احمد ابراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 8327 - 2025 / 4 / 29 - 00:48
المحور:
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
عدتُ إلى القراءة بعد فتورٍ امتدّ لأشهر، وكانت العودة بمذاقٍ مختلف حين استفتحتها بمسرحية (مدرسة الفضائح) للكاتب الإنجليزي ريتشارد برينسلي شيريدان، وهو عمل درامي ساخر، أو كوميديا الأخلاق كما عرف عنها، ينبض بصدق إنساني رغم مرور أكثر من قرنين على تأليفه.
تحكي المسرحية عن صراع الطبقات الاجتماعية، وتكشف بأسلوبٍ لاذع خبايا الرياء والمظاهر، حيث لا أحد يُقدّم ما هو عليه حقًا، بل ما يريد للناس أن يظنّوه عنه. ( لعنة الظهور والخلود)
إنها مسرحية تنتمي إلى صلب الواقع، تضع يدها على مواطن الزيف الاجتماعي، وتُظهر كيف يُدبّر الإنسان المكائد لأخيه الإنسان، لا لشيء سوى التقدّم خطوة نحو سلطة، أو وجاهة، أو قلب امرأة.
عشق المظاهر وحب السلطة والرغبة في التسيّد، هي محركات دفينة للنفس البشرية، تدفعها إلى التكلّف، حتى في أكثر المواقف بساطة. ( الاصطناع المستمر)
فحتى مجالس الحديث بين أصحاب الطبقات المتقاربة لا تسير بعفوية، بل تجري تحت مظلة من العصرية المصطنعة، لخلق صورة توحي بالتفوّق، لا بالتفاهم.
من الشخصيات التي لفتتني في المسرحية كانت شخصية تشارلس، ذلك الشاب الذي يبدو طائشاً في الظاهر، لكنّه يملك قلبًا نقيًا ونوايا صادقة.
على النقيض منه يقف أخوه جوزيف، المتأنّق في كلامه، المتظاهر بالفضيلة، لكنه لا يتورع عن تشويه سمعة أخيه، والتمسّح بصورة زائفة لينال إعجاب ماريا، الفتاة التي تمثل في هذا السياق رمزًا للفضيلة، وربما أيضًا للسلطة الاجتماعية التي يتنافس عليها الاثنان.
ورغم أن جوزيف بدا منتصراً في معظم الأحداث، فإن النهاية أعادت الأمور إلى نصابها.
وهنا تكمن قيمة العمل: كما يقال في المثل الشائع أن للباطل جولة وللحق جولات.
مدرسة الفضائح ليست فقط نقدًا اجتماعياً ساخراً، بل درس في كشف زيف الأقنعة، وتذكير بأن الصفاء لا يُقدَّر دائماً في بداياته، لكنه في النهاية، وحده، من يبقى. ولعل هذه جزئية العدل في الحياة.
أنقل لكم اقتباسا أعجبني من المسرحية.
اسنيرونبل لقد تعرضت لكثير من التجريح في حياتي المبكرة، بفعل افتراءات انطلقت بها ألسنة سامة، وأعترف بأنه منذ ذلك الحين لا أعرف شيئاً يعادل متعة تحقير الآخرين وإنزالهم إلى مستوى سمعتي المجروحة.
#احمد_ابراهيم (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟