قاسم حسين صالح
(Qassim Hussein Salih)
الحوار المتمدن-العدد: 8325 - 2025 / 4 / 27 - 11:46
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
كان والدي رجل دين..وكان اجمل ما فيه صوته حين يقرأ بعد صلاة العشاء سورة (يس) ..ومنه حفظت عددا من آياتها.
وكان لدينا بساتين نخل على الضفة اليمنى من شط الغراف..وكان يصلي صلاة العشاء بين اربع نخلات( خضراويات) فرشتها ثيل اخضر طيب الرائحة.
كان عمري عشر سنوات يوم علمني والدي الصلاة، وكان يوقفني بجانبه ليعلمني السجود.
كنت حبيب روحه ..فأنا آخر العنقود وحلو و (وكح) بحلاوه . وكنت الوحيد بمدرسة الهلالية (نسبة للسادة البوهلاله) الذي يلبس بدلة (سترة وبنطلون) والكل لابسة (دشاديش )..حتى اطفال الشيوخ والأقطاعيين!
وتطورت عندي الصلاة من قراءة آيات وركعات الى.. خشوع ، لدرجة انني كنت ابكي في السجدة الأخيرة رغم انني طفل لم ارتكب بعد ذنوبا!
هكذا كانت علاقتي بالصلاة في الطفولة والمراهقة والفضل يعود لوالدي ( شيخ حسين الشيخ صالح) .
وحين بلغت الشباب ..صرت شيوعيا و..بقيت اصلي.
واذكر هنا حادثة طريفة سبق ان ذكرتها ..وحلو نعيدها:
كنت في الستينيات مسؤول خط الفلاحين في قضاء الشطرة..اتنقل بين القرى على دراجتي الحمراء(بايسكل) أعقد في فضاءاتها ندوات واجتماعات حزبية. ومن طرائف ما كان يحصل،ان مؤذن القرية صاح (الله اكبر الله أكبر) معلنا آذان المغرب ونحن في اجتماع حزبي، فأستأذن مني الفلاح (عذافه):
- رفيق..ممكن أصلّي؟
قلت له: تفضل
وكان بيننا فلّاح ملحد بالفطرة اسمه (جبار)..نظر لعذافة وقال:
- انت ما تكلي شلون شيوعي!
التفت نحوي عذافة وقد حمل عباءته ليصلي:
- وليش الشيوعي لازم ما يصلّي؟..جاوبني ابن شيخ حسين حتى مناه انطي وجهي لهلي.
فاجبته:
- اخذ راحتك رفيق عذافة..صلّي وراح ننتظرك.
ولا اطيل عليكم.. حكمت سنتين و دخلت السجن وعذّبت وعلقت في السقف.. ورأيت شبابا احبوا الوطن والناس..يساقون الى الأعدام.. وهناك..
تركت الصلاة!
دخلت في حوار مع (الله) ومع نفسي ، فالفكرة التي اخذتها عن الله من (شيخ حسين) ..هو انه عادل لا يحب الظالم ، فيما الذي اراه ، في وقتها، ان الظالم يتمتع بالسلطة والثروة والرفاهية والجاه والنساء ،والناس تتودد اليه وتخافه وتحترمه وتدعو الله(يطول عمره).
ووصلت قريبا لما وصل اليه زوربا حين سأله المثقف:
- هل تؤمن بالله؟
فيجيبه:
- كلا ..ولكنني اخاف منه!
يتبع
#قاسم_حسين_صالح (هاشتاغ)
Qassim_Hussein_Salih#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟