|
إعادة بناء أفغانستان 1
فضيلة يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 1803 - 2007 / 1 / 22 - 11:51
المحور:
الادارة و الاقتصاد
طريق سريع بدأ بالتشقق والتفتت قبل إكمال العمل به ،مدرسة متهالكة السطح وعيادة صحية مع نظام صرف صحي سيء وشركات تعود بالملايين إلى بلادها مقابل هذه الأعمال . تعتبر إدارة بوش إعادة الإعمارفي أفغانستان قصة نجاح .ربّما بالمقارنة مع الوضع في العراق وتداعيات إعصار كاترينا :فكل شيء نسبي . Farbia Nawa -CorpWatch في قرية قاليقازي – قرب كابول يظهر مبنى لامعاً أصفر اللون إنه العيادة الصحية التي بنتها شركة لويس بيرجر الأمريكية نموذجاً للهندسة الأمريكية ولإحدى وثمانين عيادة بنتها الشركة إضافة إلى المدارس والجسور والطرق بعقد مقداره 665 مليون دولار أمريكي. لكن هذا النموذج تداعى : سطح المبنى مرّقع ومعفن والنظام الصحي فيه سيء للغاية عندما يعمل والمدخنة مصنوعة من معدن رقيق وتهدد بإشعال سطح المبنى الخشبي ولا توجد في مرافق المبنى مياه جارية وتنبعث رائحة مياه المجاري في المكان .لقد عانت أفغانستان من حرب أهلية عقدين من الزمان ثم ضربتها القوى الكبرى العالمية في 2001 والناس محتاجون لطرق ومدارس وعيادات : إنهم يأخذون كل ما يقدّم لهم فلا خيارات عندهم . ورغم وجود لافتة امام العيادة لاحتفال بافتتاحها تحت رعاية وزارة الصحة إلا أن مهندسي الوزارة لم يقّروا استخدامها بسبب الخلل الواضح في بناءها .وقد كتب ميروسي حبيبي المستشار في وزارة الصحة في تقريره " أن أنظمة الصرف الصحي في العيادة غير مطابقة للمواصفات وأن المدخنة مصنوعة من معدن رقيق ويمكن أن تسبب حريقاً في السطح الخشبي " لكن العيادة افتتحت على كل حال ولم توافق شركة بيرجر على تقرير حبيبي :إنه مهندس غير مؤهل لفحص البناية . وقد عولج في العيادة 100 مريض يومياً منذ عام 2003 كما أفاد محمد صابر الحارس في البناية :إنها أفضل من لا شيء قال لي . إذا كانت بيرجر قد قصّرت في بعض الأماكن بشكل عام فإن ذلك يتعلّق بالأمور الكمالية ولكن التقصير لا يتعلق بالبناء الأساسي قال فريد شاس مدير بيرجر في أفغانستان .لكنه اعترف أن المشاكل في عيادة قاليقازي جدّية وأكثر من أمور كمالية ." في هذه البناية خلل في البناء لكن اللوم يقع على المتعاقد المحلّي " وقد كشفت الواشنطن بوست تقريراً داخلياً في بيرجر بعد أربعة اشهر من تقرير حبيبي وفيه ان العيادة تحتاج إلى :افريزات للسطح ،أبواب ،مزاريب للماء وبلاط للأرضية وتغطية للجدران والسقف. لكن هذه العيادة ليست شذوذاً فقد تم بغموض بناء عيادة في بادخشان :منطقة محاطة بالجبال في ارض معرضة للهزات الأرضية قال مدير الصحة في المنطقة في اتصال هاتفي في كانون اول 2005 "لقد انزلقت الأرض وتهدّمت العيادة ويجب إعادة بناءها في مكان آخر وكان من المفترض ان يتم ذلك في 2004 لكنه تم تأجيل العمل فيها وفي عيادتين أخريين في المنطقة . نجاحات قليلة لقد تم صرف 3.5 مليون دولار في أفغانستان من 2002- 2005 على القطاعات الآتية :الديمقراطية ،البنية التحتية ،الزراعة ،التعليم ، الصحة،والنمو الاقتصادي وهذه بعض النجاحات كما جاء في تقرير USAID • يمكن ل 7.4 ملون أفغاني الآن تلقي رعاية صحية • طريق سريع بين كابول وقندهار( اختزل الزمن من 13-5 ساعات لقطع المسافة ) • تدريب مئة ألف معلم. • طباعة 50 مليون كتاب . • 5 مليون طفل في المدارس ( ارتفع من 900000 في 2001 ). لكن هناك جوانب مظلمة ايضاً • تموت امرأة أفغانية أثناء الولادة كل 30 دقيقة • 1-20 طفل يولدون بوجود متخصص-ة • 20% من الأطفال الأفغان سيموتون تحت سن الخامسة • نسبة ألامية عند النساء 81% • نسبة اليطالة في كابول 30% • يعاني 3.5 مليون أفغاني من الجوع من اصل 25 مليون أفغاني توقع القليلون أن يتمكن المجتمع الدولي من حل المشكلة في أفغانستان خلال خمس سنوات لكن تم التوقع ايضا أن الأموال المدفوعة سيتم صرفها بمسؤولية لكن ملايين الدولارات تمت إدارتها بشكل سيء واستخدمت بشكل سيء وضاعت بسبب الفساد وعدم التنسيق بين الحكومة والدول المانحة وعدم وجود قيادات والعنف . وتبعاً للعديد من خبراء التنمية فإن المعالجة التي تمت بها إدارة المساعدات لم تساعد على التنمية وان الدول المانحة بمختلف الوكالات والمؤسسات صممت نظاماً يعيد تلك الأموال لها دون إيجاد تنمية حقيقية . وفي تقرير قدّم للكونغرس أن نصف الأهداف تحقق في المشاريع التي تمت في أفغانستان وان التحسينات على البنية التحتية وفي المجال الأمني غير ملموسة وذلك بسبب العنف كما جاء في التقرير. لكن العنف لا يفسر لماذا يرشح سقف عيادة قاليقازي أو لماذا بنيت عيادة في منطقة انزلاقات أرضية . لكن عيادات بيرجر ليست الوحيدة التي لم تحقق نجاحاً فالتطور بطيء في عدة مناطق و في عدة مجالات فالعاصمة كابول تزود بالكهرباء لعدة ساعات في اليوم فقط . وبينما يوجد في كابول فنادق خمسة نجوم تكلف الليلة فيها من 250 $-1200 $ ( للزائرين والمتعاقدين ) ويوجد مول مع مصعد كهربائي قد يكون المصعد الوحيد الذي يعمل في أفغانستان لكن للملايين الثلاثة الجوعى فإن التسوق في هذا المول غير عملي . لكن هناك مظاهر لصحوة الشعب الأفغاني من سنين طالبان المظلمة فبعض المدن مثل هيرات تزود بالكهرباء 24 ساعة من دول مجاورة كذلك مدينة مازار وزاد عدد المحطات الإذاعية والتلفزيونية والصحف والمجلات مما يجعل الجو حيوياً. كيف يتم صرف الأموال : تم عقد مؤتمر للدول المانحة ( 70 دولة تقريباً ) في أوائل 2006 في لندن لكن كيف سيتم صرف 10.5 بليون دولار اقرها المؤتمر هذا هو المهم .فهناك دزينات من الوكالات والمؤسسات التي تقدم أموالا لكنها لا تنسق مع بعضها ومع الحكومة الأفغانية وتعمل كل مؤسسة حسب الأنظمة في بلادها . وقد قال مدير البنك الدولي في كابول أن 35%-40% من المساعدات الدولية تصرف بطرق سيئة وان ضياع المساعدات ذو سقف عال ، النهب قائم خاصة من المؤسسات الخاصة أنا لم أشاهد شيئاً كهذا خلال 30 سن من عملي "وأضاف أن الفساد سمّم مشاعر الأفغان نحو المجتمع الدولي . ان الدول المانحة تقدم ثلاثة أرباع الأموال لمؤسسات خاصة وبالتالي فإن البنك الدولي و UNDP وحكومة الولايات المتحدة تسيطر على الاقتصاد الأفغاني أكثر من الحكومة الأفغانية المنتخبة . وقال مدير البنك الدولي في أفغانستان أن تقديم الأموال للحكومة الأفغانية سيزيد من فعالية العمل وسيقلل من التكلفة فعقد عمل سيكلف 50% أكثر إذا أعطي لمؤسسات خاصة وليس للحكومة . وقد بنت بيرجر ضمن عقدها 23 مدرسة في أفغانستان بتكلفة 22813 دولار -صف وقد كلفت مدرسة فيها 20 صف 592690 دولار وقد بررت الشركة ذلك بأن البناء كان عالي الجودة غير ان رئيس المهندسين في وزارة التربية قال إنهم يستطيعون بناء مدرسة بنفس المواصفات بنصف التكلفة . وتقدم الولايات المتحدة المساعدات عن طريق USAID ووزارة الدفاع التي تقدم المساعدة حسب مصالح الولايات المتحدة السياسية والاستراتيجية واولوياتها العسكرية وليس اولويات الحكومة الأفغانية وتقوم كل مؤسسة بالعمل حسب أنظمتها وبروتوكولاتها وفي النتيجة فإن المحاسبة والشفافية مستحيلة . ولذلك فإن هذه المعطيات يجب أن لا يتعجب منها احد وعدت USAID في 2002 ببناء وتجديد 286 مدرسة بنهاية 2004 وفي أيلول 2004 تم إنجاز 8 مدارس فقط . تقدم الأموال لمنظمات أهلية لكن المشاريع الكبيرة تكون عن طريق مناقصات تفوز بها على الأغلب شركات أمريكية وعادة من الشركات المقربة من الحكومة ولا تقدم الأموال للحكومة الأفغانية المنتخبة لأنها حكومة حديثة وتعاني من الفساد كما قال احد موظفي USAID غير أن الشركات الأمريكية قد تعاني من الفساد كغيرها كما قال احد المهندسين الأمريكيين من اصل أفغاني الذي عمل مع احدى هذه الشركات .وقد تعاقدت USAID مع شركة IRD لمراقبة العقود لعدم كفاية موظفيها . وبينما يوجد شفافية ومحاسبة في USAID فإن وزارة الدفاع التي تأخذ معظم المساعدات لإعادة بناء أفغانستان تعطي القليل من المعلومات عن كيفية صرف المساعدة ولأسباب أمنية دائماً. وتتعاقد وزارة الدفاع مع شركات أمريكية مختلفة للعمل في أفغانستان يمكن مشاهدة الكثير من موظفيها في قاعدة باجرام وتقوم الشركة الهندسية المدنية CORPS of engineering بتصميم وبناء القواعد الأمريكية في أفغانستان وقد اتهم مراقب حكومي الشركة بارتكاب أخطاء قاتلة في التصميم والبناء نتج عنه خسارة ملايين الدولارات بسبب إعادة البناء مرة أخرى ومن غرائبها أن الشركة تعاقدت مع متعهدين لنفس العمل ودفعت لمتعهد آخر مقابل عمل لم يقم به ولا يوجد في العقد اصلاً . ( الأموال لم تبذر ويبدو أن المراقب قرأ الأمور بشكل خاطىء ) قال محامي الشركة وهناك ضغط سياسي من واشنطن وكابول من اجل نفخ صورة الإنجازات في أفغانستان بعد الفشل في العراق وتضغط USAID على متعاقديها الذين يضغطون على متعاقديهم المحليين مما يسبب طريقاً سريعاً يتفتت وسطح عادة صحية يرشح ويبدو ان الاولوية ليست للتطور وإنما لمظاهر التطور . وقد اعترفت ناطقة باسم USAID في واشنطن بذلك "ان الاعتبارات السياسية والايدلوجية الأمريكية أثرت على إعادة البناء ( الولايات المتحدة ليست هنا لبناء المدارس بل لبناء مجتمع حر " والمدارس جزء من المجتمع "البعض ينظر للمدارس لكننا ننظر للصورة الكبيرة ، الجودة قد تتأثر بين طبقة إسفلت أو طبقتين كمثال الطريق السريع بين كابول وقندهار لكن هذا لم يبن ليكون طريقاً فقط بل ليظهر أن الحكومة الانتقالية تستطيع أن تعمل " المجتمع الحر هو الهدف ".
#فضيلة_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل كانت الحرب على العراق كارثة؟(2
-
هل كانت الحرب على العراق كارثة؟
-
في العراق رعاية صحية هاي - تك ناقص الرعاية الصحية 4
-
في العراق رعاية صحية هاي – تك ناقص الرعاية الصحية (3)
-
في العراق –رعاية صحية هاي –تك ناقص رعاية صحية
-
يا يسار الشرق الأوسط صلّ على محمد وآل محمد - الى سالم جبران
المزيد.....
-
شبح ترامب يهدد الاقتصاد الألماني ويعرضه لمخاطر تجارية
-
فايننشال تايمز: الدولار القوي يضغط على ديون الأسواق الناشئة
...
-
وزير الاقتصاد الايراني يشارك في مؤتمر الاستثمار العالمي بالس
...
-
بلومبيرغ: ماليزيا تقدم نموذجا للصين لتحقيق نمو مستدام بنسبة
...
-
توقف بطاقات مصرف -غازبروم بنك- عن العمل في الإمارات وتركيا و
...
-
السعر كام النهاردة؟؟؟ تعرف على سعر الذهب فى العراق اليوم
-
الاحتياطي الفدرالي: عبء الديون يتصدر مخاطر الاستقرار المالي
...
-
الدين الحكومي الأمريكي يصل إلى مستوى قياسي جديد
-
صندوق النقد يرحب بالإصلاحات المصرية
-
مدفيديف: الغالبية العظمى من أسلحة العملية العسكرية الخاصة يت
...
المزيد.....
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
-
التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي
/ مجدى عبد الهادى
-
نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م
...
/ مجدى عبد الهادى
-
دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في
...
/ سمية سعيد صديق جبارة
-
الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|