رأي في بحث ستار جبار رحمن الموسوم: الاقتصاد الريعي كنموذج رأسمالي حديث للنمط الآسيوي للإنتاج: دراسة مقارنة

سناء عبد القادر مصطفى

الحوار المتمدن-العدد: 8325 - 2025 / 4 / 27 - 21:46
المحور: الادارة و الاقتصاد
    

تتميز حداثة وطرافة هذا البحث الى ان بعض من سمات نمط الإنتاج الآسيوي الهيكلية تبرز مجددا في إطار الإقتصاد الريعي القائم على امتلاك موارد طبيعية في باطن الأرض محدودة بحكم كونها قابلة للنضوب مثل النفط والغاز والمعادن الثمينة الأخرى. ولهذا من الضروري عقد مقارنة بين النمطين في استغلال الموارد الطبيعية فالأرض كذلك تضعف قوتها في انتاج المحاصيل الزراعية سنة بعد أخرى كما أكد على ذلك دافيد ريكاردو (18 نيسان/ ابريل 1772-11أيلول/سبتمبر 1823) في دراسته للريع العقاري الزراعي ومن الضروري إعادة قوة الأرض بواسطة زراعة محاصيل زراعية تساعد على ذلك مثل البقوليات او استخدام طريقة الزراعة الحولية. ومن هنا يمكن القول أن أوجه التشابه بين النمطين يختلف من عصر الى آخر ومن مكان أو دولة الى أخرى ويتحدد بمجموعة من العناصر والتي أولا هي قوة الدولة ونمط الحكم فيها وعلى اية الطبقات تعتمد عليها هذه الدولة أو تلك؟ مع مستوى الضرائب التي تفرضها الدولة وانتشار الفساد والبيروقراطية الإدارية أو طبقة النومينكلاتورا كما سميت من قبل ميخائيل فوسلينسكي مؤلف كتاب النوميكلاتورا – الطبقة الحاكمة في الاتحاد السوفيتي الذي صدر في لندن في العام 1985 باللغة الروسية وترجم الى 12 لغة عالمية من ضمنها اللغة العربية . ولا ننسى أن الكثير من الموازنات السنوية أو الثلاثية في الكثير من الدول المنتجة للنفط ومن ضمنها العراق والسعودية والامارات العربية تعتمد على الريع النفطي وبنسبة 90-95% ، أما في نيجيريا " فإن الاقتصاد النيجيري يعاني من "لعنة الموارد" حيث لم يترجم ارتفاع الإيرادات النفطية إلى تحسن في مستوى المعيشة أو البنية التحتية "، وفي فنزويلا حيث "سجلت البلاد معدل تضخم بلغ 10,000,000% عام 2019، مما تسبب في نقص حاد في السلع الأساسية وهجرة جماعية للسكان".
وفي لبنان " التي تعتمد على تحويلات العاملين في الخارج كمصدر رئيسي للدخل. حيث تُشكل التحويلات المالية من المغتربين حوالي 32% من الناتج المحلي الإجمالي . هذا الاعتماد أدى إلى ضعف القطاعات الإنتاجية وزيادة الاعتماد على التدفقات المالية الخارجية دون تطوير اقتصادي حقيقي، مما جعل البلاد تعاني بشكل متكرر ومتزايد من أثر الازمات". من هنا يتجلى لنا خطورة الاعتماد على الريع النفطي مقارنة بالاعتماد على نمط الإنتاج الآسيوي.
ومن النقاط المهمة التي ركز عليها البحث هي:
" أوجه الاختلاف:
1. السياق التاريخي:
o النمط الآسيوي كان جزءًا من حقبة ما قبل الرأسمالية.
o الاقتصاد الريعي هو جزء من النظام الرأسمالي العالمي.
2. ملكية الموارد:
o في النمط الآسيوي، كانت الدولة تمتلك الأرض وتتحكم في توزيعها.
o في الاقتصاد الريعي، يُمكن أن تملك الدولة أو القطاع الخاص الموارد، ضمن إطار قانوني رأسمالي.
3. دور السوق:
o الأسواق في النمط الآسيوي كانت محدودة نظرًا لطبيعة الإنتاج الزراعي والاكتفاء الذاتي.
o في الاقتصاد الريعي، تُباع الموارد في الأسواق العالمية، لكن الدولة تظل أقل اعتمادًا على السوق المحلي".
ومن مقارنة النمط الآسيوي للإنتاج وطبيعة الإنتاج في ظل الاقتصاد الريعي يتضح لنا :
" أن كلا النمطين يعتمدان على دور الدولة في التحكم بالموارد الاقتصادية، لكن الفرق الأساسي يكمن في أن النمط الآسيوي يعتمد على الإنتاج الزراعي وإدارة الموارد البشرية، بينما يقوم الاقتصاد الريعي على الثروات الطبيعية وعائداتها المالية. وعلى الرغم من أن كلا النموذجين يقللان من فرص الحراك الاجتماعي والاستقلال الاقتصادي للفئات المنتجة، إلا أن الاقتصاد الريعي أكثر هشاشة لأنه يعتمد على تقلبات الأسواق العالمية، مما يجعله أكثر عرضة للأزمات الحادة مقارنة بالنمط الآسيوي الذي يقوم على إنتاج داخلي أكثر استدامة". وأكبر دليل على ذلك هو ضعف الاقتصاد العراقي الذي يعتمد على مداخيل بيع النفط العراقي واستيراد معظم ومختلف المواد الغذائية والانشائية من مصادر مختلفة في العالم ، ففي حالة تعرض هذه المصادر الى هزات اقتصادية فسوف تنتقل الى العراق وتوقف نشاطه الإنتاجي والاقتصادي.
أنا متفق مع وجهة نظر الباحث ستار جبار رحمن باعتبار الاقتصاد الريعي هو امتداد للنمط الآسيوي للإنتاج بسبب تطور الأسواق العالمية والتكنولوجيا ولكنه يبقى مرتبط بالشروط الأساسية التي تعزز سلطة الدولة المركزية وتقلل من أهمية حوافز الإنتاج المحلي وهذا بدوره يكبح تطور التنمية الاقتصادية في البلد.
" لذلك، فإن معالجة تحديات الاقتصاد الريعي تتطلب استراتيجيات طويلة الأمد تهدف إلى تنويع مصادر الدخل، وتعزيز دور القطاع الخاص، وتحقيق إصلاحات سياسية تضمن مشاركة أوسع للمجتمع في عملية صنع القرار الاقتصادي. فتجارب دول مثل النرويج وماليزيا تُظهر أن النجاح في التحول من اقتصاد ريعي إلى اقتصاد متنوع لا يتحقق فقط عبر الإدارة الجيدة للموارد، بل يستلزم أيضًا استثمارات في التعليم، والبحث العلمي، والبنية التحتية، وتطوير القطاعات الإنتاجية المحلية.
في النهاية، يمكن القول إن الاقتصاد الريعي، رغم حداثته الظاهرية، يحمل سمات هيكلية تشبه أنماط الإنتاج القديمة التي سبقت الرأسمالية. وإذا لم يتم تبني إصلاحات جذرية، فإنه قد يستمر في إعادة إنتاج الأنماط ذاتها من الاستبداد الاقتصادي والاجتماعي، مما يجعل التحول الاقتصادي الحقيقي تحديًا ملحًا في ظل العولمة الرأسمالية المتسارعة.
لذلك، فإن معالجة تحديات الاقتصاد الريعي تتطلب استراتيجيات طويلة الأمد تهدف إلى تنويع مصادر الدخل، وتعزيز دور القطاع الخاص، وتحقيق إصلاحات سياسية تضمن مشاركة أوسع للمجتمع في عملية صنع القرار الاقتصادي. فتجارب دول مثل النرويج وماليزيا تُظهر أن النجاح في التحول من اقتصاد ريعي إلى اقتصاد متنوع لا يتحقق فقط عبر الإدارة الجيدة للموارد، بل يستلزم أيضًا استثمارات في التعليم، والبحث العلمي، والبنية التحتية، وتطوير القطاعات الإنتاجية المحلية.
الخاتمة:
أن بحث الأستاذ ستار جبار رحمان يعد الأول من نوعه في مجال الاقتصاد الريعي كنموذج رأسمالي حديث للنمط الآسيوي للإنتاج وهو جدير بالاهتمام والثناء لأنه ناقش والقى الضوء على العلاقة بين النمط الآسيوي للإنتاج كونه سبق ظهور الاقتصاد الريعي الرأسمالي من الناحية التاريخية ، ولهذا أقترح أن يستمر الباحث ستار جبار في كتابة رسالة ماجستير أو أطروحة دكتوراه حول نفس الموضوع مع التوفيق والنجاح في البحث العلمي في المستقبل القريب.
ملاحظة : انظر في هذا الصدد مقالاتنا وأبحاثنا حول اقتصاد مملكة النرويج المنشورة في شبكة الاقتصاديين العراقيين وموقع الحوار المتمدن وموقع تللسقف وصحيفة المثقف ومجلة الأكاديمية العربية في الدنمارك المحكمة 2021،2022،2023 حيث تمت المشاركة بهذه الأبحاث والمقالات في مؤتمرات علمية في العراق في جامعة التنمية البشرية في السليمانية 2022 والجزائر في جامعة مصطفى اسطمبولي بمعسكر. كلية العلوم الاقتصادية ، العلوم التجارية وعلوم التسيير 2021.
1. السمات الأساسية لاقتصاد مملكة النرويج .
2. بناء المؤسسات الدستورية والاقتصادية والاجتماعية مع رفع رفاهية المواطنين في مملكة النرويج.
3. تجربة مملكة النرويج في الإصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى استفادة العراق منها.
ملاحظة: تم الاستشهاد بمقاطع من البحث للدلالة العلمية.

#سناء_عبد_القادر_مصطفى (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات