أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - هدى الخباني - صرخة من داخل الفصل: حين يغيب الجمال عن فصول التعلم.














المزيد.....

صرخة من داخل الفصل: حين يغيب الجمال عن فصول التعلم.


هدى الخباني
كاتبة

(Houda El Khoubani)


الحوار المتمدن-العدد: 8326 - 2025 / 4 / 28 - 23:55
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


بصفتي مدرسة تقضي سنوات بين جدران الفصول الدراسية في مدارسنا المغربية، أجدني مدفوعة للكتابة عن ملاحظة مؤلمة تتكرر يومًا بعد يوم، التهميش المتزايد للثقافة الجمالية في مناهجنا وحياتنا المدرسية.
إن غياب هذا البعد الحيوي لا يؤثر فقط على تذوق طلابنا للفنون والجمال، بل يمتد ليشمل جوانب أعمق في نموهم الفكري والعاطفي والاجتماعي.
من خلال تجربتي اليومية، ألمس كيف أن التركيز الأكاديمي المكثف غالبًا ما يطغى على الأنشطة الفنية والإبداعية. حصص الرسم والموسيقى، إن وجدت، غالبًا ما تُختزل إلى مجرد "حشو" في الجدول الزمني، أو تُستخدم كأداة لتهدئة الطلاب بدلًا من كونها مساحات حقيقية للاكتشاف والتعبير.

ألاحظ شرود الذهن وقلة الحماس لدى بعض الطلاب عندما يتعلق الأمر بمواضيع لا ترتبط بشكل مباشر بالامتحانات والتقييمات. يبدو أن عقولهم قد برمجت على استيعاب المعلومات "الضرورية" فقط، مما يترك مساحة ضئيلة للفضول والاستكشاف الجمالي للعالم من حولهم.
إن جدران فصولنا وقاعاتنا غالبًا ما تعكس هذا الإهمال. قلة قليلة من المدارس تهتم بجمالية الفضاء التعليمي، سواء من حيث الألوان أو اللوحات أو حتى عرض أعمال الطلاب. يصبح المكان مجرد وعاء للمعرفة المجردة، يفتقر إلى الروح والإلهام الذي يمكن أن يستمده الطلاب من بيئة محفزة بصريًا وجماليًا.

أتذكر نقاشًا مع أحد طلابي حول لوحة فنية مشهورة. كانت إجابته صادمة: "لم نر مثل هذه الأشياء في المدرسة يا أستاذة". هذا ليس مجرد نقص في المعرفة الفنية، بل هو غياب لفرصة ثمينة لتوسيع آفاقهم، وتحفيز خيالهم، وتعليمهم لغة بصرية أخرى للتعبير والفهم.
إن غياب الثقافة الجمالية يتعدى حدود الفنون ليشمل حتى نظرتنا إلى محيطنا الطبيعي والحضري. قلة قليلة من الأنشطة المدرسية تشجع الطلاب على التأمل في جمال الطبيعة، أو فهم العناصر الجمالية في تصميم المدن والمعالم التاريخية. هذا النقص يساهم في تكوين جيل قد لا يقدر قيمة التراث الجمالي لبلاده، أو يحس بأي مسؤولية تجاه الحفاظ عليه وتنميته.
التربية الجمالية ليست مجرد رفاهية أو نشاط جانبي، إنها جزء أساسي من التنمية الشاملة للإنسان. من خلال التفاعل مع الفن والجمال، يتعلم الطلاب التفكير النقدي من خلال تحليل الأعمال الفنية، فهم السياقات المختلفة، تكوين آرائهم الخاصة.
الإبداع والابتكار لتطوير القدرة على التخيل والتعبير عن أفكارهم بطرق جديدة ومبتكرة.
والذكاء العاطفي، حيث يستطيعون فهم مشاعرهم ويعبرون عنها، تطوير التعاطف من خلال التفاعل مع التجارب الإنسانية المصورة في الفنون، وفهم وتقدير التنوع الثقافي والتراث الفني للمجتمع والعالم.
ثم تقدير الذات والثقة بالنفس من خلال التعبير عن أنفسهم والمشاركة في الأنشطة الإبداعية.

كفاعلة في الحقل التعليمي، أرى ضرورة ملحة لإعادة الاعتبار للثقافة الجمالية في مدارسنا. يجب أن يتضمن المنهج الدراسي أنشطة فنية وثقافية متنوعة ليست مجرد مكملات، بل مكونات أساسية. يجب توفير الموارد والتدريب اللازم للمعلمين لدمج الجماليات في مختلف المواد الدراسية. يجب تحويل الفضاء المدرسي إلى بيئة محفزة بصريًا وملهمة.

إذا نحن اشستثمرنا في التربية الجمالية فسنستثمر في مستقبل أجيالنا لبناء أفراد أكثر وعيًا، أكثر إبداعًا، وأكثر قدرة على تقدير العالم من حولهم بكل ما فيه من تنوع وجمال. حان الوقت لأن نصغي لصرخة الفصول الدراسية وأن نولي هذا الجانب الحيوي من التعليم الاهتمام الذي يستحقه.


إن غياب الثقافة الجمالية في مدارسنا ليس مجرد نقص في المناهج، بل هو فقدان لفرصة ثمينة لتنمية أجيال قادرة على التفكير النقدي، الإبداع، وتقدير الجمال في كل مكان. كلي أمل في أن يثير هذا المقال نقاشًا جادًا ومثمرًا يؤدي إلى تحرك إيجابي يعيد للفن والجمال مكانتهما المستحقة في تعليم أبنائنا.



#هدى_الخباني (هاشتاغ)       Houda_El_Khoubani#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إحصائيات بروح إنسانية
- العمل النقابي لصالح من ؟
- باشلار يرد على أفلاطون
- المواطنة والحرية
- قراءة في - الطاغية- دراسة فلسفية لصور من الاستبداد السياسي / ...
- عماء اللغة
- طريقي إلى الجامعة
- مرض - Sexophobia- في حصة موضوعها - الثفافة الجنسية -
- رسالة إلى الله
- عبد الهادي روضي: لوحة تتعانق فيها الألوان.
- الجوع في بطني يقتل حتى الجوع.
- الثانوية التأهيلية محمد الزرقطوني: هرطقة في هرطقة
- عبد الله: الحنين إلى مجهول
- حبنا يا حبيبي
- لقاء
- يوميات
- نص شعري: مسافة عشق
- نص شعري: امرأة


المزيد.....




- ماذا قالت إيران عن سبب انفجار ميناء -رجائي-؟
- الأمين العام لحزب الله: الغارات الإسرائيلية هدفها الضغط السي ...
- محلل سابق في البنتاغون: هدنة الرئيس بوتين في مايو تعكس سعيه ...
- فيليبو: ماكرون وحلفاؤه الأوروبيون يصعدون الوضع حول أوكرانيا ...
- نائب أوكراني: أوروبا تعرقل مفاوضات السلام بشأن أوكرانيا لتحق ...
- هدنة عيد النصر.. رسائل السلام الروسية
- شومر: مضت 100 يوم من -الجحيم- مع ترامب.. والأسوأ لم يأت بعد ...
- محلل هولندي: صنع السلام ليس خيارا بالنسبة لزيلينسكي
- ترامب يصف نتائج عمل أول 100 يوم من رئاسته بـ -التاريخية-
- مصدران أمنيان مصريان: تقدم كبير بمفاوضات وقف إطلاق النار في ...


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - هدى الخباني - صرخة من داخل الفصل: حين يغيب الجمال عن فصول التعلم.