أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - سوريا بين صراخ العنصرية ومسيرة الحرية














المزيد.....

سوريا بين صراخ العنصرية ومسيرة الحرية


محمود عباس

الحوار المتمدن-العدد: 8327 - 2025 / 4 / 29 - 07:10
المحور: القضية الكردية
    


حين تهتز الأرض تحت أقدام الأزمنة القديمة، وتبدأ طبقات التاريخ بالتصدع، لا يعلو إلا صوت أولئك الذين فقدوا البوصلة، أما الحكماء فيراقبون، لأنهم يعلمون أن كل ولادة جديدة تبدأ أولاً بصراخ الجاهلين، ولا يظهر صوت الجهالة فجأة، بل يطفو من ركام قرون لم تُصفّ حساباتها مع ذاتها.
واليوم، كما أدركتُ وتابعتُ عن كثب، فإن نسبة العروبيين السوريين حصرا، الحاقدين على الكورد لا تتجاوز المائة فرد، يتوزعون ما بين ناعقٍ مهووس، وكاتبٍ أجير، وإعلاميٍّ مأجور، تتبعهم ثلة من السذج وبسطاء الناس، ضمن الملايين من أبناء الشعب العربي، ومع ذلك، يبدو المشهد وكأنهم يحتكرون الصوت، ويسيطرون على الفضاء العام، لا لكثرةٍ عددية ولا لقوةٍ فكرية، بل لأن الشريحة الواعية والنظيفة من العقل العربي السوري، تلك التي تحررت من إرث الأنظمة العنصرية البائدة، تترفع عن العبث مع الجهلاء، ولا تتنازل إلى مستويات الصراخ الأجوف ومستنقعات الكراهية.
إن الوعي العربي الحقيقي الذي يرى الكورد شركاء لا خصومًا، والذي يدرك عمق المأساة التي تعرض لها الكورد وغيرهم من شعوب الشرق الأوسط، آثر الصمت ترفّعًا، أو التفرج حكمةً، تاركًا الساحة تعج بأصوات التخلف والنفخ في رماد صراعات الماض، لأنهم أصبحوا يدركون أن العنصرية وباء لا يشبه وجه العرب الأصلاء.
ولهذا، نرى هذه الموجة العنصرية تتصاعد بلا رادع، رغم ضآلتها، مدفوعةً بحقدٍ أعمى وتحريض فجّ من أنظمة إقليمية معروفة، وفي مقدمتها تركيا والأنظمة الأخرى المحتلة لكوردستان، التي تسعى بوضوح إلى خلق الفوضى داخل الأوطان التي تحاول أن تشق لنفسها طريقًا نحو الديمقراطية والعصرنة.
إنهم يوهمون أنفسهم بامتلاك زمام المبادرة، متخيلين أنهم صانعو مصيرهم، بينما، في حقيقتهم العارية، ليسوا سوى أدوات رخوة تحرّكها أصابع خارجية، تدفعهم بلا وعي إلى تخريب كل مشروع وطني جامع، كان بإمكان هذا المشروع أن يُعيد صياغة سوريا جديدة، لو أن العقول تحررت من أصفاد الكراهية، ولو أن الضمائر انفكت من قيود التعصب القومي البائد.
خرجت شرذمة من هذه الشريحة لتزعق وتصرخ وتشنّ هجماتها المسمومة على الكورد ومؤتمرهم الوطني، الذي حمل في بيانه الختامي بعدًا وطنيًا صادقًا لبناء سوريا موحدة، ديمقراطية، لا مركزية، تتسع لكل مكوناتها،
ولم تقتصر هذه الموجة العنصرية على فئة المشككين التقليديين، بل ساهم فيها للأسف شريحة من الحكومة الانتقالية السورية نفسها، ومن بينهم الرئيس أحمد الشرع، الذي سقط قناعه، إما تماهيًا مع صراخ الرعاع خوفًا أو طمعًا، أو لأن حقيقته كانت كامنة خلف ابتسامات الوطنية المنمقة، فخرجت على حين غرة، متجاوزةً كل مساحيق التجميل الخطابية التي حاول أن يغلف بها نفسه.
إن هذا الانزلاق الخطير، ليس مجرد هفوة عابرة، بل هو مؤشر على عطب عميق في الفكر السياسي الذي يقود هذه المرحلة، وكأننا نعيد مشاهدة سقوط النماذج المهترئة ذاتها التي مزقت أوطانها بأيديها، تحت وهم السيطرة الزائفة، وهم لا يدركون أن التاريخ لا يرحم من يخون لحظته الفاصلة.
ومع ذلك، تبقى الحقيقة واضحة لمن شاء أن يبصرها، أن المستقبل لا تحكمه الأصوات النشاز، ولا تحدده اللعنات العنصرية، بل تصنعه إرادة الشعوب الحرة التي قررت أن تتجاوز ضغائن الماضي، وتؤسس أوطانًا تتسع للجميع، دون استثناء أو إقصاء
كلما نفخوا في نار الكراهية، كشفوا أكثر أن الزمن قد تجاوزهم، وكلما صرخوا ضد الكورد، أثبتوا أنهم مجرد ظلال هاربة من نور التاريخ الجديد.
إن الشعوب، مهما جُرحت، تعرف أن تسير، بينما يبقى السفهاء يركضون خلف أشباحهم.

د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
27/4/2025م



#محمود_عباس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكورد والوطنية الحقيقية والفرصة التي توشك أن تضيع
- كلمة شكر وتهنئة بمناسبة انعقاد والإنجاز التاريخي الناجح للكو ...
- حين يصبح الإرهاب شريكًا سياسيًا نداء إلى الحراك الكوردي
- حين يصبح الكوردي سلاحًا ضد الكورد
- نداء إلى المؤتمر الوطني الكوردي
- نداء إلى الحكومة الانتقالية لا تكرّروا الخطيئة السورية 2/2
- نداء إلى الحكومة الانتقالية لا تكرّروا الخطيئة السورية 1/2
- حين يخسر الحراك الثقافي الكوردي أحد أبنائه
- مع إبراهيم محمود حين يكتب المثقف من عزلته النبيلة
- الفيدرالية ليست تهمة وكوردستان ليست مؤامرة 2/2
- الفيدرالية ليست تهمة وكوردستان ليست مؤامرة ½
- كوردستان وحدة الجغرافيا وشرخ الوعي
- قراءة في قراءة عن مقالة إبراهيم اليوسف حول (في قضايا كوردستا ...
- لو أصاب القناص ترامب هل كانت أمريكا ستغزو العالم بالذكاء وال ...
- عن حلقة إبراهيم محمود، حوار مهم يستحق المتابعة.
- في مواجهة الأقلام المتسكعة خلف الأسماء المستعارة كفى عبثًا ب ...
- حين وقفت على حافة مقبرتي وصافحت عظامي
- الجغرافيا لا تكذب، الكورد أصل الأرض قبل أن تُسمى سوريا
- هل الله جريمة؟
- أسعد الزعبي صدى البعث المُتعفّن في زمنٍ يطلب الكرامة


المزيد.....




- -حماس-: حصار الإحتلال لغزة يدخل يومه الستين والمجاعة تشتد
- السعودية.. إعدام مواطن ومقيم يمني
- ميت غالا 2025 يحتفي بالأناقة السمراء ورسائل ضد العنصرية بحضو ...
- منظمة العفو الدولية: تدهور تاريخي لأوضاع حقوق الإنسان في الع ...
- الكويت.. الإعدام لمواطن متهم بقتل سائق منزله ودفنه في سوق
- الشيباني يدعو في الأمم المتحدة لرفع العقوبات عن سوريا
- الأونروا تطالب برفع الحصار عن غزة والأمم المتحدة: الوضع يفوق ...
- اُعتبرت احتفالاً بـ-حرية التعبير-.. بيونسيه تفتتح جولتها -Co ...
- إسرائيل تفرج عن 10 معتقلين فلسطينيين من غزة
- السعودية: الداخلية تعلن إعدام مواطن وتكشف عن اسمه وتهمته


المزيد.....

- “رحلة الكورد: من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر”. / أزاد فتحي خليل
- رحلة الكورد : من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر / أزاد خليل
- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - سوريا بين صراخ العنصرية ومسيرة الحرية