعليم , وهذا حجم الفساد في قطاع المجتمعات العمرانية الجديدة , وهذا حجم الفساد في تمليك أراضي الدولة بأبخث الأثمان وبيعها بأبهظ وأغلي الأسعار!!
ماذا فعلنا لكل هؤلاء الفاسدين والمفسدين ؟
وحتي رجال الأمن الذين ينفذوا أوامرنا بالحرف الواحد وأزيد من كل ما كنا نتمناه ونتوقعه , لقد لفقوا القضايا وسجنوا وإعتقلوا , وسحلوا وضربوا وعذبوا بل وقتلوا المعارضين لحزبنا الوطني الحاكم , فماذا فعلنا لهم ؟
وبماذا عاقبناهم ؟!!
من يحال منهم للمعاش نعينه محافظاً , أو نعينه رئيساً لمجالس المدن , أو نعينه بأحد البنوك الكبري , أو نعينه بمشروع محو الأمية , أو نعينه مستشاراً لإحدي المؤسسات أو الهيئات أو الوزارات المشكل منها حكومة حزبنا الوطني !!
أيها الشعب المصري :
من يكن معنا في حزبنا الوطني فقد نال الخير كله , فهو في مأمن من قانون الطوارئ , وهو في مأمن من قانون الإرهاب , وهو في مأمن من قانون العقوبات , وهو في مأمن من إدارة مكافحة المخدرات , وهو في مأمن من كافة القوانين المقيدة للحرية , ولن تناله المحاكم الإستثنائية أو المحاكمات العسكرية !!
تعالوا معنا , فمن يمرض منكم فقرارات العلاج بالخارج علي نفقة حكومة حزبنا ممضاة وجاهزة وينقصها الإسم فقط !!
تعالوا معنا في الحزب الوطني فمن كان معنا لايكون ضده أحد علي الإطلاق !!
فلاتخافوا من الشعب , ولاترهبكم جعجعات وهبهبات المعارضة الكلابية , فالمعارضة تنبح فقط , ولاتعض , اننا نعاملهم وكأنهم كلاب ضالة فقط , ومن يظهر لنا منه ناب فمصيره معروف , فلقد خربنا الأحزاب , ولقد قتلنا الحياة التي تسمي بالحياة السياسية , بل لقد قتلنا الشعب بالفقر والجهل والمرض .
فمرضي الكبد في إزدياد وبلغ عددهم مايزيد عن الواحد والعشرون مليونا ً , ومرضي الفشل الكلوي, والسرطانات يعدوا بالملايين , ومرضي السكر وضغط الدم كذلك بلغوا الملايين من المرضي , والمرضي النفسيين يزيدوا عن ثلثي الشعب المصري .
وإنظروا إلي سكان المقابر الذي بلغ عددهم مايزيد عن الخمسة ملايين مصري , بل سكان العشوائيات الذين يقدروا بملايين لايمكن حصرهم عدداً , ولإنظروا إلي عدد العاطلين عن العمل فقد بلغ عددهم مايزيد عن أربعة عشر مليوناً من الشباب المصري وراقبوا العدد منذ تخلي حكومتنا , حكومة الحزب الوطني عن تعيين الشباب والخريجين .
إنظروا إلي تسعة ملايين عانس من الذكور والإناث , وإنظروا إلي أزمة السكن , وازمة المواصلات , وأزمة التعليم وأزمة الصحة .
أيها الشعب المصري هلموا إلي الحزب الوطني :
هلموا !!
فالنواب نوابنا في مجلس الشعب , وفي مجلس الشوري , وفي المحليات , وهم من رجالنا , ولم يعيبهم أن يكون منهم :
نواب الكيف والمخدرات !!
نواب القروض و سرقة البنوك !!
نواب محوالأمية الجهلاء بالكتابة والقراءة !!
نواب تجارة السلاح والمخدرات !!
نواب التزوير!!
نواب التجنيد المتهربين من أداء الخدمة العسكرية الوطنية !!
نواب سميحة , الذين هم من محترفي الزنا والدعارة !!
بل نواب الدعارة السياسية !!
أليس هذا هو شأننا وشأن حزبنا الوطني الحاكم ؟!!
فلا تهنوا يا شعب مصر ولاتحزنوا أبداً , وحينما أقول لكم ذلك أقصد منكم من هم من أعضاء الحزب الوطني , حزبنا الحاكم لمصر ولشعب مصر .
لقد بعنا القطاع العام , وبعنا الشركات والهيئات والمؤسسات التي كانت من ثراث وميراث الشعب المصري , ولم يبقي لي إلا أن اعدل لكم الدستور وأصدر لكم قانون الإرهاب , واعدل ما أريد , ويحرم عليَ أن أقترب من المادة 77 من الدستور أو أعدل المادة 76 من الدستور المصري حسبما يريد الشعب , بل وسوف أنهركم وأنحركم إن شئت ذلك وأعدل المادة 88 من الدستور ليكون جمال مبارك هو الحاكم لكم من بعدي ويرثكم ويرث مصر وطناً وشعباً فمن كان مع مبارك الإبن , كمن كان مع مبارك الأب , ومن رضي بمبارك الإبن فكأنما رضي بمبارك الأب , ومن أطاع مبارك الأبن , فكمن أطاع مبارك الأب , ويصبح له من مصر وثروة مصر نصيب , وفي الأمن والحماية له ولأسرته ومن أتباعه وكل حبيب سيكون له النصيب , وهذا هو النصيب !!
ولكنه النصيب الأسود , النصيب الأغبر !!
فماذا لدي جمال مبارك سيقدمه لمصر ولشعب مصر ؟!!
فقد كان جمال عبد الناصر يقال عنه أنه أتي بالشرعية الثورية , وأنور السادات يقال عنه أنه أتي بالشرعية الدستورية , وحسني مبارك يقال عنه أنه صاحب الضربة الجوية !!
وجمال مبارك :
ماذا سيقال عنه ؟
هل سيقال عنه أنه إبن صاحب الضربة الجوية ؟!!
أقول لمبارك الأب والإبن والأسرة والآل جميعاً , أرجوكم إرحلوا !!
إرحلوا واتركوا مصر للمصريين , يفعلوا ببلدهم ماشاء لهم أن يفعلوا حتي ينال الشعب الحرية والعزة والكرامة , وينال القوانين والتعديلات الدستورية التي يريدها , فمصر لاتريد للحاكم أن يكون إلهاً , ولاتريد أن يكون إبن الحاكم إلهاً , فلقد كفر الشعب المصري بالظلم والفساد وكفر بحكم الألهة من البشر .
فهل مبارك الأب مازال يكره مبارك الإبن ويريد أن يورثه التركة المكلومة المحزونة المثقلة بالأحزان والهموم والضغائن له ولإبنه ؟!!
أعتقد أن الإجابة ستكون للتاريخ فقط !!
#محمود_الزهيري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟