|
إحصائيات بروح إنسانية
هدى الخباني
كاتبة
(Houda El Khoubani)
الحوار المتمدن-العدد: 8326 - 2025 / 4 / 28 - 04:51
المحور:
سيرة ذاتية
1/أحلام مؤجلة كان العنوان يشير إلى منزل متواضع في طرف الحي. عندما طرقت الباب، فتح لي شاب اسمه "يوسف"، في العشرينات من عمره، بوجه بشوش ولكنه يحمل مسحة من التعب. استقبلني بترحاب ودعاني للدخول إلى غرفة جلوس بسيطة ونظيفة.
شرحتُ له مهمتي كجزء من فريق الإحصاء العام، وأبدى استعداده للتعاون. بدأتُ في طرح الأسئلة الروتينية حول التعليم والعمل. حين سألته عن أعلى مؤهل حصل عليه، أجاب: "ماجستير في هندسة البرمجيات."
تفاجأتُ قليلًا. "ماجستير؟ إذًا، أين تعمل الآن؟"
تردد يوسف للحظة، ونظر إلى الأرض بشرود. "في المنزل... أساعد والدي في أعماله الحرة البسيطة."
استغربتُ أكثر. شاب حاصل على درجة الماجستير يقضي وقته في أعمال حرة غير مرتبطة بتخصصه؟ كان هناك بالتأكيد قصة وراء ذلك. تابعتُ أسئلتي حول الوضع المالي وظروف العمل، لكنني كنت أشعر برغبة قوية في معرفة المزيد عن مساره التعليمي والمهني.
بعد الانتهاء من الأسئلة الأساسية، تجرأتُ وسألته بلطف: "يوسف، إذا سمحت، تبدو شخصًا طموحًا ولديك مؤهل عالٍ. كيف تقضي وقتك في المنزل بعد الدراسة؟"
نظر إليّ يوسف بابتسامة باهتة، ثم تنهد تنهيدة خفيفة. "الأحلام يا أختي... أحيانًا تتأجل بسبب الظروف."
بدأ يوسف يحكي قصته. كان متفوقًا في دراسته، وحصل على منحة لدراسة الماجستير في جامعة مرموقة. كان يحمل أحلامًا كبيرة بتطوير تطبيقات وبرامج تخدم مجتمعه وتساهم في تقدمه. لكن بعد عودته إلى المنزل، واجه واقعًا مختلفًا عما كان يتوقعه.
"لقد بحثتُ كثيرًا عن عمل في مجال تخصصي، أرسلتُ العديد من السير الذاتية، لكن الفرص كانت قليلة جدًا هنا. الوضع الاقتصادي صعب، والشركات المتخصصة محدودة." قال يوسف بنبرة تحمل أسفًا واضحًا.
وأضاف: "في النهاية، قررتُ البقاء في المنزل ومساعدة والدي في أعماله لتخفيف العبء عنه ولأشعر بأنني أساهم بشيء. إنه ليس ما درستُ لأجله، لكنه واجب عليّ في الوقت الحالي."
بينما كان يتحدث، لاحظتُ شغفًا خفيًا يلمع في عينيه عندما ذكر مجال تخصصه. كان يتحدث عن لغات البرمجة والخوارزميات بحماس واضح، وكأنه يتوق إلى العودة إلى عالمه الحقيقي.
"ما زلتُ أمارس بعض المشاريع الصغيرة على الحاسوب في وقت فراغي، وأتابع آخر التطورات في مجالي. الأمل موجود دائمًا في أن تتحسن الظروف وتتاح لي الفرصة لتحقيق ما درستُ لأجله." قال يوسف بإصرار بدا واضحًا في نبرة صوته.
شعرتُ بتأثر عميق لقصته. كان يوسف يمثل الكثير من الشباب الذين يمتلكون الطموح والمؤهلات، لكنهم يواجهون قيودًا وظروفًا تجعل تحقيق أحلامهم أمرًا صعبًا ومؤجلًا. أدركتُ أن البيانات التي سأسجلها عنه لن تعكس الصورة الكاملة لطموحاته وإمكاناته المعطلة.
قبل أن أودعه، تمنيتُ ليوسف من كل قلبي أن تتحقق أحلامه قريبًا وأن يجد الفرصة المناسبة لممارسة تخصصه. ابتسم لي بتقدير وقال: "شكرًا لك على اهتمامك.
2/رفض قاطع كانت الشمس حارقة وكنت أشعر بالإرهاق بعد طرق العديد من الأبواب دون رفض يذكر. وصلت إلى منزل يبدو هادئًا، وبثقة اقتربت وضغطت على الجرس. فتح لي رجل في منتصف العمر، كانت ملامحه عابسة ونظراته حادة بعض الشيء.
"مساء الخير سيدي، أنا من فريق الإحصاء العام..." بدأتُ بشرح مهمتي بابتسامة مهنية، لكن قبل أن أكمل جملتي، قاطعني الرجل بنبرة غاضبة: "إحصاء ماذا؟ لا أريد أي إحصاء! من سمح لكن بمضايقتنا في منازلنا؟"
شعرتُ بالارتباك والمفاجأة. لم أعتد على هذا القدر من العدوانية. حاولتُ أن أشرح له أهمية الإحصاء ودوره في خدمة المجتمع، لكنه كان يزداد غضبًا.
"اذهبي من هنا! لا أريد أن أسمع كلمة أخرى. أنتنّ تقتحمن خصوصياتنا!" صرخ في وجهي، وانهال عليّ بوابل من الشتائم والكلمات الجارحة التي لم أتوقعها أبدًا.
تجمدتُ في مكاني للحظات، أشعر بالخوف والإهانة. لم أتمالك دموعي، وبدأت تنهمر على وجهي بغزارة. كانت كلماته قاسية ومؤلمة، وشعرتُ بضعف شديد وأنا أقف وحيدة أمام هذا الغضب العارم.
رآى الرجل دموعي، فتوقف عن الصراخ فجأة. بدا وكأنه استوعب تأثير كلماته. ساد صمت للحظات، كان يسمع فيه صوت شهقاتي المتقطعة.
فجأة، وبحركة غير متوقعة، اختفى الرجل داخل المنزل وعاد بعد لحظات يحمل في يده منديلًا ورقيًا. مدّه إليّ بتردد وقال بصوت أقل حدة: "تفضلي... امسحي دموعك."
أخذتُ المنديل بيدي المرتعشتين وشكرته بصوت مبحوح. كنت ما زلت أشعر بالصدمة والألم، لكن هذه اللفتة المفاجئة أثارت في داخلي شعورًا بالدهشة.
نظر إليّ الرجل بملامح نادمة وقال بصوت أكثر هدوءًا: "آسف... لقد انفعلتُ. مررت بيوم سيء." ثم أضاف بنبرة مختلفة تمامًا، تحمل قلقًا وتعاطفًا: "لكن... بصراحة، هذا العمل ليس مناسبًا لكِ. كيف تطرقين الأبواب وحدكِ وأنتِ فتاة؟ الدنيا مليئة بالوحوش من الرجال. قد تتعرضين لمواقف أسوأ من هذه."
تجمدتُ مرة أخرى. لم أتوقع هذه الكلمات منه بعد ذلك الغضب الشديد. كان كلامه يحمل نوعًا من الخوف عليّ، رغم قسوته قبل لحظات.
"نحن نعمل ضمن فريق ولدينا تعليمات واضحة..." حاولتُ أن أشرح له، لكنني شعرت بأن كلماتي ضعيفة.
"الفريق ليس معكِ الآن، أليس كذلك؟" قال الرجل بنبرة حازمة. "اعتني بنفسكِ يا أختي. هذا العالم ليس دائمًا لطيفًا مع الفتيات."
شكرته مرة أخرى على المنديل وعلى كلماته الأخيرة، التي حملت تحذيرًا غريبًا. شعرت بمزيج من المشاعر المتضاربة: الألم من الإهانة، والدهشة من الاعتذار المفاجئ، والقلق من كلماته التحذيرية.
غادرتُ المنزل وأنا أفكر في هذا اللقاء الغريب. كيف يمكن لشخص أن يكون غاضبًا وقاسيًا ثم يتحول فجأة إلى شخص قلق ومتعاطف؟ لقد كانت تجربة مريرة لكنها كشفت لي عن تعقيد النفس البشرية وأن الناس ليسوا دائمًا كما يبدون من النظرة الأولى. كما أن كلماته الأخيرة زرعت في داخلي بذرة من القلق بشأن طبيعة عملي هذا.
3/ظل مستريح... وضمير مُستيقظ
كانت أيام الإحصاء تمر ببطء تحت شمس مدينة الدار البيضاء اللاهبة. كنا نعمل بجد أنا وزملائي الذين تم تكليفنا بهذه المهمة الوطنية، لاحظتُ أمرًا مقلقًا يتعلق بأحد المراقبين، زميل لنا في سلك التعليم.
كان الأستاذ "عادل" يقضي معظم وقته جالسًا في الظل، يتصفح هاتفه أو يتبادل أطراف الحديث مع بعض المعارف. كان يتركنا نقوم بالجزء الأكبر من العمل، بينما هو بالكاد يراقب أو يوجه. كنت أرى فريقنا يتخبط أحيانًا في فهم بعض التعليمات أو يرتكب أخطاء في تدوين البيانات، لكنه كان غائبًا عن المشهد، غير مكترث.
في البداية، حاولت أن أتجاهل الأمر، معتبرة أنه ربما كان يمر بظرف خاص أو يشعر بتعب. لكن الوضع استمر لأيام، وأصبح تجاهله صعبًا. كان هذا التقاعس يؤثر على جودة البيانات التي يتم جمعها في منطقته، وهذا يتعارض مع الهدف الأساسي من الإحصاء.
في أحد الأيام، لم أتمالك نفسي. اقتربتُ من الأستاذ عادل بينما كان مسترخيًا في سيارتة بيجو، كان أحد مساعديه يحاول عبثًا فهم استمارة معقدة.
"عادل، هل كل شيء على ما يرام هنا؟ يبدو أن فريقك يواجه بعض الصعوبات." قلت بنبرة مهنية متحفظة.
نظر إليّ بفتور وأجاب بلامبالاة: "لا تقلقي يا زميلتي، الأمور تحت السيطرة. أتتم الشباب لديكم طاقة، فلتعملوا قليلًا."
شعرتُ بغضب يتصاعد بداخلي. لم يكن الأمر يتعلق بالطاقة أو التعب، بل بالمسؤولية والأمانة في أداء واجبنا.
"لكن يا أستاذ عادل، هذا ليس عدلًا. نحن هنا جميعًا لإنجاز مهمة وطنية بجد وإخلاص. فريقك يحتاج إلى توجيهك وإشرافك." أضفت بنبرة أكثر جدية.
تنهد عادل بملل وقال: "يا أستاذة... أنتِ مثالية أكثر من اللازم. المهم أن تنتهي العملية، ولا أحد سيدقق في التفاصيل الصغيرة."
هنا لم أستطع السكوت. الأمر لم يكن يتعلق بالتفاصيل الصغيرة، بل بالمبادئ الأساسية التي نحاول غرسها في طلابنا.
"عفوًا يا أستاذ، لكن كيف لنا أن نعلم التلاميذ مبادئ النزاهة والصدق والأمانة في العمل، ونحن نمارس الغش والتراخي في مهمة وطنية كهذه؟ كيف نربي جيلًا يحترم العمل الجاد ونحن نقدم لهم مثالًا سيئًا؟" قلت بحدة، لكن بصوت واضح ومسموع.
نظر إليّ عادل بذهول للحظات، ثم ارتسم على وجهه امتعاض واضح. "أنتِ تبالغين في الأمر. إنه مجرد إحصاء."
"ليس مجرد إحصاء يا أستاذ. إنه انعكاس لقيمنا ومسؤوليتنا كمواطنين وكمربين للأجيال القادمة." أجبت بصرامة. "كل رقم نجمعه يمثل حياة إنسان، وكل معلومة نسجلها تبني صورة عن واقع مجتمعنا. إذا كانت هذه الصورة مشوهة بسبب تقاعسنا، فكيف نلوم طلابنا على أي تهاون في المستقبل؟"
ساد صمت بيننا. كان بعض الناس يرمقوننا بنظرات متوترة. شعرت بأنني ربما تجاوزت حدود الأدب مع زميل أكبر مني، لكن ضميري كان مرتاحًا. كان يجب أن أقول ما قلته.
في النهاية، قال عادل بنبرة متحفظة: "حسنًا... حسنًا. سأحاول أن أكون أكثر انتباهًا." لكنني لم ألحظ تغييرًا كبيرًا في سلوكه طوال فترة الإحصاء.
بقيت كلماتي معلقة في الهواء، ربما لم تحدث تغييرًا في الأستاذ عادل، لكنها عززت في داخلي قناعتي بأن الأمانة والنزاهة ليست مجرد شعارات، بل هي ممارسة يومية يجب أن نلتزم بها في كل تفاصيل حياتنا، خاصة عندما نكون قدوة للآخرين. لقد علمتني هذه التجربة أن الدفاع عن المبادئ قد يكون صعبًا ومواجهًا بالاستياء، لكنه يبقى واجبًا لا يمكن التغاضي عنه.
4/شاي في الظهيرة في زحمة يوم طويل من جمع البيانات، حيث تتشابه الأبواب وتتداخل الوجوه، يبقى هناك دائمًا بصيص أمل يضيء هذا الروتين. كنت أسير بخطوات متعبة في أزقة حيّ عتيق، أبحث عن العنوان التالي في قائمتي. الحرارة كانت تخنق الأنفاس، وبدأت أشعر بوطأة المسؤولية والتعب. حين وصلت إلى باب خشبي قديم، لم أتوقع أن وراءه ينتظرني درس في الكرم الأصيل سيمحو تعب اليوم بلحظات قليلة. وصلت إلى منزل متواضع ذي باب خشبي مزخرف، وطرقتُ بهدوء. فتح لي رجل في منتصف العمر، كانت ملامحه تحمل طيبة واضحة رغم بساطة مظهره.
شرحتُ له مهمتي، وأبدى استعداده الكامل للتعاون. أجاب على أسئلتي بصبر ودقة، ولم يبد عليه أي تذمر أو ضيق رغم طول الاستمارة. وبينما كنت أوشك على المغادرة، بعد أن شكرته على تعاونه، فاجأني الرجل بدعوتي للدخول.
"تفضلي يا ابنتي، استريحي قليلًا من حرارة الشمس. يبدو عليكِ التعب." قال بابتسامة دافئة.
ترددتُ في البداية، فالوقت كان يداهمني وكانت لديّ الكثير من المنازل الأخرى لزيارتها. لكن إلحاحه اللطيف ونظرة الكرم في عينيه جعلاني أقبل دعوته.
اصطحبني الرجل إلى فناء داخلي صغير، مزين ببعض النباتات، كانت زوجته تستقبلني بابتسامة مماثلة. أصرّا عليّ بالجلوس وقدموا لي كوبًا من الشاي المنعنع اللذيذ وبعض التمر الطازج.
شعرتُ بالحرج قليلاً، فقد كنتُ أقتطع من وقتهما الثمين. لكنهما كانا مصرين على ضيافتي، وكأنني فرد من عائلتهما. تبادلنا أطراف الحديث ببساطة وعفوية، وتحدثا عن حياتهما اليومية وعن حبهما لهذا الحيّ القديم.
لم يستغرق الأمر طويلًا، لكن تلك الدقائق القليلة التي قضيتها في ضيافتهما تركت في نفسي أثرًا عميقًا. لم يكونا يملكان الكثير من الماديات، لكنهما أغدقَا علي بكرمهما وحسن استقبالهما. شعرتُ بدفء حقيقي وتأكدت أن الطيبة لا ترتبط بالثراء.
عندما ودعتهما وغادرتُ المنزل، كنت أشعر بانتعاش جسدي وروحي. لقد كانت تلك الاستراحة القصيرة بمثابة شحنة طاقة إيجابية أعانتني على مواصلة عملي.
رغم كل الظروف والتحديات التي قد نواجهها في حياتنا اليومية، تظل أصالة المغاربة وكرمهم طبعًا أصيلًا ومتجذرًا في قلوبهم. حتى في أبسط البيوت، يمكن أن تجد دفء الاستقبال وحسن الضيافة الذي ينسيك تعب الطريق ويذكرك بجوهر الإنسانية.
5/وجع مُضنٍ... وطموحٌ أناني
كان ذلك اليوم من أيام الإحصاء الأسوأ على الإطلاق. استيقظتُ على ألم حاد في أسفل بطني، يعرفه كل النساء جيدًا. كان وجع الدورة الشهرية ينهش جسدي، وكل حركة تزيد من وطأته. بالكاد استطعتُ النهوض من الفراش، فكرة الخروج والقيام بمهمة جمع الاستمارات بدت مستحيلة.
لحسن الحظ، كنتُ قد تجاوزتُ بكثير العدد المطلوب من الاستمارات. كنتُ أحرص على العمل بجد وإنجاز حوالي 24 استمارة يوميًا، لأكون على قدر المسؤولية ولتغطية أي طارئ. شعرتُ بالراحة قليلًا لعلمي أنني لستُ متأخرة أو مقصرة في عملي.
في منتصف الصباح، رنّ هاتفي. كان المتصل هو مراقبنا، عادل.
"هدى، صباح الخير. أردتُ إخباركِ أن المشرف الإقليمي سيقوم بزيارة ميدانية لنا اليوم، وسيرافقه المشرف الجماعي. سيمرّون على بعض المراقبين وفرقهم للاطلاع على سير العمل." قال بنبرة رسمية متحمسة.
تنهدتُ بصعوبة وأنا أحاول التخفيف من ألمي. " عادل، صباح الخير. شكرًا لإخباري. لكن بصراحة، حالتي الصحية لا تسمح لي بالخروج اليوم. أعاني من ألم شديد..."
قاطعني بسرعة بنبرة أقل اهتمامًا: "أوه... يا للأسف. لكن هل يمكنكِ على الأقل التواجد بضع دقائق كي يراك المشرف الإقليمي وعودي؟ ستكون فرصة جيدة للمشرف الإقليمي للقاء أحد أعضاء الفريق النشيطين."
شعرتُ بالإحباط. كان واضحًا أن همه الأول هو أن يظهر فريقه ومن ضمنه أنا، بصورة جيدة أمام المسؤولين. لم يبدُ عليه أي اهتمام بمعاناتي أو بمدى صعوبة الأمر بالنسبة لي.
"عادل، صدقني، الأمر يفوق مجرد عدم الرغبة في الخروج. أنا بالكاد لا أستطيع الوقوف. لدي ما يكفي من الاستمارات، أرسلتها لك البارحة ." حاولتُ أن أشرح له بجدية.
لكنه أصرّ: "هدى، هذه فرصة لا تعوض. المشرف الإقليمي نادرًا ما يقوم بزيارات ميدانية. سيكون انطباعًا جيدًا إذا رآك وأنت تقومين بعملك بجد. فكري في الأمر."
كان واضحًا أنه لا يفكر إلا في صورته كمراقب مسيطر وفعال أمام رؤسائه. لم يكن يهتم بصحتي أو بمدى صعوبة الأمر بالنسبة لي. شعرتُ بالغضب والاستياء. كيف يمكن لشخص مسؤول أن يكون بهذا القدر من الأنانية وعدم التعاطف؟
"عادل، لقد أخبرتك أنني مريضة. لا أستطيع الحضور اليوم. أتمنى أن تتفهم ذلك." قلت بنبرة حازمة أنهيت بها المكالمة.
تجاهلتُ اتصالاته ورسائله اللاحقة التي كانت تحاول إقناعي بالحضور. استلقيتُ على فراشي أتألم وأفكر في هذا الموقف غير مبالية بالآتي. شاي في الظهيرة في زحمة يوم طويل من جمع البيانات، حيث تتشابه الأبواب وتتداخل الوجوه، يبقى هناك دائمًا بصيص أمل يضيء هذا الروتين. كنت أسير بخطوات متعبة في أزقة حيّ عتيق، أبحث عن العنوان التالي في قائمتي. الحرارة كانت تخنق الأنفاس، وبدأت أشعر بوطأة المسؤولية والتعب. حين وصلت إلى باب خشبي قديم، لم أتوقع أن وراءه ينتظرني درس في الكرم الأصيل سيمحو تعب اليوم بلحظات قليلة. وصلت إلى منزل متواضع ذي باب خشبي مزخرف، وطرقتُ بهدوء. فتح لي رجل في منتصف العمر، كانت ملامحه تحمل طيبة واضحة رغم بساطة مظهره.
شرحتُ له مهمتي، وأبدى استعداده الكامل للتعاون. أجاب على أسئلتي بصبر ودقة، ولم يبد عليه أي تذمر أو ضيق رغم طول الاستمارة. وبينما كنت أوشك على المغادرة، بعد أن شكرته على تعاونه، فاجأني الرجل بدعوتي للدخول.
"تفضلي يا ابنتي، استريحي قليلًا من حرارة الشمس. يبدو عليكِ التعب." قال بابتسامة دافئة.
ترددتُ في البداية، فالوقت كان يداهمني وكانت لديّ الكثير من المنازل الأخرى لزيارتها. لكن إلحاحه اللطيف ونظرة الكرم في عينيه جعلاني أقبل دعوته.
اصطحبني الرجل إلى فناء داخلي صغير، مزين ببعض النباتات، كانت زوجته تستقبلني بابتسامة مماثلة. أصرّا عليّ بالجلوس وقدموا لي كوبًا من الشاي المنعنع اللذيذ وبعض التمر الطازج.
شعرتُ بالحرج قليلاً، فقد كنتُ أقتطع من وقتهما الثمين. لكنهما كانا مصرين على ضيافتي، وكأنني فرد من عائلتهما. تبادلنا أطراف الحديث ببساطة وعفوية، وتحدثا عن حياتهما اليومية وعن حبهما لهذا الحيّ القديم.
لم يستغرق الأمر طويلًا، لكن تلك الدقائق القليلة التي قضيتها في ضيافتهما تركت في نفسي أثرًا عميقًا. لم يكونا يملكان الكثير من الماديات، لكنهما أغدقَا علي بكرمهما وحسن استقبالهما. شعرتُ بدفء حقيقي وتأكدت أن الطيبة لا ترتبط بالثراء.
عندما ودعتهما وغادرتُ المنزل، كنت أشعر بانتعاش جسدي وروحي. لقد كانت تلك الاستراحة القصيرة بمثابة شحنة طاقة إيجابية أعانتني على مواصلة عملي.
رغم كل الظروف والتحديات التي قد نواجهها في حياتنا اليومية، تظل أصالة المغاربة وكرمهم طبعًا أصيلًا ومتجذرًا في قلوبهم. حتى في أبسط البيوت، يمكن أن تجد دفء الاستقبال وحسن الضيافة الذي ينسيك تعب الطريق ويذكرك بجوهر الإنسانية.
6/قصة منسية في الإحصاء: كان الغبار يتطاير حول حذائي بينما كنت أسير في ذلك الحيّ الهادئ، الذي بدا وكأنه نسيَ صخب المدينة. كانت تعليمات المشرف واضحة: "لا تتجاهلوا أي منزل، حتى لو بدا مهجورًا". وهذا ما جعلني أقف أمام ذلك الباب الخشبي المُتهالك، الذي بدا وكأنه قطعة أثرية من زمن آخر. الصدأ يكسو مفصلاته، وشقوق عميقة تخترق سطحه الباهت. ترددتُ للحظة، لكن الواجب ناداني.
طرقْتُ الباب بهدوء، ثم بثقة أكبر بعد صمت مطبق. لم يكن هناك أي صدى، وكأن المنزل ابتلع الصوت. كدتُ أستدير للمغادرة وتسجيل "لا يوجد ساكن"، لكنني سمعتُ أزيزًا خافتًا من الداخل، كأن شيئًا ثقيلاً يُجرّ على الأرض.
انتظرتُ بفضول مشوب بالحذر. بعد لحظات بدت كأنها دهر، انفرج جزء صغير من الباب ببطء شديد، كعين تراقبني من خلف حجاب. ظهرت عين عجوز، مُحاطة بتجاعيد عميقة كخريطة طريق لحياة طويلة. كانت العينان تلمعان ببريق غريب، مزيج من الحذر والترقب.
"نعم؟" همست المرأة بصوت مبحوح، بالكاد يُسمع.
"مساء الخير يا سيدتي، أنا من فريق الإحصاء العام..." بدأتُ أشرح مهمتي، لكنها قاطعتني برفع يد مرتعشة.
"انتظري... لحظة واحدة." واختفت العين خلف الباب الموصد جزئيًا.
تنفستُ بعمق، شعور غريب ينتابني. كان هناك شيء ما في هذا اللقاء الأول يوحي بأن هذه المهمة لن تكون روتينية. بعد دقائق أطول، انفتح الباب بالكامل هذه المرة، وكشفت المرأة عن نفسها. كانت نحيلة وشاحبة، ترتدي ثوبًا أسودًا فضفاضًا، لكن ابتسامة دافئة ارتسمت على وجهها المُتجعد.
"أهلًا بك يا ابنتي، تفضلي بالدخول. لم يزرني أحد منذ زمن طويل."
دخلتُ إلى ممر ضيق ومظلم، تفوح منه رائحة الرطوبة والأعشاب المجففة. كانت الأثاثات قليلة وبسيطة، مغطاة بغطاء أبيض يحجب عنها الغبار. قادتني العجوز إلى غرفة صغيرة مضاءة بنور خافت يتسلل من نافذة مغطاة بستائر سميكة.
بدأتُ في طرح الأسئلة الروتينية، وكانت تجيب بصوت هادئ وذاكرة متقدة. لكن بين كل إجابة وأخرى، كانت تطلق تنهيدة خفيفة أو تنظر بشرود إلى صورة باهتة معلقة على الحائط. شعرتُ بأن هناك قصة أعمق خلف هذه الجدران الصامتة.
فجأة، وبينما كنت أسألها عن عدد أفراد الأسرة، توقفت العجوز عن الكلام ونظرت إليّ بعينين دامعتين. "كنتُ أماً لثلاثة أبناء..." قالت بصوت مرتعش، ثم صمتت.
شعرتُ بحساسية الموقف، لكن جزءًا مني كان فضوليًا لمعرفة المزيد. "ماذا حدث لهم يا سيدتي؟" سألتُ بلطف.
ترددت العجوز للحظة، ثم بدأت تحكي بصوت خافت قصة مؤلمة عن فقدان أبنائها في ظروف مختلفة. كانت كلماتها تتقطعها الدموع والتنهيدات، وشعرتُ بثقل الحزن يخيم على الغرفة.
عندما انتهت من قصتها، كان الصمت هو سيد الموقف. شعرتُ بأنني تجاوزت حدود مهمتي كجامعة بيانات، وأصبحت مستمعة لشخص يحمل عبء الماضي بمفرده.
"شكرًا لك يا ابنتي... لأنك استمعت إليّ." قالت العجوز أخيرًا، وابتسامة حزينة ارتسمت على شفتيها.
قبل أن أغادر، نظرتُ إلى النافذة الصغيرة المغطاة بالغبار، والتي كانت تطل على حديقة مهملة. رغم الحزن الذي خيم على اللقاء، شعرتُ بأنني رأيت بصيصًا من الأمل في عيني تلك المرأة العجوز، أملًا في أن يأتي يوم يحمل معه النسيان أو ربما... زائرًا آخر يستمع إلى حكاياتها.
خرجتُ من المنزل وأنا أحمل في داخلي قصة إنسانية مؤثرة، تذكرني بأن الإحصاء ليس مجرد أرقام، بل هو نافذة نطل منها على حياة الآخرين، بكل أفراحهم وأحزانهم. تلك الزيارة القصيرة تركت في نفسي أثرًا عميقًا، وجعلتني أنظر إلى مهمتي بنظرة مختلفة.
7/باحثة إحصاء... وراقصة أيضا.
كنت متحمسة، وأنا أقوم بالبحث الميداني لجمع بيانات حول عادات القراءة في حي قديم من أحياء مدينة الدار البيضاء. كنت أؤمن بأن الأرقام تحكي قصصًا، وأن مهمتها هي الاستماع إليها وترجمتها للعالم. لكن في بعض الأحيان، كنت أحتاج إلى استراحة من جداول البيانات والاستبيانات الجادة.
وأنا أستعد لزيارة منزل آخر في الحي، شعرت بنشوة غريبة. بدأت أدندن لحنًا مغربيًا قديمًا ثم انطلقت قدماي في رقصة عفوية أمام أحد الأبواب الملونة. كنت أدور وأتمايل بحركات بسيطة تعبر عن بهجتي، وأغني بصوت خافت كلمات الأغنية التي تتردد في ذهني، كانت لحظة من التحرر والانفصال عن عالم الأرقام الصارم.
لم أكن أعلم أن نافذة الطابق الثاني لهذا المنزل كانت بمثابة شاشة عرض سحرية. كان يجلس خلفها رجل مسن يدعى الحاج قاسم، وهو كاتب قصص متقاعد يتمتع بحاسة مراقبة حادة وروح مرحة. كان الحاج قاسم يشاهدني وأنا أرقص وأغني بابتسامة عريضة ترتسم على وجهه المجعد.
في البداية، استغرب الحاج قاسم من هذا المشهد غير المألوف. باحثة إحصاء ترقص أمام منزله؟ لكن سرعان ما أسره عفويتي وحماسي. شعر وكأنني أبعث الحياة في الشارع الهادئ.
عندما انتهيت من رقصتي القصيرة، استعدت لدق الباب. فتح الحاج قاسم الباب بوجه بشوش وعينين تلمعان بالمرح.
"مرحباً يا ابنتي!" قال الحاج قاسم بصوت دافئ. "لقد استمتعتُ كثيرًا بعرضكِ الراقص."
تجمدت في مكاني وشعرت بالحرارة تصعد إلى وجهي. "يا إلهي! هل... هل كنت تراني؟" تمتمت بخجل.
ضحك الحاج قاسم بصدق وقال: "نعم يا ابنتي. نافذتي هي شاشة سينما صغيرة على هذا العالم الجميل. ولم يكن فيلمكِ الصباحي أقل من رائع."
شعرت بالإحراج الشديد في البداية، لكن لطف الحاج قاسم وروح الدعابة لديه سرعان ما بددا توتري.
"أنا... أنا آسفة إذا أزعجتك." قلت بخجل.
"أزعجتني؟ بل أضفتِ نغمة من الفرح إلى صباحي الهادئ!" أجاب الحاج قاسم. "تفضلي بالدخول يا ابنتي. يبدو أنكِ تحملين الكثير من الطاقة، وهذا جيد لجمع الإحصائيات!"
دخلت إلى المنزل وقضيت وقتًا ممتعًا في الحديث مع الحاج قاسم وملء الاستبيان. اكتشفت أنه كان لديه شغف كبير بالقراءة وقصص لا تنتهي. وبينما كنت أودعه، قال لي الحاج قاسم مبتسمًا: "لا تترددي في تقديم عرض آخر في المرة القادمة. نافذتي دائمًا مفتوحة على الفن العفوي."
غادرت منزل الحاج قاسم وأنا أبتسم. أدركت أن حتى أكثر اللحظات المحرجة يمكن أن تتحول إلى لقاءات دافئة وذكريات طريفة. والأهم من ذلك، تعلمت أن الحياة مليئة بالرقصات الخفية التي تحدث عندما نكون على طبيعتنا، وأن هناك دائمًا من يشاهد ويقدر هذه اللحظات، حتى لو كانوا خلف نافذة سحرية. ومنذ ذلك اليوم، كنت أتذكر دائمًا رقصتي العفوية أمام باب الحاج قاسم كلما شعرت بضغط العمل، وأتذكر أن الإحصاء ليس مجرد أرقام، بل تواصل إنساني ولحظات غير متوقعة تجعل الحياة أكثر جمالًا.
8/لقاء لا ينسى كانت حرارة الظهيرة تلفح وجهي بينما كنت أتتبع العنوان المدون على لوحتي الرقمية. وصلتُ أخيرًا إلى منزل صغير، تحيط به أشجار الياسمين التي تفيض برائحة عطرية منعشة. في فناء المنزل، كان يجلس رجل مُسنٌّ على كرسي هزاز، يرتدي جلبابًا أبيض ناصعًا وعمامة تلف رأسه بهدوء. بدا وكأنه جزء أصيل من هذا المكان الهادئ.
اقتربتُ منه بخطوات وئيدة وألقيتُ التحية بصوت مهذب. رفع الرجل رأسه ببطء، وكشف عن وجه يحمل آثار الزمن بوقار. كانت تجاعيده بمثابة خطوط طول وعرض تحكي قصة حياة مديدة، وعيناه العميقتان تلمعان بذكاء هادئ.
"أهلاً وسهلاً يا بنيتي، تفضلي اجلسي." قال بصوت جهوري رغم تقدمه في السن، مشيرًا بيده إلى كرسي خشبي صغير بجانبه.
شرحتُ له مهمتي كجزء من فريق الإحصاء العام، وبدأ الرجل يستمع بانتباه. حين بدأتُ في طرح الأسئلة الروتينية حول عدد أفراد الأسرة ونوع السكن، كان يجيب بكلمات مقتضبة ودقيقة. لكن سرعان ما لاحظتُ أنه يملك كنوزًا من الحكايات تنتظر من يستخرجها.
بين كل سؤال وإجابة، كان الرجل يتوقف للحظة، ينظر إلى الأفق البعيد، ثم يبدأ في سرد قصة قصيرة مرتبطة ربما بسؤالي أو ربما بخاطر طرأ على باله. حكى لي عن طفولته في هذا الحيّ، عن الأيام التي كانت فيها أشجار الياسمين صغيرة بالكاد تُرى، وعن جيرانه الذين رحلوا وتركت ذكراهم عبقًا في المكان.
تحدث عن سنوات شبابه، عن العمل في الحقول وعن الأفراح البسيطة التي كانت تملأ حياتهم. كانت كلماته ترسم صورًا حية لعالم مضى، عالم كانت فيه العلاقات الإنسانية أقوى والقلوب أكثر صفاءً.
عندما سألته عن التغيرات التي طرأت على الحيّ عبر السنين، تنهد الرجل وقال: "يا ابنتي، الحياة نهر جارٍ لا يتوقف. الكثير تغير، وجوه جديدة حلت محل وجوه قديمة، لكن تبقى الأرض هي الأرض، وتبقى الذكريات راسخة كالجبال."
لم تكن إجاباته مجرد أرقام وبيانات، بل كانت دروسًا في الحياة والحكمة. تعلمتُ منه عن قيمة الصبر، عن أهمية التمسك بالجذور، وعن حقيقة أن كل رقم في الإحصاء يمثل حياة وقصة تستحق الاحترام والإنصات.
في لحظة مؤثرة، بينما كنت أسأله عن رأيه في مستقبل الشباب، نظر إليّ الرجل بتمعن وقال: "الشباب هم أمل الغد، لكن عليهم أن يتعلموا من الماضي ليحسنوا بناء المستقبل. لا تنسوا قيمكم وتقاليدكم، ولا تفرطوا في بساطة الحياة."
شعرتُ بأنني لم أكن أقوم بمجرد جمع بيانات، بل كنت أجلس أمام كنز من المعرفة والتجارب. كان هذا الرجل بمثابة مكتبة متنقلة، وكل تجعيدة في وجهه صفحة من كتاب الحياة.
عندما حان وقت المغادرة، شعرتُ بامتنان عميق لهذه الفرصة الثمينة. ودعتُ الرجل وتمنيت له الصحة والعافية. بينما كنت أسير مبتعدة عن منزله، كانت كلماته لا تزال تتردد في أذني، وحكمته تضيء لي الطريق.
هدى الخباني، كاتبة.
#هدى_الخباني (هاشتاغ)
Houda_El_Khoubani#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العمل النقابي لصالح من ؟
-
باشلار يرد على أفلاطون
-
المواطنة والحرية
-
قراءة في - الطاغية- دراسة فلسفية لصور من الاستبداد السياسي /
...
-
عماء اللغة
-
طريقي إلى الجامعة
-
مرض - Sexophobia- في حصة موضوعها - الثفافة الجنسية -
-
رسالة إلى الله
-
عبد الهادي روضي: لوحة تتعانق فيها الألوان.
-
الجوع في بطني يقتل حتى الجوع.
-
الثانوية التأهيلية محمد الزرقطوني: هرطقة في هرطقة
-
عبد الله: الحنين إلى مجهول
-
حبنا يا حبيبي
-
لقاء
-
يوميات
-
نص شعري: مسافة عشق
-
نص شعري: امرأة
المزيد.....
-
بكين ترد على تصريحات ترامب بشأن اتصال الرئيس الصيني به حول ا
...
-
هذه حقيقة -فتيات الشاليه- اللواتي يعتنين باحتياجات المتزلجين
...
-
-الغالية أم الغالية-.. الأمير الحسين يهنئ زوجته الأميرة رجوة
...
-
الهند وباكستان تتبادلان إطلاق النار لليلة الرابعة على التوال
...
-
موسكو: يمكننا تقديم المساعدة العسكرية لكوريا الشمالية حال ال
...
-
ارتفاع حصيلة ضحايا القصف الأمريكي على مركز إيواء مهاجرين أفا
...
-
-إن قطعتم مياهنا سنقطع أنفاسكم-.. باكستان تهدد الهند بضربة ن
...
-
-لا يمكن الاستغناء عنها-.. مجلة أمريكية تصف البجعة الروسية ا
...
-
الكرملين: الجهود الأمريكية لوضع الأزمة الأوكرانية على مسار ا
...
-
وفد من الوكالة الدولية للطاقة الذرية يجري محادثات مع الجانب
...
المزيد.....
-
سيرة القيد والقلم
/ نبهان خريشة
-
سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن
/ خطاب عمران الضامن
-
على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم
/ سعيد العليمى
-
الجاسوسية بنكهة مغربية
/ جدو جبريل
-
رواية سيدي قنصل بابل
/ نبيل نوري لگزار موحان
-
الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة
/ أيمن زهري
-
يوميات الحرب والحب والخوف
/ حسين علي الحمداني
-
ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية
/ جورج كتن
-
بصراحة.. لا غير..
/ وديع العبيدي
-
تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|