الشهبي أحمد
كاتب ومدون الرأي وروائي
(Echahby Ahmed)
الحوار المتمدن-العدد: 8324 - 2025 / 4 / 26 - 18:19
المحور:
الحركة العمالية والنقابية
استيقظت هذا الصباح كعادتي، متثاقلاً نحو هاتفي، فتحت الفيسبوك أبحث عن شيء يبعث على الأمل في هذا الوطن الجريح.
وبين منشورات الدعاء بالحظ السعيد وأحاديث الطقس، استوقفني خبر مدوَّن في إحدى المجموعات:
النقابة الوطنية للتعليم (FDT) تراسل وزارة التعليم التركية، تطالبها باحترام حقوق المعلمين الأتراك.
قرأت الخبر مرة، ثم مرتين، ثم مسحت عيني بكم قميصي لأتأكد أنني لم أعد أقرأ من كوابيسي.
قلت في نفسي:
سبحان الله، أما في المغرب فقد انتهت معاناة المعلمين، وتم حل جميع المشاكل، ولم يبقَ للنقابة المحترمة سوى أن تناضل من أجل كرامة زملائنا في بلاد العثمانيين.
أعدت الهاتف إلى مكانه، وتمددت على سريري أنظر إلى السقف المتشقق فوقي، وأفكر:
ترى، كم يلزمني من الأعوام كي أصبح مدرسًا تركيًا، لأحظى باهتمام نقابتي الوطنية؟
في بلادٍ يقضي فيها المعلم نصف عمره ينتظر زيادة لا تأتي، والنصف الآخر يقنع نفسه بأن الكرامة مجرد أسطورة، استيقظت النقابة الوطنية للتعليم من سباتها... لا، لم تستيقظ لرفع الظلم عن رجال التعليم، ولا للمطالبة بتحسين أوضاعهم، بل لتبعث برسالة احتجاجية عاجلة إلى وزير التعليم التركي.
نعم، وزير التعليم التركي.
وكأن مشاكل التعليم في المغرب قد حُلَّت جميعها، ولم يتبق سوى أن نُصلح التعليم في بلاد الأناضول.
أيها السادة، المعلم المغربي يُقاتل يوميًا جيوش الإهمال والعبث، يدرّس بأجر يكفي بالكاد لشراء بطاطس ورغيف، ويؤطر أجيالاً وسط أقسامٍ تصلح لكل شيء إلا للتعليم... ومع ذلك، ترى النقابة تركض بحماسٍ شديد نحو قضايا الأتراك، وكأنها تظن أن الأستاذ المغربي يعيش في الجنة.
لو كان الأستاذ المغربي يستطيع أن يدفع كراء السقف الذي ينام تحته، أو أن يعالج نفسه حين ينهكه المرض، لقلنا مرحى للتضامن مع الزملاء الأتراك.
لكن أن تبكي النقابة على أحوال غيرنا، بينما الأستاذ هنا يُجلد بالقوانين الفاسدة، فهذا هو الضحك الأسود بعينه.
لا ندري، هل تنتظر النقابة أن يحمل الأستاذ المغربي جواز سفر تركي كي يلتفتوا إليه؟
أم أنها تعتبر المعاناة المحلية أمراً داخلياً لا يرقى إلى مستوى البرقيات والاحتجاجات؟
يا نقابتنا المبجلة:
قبل أن تبعثوا رسائلكم إلى القسطنطينية، تفضلوا بزيارة أقسامنا المهدمة.
قبل أن تنادوا بحرية التعليم في تركيا، تفضلوا بالنظر إلى معلميكم الذين يُحاكمون بأحلامهم الصغيرة.
رحم الله التعليم المغربي...
ورحم الله نقابات فقدت بوصلتها، فصارت تسافر بعيداً لتبحث عن قضايا تشبه الأفلام الوثائقية الحزينة.
#الشهبي_أحمد (هاشتاغ)
Echahby_Ahmed#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟