|
الإيمان والسوط: سيرة الكنيسة القبطية في مواجهة الفكر
خلف علي الخلف
الحوار المتمدن-العدد: 8324 - 2025 / 4 / 26 - 11:46
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
كما كنت متوقعًا، فإن مقالي حول دور العرب في تبنّي المسيحية المشرقية وحمايتها والمنشور في الحوار المتمدن، العدد: 8320 - 2025 / 4 / 22 تحت عنوان "تفكيك الأكاذيب: العرب والمسيحية وحمّى التزييف الأيديولوجي المعاصر" لم يمرّ مرور الكرام، إذ تلقّيت ردودا هجومية، خاصة من بعض أتباع الكنيسة القبطية الأرثوذكسية. ومثلما يحدث كثيرًا حين تُمسّ الروايات المزيفة المعممة والشائعة، لم يكن الهجوم نقدًا علميًا أو تاريخيًا، بل اتهامًا مباشرًا وزائفا بتبنّي ما وصفه أحدهم بـ"الروايات السلفية"، في اختزال فكري شديد السذاجة والتسرّع ومحاولة ساذجة لإرهاب التفكير الحر، بل إن أحد المعلقين يستغرب كيف سمح موقع الحوار المتمدن بنشر المقال وهو ما يعكس اعتيادا على بيئة القمع والمنع والحجر في أداء أتباع الكنيسة القبطية. حسنا، هذه الردود تتيح لي فتح النقاش حول تاريخ كنيسة الإسكندرية القبطية وفكرها اللاهوتي الإقصائي المتشدد.
بين العقيدة والإقصاء: حين تتحوّل الكنيسة إلى سلطة لمنع التفكير الحر
منذ نشأتها، شكّلت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في الإسكندرية، الكنيسة المرقصية، واحدةً من أكثر الكنائس تشددًا في العقيدة اللاهوتية، إن لم تكن أكثرها، ولم تُخفِ ذلك يومًا، بل اعتبرته جزءًا من هويتها الروحية. غير أن هذا التشدد سرعان ما اتخذ طابعًا سلطويًا، جعل من الكنيسة مؤسسة لا تحتكر الإيمان فحسب، بل تُقصي كل من يجرؤ على إعادة النظر فيه أو يفكر فيه في إغلاق تام لقضايا إشكالية في اللاهوت المسيحي لم تكن محسومة عند كل الكنائس، لكن كنيسة الإسكندرية فرضت رؤيتها المتشددة والمتطرفة وكانت هذه الكنيسة أحد أسباب الرئيسية للعصور الظلامية عانت منها البشرية وتعاني حتى اليوم.
فبعد أن باشرت الكنيسة عهدها الذي تفتخر به حتى اليوم بمحاربة "الوثنية" وأتباعها، أي الديانات الأصلية المصرية واليونانية، حتى التفتت إلى الداخل المسيحي وافتتحت عهد هرطقة المفكرين المؤمنين بالمسيحية لفرض رؤيتها للمسيح والمسيحية على العالم تحت شعار "الدين القويم". هرطقت كنيسة الإسكندرية عبر تاريخها عددًا كبيرا من المفكرين والفلاسفة واللاهوتيين المسيحيين، نمر على أعلام بارزين منهم؛ بدءًا من بولس الساموساطي (200–275م)، الذي رأى أن المسيح مجرد إنسان تأله تدريجيًا بحلول اللوغوس فيه، وأنكر أن للكلمة والروح القدس أقنومية حقيقية، فاعتبر قوله انتقاصًا لألوهية المسيح وطعنًا في مفهوم الثالوث، فحُكم عليه بالخلع في مجمع أنطاكية سنة 268م وما زال خطاب الكنيسة القبطية يحتفي بهرطقته.
ثم جاء أوريجانوس (185–254م)، أحد أعمدة اللاهوت المسيحي في بداياته، لكنه وبسبب خلافات تافهة حول سلطة كنيسة البطرك السكندري ومنحه الرتبة اللاهوتية من الكنائس الفلسطينية، اتخذت تعاليمه لاحقًا حول إيمانه بأزلية النفوس، وبأن الابن في مرتبة دون الآب، ذريعة لاعتبار فكره اللاهوتي وتعاليمه أقرب إلى الفكر الفلسفي الأفلاطوني منه إلى العقيدة المستقيمة وهُرطق.
أما آريوس (256–336م)، فقد رأى أن المسيح كائن مخلوق، ليس أزليًا، بل أوجده الآب من العدم، فهو أدنى منه في الجوهر والمقام. وقد اعتُبر هذا الرأي تقويضًا لجوهر عقيدة التجسد، فأُدين في مجمع نيقية سنة 325م، حيث لعب بطريرك الإسكندرية ألكسندروس الأول دورًا محوريًا في التصدي له، وانتهى المجمع بإقرار قانون الإيمان النيقاوي الذي نصّ على أن الابن "مولود غير مخلوق" و"مساوٍ للآب في الجوهر"، مغلقًا بذلك باب الاجتهاد في طبيعة المسيح اللاهوتية. وتشير بعض المصادر إلى أن آريوس توفي في ظروف غامضة، وسط اتهامات بأنه قُتل مسمومًا.
وقد سار ديديموس الضرير (313–398م)، على خطى أوريجانوس، وأُخذ عليه قبوله لأفكار مثل التقمص وأزلية النفوس، رغم دفاعه المستميت عن الثالوث، مما جعله محل ريبة في القرون التالية.
وجاء بعده أبوليناريوس اللاذقاني (310–390م)، الذي هُرطق بسبب دفاعه عن ألوهية المسيح، فأنكر أن له نفسًا بشرية كاملة، قائلًا إن الكلمة الإلهية حلّت محل النفس العاقلة، وهو ما فُهم حينها أنه إنكار لكمال الطبيعة الإنسانية للمسيح.
ثم ثيودور الموبسويستي [المصيصي] (350–428م)، الذي تأثر بالمدرسة الأنطاكية العقلانية، فشدّد على تمييز الطبيعتين في المسيح، مما فسّر على أنه إنكار لاتحاد حقيقي بين الإله والإنسان في شخص واحد فاعتبر مهرطقا.
وبصورة مشابهة، اعتُبر نسطور (386–450م) مهرطقًا لأنه رفض تسمية العذراء "والدة الإله"، معتبرًا أن الذي وُلِد منها هو الإنسان يسوع، وليس الكلمة الأزلي، مما اعتُبر فصلاً بين أقنومي المسيح، وأُدين في مجمع أفسس سنة 431م الذي كانت كنيسة الإسكندرية محرضا أساسيا له. وفي الاتجاه المعاكس، قال أوطاخي (378–454م) أن الطبيعة الإنسانية للمسيح "ذابت" في الطبيعة الإلهية كما تذوب قطرة من العسل في البحر، مما عدّته الكنيسة إنكارًا لحقيقة الناسوت فهرطقته كنيسة الاسكندرية.
إن هؤلاء الذين لا تزال الكنيسة القبطية تشنّ الحرب الفكرية عليهم، ليسوا سوى نماذج كاشفة لمدى تشددها واحتكارها لاهوت الحقيقة المطلقة. ويُظهر التسلسل التاريخي الممتد من القرن الثالث حتى الخامس الميلادي كيف تطوّر الجدل حول طبيعة المسيح: من تصوّره إنسانًا منحَه الله كلمته، إلى تأليه تدريجي، ثم إلى إنكار الاتحاد بين طبيعتيه، فالمبالغة في الفصل بينهما، ثم المبالغة في دمجهما. وقد مارست كنيسة الإسكندرية دورًا حاسمًا في قمع هذه التيارات وترسيخ العقيدة الأرثوذكسية بصيغتها النهائية، مستندة أولًا إلى سلطتها الكنسية، ثم إلى سلطة الدولة بعدما صارت المسيحية الدين الرسمي للإمبراطورية الرومانية، فتم إغلاق باب الاجتهاد اللاهوتي، وأُحِلّ الإجماع القسري محل التنوع الفكري.
اليوم، ومع تراجع سلطة السيف التي كانت تمارسها عبر تدخلها لدى "الحكومة الرومانية"، لم يتبق للكنيسة القبطية سوى سلطة التكفير. إذ ما زالت تعتبر أغلب الطوائف المسيحية الأخرى منحرفة عن العقيدة الأرثوذكسية، وتُعلن ذلك بوضوح في موادها التعليمية، كما يظهر جليًا في موقع الأنبا تكلا، حيث يُصنَّف المخالف لعقيدتها إما ضالًا أو مهرطقًا.
لقد حوّلت كنيسة الإسكندرية عبر تاريخها الخلاف اللاهوتي إلى معركة وجودية، يصير فيها اللاهوتي الحرّ عدواً، وتتحوّل العقيدة إلى سُلطة، تُقصي المختلف وتُقيم عليه حدّ الهرطقة، تحت شعار الحفاظ على "الإيمان القويم"، فقد اعتبرت الكنيسة القبطية –وماتزال- نفسها المدافع عن الايمان القويم. إنها لا تنفي الوقائع التاريخية التي ذكرتها استنادا الى المؤرخين واللاهوتيين ومصادر الكنيسة القبطية نفسها، بل إنها تقر بهذا وتعتبر هؤلاء الذين لم يتبنوا عقيدة كنيسة الإسكندرية مجرد مهرطقين محلل لها استباحتهم وإبادتهم وهو ما تفخر به هذه الكنيسة حتى اليوم في أدبياتها المنشورة. من الطبيعي أن يستغرب أتباع تلك الكنيسة وجود كاتب يعتبر تجريد اللاهوتيين وحرمهم وحرمانهم من التفكير، وتحويلهم إلى مهرطقين، يعد حجرًا على حرية الفكر والتعبير. فهم يرون أن أي مخالفة لإيمانهم القويم يجب أن تُمحى وتُزال، ويعتبرون ذلك أمرًا طبيعيًا. لقد أرست كنيسة الإسكندرية حجر الأساس لسلطة الكنيسة في القمع والتحريم والتجريد والتجريم، وأسست لمنهج إغلاق أبواب التفكير والعقل، فكانت البذرة اللاهوتية التي انطلقت منها عصور الظلام التي خيّمت على نصف سكان البشرية على الأقل. ومن هنا، يبدو استغراب أحد المعلقين من أتباع الكنيسة القبطية من نشر مقال فكري في "الحوار المتمدن" يناقش تاريخ المسيحية أمرًا طبيعيًا؛ إذ اعتاد أتباع هذه الكنيسة فرض رؤيتهم على العالم المسيحي قبل غيره من الأديان.
العداء المتجذر لنسطور
من أبرز الأمثلة على استمرار نهج التكفير في الخطاب الكنسي القبطي، أن هذه الكنيسة ما تزال، حتى اليوم، تُهاجم بضراوة القديس نسطور، أبرز آباء كنيسة المشرق، وكأن الخلاف اللاهوتي معه وقع بالأمس القريب. ويغيب عن هذا الخطاب أن العالم المسيحي قد شهد تحولات جذرية في علم اللاهوت، وتطورًا كبيرًا في الحوارات المسكونية، إلا أن العداء لنسطور لا يزال حيًّا في الأدبيات القبطية، في تجاهل صريح لقرون من المراجعة، واستمرار واضح في تكفير أتباعه.
العرب والمسيحية المشرقية: سردية منسية
في المقابل، يُراد تجاهل الدور الكبير الذي لعبه العرب – قبل الإسلام وبعده – في احتضان المسيحية المشرقية ونشرها في بلاد الشام ومصر والعراق والجزيرة الفراتية. لقد كانت قبائل عربية عديدة، من بني تغلب إلى لخم وغسان وطي وقيس، حاملًا أساسيًا لهذه العقيدة، ليس من موقع الخصومة معها، بل من موقع التبنّي والدفاع عنها. بل إن كثيرًا من الكنائس الشرقية، وعلى رأسها كنيسة المشرق [النسطورية]، والكنيسة اليعقوبية [الأرثوذكسية السريانية]، بل وحتى القبطية عاشت وازدهرت في ظل حكم عربي إسلامي، أكثر مما فعلت في ظل الحكم البيزنطي. هذه الحقائق التاريخية لا تناسب البعض، لأنها تهدّد الرواية التي تضع كل "الآخر الإسلامي" في خانة القامع والمضطهِد.
من القمع الديني إلى القمع الثقافي
الأخطر من كل ما سبق هو هذا التيار المنظم الذي يتغذّى من خطاب الأقلية المظلومة لكنه يمارس أشد أشكال القمع الثقافي والفكري. فهو لا يقبل أي رواية تاريخية بديلة أو قراءة نقدية لماضيه. فإن لم توافق على روايته الأحادية، بما فيها من تناقضات وأساطير وتزوير، تُتهم فورًا بالتطرف أو الشوفينية القومية أو حتى السلفية الجهادية. إنها محاولة لإرهاب الباحث، وإغلاق باب الحوار، والتشكيك في نواياه قبل أفكاره. اتهامي بتبنّي "الروايات السلفية" لا يستحق حتى الرد، ليس فقط لأن أغلب مصادر مقالي كانت سريانية وإنكليزية وعربية أكاديمية، بل لأن الفكرة نفسها تعكس جهلًا صارخًا بالسرديات السلفية التي لا علاقة لها من قريب أو بعيد بتاريخ المسيحية المشرقية وأن كانت تتبنى مسألة تبني المسيحية المشرقية فهو أمر فاتني تقديره. إن النقاش الجاد حول المسيحية في المشرق لا يحتاج إلى وصاية كنسية الإسكندرية أو غيرها من الكنائس، ولا إلى حراسة فكرية، بل إلى شجاعة فكرية وانفتاح تاريخي يعترف بأن الرويات، مهما كانت مكرسة في أذهان المؤمنين، ليست منزَّهة عن الخطأ أو التزييف أو التوظيف الأيديولوجي.
#خلف_علي_الخلف (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تفكيك الأكاذيب: العرب والمسيحية وحمّى التزييف الأيديولوجي ال
...
-
تاريخ المعتزلة وتدليس اليسار العربي
-
دليل الحيران إلى مذاهب الإيمان: الأريوسية المسيحية المنقرضة
-
عن الدولة الأندلسية في الإسكندرية
-
يامبليخوس: الفيلسوف الذي شكل الأفلاطونية المحدثة
-
وجوب محاسبة من تلطخت كلماتهم بالدماء في سوريا
-
معايير تشكيل اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني في سوريا والجدل
...
-
مقاربات عملية لحل معضلة قسد في إطار سوريا الجديدة
-
الدور السعودي في سوريا الجديدة
-
الوهابية الثقافية العربية
-
رسالة تأخرت سنة إلى طالبي فتح الحدود
-
الحسين مجرد طالب سلطة وليس ثائرا
-
دفاعًا عن الأدب العربي المترجم إلى اليونانية وليس بيرسا
-
عبدالله الريامي: جيشٌ من رجلٍ واحدٍ يحارب على جبهات متعددة
-
قصيدة النثر بالعربية: إضاءات من زوايا شخصية
-
بولاق الفرنساوي لحجاج أدول والحنين للماضي
-
هل احتل العرب المكسيك؟
-
عن المغاربة الذين لا يعرفون أن الأندلس أموية
-
السوريون وهواية أسطرة الفوارغ
-
العلاقة بين اليهود وحائكي السجاد في رواية بازيريك للماجدي
المزيد.....
-
وصول نعش البابا فرنسيس إلى مثواه الأخير في كاتدرائية سانتا م
...
-
البابا فرنسيس والعلاقة مع الإسلام والمسلمين... إيمانٌ بالحوا
...
-
مئات المؤمنين يبيتون في الشوارع استعدادًا لجنازة البابا فرنس
...
-
لقاء -مثمر للغاية- على انفراد بين ترامب وزيلينسكي في الفاتيك
...
-
شاهد لحظة حمل نعش البابا فرنسيس وإخراجه إلى ساحة الفاتيكان أ
...
-
شاهد عميد مجمع الكرادلة يترأس صلاة جنازة البابا فرنسيس في ال
...
-
شاهد..قادة العالم والمسيحيون يشاركون في وداع البابا فرنسيس
...
-
بدء مراسم تشييع البابا فرانشيسكو في الفاتيكان
-
تشييع البابا فرنسيس إلى مثواه الأخير بحضور قادة العالم وآلاف
...
-
إيهود باراك: نتنياهو يقود إسرائيل نحو الهاوية.. وحربنا في غز
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|