أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عالية بايزيد اسماعيل - جرائم داعش ضد -الايزيدية -اليزيدية في القوانين العراقية والدولية . دراسة مقدمة قبل سنتين الر رابطة المراة في اتحاد ادباء وكتاب العراق















المزيد.....



جرائم داعش ضد -الايزيدية -اليزيدية في القوانين العراقية والدولية . دراسة مقدمة قبل سنتين الر رابطة المراة في اتحاد ادباء وكتاب العراق


عالية بايزيد اسماعيل

الحوار المتمدن-العدد: 8327 - 2025 / 4 / 29 - 23:39
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


جرائم داعش ضد اليزيدية (الايزيدية ) في القوانين العراقية والدولية

نبذة تعريفية بالديانة اليزيدية
تعتبر الديانة "اليزيدية " او" الايزيدية " بالكردية كما وردت في الدستور العراقي النافذ , من الديانات التوحيدية القديمة التي نشات في ارض بلاد مابين النهرين , والتي اختلفت الاراء بشانها بين المؤرخين والباحثين بل وحتى على اتباعها انفسهم , بسبب ضياع الكثير من حلقات تطوره عبر مراحله التاريخية . ورغم هذا الاختلاف من حيث التسمية الى الطقوس والعبادات مرورا بالرموز المقدسة , الا ان الجميع متفق على انها ديانة توحيدية , الا ان نشأة هذه الديانة غير معروفة بالضبط , ومتى جاءت التسمية "اليزيدية " او "الايزيدية الكردية" .
فهناك العديد من الفرضيات والاستنتاجات التي قيلت في اصل ونشأة هذه الديانة . فهناك من يقول الى انها امتداد لاحدى الديانات القديمة لحضارة سومر وبابل التي ولدت في الالف الثالث ق .م , وذلك من خلال ربط مفردة اليزيدية بمفردة ايزيدا المعبد السومري القديم.
وغيره من يرجعها الى اصول اشورية من خلال الاثار الاشورية المكتشفة في الموصل وما حواليها عندما دخل الاشوريون حربا مع الفرس فانتصر الفرس عليهم بقيادة كيخسرو الذي اسس الحكم الميدي الفارسي .
واخرون يربطون هذه التسمية بيزدان او ايزي اسم الله بالفارسية والكردية . وغيرهم يربطها بمدينة يزد الفارسية التي كانت مقر الشمسانيين اتباع النبي ابراهيم الخليل .
والكثيرمن المستشرقين قالوا انها مرحلة متقدمة من الزرادشتية بسبب بعض الثوابت المشتركة بين الديانتين من تقديسهما الشمس والنار.
واخرين اعتبروا هذه الديانة امتداد للديانة المجوسية القديمة كالمانوية والمثرائية , وانها ذات جذور فارسية ومن الديانات الهندو اوربية . والبعض ينسبها الى الديانات الابراهيمية وانهم الاحناف الذين وجدوا قبل الاسلام , واخرين ينسبونها الى المتصوفة او الى يزيد بن معاوية .
هذه الفرضيات كلها لاتعدو عن كونها استنتاجات واجتهادات شخصية وكل طرف يملك الادلة والاثباتات والكثير من الانتقادات ايضا .
وتبقى الحقيقة غير واضحة المعالم وتحتمل كل تلك الارء بسبب غياب النصوص التاريخية المدونة والموثقة التي تدعم ايا من تلك الفرضيات . وبالتالي فهي لاتزال تبقى اجتهادات شخصية تحتمل كلا من الصح والخطا .
لقد استخدم الدستور العراقي لعام 2005 اسم "الايزيدية " المفردة الكردية لمفردة اليزيدية في بنوده , وهو الاسم الذي تقدم به النائبان اليزيديان في اول جمعية وطنية عراقية (برلمان ) معين قبل بريمربعد سقوط بغداد. وهذان النائبان احدهما عن الحزب الديمقراطي الكردستاني والاخر عن حزب الاتحاد الوطني الكردستاني , وهما من مجموعة الاحزاب الكردية الى جانب حزب التغيير التي روجت لايديولوجيات ممنهجة وثقافة جديدة كان من نتائجها ادراج مفردة "الايزيدية" الكردية في الدستور الحالي لدواعي وتوجهات سياسية بدلا عن "اليزيدية" التي كانت سائدة في الدساتير والقوانين والوثائق والمدونات الرسمية قبل سقوط بغداد , كما طالبت بتغيير سنجار الى شنكال وبعشيقة الى باشيك ردا على سياسة التعريب الذي انتهجه النظام البعثي السابق .
ولهذا انا استخدم مفردة " اليزيدية " الاصل بعيدا عن التوجهات السياسية او القومية , بدلا عن مفردة" الايزيدية" البديل رغم ورودها هكذا في الدستور العراقي النافذ .
فمن سياسة تعريب الى سياسة تكريد تجاذبت الاراء وتناقضت حول هوية اليزيديين الى حد التصادم . في حين انها تحمل في مقوماتها خصوصية دينية واثنية عرقية مميزة هي" اليزيدية " لاعربية ولاكردية ,
و لكن وكما يقال التاريخ يكتبه الاقوياء والمنتصرون , فلا نستغرب اذن ان نرى هذه التجاذبات والاختلافات في الاراء بشان كل من الهوية القومية , والتسمية , واصول النشاة التاريخية الاولى , في ظل انعدام المصادر والمراجع المكتوبة .
وبالعودة الى التسمية , فقد كان اليزيديون قديما يسمون في فترة الخلافة العباسية وتحديدا بعد سيطرة صلاح الدين الايوبي على الحكم في مصر والشام بالداسنيين , فاسسوا امارة داسن او هكار في منطقة الجزيرة "ميتزوباميا" واستولوا على الموصل والذي برز فيها اسم الامير جعفر الداسني الذي حكم الموصل .
وبمجيء الشيخ عدي بن مسافرالى لالش والذي يمثل الشخصية الدينية المحورية الاهم والاكثر تقديسا لدى اليزيديين سموا بالعدويين نسبة الى الشيخ عدي الصوفي الزاهد المجاهد صاحب الطريقة العدوية , والذي اختلفت الاراء بشانه من حيث اصله ونسبه وعلاقته باليزيدية , والدخول في هذا الموضوع شائك وطويل يحتاج الى الكثيرمن التفصيلات التي قد تخرجنا عن الموضوع والتي لامجال لبحثها هنا .
تعمتد الديانة اليزيدية على النصوص الشفاهية المتداولة او مايسمى " بعلم الصدر" الذي يتوارثه القوالون جيلا بعد جيل . وهو عبارة عن مجموعة من الادعية والنصوص التراثية الدينية التي تبحث في صفات الله وملائكته وقصة الخلق والتكوين والاعتقاد بطاووس ملك والشيخ عدي . وهي اقوال دينية لم تدون في كتب انما حفظت في الصدور بسبب ماتعرضت له من نهب وسرقة خلال فترات الغزوات كما تمت من قبل سرقة كل من كتابي" مصحف ر ه ش" و" الجلوة" المقدسين , ومن قبلهما سرقة " سناجق الطاووس" المقدسة التي تخرج للطواف برفقة القوالين ولاكثر من مرة لتتم اعادتها ومن ثم تسرق مرة اخرى وهكذا على هذا المنوال .
في ظل هكذا اوضاع مقلقة وصعبة كان من الطبيعي ان يعمد اليزيديون الى العزلة والانغلاق على انفسهم وعدم الافصاح عن معتقداتهم الدينية امام الاخرين حفاظا عليها من بطش الاخرين وغزواتهم وسرقة ممتلكاتهم وتدمير مزاراتهم ومقدساتهم . لهذا لجا الكتاب والمؤرخون الذين كتبوا عن الديانة اليزيدية الى الاستنتاجات والتاويلات والتقولات الذي ادى الى التشويه وتزوير حقيقة عباداتهم ووصفها بصفات غير لائقة تحمل الكثير من المغالطات والتجاوزات بقصد الاساءة اليهم ولعقيدتهم سواء عن عمد او غير عمد .
هذه المعطيات جعلت اليزيديين عرضة للانتهاكات والاضطهادات والتي كانت اخرها الهجوم الداعشي في 3اب 2014 على سنجار والتي وصفت لفداحتها بجريمة العصر من حيث جسامتها ووحشيتها .
جرائم داعش هذه لفتت انظار المجتمع الدولي الى هذه الاقلية الدينية وما تعرضت له من انتهاكات واضطهادات متتالية وصلت الى حد الابادة الجماعية , وادرك المجتمع الدولي انها مجموعة دينية امنة لا ترغب الا العيش بسلام وامان وكرامة واحترام خصوصياتها الدينية في ظل قوانين تحترم حقوق الانسان وحرية المعتقد والعيش الامن خاصة وانها ديانة مسالمة تدعو الى الخيروالسلام والمحبة , ديانة باطنية منغلقة على اتباعها لا تدعو الى التبشيرولا تسمح لاحد بالدخول اليها الا لاتباعها ممن ولدوا لاب وام يزيديين . ديانة مسالمة لا تشكل اي تهديد لاية مجموعة دينية او اثنية او عرقية اخرى لكنها مع ذلك لم تسلم عبر مراحل التاريخ من العديد من التجاوزات والتهديدات .
يبلغ عدد اليزيديين بحسب التقديرات غير الرسمية حوالي سبعين الف وربما المليون , موزعين في العراق وسوريا وتركيا وارمينيا وجورجيا . اما في العراق فهم يسكنون منطقة سنجار وماحولها من مجمعات شمال جبل سنجار في خانصور ودوكري ودهولا وبورك وكهبل وزورافا وسنوني اما المجمعات جنوب سنجار ففي تل قصب وتل البنات وكرزك وسيبا شيخ خدر وتل عزير اضافة الى وجودهم في مدينة سنجار.
وفي الشيخان وباعذرة حيث المقر الرئيس للامارة اليزيدية , وفي بعشيقة وفي سهل نينوى في القوش والحمدانية وشاريا وخانكى ودهوك .
وفي خارج الوطن اكثر من ثلاثمائة الف يزيدي مشتتين في بلاد المهجر في اوربا وامريكا اغلبهم في المانيا والسويد وفرنسا.

داعش وجرائمه ضد اليزيدية
كان لتصاعد التطرف في العراق وسوريا والذي ادى الى قيام مايعرف باسم تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام " داعش " نتاىج كارثية على الاقليات الدينية والعرقية في العراق وخاصة على المكون اليزيدي الذي نال النصيب الاكبر من تلك الكوارث الانسانية . فمثلا كان يخير المسيحيين بين عدة خيارات فاما اعتناق الاسلام او دفع الجزية او الهجرة والمغادرة القسرية او مجابهة حد السيف . اما اليزيديين فكان خياراهم بين اثنين فقط فاما الاسلام اوالقتل والسبي .
يمثل تنظيم داعش امتدادا فكريا وايديولوجيا لتنظيم القاعدة الارهابي والجماعات الارهابية المتفرعة عنه . وقد ارتكب هذا التنظيم الارهابي العديد من الجرائم الارهابية منذ ظهوره كقوة مسلحة والتي تعد جرائم دولية خطيرة كالجرائم ضد الانسانية وجرائم الابادة الجماعية وجرائم حرب والتي راح ضحيتها الالاف من المدنيين والعسكريين وقيامه بهدم دور العبادة والكنائس والمواقع الاثرية وغيرها من الافعال .
احتل هذا التنظيم مدينة الموصل في 10حزيران 2014 واشاع نظام سياسي اسلاموي ارهابي متطرف ضد الاقليات الدينية والعرقية كالمسيحيين واليزيديين والشبك والشيعة التركمان وحتى السنة من المعارضين لاحكامهم .
ولم يلبث بعد ان احكموا قبضتهم على مدينة الحدباء ان سارت طلائعهم تحت رايات الله اكبر السود الى الغرب نحو قضاء سنجار في 3 اب ا2014 في استهداف اجرامي لليزيديين الذين وصفوهم بالكفرة وارتكاب جرائم وفظائع وحشية دنيئة تمثلت باعدام جماعي للرجال واختطاف النساء والاطفال كسبايا حرب للاسترقاق الجنسي واعادة احياء السبي في تقنين فاضح للاغتصاب وانتهاك اجرامي للاعراض ودعوة الى الفاحشة وشرعنة الزنا والدعارة وافساد في الارض التي تدل على دناءة نفوسهم وقبح اخلاقهم , وارسال الفتيان الذين تزيد اعمارهم عن الثمان سنوات الى معسكرات الجهاد للتدريب العسكري واعدادهم كقنابل بشرية موقوتة . وهروب عشرات الالاف من العوائل الامنة الى الجبال والى مدن دهوك واربيل في ظروف صعبة للغاية .
فقد اصدر ديوان الافتاء والبحوث في تنظيم داعش قسم اصدار الفتاوى والبحوث في اكتوبر 2014 تقريرا بعنوان ( في حكم الخلاق في السبي والاسترقاق ) بهدف وضع المبررات الاساسية في الشريعة الاسلامية لممارسة العبودية مع التركيز على العبودية الجنسية . جاء فيه في الصفحة 16 منه ( بالنسبة للكفار الذين لا يملكون ميثاق اهل الذمة فان المبدا المتعلق بهم يحل سفك دمائهم ونهب ممتلكاتهم اذا لم يتحولوا الى الى الاسلام او يدفعوا الجزية ويدخلوا تحت حكم الشريعة وفي هذا الصدد يجوز اسر نسائهم وذريتهم ولايجوز قتل النساء من حيث المبدا اذا لم يقدمن يد العون في الحرب ضد المسلمين . )
وقد روى احد اعضاء التنظيم مراحل بيع وشراء امراة او طفل يزيدي من تنظيم داعش بما يلي : اولا على مقاتل تنظيم داعش المهتم الذهاب الى المحكمة الشرعية للحصول على موافقة خطية تخوله حق شراء امراة او طفل ثم يتوجه المقاتل الى مكتب السجناء حيث تعرض صور النساء والاطفال لغرض البيع ليختار المراة او الطفل الراغب بها ثم يذهب المقاتل الى مكتب الاقتصاد او ما يسمى ببيت المال حيث يتعين عليه دفع الثمن المحدد وهو في الغالب 500 دولار للطفل و1500 دولار للمراة , واخيرا يتوجه المقاتل الى سجن السبايا حيث تحتجز النساء والاطفال المعروضين للبيع وياخذ المراة او الطفل الذي اشتراه .
فكانت النساء والاطفال يعاملون معاملة المشركين لانهم لم يقبلوا بالاسلام ومن ثم تجب معاملتهم معاملة المشركين على عكس المسيحيين الذين عدوهم من اهل الذمة الذي وجب عليهم دفع الجزية .


التوصيف القانوني الدولي لجرائم تنظيم داعش
منذ بدء هجوم داعش عام 2014 وحتى 2017 لم يتحرك مجلس الامن لاتخاذ اي قرار بشان احالة القضية اليزيدية على المسائلة الدولية امام القضاء الدولي رغم المطالبات العدية من منظمات المجتمع المدني والدول الاعضاء الى ان صدر القرار المرقم 2379 حول محاسبة تنظيم داعش عن الجرائم التي ارتكبها في العراق بما في ذلك الجرئم التي ترقى الى مستوى جرائم وجرائم ضد الانسانية والابادة الجماعية . وطالب القرار بانشاء فريق تحقيق برئاسة مستشار خاص الامين العام لدعم الجهود المحلية الرامية الى مسائلة تنظيم داعش عن طريق جمع وحفظ وتخزين الادلة في العراق على الاعمال التي ترقى الى مستوى جرائم حرب وابادة جماعية وجرائم ضد الانسانية . وقد اكد رئيس فريق الامم المتحدة للتحقيق في جرائم تنظيم الدولة الاسلامية في العراق كريم خان انه توجد ادلة واضحة ومقنعة على ارتكاب التنظيم الارهابي ابادة جماعية ضد اليزيديين .
وتعد جريمة الابادة الجماعية الذي استهدف اليزيديين على وجه الخصوص من اكثر الجرائم خطورة على الجنس البشري لما تشكله من تهديد للانسان في حياته وكرامته ولما تهدده من ابادة مجموعة كاملة من الناس لاسباب عرقية او دينية .
وقدعرفت المادة 6 من النظام الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1998 جريمة الابادة الجماعية بانها " اي فعل من الافعال التالية يرتكب بقصد اهلاك جماعة قومية او اثنية او عرقية او دينية بصفتها هذه اهلاكا كليا او جزئيا :
اـ قتل افراد الجماعة .
ب ـ الحاق ضرر جسدي اوعقلي جسيم بافراد الجماعة .
ج ـ اخضاع الجماعة عمدالاحوال معيشية يقصد بها اهلاكها الفعلي كليا او جزئيا .
د ـ فرض تدابير تستهدف منع الانجاب داخل الجماعة .
ه ـ نقل اطفال الجماعة عنوة الى جماعة اخرى.
علما ان ارتكاب اي صورة مما ذكر اعلاه يحقق الركن المادي التي لا تكتمل الا بتحقق ركنها المعنوي الذي يتخذ صورة القصد الجنائي وهو ما لا يتحقق الا بتوافر عنصري العلم والارادة لدى مرتكب الجريمة .
ولو عدنا الى جرائم داعش في سنجار لوجدنا ان اكثر من 50000 يزيدي اغلبهم من النساء والاطفال والكبار هربوا الى الجبال للنجاة بارواحهم وهناك كان مصيرهم كارثيا حيث بقوا لايام دون مياه او طعام او امدادات انسانية , وقد لقى الكثير منهم حتفهم عطشا في درجات حرارة تجاوزت ال 40 في اب . اما من وقع تحت قبضتهم من الرجال فقد خيروهم بين التحول الى الاسلام او القتل , فقتل الالاف منهم . اما النساء فقد اختطفوا واخذوا كغنائم حرب للاسترقاق والاغتصاب وامتاع مقاتلي التنظيم جنسيا او للخدمة وممارسة العنف الجنسي والجسدي عليهم والمتاجرة بهم وبيعهن علنا . اما الاطفال والفتيان فقد حولوا الى معسكرات التجنيد في العراق وسوريا وارغموا على التحول للاسلام واخضعوا لتدريبات وايديولوجيات ارهابية وغسيل دماغ ديني وتدريب عسكري .
ومن هنا يمكن تصنيف ماارتكبه بحق اليزيديين على انه جريمة ابادة جماعية يجب ان تتخذ بحقه الاجراءات الدولية والمحلية بصورة ضرورية وانصاف مظلوميتهم بصورة عادلة وحسب قانون روما الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1998 والمادة الثانية الفقرة الاولى من قانون منع ابادة الجنس البشري لعام 1948 فان جرائم داعش ضد اليزيديين هي جرائم ابادة جماعية .
ممارسات داعش اللانسانية تتنافى مع ما جاءت في المادة 3 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان 1948 التي تنص على ان " لكل فرد الحق في الحياة والحرية والسلامة الشخصية " . وبالتالي فان الهوية الاثنية والدينية لليزيديين في جريمة الابادة الجماعية تمثل ركنا اساسيا من اركان هذا النوع من الجرائم الدولية .
كما تعد هذه الجرائم من الجرائم ضد الانسانية في مجال القانون الجنائي الدولي التي تنطوي على عدوان صارخ على الانسانية كالقتل والابادة والاسترقاق .
فقد نصت المادة 7 من النظام الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1998 على" لغرض هذا النظام الاساسي يشكل اي فعل من الافعال التالية جريمة ضد الانسانية متى ارتكبت في اطار هجوم واسع النطاق او منهجي موجه ضد اية مجموعة من السكان المدنيين وعن علم بالهجوم :
ا ـ القتل العمد .
ب ـ الابادة .
ج ـ ابعاد السكان او النقل القسري للسكان .
د ـ السجن او الحرمان الشديد على اي نحو اخر من الحرية البدنية بما يخالف القواعد الاساسية للقانون الدولي .
ه ـ التعذيب .
و ـ الاغتصاب او الاستعباد الجنسي او الاكراه على البغاء او الجمل القسري او التعقيم القسري او اي شكل من اشكال العنف الجنسي على مثل هذه الدرجة من الخطورة .
ز ـ اضطهاد اية جماعة محددة او مجموع محدد من السكان لاسباب سياسية اوعرقية اوقومية اواثنية اوثقافية اودينية اومتعلقة بنوع الجنس على النحو المعرف في الفقرة 3 اولاسباب اخرى من المسلم عالميا بان القانون الدولي لا يجيزها وذلك فيما يتصل باي عمل مشار اليه في هذه الفقرة او باية جريمة تدخل في اختصاص المحكمة .
ح ـ الاختفاء القسري للاشخاص .
ط ـ جريمة الفصل العنصري .
ي ـ الافعال اللانسانية الاخرى ذات الطابع المماثل التي تتسبب عمدا في معاناة شديدة او في اذى خطير يلحق بالجسم اوبالصحة العقلية اوالبدنية .
هذه المادة حددت صور الجريمة ضد الانسانية وان ارتكاب اي منها يحقق الركن المادي للجريمة والتي لاتكتمل الا بالقصد المعنوي او القصد الجنائي كما هو الحال بالنسبة لجرائم داعش ضد اليزيديين . ان اسر واسترقاق النساء اليزيديات جرى بشكل ممنهج ومنظم في اطار الدوائر المختلفة للتنظيم . ان الجرائم التي ارتكبها تنظيم داعش تدخل ضمن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية .
والسؤال الذي يثار في هذا الشان هوهل يمتد اختصاص المحكمة الجنائية الدولية الى جرائم الابادة الجماعية والجرائم ضد الانسانية المرتكبة على الاراضي العراقية ؟
والاجابة على هذا السؤال حددته المادة 12 من النظام الاساسي لهذه المحكمة التي حددت القواعد والشروط اللازمة لبدء تلك المحكمة في اتخاذ اجراءات التحقيق والمحاكمة على النحو التالي :
اولا ـ الدولة التي تصبح طرفا في النظام الاساسي للمحكمة تقبل بذلك اختصاص هذه المحكمة فيما يتعلق بالجرائم المشارفي المادة 5 .
واستنادا لذلك فان المحكمة ستعقد بشكل تلقائي ازاء الجرائم الواقعة في اختصاصها لمواجهة اية دولة طرفا فيها ولايحتاج الامر الى اية شروط اضافية لانعقاد هذا الاختصاص طالما ثبت لدى المحكمة ان تلك الدولة غير قادرة اوغير راغبة في اتخاذ اجراءات التحقيق والمحاكمة على تلك الجرائم لان مجرد انضمام الدولة الى النظام الاساسي والتصديق عليه او قبوله يتضمن بحد ذاته قبولا تلقائيا لاختصاص المحكمة طالما كانت هذه الدولة غير راغبة اوغير قادرة على القيام بواجباتها .
والعراق ليس طرفا في النظام الاساسي للمحكة الجنائية الدولية وبالتالي سوف لن نستفيد حكا من هذه المادة التي كانت ستتدخل هذه المحكمة الجنائية الدولية في التحقيق ومحاكمة هذا التنظيم الاجرامي طالما ان الاختصاص القضائي والقانوني العراقي غير قادر على محاكمة هذا التنظيم وتجريمه على الاراضي العراقية . لهذا فقد قررت الحكومة العراقية اتخاذ الاستعدادات لتشريع قانون المحكمة الجنائية العراقية لجرائم عناصر داعش .

ثانيا ـ اذا كانت الحالة التي تشرع المحكمة بالنظر فيها قد تمت احالتها من المدعي العام من جانب دولة طرفا في التظام الاساسي او كان المدعي العام قد بدا في مباشرة التحقيق فيها من تلقاء نفسه فانه يجوز وفقا للمادة 12 ـ ثانيا للمحكمة الجنائية الدولية ان تبدا في اتخاذ اجراءات التحقيق والمحاكمة في الحالتين التاليتين :
الحالة الاولى : وتتضمن مسالتين وهما :
اـ ان تكون الدولة التي وقع السلوك الاجرامي على اقليمها او دولة تسجيل السفينة او الطائرة اذا كانت الجريمة قد ارتكبت على متن سقينة اوطائرة طرفا في النظام الاساسي للمحكمة.
وهذه الحالة لاتنطبق على الحالة العراقية لكون العراق ليس طرفا في النظام الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
ب ـ اذا كانت الدولة التي يحمل المتهم جنسيتها طرفا في النظام الاساسي للمحكمة او ان تكون الدولتين اي الدولة التي وقع عليها السلوك الاجرامي والدولة التي يحمل المتهم جنسيتها اطرافا في النظام الاساسي.
الحالة الثانية : وتتضمن حالتين ايضا :
ا ـ ان تكون الدولة التي وقع على اقليمها السلوك الاجرامي او دولة تسجيل السفينة او الطائرة اذا كانت الجريمة وقعت على متن سفينة او طائرة طرفا من النظام الاساسي للمحكمة وتكون الحالة محالة من دولة طرف او بدا المدعي العام التحقيق من تلقاء نفسه .
ب ـ ان تكون الدولة التي يحمل المتهم جنسيتها طرفا في النظام الاساسي للمحكمة وتكون الحالة محالة من دولة طرف او كان المدعي العام قد بدا التحقيق فيها من تلقاء نفسه . ه
اذن بامكان الدولة التي لم تسجل في النظام الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية كالعراق مثلا ان تودع لدى مسجل المحكمة الدولية اعلانا يتضمن قبولها ممارسة المحكمة لاختصاصها فيما يتعلق بجرائم تنظيم داعش المرتكبة على اقليمها من قبل اشخاص من دول اخرى على الرغم من كونها ليست طرفا في النظام الاساسي للمحكمة .

جرائم داعش في القوانين العراقية
في اطار القوانين الجنائية العراقية لم تتمكن هذه القوانين من مقاضاة مجرمي داعش دوليا وفق قانون العقوبات العراقي , حيث لايوجد نص في القوانين العراقية الجنائية على مقاضاة الجرائم الدولية التي ارتكبها مقاتلي داعش . فمثلا قانون العقوبات العراقي لايعاقب على الجرائم الجنسية التي ارتكبها مقاتي داعش كجرائم حرب دولية , انما تجريم لافعال فردية وفق ما وردت في المواد من 392 الى 404 . ويمكن مقاضاة المشتبه بهم من مقاتلي داعش بموجب اتهامات اخرى في القانون الجنائي العادي مثل القتل والاختطاف والاعتداء الواردة في قانون العقوبات, لكنها لاترقى الى الجرائم المرتكبة ضد الانسانية .
اما قانون مكافحة الارهاب رقم 13 لعام 2005 بمواده ال 23 فقد شرع نتيجة تزايد اعمال العنف في العراق منذ عام 2003 , وكان يطبق جنبا الى جنب مع قانون العقوبات العراقي في قضايا الارهاب .
اما اجراءات التحقيق وجمع الادلة فتتم وفق قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقية .
والمحاكمات تكون امام محكمة خاصة شكلت بموجب هذا القانون للنظر في قضايا الارهاب .
الا ان ما مايؤخذ على هذا القانون هو انه لم يعرف بشكل محدد ماهو الارهاب ولا الانشطة الاهاربية ولم يقدم الضمانة العادلة لضحايا الارهاب .
فقد نصت المادة 1 منه على " تعتبرجريمة ارهابية في تطبيق احكام هذا القانون الجنايات المنصوص عليها في قانون العقوبات او في اي قانون اخر , اذا كان الغرض منها ارهابيا .ويكون الغرض ارهابيا اذا كان الدافع لاستعمال القوة او العنف او التهديد او الترويع هو تعطيل احكام النظام الاساسي المؤقت المعدل او القانون او الاخلال بالنظام العام او تعريض سلامة المجتمع وامنه للخطر او الاضرار بالوحدة الوطنية , او ادى ذلك اوكان من شانه ان يؤدي الى ايذاء الناس او تسبب الرعب لهم او تعريض حياتهم او حرياتهم او امنهم للخطر او الحاق الضرر بالبيئة او الصحة العامة او الاقتصاد الوطني او المرافق او المنشات او الممتلكات العامة او الخاصة او الاستيلاء عليها او عرقلة ادائها لاعمالها او منع او عرقلة السلطات العامة عن ممارسة اعمالها .".
فغالبا ماتنحصر التهم الموجهة الى الارهابيين هي تهمة الانتماء الى تنظيم داعش الواردة في المادة الرابعة منه . دون التعريف باعمالهم الارهابية ومدى خطورة افعالهم وجرائمهم , كما لاتوجد جدية في ملاحقة المشتبه بهم قضائيا تضمن ملاحقتهم ومحاكمتهم محاكمة .
حيث تنص المادة 4 على " يعاقب بالحبس المؤبد كل من امد احدى الجماعات او التنظيمات المنصوص عليها في المادة السابقة بالمواد المتفجرة الواردة في الجدول رقم (4) او الاسلحة الواردة في القسم الثاني من الجدول رقم (2) المرفقين بالقانون رقم 14 لسنة 1999 المشار اليه . ويعاقب بذات العقوبة كل من امد ادى الجماعات او التنظيمات المشار اليها في الفقرة السابقة وهو يعلم باغراضها او باسلحة او ذخائر او معلومات او معونات مادية او مالية او معلومات او مهمات او الات او بعث لها المؤن او جمع لها اموالا او قدم لافرادها ماوى او مكانا للاجتماع فيه او غير ذلك من التسهيلات ."
وقد باشرت محكمة الموصل في الفترة مابين فبراير الى اواخر اغسطس 2017 , بمحاكمة 5500 مشتبه في انتمائه لداعش , واصدرت 200 قرار بالادانة وفق قانون مكافحة الارهاب والتي تضمنت احكاما بالادانة لكل من اشتبه في انتمائه الى داعش بالعقوبات المقررة في هذا القانون والتي ترواحت بين السجن المؤبد او الاعدام . بعضهم كانوا يقدمون مساعدات لمقاتلي داعش مثل الاطباء الذين عملوا في مستشفيات خاضعة لداعش اوالطباخين الذين اعدوا الطعام للمقاتلين .
وقد فرض القانون عقوبة الاعدام على اي عمل من اعمال الارهاب او الجرائم المرتكبة ضد امن الدولة. حيث نصت المادة 6 على " يعاقب بالاعدام او الحبس المؤبد كل من ادار كيانا او جمعية اومؤسة خاصة انشئت طبقا للقانون واستغل ادارته لها في الدعوة الى ارتكاب جريمة ارهابية ." .
وقد تم اعدام 92 مدان منذ عام 2014 حسب تقرير هيومن واتش . . كما اشار التقرير الى وجود قصور قانونية خطيرة تقوض جهود تقديم مقاتلي تنظيم داعش الى العدالة , وذلك بسبب عدم وجود ستراتيجية وطنية خاصة بالملاحقات القضائية لمقاتلي داعش وغموض الاجراءات المعتمدة في تحديد المشتبه بانتمائهم لداعش والتي تستند الى قوائم بالمطلوبين او اتهامات صادرة عن السكان المحليين دون اية ادلة اضافية , وهذه قد تؤدي في احيان كثيرة الى تحديد خاطىء للاشخاص والى احتجاز اشخاص ليسوا او لم يكونوا منتمين الى داعش .
اما بشان الضمانات القضائية والقانونية ذات الصلة بعقوبة الاعدام فهي تتوافق مع المعايير الدولية , وان تطبيق عقوبة الاعدام في العراق يمثل انعكاسا لمراعاة خصوصيات المجتمع العراقي العشائري والمشاعر الشعبية التي تولدت بعد الجرائم التي ارتكبها الارهابيون حيث يضغط الراي العام الشعبي باتجاه محاكمة الجناة وتطبيق اقسى العقوبات المقررة .
كما استحدثت هيئة تحقيقية متخصصة في محاكم قضاء الشمال في الموصل معنية بالتحقيق في جرائم داعش . اما السلطات العراقية فانها بدلا من ان تقوم بمقاضاة مجرمي داعش لجات الى اسلوب منح التعويضات المالية للضحايا عن طريق وزارة العمل والشؤون الاجتماعية وفي حدها الادنى ولم تشمل جميع الضحايا باعتبارهم ضحايا ارهاب .
وبشان توثيق انتهاكات داعش التي ارتكبها فقد شكلت الحكومة العراقية لجنة متخصصة لتوثيق تلك الجرائم بموجب الامر الديواني رقم 374 لسنة 2016 حيث عملت على جمع المعلومات والوثائق الرسمية لتوثيق تلك الجرائم .
كما شكلت في كردستان في 20 اب 2014 مكتبا في دهوك مرتبط بمكتب رئيس الوزراء للتحقيق والتوثيق وجمع الادلة المتعلقة بالابادة الجماعية والجرائم ضد الانسانية وجرائم حرب التي ارتكبها مقاتلي داعش ضد المجتمع اليزيدي . كما دعمت سلطات الاقليم عمليات انقاذ وشراء المخطوفات ومساعدة عوائل الضحايا ماليا .
فكان عمل هذا المكتب هو جمع الادلة لجرائم داعش لكن دون وجود الية الملاحقة الجنائية بسبب عدم وجود نصوص تدين الجرائم الدولية في القوانين العراقية مماعد هذا القانون خللا في التزامات العراق الدولية لاسيما بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية . وكذلك الميثاق العربي لحقوق الانسان بسبب هذا الغموض .
اما مكتب انقاذ المختطفين اليزيديين فقد نشر احصائية بعدد الذين تم تحريرهم من ايدي داعش , حيث تم تحرير 3545 مختطفا , منهم 119امراة , و339 رجلا , و1992 طفلا . في حين لايزال الغالبية منهم في حكم المفقودين , على الرغم من مرور ست سنوات على تحرير سنجار واربع سنوات على تحرير الموصل واسقاط دولة الخلافة الاسلامية داعش .
كما ان العراق من الدول التي تعمل على تنقيذ قرار مجلس الامن 1325 لسنة 2000 واقر خطة طوارىء لتنفيذ القرار المذكور للتعامل مع الظروف التي مرت بها المراة العراقية , ومن جانب اخر فقد وقع العراق بيانا مشتركا مع ممثلة الامين العام الخاصة بالعنف الجنسي ضد المراة في النزاع المسلح حيث وضع البيان المذكور خطة عمل تنفيذية لرصد والتصدي لمثل هذه الجرائم اما بشان معاناة ذوي المختطفين الايزيديين والايزيديات بسبب جرائم داعش والتي وصفتها تقرير الامم المتحدة بحالات الاختفاء القسري التي ارتكبتها المجموعات الارهابية فضلا عن اجراءات التقاضي لمحاكمة المتهمين بتلك الجرائم فقد خصصت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية رواتب رعاية اجتماعية للنساء الايزيديات من ضحايا داعش كما وفرت الحكومة العراقية اجراءات مبسطة للتعامل مع الحالات المذكورة اذ استفادت اكثر من 1529 من النساء الايزيديات من هذه الرواتب .
اما حالات الفقدان والتي لايعرف مصير ضحايا جرائم داعش فكانوا يعاملون وفقا لقانون رعاية القاصرين رقم 78 لسنة 1980 بموجب المادة 86 منه حيث يعتبرهم القانون مفقودين ويتم التعامل معهم وفق المادة 93 من القانون المذكور اذ وضع القانون مددا يحكم بعدها بوفاة المفقود وفق شروط قانونية محدد . فقد ااشار تقرير صادر عن الامم المتحدة بهذا الشان عن قتل نحو 5000 رجل مدني يزيدي مابين شباب واطفال ومسنين , فيما اخذوا مايزيد عن 6417 امراة وفتاة وطفل دون ال8 سنوات كسبايا ورقيق .
كما نظم القانون شؤون المقابر الجماعية رقم 5 لسنة 2006 المعدل بالقانون رقم 13 لسنة 2015الية التعامل مع رفاة الضحايا اذ يتم توفير الحماية اللازمة لها وعدم العبث بها ومنع حصول اي تجاوز عليها وتشمل تلك المقابر الناتجة عن جرائم داعش , والعمل على تهيئة الموارد البشرية والمالية في ملف فتح المقابر الجماعية لضحايا داعش لوجودها في مناطق غير امنة نسبيا اوضمن حقول الغام او مواد غير منفجرة مما يصعب الوصول اليها وكشفها وفتحها وفقا للقانون .
كما حددت التشريعات والاجراءات العراقية النافذة الية التعامل مع النازحين جراء الاعمال والجرائم التي ارتكبتها داعش والتي تركز على العودة الطوعية ومنع التمييز وحماية حقوق الانسان وتاهيل المناطق تمهيدا لاستقبال السكان فيها وتقديم الرعاية اللازمة للنازحين داخليا وتعمل على تهيئة الظروف الملائمة لعودتهم الى مناطقهم الاصلية طوعا بعد توفير الخدمات المناسبة لهم .
كما ادى هذا الفعل الشنيع الى نزوح جماعي للسكان . وبالرغم من اعادة مدينة سنجار من ايدي داعش وتحريرها الا ان غالبية السكان لايزالون نازحين في مخيمات لللاجئين الى الان بسبب عدم الامان والاستقرار في المنطقة وانعدام الخدمات الضرورية للحياة اليومية من كهرباء وماء وطعام وخدمات حياتية يومية اخرى .
يعمل العراق الان على اعداد مشروع قانون خاص بالجرائم الدولية يسري على جرائم داعش التي ارتكبتها تلك العصابات خلال فترة سيطرتها على مناطق العراق كما قدم مكتب الامم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي ) مشروع قانون اخر بهذا الشان اعده خبراء لديها لانشاء محكمة مختصة ( المحكمة الجنائية العراقية المختصة بالجرائم ذات الطابع الدولي ) شارك في مناقشته ممثلوا المؤسسات الحكومية ومجلس القضاء الاعلى ومفوضية حقوق الانسان فضلا عن المجتمع المدني .
ويقتضي ان تعمل الدول في اطار مكافحة الارهاب على التعاون مع العراق وفقا للاتفاقيات الدولية وقرارات مجلس الامن ذات الصلة منها القرار رقم 1456 لسنة 2003 بان تطبق مبدا اما ان تسلم او تحاكم كل من يتهم بجرائم ارهاب والممول والمحرض ومن يوفر ملاذا امنا للارهابيين , وان القانون العراقي النافذ عالج هذه الحالات من حيث الاختصاص اذ ان لاجهزة القضاء الوطني العراقي اختصاصا جنائيا عالميا لملاحقة كافة مرتكبي الجرائم الدولية والارهابية داخليا بغض النظر عن جنسية الجناة او محل وقوع الجريمة.

قانون الناجيات اليزيديات رقم 8 لعام 2021

وقد اقر البرلمان العراقي في اليوم العالمي للمراة قانون الناجيات اليزيديات والتوقيع والمصادقة عليه من قبل رئيس الجمهورية في يوم المراة العالمي 8 اذار 2021 وتم نشره في الجريدة الوقائع العراقية واحالته الى الحكومة لتنفيذ بنوده, وهو قانون تعويضي يعوض الناجيات اليزيديات بامتيازات ومنح مالية ومعنوية لتسهيل اعادة اندماجهن في المجتمع وذلك بسبب ما لاقينه اثناء اختطافهن واسرهن على يد مقاتي داعش عام 2014 .
ويعد هذا القانون خطوة ايجابية لانصاف الناجيات اليزيديات رغم ما يحمله من بعض النواقص الا انه يمثل بارقة امل لانصاف اليزيديات اللواتي تعرضن للسبي والاختطاف والاستعباد .
فقد عد المشرع العراقي بان الجرائم التي ارتكبها داعش هي جرائم ابادة جماعية وتكليف وزارة الخارجية العراقية بجمع الوثائق والادلة الخاصة بجريمة الابادة الجماعية بحق اليزيديين وغيرهم من المكونات العراقية المتضررة وصولا لتاسيس محكمة مختصة بمحاكمة مرتكبي هذه الابادة .
ومن ابرز المواد التي جاء في هذا القانون :
ـ اعتماد يوم 3 اب من كل عام يوما وطنيا في العراق لاستذكار واحياء ذكرى جريمة الابادة الجماعية بحق اليزيديين وبقية المكونات والتعريف بها .
ـ تشكيل مديرية عامة لشؤون الناجيات اليزيديات وان يكون مديرها من المكون اليزيدي كون الضحايا غالبيتهن من هذا المكون.
ـ تخصص رواتب شهرية للناجيات والناجين من الاطفال بما لايقل عن ضعف اقل راتب في قانون التقاعد العراقي . والمعلوم ان ادنى راتب تقاعدي في العراق هو نصف مليون دينار عراقي , اي ان الراتب الشهري الذي ستناله كل ناجية وطفل ناجي سيكون مليون دينار عراقي .
ـ تخصيص قطعة ارض سكنية مع منح تسهيلات مصرفية لاقراض المشمولات بهذا القانون قروض مصرفية لغرض البناء وتشييد السكن ـاستثناء الناجيات من شرط العمر لاستكمال دراستهن , او لغرض التعيين في الدوائر الحكومية حيث ستخصص حصة للناجيات بنسبة 2%على الاقل في تلك التعيينات.
ـ تخصيص مراكز تاهيل ومعالجة نفسية وصحية للناجيات كشكل من اشكال التعويض لهذه الشريحة المظلومة لاعادة تاهيلهن ودمجهن بالمجتمع دون اية عقبات .
ـ نصت المادة 7ـ اولا على " تعد الجرائم التي ارتكبها تنظيم داعش ضد اليزيديين والمكونات الاخرى (التركمان والشبك والمسيحيين ) جريمة ابادة جماعية وجرائم ضد الانسانية .
هذه المادة كان يفترض بها ان تكون قانونا مستقلا , لا فقرة يتيمة في مادة قانونية , لان بشاعة جرائم الابادة الجماعية ترتقي الى مستوى اصدار وتشريع القوانين والتشريعات لادانتها . خاصة بعد ان اعترفت برلمانات كل من كندا وارمينيا والبرلمان الاوربي وبلجيكا بجرائم داعش بوصفها ابادة جماعية , في حين ان البرلمان العراقي لم يعترف بجرائم داعش بانها ابادة جماعية ضد اليزيديين سوى فقرة صغيرة في المادة 7 من قانون الناجيات اليزيديات . الابادة الجماعية تعني اي فعل يرتكب بقصد اهلاك جماعة قومية او اثنية او عرقية او دينية بصفتها هذه هلاكا كليا ام جزئيا , مثل قتل افراد الجماعة اوالحاق ضرر جسدي او عقلي جسيم بافراد الجماعة او اخضاع الجماعة عمدا لاحوال معيشية يقصد بها الاهلاك الفعلي كليا او جزئيا او نقل اطفال الجماعة عنوة الى جماعة اخرى , وهذا ماارتكبه هذا التنظيم ضد المكون اليزيدي بشكل خاص . فهذه الفقرة لوحدها تعد نقص فاضح لهذا القانون ,الذي كان يفترض بالمشرع والبرلمان العراقي ان يشرع لقانون خاص بالابادة الجماعية لجرائم داعش لا ان يضمنه باقتضاب في فقرة يتيمة ضمن مادة من قانون الناجيات .
الخلاصة
الارهاب يمثل عدوا مشتركا للبشرية جمعاء . هذا الشعار ينطبق تماما على ما يسمى بدولة الخلافة في العراق وسوريا داعش الذي يعد من التنظيمات الارهابية الذي استهدف الاقليات الدينية والعرقية على السواء كالشبك والمسيحيين واليزيديين والشيعة من التركمان . حيث ارتكب بحقهم جرائم بشعة وعمليات تطهيرعرقية وفقا لمعايير القوانين الدولية التي اقرتها معاهدات جنيف لسنة 1949 وكذلك المواثيق الدولية كالاعلان العالمي لحقوق الانسان لسنة 1948 والتي يمكن بموجبها ادانتهم وفق القوانين الدولية .
ومارس هذا التنظيم جرائم ممنهجة ومنظمة من حيث استخدام الاسلحة والمتفجرات ضد المدنيين العزل وارتكاب جرائم قتل جماعية لابادة اكبر عدد منهم والتي ادت هذه الجرائم الى تهجير ونزوح اعداد كبيرة من المدنيين . وقد تعددت جرائم داعش من القتل العمد الى الابادة الجماعية والاغتصاب والابعاد القسري للسكان والتي تدخل بمجموعها ضمن الجرائم الدولية وجرائم ابادة جماعية .
وهذا يقتضي من المجتمع الدولي ملاحقة ومعاقبة مجرمي تنظيم داعش وادانة افعالهم الاجرامية واعتبارها جرائم ابادة جماعية بسبب قتلهم الالاف من الرجال والشباب والنساء والاطفال , واختطافهم الالاف من النساء والفتيات كسبايا ورقيق وومارسة العنف الجسدي والنفسي من اغتصاب وضرب وتعذيب واستعباد وبيعهم واهدائهم ومعاملتهم معاملة غير انسانية , لم يتمكن سوى نصفهم من الفراراو النجاة في حين لايزال مصير الالاف منهم مجهولا , ودعم الجهود المبذولة لتحرير النساء اليزيديات واطفالهن الذين مازالوا محتجزين من قبل داعش .
ويتعين على المجتمع الدولي ان يواصل دعم العراق في حربه ضد الارهاب وتقديم الارهابيين للعدالة والعمل على تنظيم حملة دولية من اجل ان يتبنى مجلس الامن قرارا دوليا على احالة هذه الجرائم الى محكمة دولية وتكوين فريق اممي بالتحقيق في جرائم داعش وجمع الادلة لغرض تقديمهم للمحاكمة لتحقيق الاهداف المرجوة من قرار مجلس الامن الدولي المرقم 2379
ولاجل تحقيق ذلك يتعين على المجتمع الدولي مايلي :
ـ اعتبار جريمة الابادة الجماعية من الجرائم الخطرة والتي تثير قلق المجتمع الدولي باسره وفقا لما جاء في ديباحة نظام المحكمة الجنائية الدولية لعام 1998 وفي المادة 5 منه .
ـ اعتبار جريمة الابادة الجماعية انتهاكا لحقوق الانسان قد يصل وصفها الى تهديد السلم والامن الدوليين تستوجب تدخل مجلس الامن استنادا الى الفصل السابع من مبثاق الامم المتحدة .
ـ الاعتراف الدولي بالاخنصاص الشامل والذي يعني مالحقه الفاعل ومقاضاته امام المحاكم الجنائية الوطنية بصرف النظر عن مكان ارتكاب الانتاك او جنسية الفاعل او الضحية نفسها .
ـ اعتبارقاعدة ( اما التسليم او المحاكمة لمرتكبي جرائم الابادة بحق اليزيديين ) قاعدة معترف بها على المستوى الدولي حيث تلزم الدول في حالة عدم محاكمة فاعلي الجريمة بتسليمه للقضاء الدولي باعتبار هذا الاخير قضاءا مكملا للقضاء الدولي وفقا لما جاء في نظام روما للمحكم الجنائية الدولية عام 1998.
ـ التاكيد على منع جواز منح المتهمين بهذه الجرئم الحماية واللجوء في كافة الدول .

المصادر
ـ نظام روما الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية المعتمد في روما في 17 تموز 1998
ـ قانون الناجيات اليزيديات رقم 8 لسنة 2021 .
ـ قانون مكافحة الارهاب رقم 3 لسنة 2004 .
ـ التوصيف القانوني لجرائم داعش ـ مجلة المحقق العدلي للعلوم القانونية والسياسية ـ العدد الاول للسنة العاشرة
ـ تقرير منظمة حقوق الانسان هيومن واتش 2017



#عالية_بايزيد_اسماعيل (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دور نقابة المحامين في الدفاع عن اعضائها
- حين حولت نادية الاهانة الى قوة
- مشيناها خطى كتبت علينا .. ومن كتبت عليه خطى ,مشاها
- من هو الرجل العربي
- كل عام ..وانتم ترذلون
- عذرا ايها الاصدقاء سوف لن نتلقى تهاني العيد
- متى يهتز الضمير العالمي لجريمة العصر ويفك اسر النساء اليزيدي ...
- لاعزاء لنا .. فقط اعيدوا فتياتنا المختطفات
- دعوة لدعم ومناصرة النساء اليزيديات (الايزيديات ) المرشحات لل ...
- مشروع قانون الاحوال الشخصية الجعفري ..كالمستجير من الرمضاء ب ...
- حين تنتهك الرجولة وحين يملك الاراذل يهلك الافاضل
- المهزلة في قضية الفتاة القاصر المختطفة مواجهة وتحديات
- اشهار اسلام المراهقات والقاصرات بين القوانين الوضعية والاحكا ...
- مدى استقلالية القضاء العراقي .. تساؤلات وحقوق مشروعة
- دعوة الى مقاضاة رئيس وزراء تركيا بسبب تصريحاته اللامسؤولة
- واقع المراة في الربيع العربي
- عندما تحرم المراة من العمل فقط لكونها امراة
- المراة العراقية تحت الاختبار السياسي
- كذبة دستورية قانونية اسمها المساواة
- ما لم تستطع تحقيقه الانتخابات البرلمانية السابقة.. هل يمكن ا ...


المزيد.....




- TOYOUR B ABY KIDES TV.. تردد قناة طيور الجنة بيبي على نايل و ...
- من هدوء المدينة إلى نار الاشتباكات والطائفية... ما الذي حدث ...
- إشتباكات جرمانا في دمشق وتحديات المخاطر الطائفية
- مقاطعة مسيحية وحبكة بالية.. لهذا تعثّر -غات- في شبّاك التذاك ...
- يهود سوريون قادمون من أمريكا يؤدون الصلاة في كنيس في دمشق
- حملات سورية تدعو للحكمة بعد التسجيل صوتي مسيء للنبي محمد
- TOYOUR EL-JANAH TV .. تردد قناة طيور الجنة على القمر الصناعي ...
- بعد اشتباكات دامية وسقوط قتلى.. تحديد هوية المتهم بالإساءة إ ...
- بتهمة التخابر مع إيران.. حكم بسجن إسرائيلي 10 سنوات
- اعتقال شاب في ألمانيا بتهمة التخطيط لهجوم جديد على كنيس يهود ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عالية بايزيد اسماعيل - جرائم داعش ضد -الايزيدية -اليزيدية في القوانين العراقية والدولية . دراسة مقدمة قبل سنتين الر رابطة المراة في اتحاد ادباء وكتاب العراق