|
عن ( الحاكمية )
أحمد صبحى منصور
الحوار المتمدن-العدد: 8327 - 2025 / 4 / 29 - 21:19
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
السؤال من الاستاذ عبد المجيد المرسلى عن ( الحاكمية ) والتى يرفعها الاخوان للوصول الى الحكم ، وهل لها علاقة بالاسلام . الإجابة شكرا إستاذ عبد المجيد المرسلى على هذا السؤال الهام ، واقول : أولا : 1 ـ ظهر هذا المصطلح لأول مرة شعارا للخوارج ( لا حكم إلا لله ) . كانوا أعرابا محدودى الأفُق ، إنضموا لعلى بن أبى طالب كراهية فى قريش ، وإشتهروا بالشجاعة والتدين الظاهرى ، وبهم إنتصر ( على ) فى موقعةالجمل على ( عائشة ) والزبير وطلحة . فى موقعة صفين ضد معاوية قارب جيش ( على ) من الإنتصار إذ وصلت خيول قائده ( الأشتر النخعى ) الى القرب من فسطاط معاوية ، فطلب معاوية رأى عمرو بن العاص فأشار برفع المصاحف على أسنة الرماح والاحتكام الى كتاب الله . سارع أولئك الأعراب الى الموافقة ، فرفض ( على ) وحاول أن يقنعهم إنها مكيدة ، فهددوه إن لم يوافق فسيسلمونه الى معاوية ، أرسل ( على ) مضطرا الى ( الأشتر النخعى ) يطلب منه التوقف ، فرفض لأنه قارب على النصر . أخبره (على ) إنه إن لم يتوقف فسيسلمه الأعراب الى معاوية . توقف القتال ، وجرت محادثات التحكيم . قبلها طلب ( على ) أن يمثّله ابن عمه ابن عباس فرفض الأعراب ، وجعلوا أبا موسى الأشعرى ممثلا له ، بينما إختار معاوية ( عمرو بن العاص ) . خدع الماكر عمرو بن العاص المأفون أبا موسى الأشعرى واتفق معه على أن يخلع كل منها صاحبه . أى أن يخلع أبو موسى عليا وأن يخلع عمرو معاوية . تقدم أبو موسى الأشعرى فخلع عليا ، وجاء عمرو فوافق على خلع ( على ) وأعلن خلافة معاوية . تشاجرا ، ولكن وقع الخلاف واستحكم فى معسكر ( على ). فالأعراب رفضوا التحكيم ، وقالوا إنهم كفروا إذ وافقوا على تحكيم الرجال وأنه ( لا حكم إلا لله ) .وطلبوا من (على ) أن يعترف مثلهم بالكفر وأن يقول مقالتهم ( لا حكم إلا لله ) ، رفض (على ) .فخرجوا عليه بهذا الشعار ، حاربهم وأنتصر عليهم فى موقعة ( حروراء ). ولكن لم تمت الفكرة ، فظلت تعيش ، فمن الخوارج من إغتال ( على بن أبى طالب ) وحاولوا إغتيال معاوية وعمرو بن العاص ، وظهرت ( المحكّمة ) الأولى ، وكان الواحد منهم يخرج على الناس فى الطرقات يصرخ ( لا حكم إلا لله ) ويقتل من يقابله الى أن يُقتل . وظهرت لهم فرق كثيرة ومختلفة ، وإشتهروا بقتل المخالف لهم حتى من النساء والرجال والصبيان ، ولهم فى ذلك فظائع .وربما نتوقف معهم فى بحث خاص . وقد إستمروا فى حرب نظامية ضد الدولة الأموية ، ثم فى حرب الدولة العباسية فى بدايتها . 2 ـ تم بعث مصطلح ( لا حكم الله ) فى شعار الإخوان فى عصرنا . وهم بكل ما يتمتعون به من غباء يستشهدون بالقرآن الكريم ، وهو مناقض لمزاعمهم . ثانيا : 1 ـ منشور لنا هنا بحث عن الشورى الاسلامية ، والتى كان يمارسها النبى محمد عليه السلام ، وبها فإن ( الأمة ) هى مصدر السلطات ، وهى التى تحكم نفسها بما يعرف الآن بالديمقراطية المباشرة . وحين كنت أستاذا زائرا فى مركز الوقفية الأمريكية للديمقراطية قدمت لهم بحثا بالانجليزية عن ( جذور الديمقراطية فى الاسلام ) فطلبوا تكلمة البحث فأضفت له فصلا ، وأصبح إسمه ( بين ديمقراطية الاسلام وطغيان المسلمين ) ،وتتبعت فيه التحول من الديمقراطية الى الاستبداد فى دول الخلافة . 2 ـ الغباء الإخوانى يستشهد بآيات ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ (44) ، ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ (45)( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ (47) المائدة ). والسياق ليس عن ( الحكم السياسى ) بل الحكم القضائى ، الحكم السياسى يأتى فيه الفعل متعديا لا بد له من مفعول مثل : ( حكم فلان الشعب ). أما الحكم القضائى فالفعل فيه ( لازم ) ، ليس له مفعول ، بل يأتى بعده حرف ( الباء ) أو كلمة ( بين ) . وهذا مفهوم وواضح من سياق سورة المائدة . قال جل وعلا عن اليهود عُصاة بنى إسرائيل فى عصر النبى محمد عليه السلام : ( سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (42) وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمْ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (43) إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلا تَخْشَوْا النَّاسَ وَاخْشَوْنِي وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ (44) وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ (45) وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (46) وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ (47) وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنْ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48) وَأَنْ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِنْ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (49). تدبر كلمات ( فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ ) ( يَحْكُمُ بِهَا )( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا )( وَأَنْ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا ). فالحكم القضائى بين الناس يأتى هكذا ، قال جل وعلا : ( وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ) (58) النساء ). هذا فى الدنيا ، أما فى الآخرة فالحكم القضائى لله جل وعلا ( يحكم بين الناس ) . والآيات كثيرة ، منها قوله جل وعلا : ( قُلْ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (46) الزمر ). 3 ـ لم تأت كلمة ( الحكام ) فى القرآن الكريم إلا مرة واحدة ، مفهوم منها الفساد والرشوة . قال جل وعلا : ( وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (188)البقرة ) أخيرا : لا خير فى المحمديين طالما ظلوا خصوما للقرآن الكريم . شاهد قناة ( أهل القرآن / أحمد صبحى منصور ) https://www.youtube.com/@DrAhmedSubhyMansourAhlAlquran
#أحمد_صبحى_منصور (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خاتمة مختصرة لكتاب ( الشريعة )
-
عن ( النشأة والتنشئة )
-
الفصل الثالث : المقاصد العامّة والفرعية
-
عن :( كواعب و دهاقا / الاسراف والتبذير / الوصية هى الحل /بكر
...
-
الفصل الثانى:( التقوى ) هى المقصد الأصلى والأساس فى تشريع ال
...
-
الفصل الأول : لمحة عن درجات التشريع الاسلامى
-
عن ( عادل والعدل ومعانيه )
-
عن ( القصص القرآنى / المازوخية / السيسى وماكرون والبقر/ تهرك
...
-
بين قصة موسى وفرعون
-
عن ( خرج على و دخل على / رذيلة وأرذلون وأراذل )
-
القرطبى والنمرود
-
عن ( يُجير ولا يُجار عليه / خطيئة ابراهيم الخليل / الحرب ناع
...
-
الفصل الثانى : مدى الإلزام فى الشريعة الاسلامية
-
عن ( موسى وفرعون وملحد )
-
الفصل الأول : العقوبات فى الشريعة الاسلامية
-
عن ( الزواج الأفشل / يتركون موقعنا / خرافات شيعية مضحكة )
-
عن ( كوكب المحمديين / القصاص / لا لوم عليك )
-
الفصل الثالث : ألفاظ التشريع ( الحلال والحرام ، الاجتناب ولا
...
-
عن : ( يسير/ البيت الحرام / المزن )
-
عن ( تحريفاتهم فى التوراة والانجيل / معنى الخلاق )
المزيد.....
-
TOYOUR B ABY KIDES TV.. تردد قناة طيور الجنة بيبي على نايل و
...
-
من هدوء المدينة إلى نار الاشتباكات والطائفية... ما الذي حدث
...
-
إشتباكات جرمانا في دمشق وتحديات المخاطر الطائفية
-
مقاطعة مسيحية وحبكة بالية.. لهذا تعثّر -غات- في شبّاك التذاك
...
-
يهود سوريون قادمون من أمريكا يؤدون الصلاة في كنيس في دمشق
-
حملات سورية تدعو للحكمة بعد التسجيل صوتي مسيء للنبي محمد
-
TOYOUR EL-JANAH TV .. تردد قناة طيور الجنة على القمر الصناعي
...
-
بعد اشتباكات دامية وسقوط قتلى.. تحديد هوية المتهم بالإساءة إ
...
-
بتهمة التخابر مع إيران.. حكم بسجن إسرائيلي 10 سنوات
-
اعتقال شاب في ألمانيا بتهمة التخطيط لهجوم جديد على كنيس يهود
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|