علي سالم عزيز
الحوار المتمدن-العدد: 8324 - 2025 / 4 / 26 - 16:25
المحور:
دراسات وابحاث قانونية
حماية الشهود، تعد من أهم الضمانات لتحقيق العدالة الجنائية، إذ لا يمكن بناء قضية جنائية قوية دون شهادة شهود موثوق بهم قادرين على الإدلاء بشهادتهم بحرية وأمان؛ إلا أن الواقع العملي في العديد من الدول، ومنها العراق، يكشف عن فجوة واضحة بين ما هو منصوص عليه في النص القانوني وما هو مطبق فعليًا في الممارسة القضائية.
في القانون العراقي، لا ينص صراحةً على نظام شامل لحماية الشهود، بل ترد إشارات متفرقة إليه في قوانين مثل قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971، الذي يمنح القضاة سلطة اتخاذ تدابير معينة للحفاظ على سلامة الشهود، كعقد جلسات سرية أو الامتناع عن ذكر اسم الشاهد في بعض القضايا الحساسة، إلا أن هذه التدابير تبقى غير كافية ولا ترقى إلى مستوى الحماية الشاملة التي تضمن السلامة الجسدية والنفسية والاجتماعية للشهود، وتبرز أهمية حماية الشهود بشكل خاص في القضايا الجنائية الخطيرة، مثل الإرهاب والاتجار بالبشر والفساد والقتل العمد، كثيراً ما يتعرض الشهود للتهديد والترهيب، بل وحتى للاعتداء، مما يدفع بعضهم إلى التراجع عن شهادتهم أو الامتناع عنها تماماً، وهذا يُشكل خللاً جوهرياً في نظام العدالة، ويُضعف قدرة الدولة على مكافحة الجريمة، عملياً، يُؤدي غياب هيكل قانوني مؤسسي واضح لحماية الشهود - كتخصيص وحدات أمنية لهذا الغرض، وتوفير سكن آمن، أو تغيير الهوية في الحالات القصوى - إلى حصر الإجراءات القائمة في نطاق تقدير الأفراد، وهو ما لا يرقى إلى المستوى المطلوب، لذلك، دعت أصوات قانونية وحقوقية عديدة إلى سن قانون خاص لحماية الشهود والمخبرين والخبراء والضحايا، على غرار ما هو معمول به في بعض النظم القانونية المقارنة، والذي يتضمن آليات عملية للحماية قبل الإدلاء بالشهادة وأثناءها وبعدها.
ختاماً، تستدعي الفجوة بين النص القانوني والتطبيق العملي فيما يتعلق بحماية الشهود اتخاذ إجراءات تشريعية عاجلة، إلى جانب تدريب القضاء والشرطة والمدعين العامين على تنفيذ برامج حماية فعّالة تُوازن بين حقوق المتهمين وسلامة الشهود، مما يُعزز مصداقية نظام العدالة الجنائية في العراق.
#علي_سالم_عزيز (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟