حامد فضل الله
الحوار المتمدن-العدد: 8323 - 2025 / 4 / 25 - 11:41
المحور:
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
طبيب نساء سوداني ــ برليني عند بحيرة ليتزينزي
ذكريات، معايشات، وجوه ــ قصص قصيرة1
حامد فضل الله برلين
" كتاب باللغة الألمانية بالعنوان أعلاه، Schiler & Mücke, Tübingenصدر لي عن دار نشر
والكتاب هو الحلقة الأخيرة لسلسة من الكتب:
" أحاديث برلينية، حول قضايا أوروبا والاِسلام وفي الأدب والفكر عام 2013" ــ "كتابات سودانية (باللغة الألمانية" نفد) عام 2018 وهو كتاب مشترك وقمت بتحريره أيضاً. ــ" اوراق طبيب سوداني مقيم ببرلين عام 2021" ثم 3 مجلدات صدرت جميعها في عام 2024 المجلد الأول "الاِسلام والاندماج في ألمانيا وأوروبا ــ وآراء حول الشرق الأوسط ومستقبله". المجلد الثاني "عن الحروب، قضايا الثورة وشؤون الأدب". المجلد الثالث " مدارات الذاكرة، قراءات ومراجعات في الأدب والفكر السوداني والألماني". والكتاب الحالي هو أخر العنقود وهدية (إهداء) إلى أولادي وأحفادي، جاء فيها:
"إلى أولادنا نادية، طارق، ومريم، وأحفادنا مريم، داريو، ألينا، ما ورتيسيو، وفابيو، الذين جلبوا الفرح والسعادة إلى حياتنا، وأحاطونا في شيخوختنا بالرعاية والمودة".
وكذلك في تذكر الصديق الراحل الدكتور عبد الرحيم بلال.
قدم الكتاب البروفيسور الدكتور أدو اشتينباخ2 ، وقام الصديق الشاعر والقاص أمير حمد (برلين) مشكوراً، بترجمة نص التقديم.
التقديم:
"عمل ختامي !"
لكن، كيف يمكن للمرء أن يختتم حياةً غنيّةً كهذه أدبيًّا؟
حياة طبيب وإنسانٍ ملتزم، ومناضلٍ من أجل حقوق الإنسان، وأديب، ومراقبٍ يقِظٍ لمجريات الزمن في الوطن القديم والجديد، ووسيطٍ لا يعرف الكلل بين الثقافات، الأوروبية والعربية.
أنهى الدكتور حامد فضل الله خاتمته بالذكرى. إن التذكر بوصفه سرداً مكتملاً في ذاته، كان سيتجاوز كل الحدود، لذلك جاء مجزأ. واستحضار لقطعٍ صغيرة من الحياة؛ لفتاتٍ، كلٌّ منها يمثل جانبًا من مسيرة حياته، فهو ما يشير في النهاية إلى شخصيةٍ متكاملة. مثل الحجاب الكثيف، يخفي الوجه، لكنه في ذات الوقت يسمح لنا بالتعرّف عليه. وفي النهاية، فإن "وجه الإنسان ــ صورة للكون"، كما جاء في إحدى قصائد أدونيس، التي يختم بها كاتبنا مذكراته.
تبرز الذكريات بشكل خاص، نتيجة لعقود من ممارسة مهنة الطب النسائي في برلين. لكن الأمر لا يتعلق بممارسة الطب وجوانبه فحسب، بل يتعلق بخصوصيات البشر وسلوكياتهم أيضاً، والتي غالبًا ما تكون نفسية الطابع. إنها نتائج تجارب لا يمكن حصرها في تشخيص طبي، بل تتجلى فقط مع مرور الوقت. نساء لم يتحقق لهن حلم الإنجاب، أو تحقق بعد طول انتظار؛ وما يرافق ذلك من تغييرات تصيبهن وتصيب شركاء حياتهن خلال فترة عدم اليقين. أو ذلك المحامي العربي الثري (الأب) والطبيبة العربية (الأم)، قما بالتخلص من الجنين عبر بورصة الإجهاض، بعد أن بشرهما الطبيب، بعد الكشف الدقيق في بداية الحمل بسلامة الوليدة القادمة.
أن الدكتور ليس مجرد طبيب، بل رجل أيضًا، يُفصح عن ذلك، عندما تُعيد إليه امرأة شابة جميلة داخل حافلة، ذكريات علاقة سابقة، ما كان سيحدث له من مثل هذا القبيل، لو كان يقود سيارته بنفسه كعادته، ولكنه فضل الحافلة بسبب الزحام الذي عم العاصمة بعد توحيد الألمانيتين. كما توجد غرائب خفية من هذا النوع في قصص أخرى أيضاً.
الطبيب والإنساني - وجهان لعملة واحدة. الإنسانية في الحالات الفردية، كما في اللقاء العابر مع عاملة النظافة في بلدية نويكولن. مجرد صعود مشترك إلى الطابق الرابع يكفي لمعرفة الكثير عن حياة صعبة: قدمت من تركيا وهي في العشرين من عمرها، أنجبت ثلاثة أطفال، وعملت أربعين عامًا في تنظيف مبنى البلدية. تعاني من آلام شديدة في مفاصل الركبتين والظهر، ورغم بذلك رفض طلبها للتقاعد المبكر. أما الإنساني، فيتجلى أيضًا في شعور الغربة؛ وهو شعور جربه بنفسه: أنه وصل واستقر، ومع ذلك لا يزال يشعر بالغربة. وبعد تجنسه اتضح الموقف، لكن بقي هناك نوع من الارتباك، فالدكتور حامد فضل الله، الطبيب والإنساني الملتزم، الذي أصادفه في برلين كلما تعلق الأمر ببناء الجسور بين الناس والثقافات، رأى في هذه التجربة أهمية كبيرة حتى أنه استمر في استحضارها في ذاكرته.
الإنسانية، ليس فقط كأسلوب حياة شخصية، بل أيضًا كرؤية للعالم. فقد كرّس نفسه، منذ شبابه، للسلام والتفاهم بين الشعوب. وقد جاء إلى جمهورية ألمانيا الديمقراطية في عام 1957 كمبعوث من الحكومة السودانية، بعد أن عرضت ألمانيا الشرقية على مجموعة من طلاب المدارس الثانوية فرصة للدراسة الجامعية، دعمًا للبلاد التي نالت استقلالها حديثًا من الاستعمار البريطاني. ومع ذلك، شعر بنواقص النظام الاشتراكي في ظل النظام السياسي المتجمد هناك. ويتجلى ذلك من خلال شخصية أستاذه المحبوب بين الطلاب، والذي نُقل إلى جامعة أخرى، مما أثار صدمة لطلابه وطالباته، وذلك بسبب موقفه النقدي.
ورغم القيود الإيديولوجية، يتركز النظر على أولئك الذين كرّسوا حياتهم ومبادئهم لخدمة المجتمع. بعضهم نجح، بينما فشل آخرون تحت وطأة مطالبهم التي لم يكن بالإمكان تحقيقها – سواء بسبب الظروف القمعية لجمهورية ألمانيا الديمقراطية أو لمصير الاشتراكية. ولكن، لم يكن الإنسان يومًا وحيدًا، فهناك دائمًا من يقف إلى جانبه ويقدم له يد العون. وهؤلاء يُوجه لهم حامد الشكر. أما أولئك الذين يتشدقون بالكلمات الكبيرة بينما لا يسعون إلا لتحقيق مصالحهم الشخصية، لم ينالهم إلا الغضب والسخرية.
بنى حامد فضل الله حياته في برلين، بالقرب من بحيرة ليتزنزي ذات الأجواء الساحرة. ولكن السودان، وطنه الأم، يظل حيًا وحاضرًا في وجدانه. كثيرًا ما يعود إليه أيضًا في قصصه التي تستحضر الذكريات. السودان الذي غادره إلى ألمانيا من أجل الدراسة، لم يعد كما كان في ذلك الزمان. فالآمال والتطلعات التي كانت موجودة آنذاك قد تحطمت. فالبلاد لم تقع فحسب تحت حكم الدكتاتوريين، بل ولم يتحقق أيضاً الأمل في أن يتمكن السودانيون في الشمال والجنوب من بناء مستقبل مشترك.
بجانب التزامه الطبي والاجتماعي، يرى حامد فضل الله دوره كجسرٍ يربط بين وطنه ألمانيا وبلده الأم السودان؛ بل أوسع من ذلك: كحلقة وصل بين الفكر الأوروبي والعربي. ويشهد على ذلك إنتاجٌ ثري من المقالات والمراجعات والترجمات. وحتى في كتابنا هذا يمكن العثور على آثارٍ لهذه الرسالة. وتحمل إحدى القصص فيه بعنوان "لقاء عند بحيرة ليتزينزي". في هذه القصة يلتقي جوته ــ الذي كان مؤلفنا قد قرأ "فاوست" له باللغة العربية عندما كان طالبًا في المرحلة الثانوية بالخرطوم، من خلال ترجمة عن الفرنسية ــ ومع الفلاسفة إيمانويل كانتْ، وأرنست بلوخ، ومحمد أركون، والشاعر هاينريش هاينه.
كانت حلقة محاورتُه مع أستاذةُ التاريخ في جامعة برلين الحرة، تدور وتتشعب حول أرنست بلوخ، محمد أركون وهينريش هاينة. يقول لها مؤلفنا: "أنتِ تعالجين التاريخ، أما أنا أعالج البشر". قالت "كلانا مرتبط بالتاريخ والبشر... ". قلت، لا تزال هناك حقيقة مؤلمة: "عدم قدرة البشر، بصرف النظر عن ثقافاتهم، هوياتهم، لغاتهم وولاءاتهم، على الحياة المشتركة " بالرغم من أن بلدكم أصبح بعد ممانعة طويلة بلداً للمهاجرين". .
ورغم إدراكه العميق لتعقيدات الأمور الإنسانية، فإن العالم بالنسبة لحامد فضل الله هو كما هو عليه. لكنه، كطبيب، لا يفقد التفاؤل بإمكانية جعل هذا العالم أكثر إنسانية؛ ويظل هذا التفاؤل حيًّا في عقله كمثقف أيضًا. هذا ما ترويه القصص التي تسترجع الذاكرة. ومع ذلك، لا مكان للأوهام. ويختم مذكراته ببعض القصائد، حيث يقتبس من قصيدة نثر للشاعر السوداني مصطفى البحيري، الذي كان يومًا ما طالبًا في مدينة هاله ساله:
" "لا تنقبْ في البابِ على ضوء عود ثقاب،
ولا تبحث عن جملة كتبها صديق،
جاء إليك ولم يجدك!".
.....
هذا المقطع يُعبرْ عنه فنياً أيضاً، من خلال اللوحة التشكيلية في الصفحة المقابلة.
أدو اشينباخ
برلين، 30. يناير. 2025
رأيت، وربما لفائدة القارئ، أن أطلعه على النصين الشعريين بالكامل، الذي أشار اليهما المراجع.
جمعة حامد صداقة ممتدة وحميمة مع الفنان التشكيلي العالمي السوري الراحل مروان قصاب باشي، استاذ مادة الرسم في الكلية العليا للفنون الجميلة في برلين. الذي اشتهر ونبغ في رسم وجه الانسان. وكان يزوره في مرسمه، وأحياناً مع الشاعر الكبير أدونيس ـ الذي كان في استضافة معهد الدراسات العليا في برلين لمدة عام ـ يتمعنا في لوحاته الرائعة. كتب أدونيس ما يسمى "بقصيدة السطر ــ قصيدة النثر." مئة قصيدة ــ "مئة سطرا"، وقام حامد بترجمة بعضاً منها:
"أدونيس".
الوجه مرئياً بريشة مروان
Adonis
Das Gesicht- gesehen
mit Marwans Pinsel
الوجه تحول دائم.
Das Gesicht- dauernde Veränderung
الوجه سفر دائم
Das Gesicht- dauernde Reise
يتكررَ الوجه كالموج : لا تشبه أية موجة أية موجة.
Das Gesicht ist wie eine Welle, aber keine Welle gleicht der anderen
في كل وجه لا نهاية من الوجوه.
In jedem Gesicht – unendliche Gesichter.
ليس للموت وجه.
Der Tod hat kein Gesicht.
الأشياءُ كلها تزدادُ وضوحاً في الضوء ،
إلا الوجه:
كلما ازدادَ تلالوا ازدادَ غموضاً
Alle Gegenstände werden durch das Licht klar, nur das Gesicht wird undurchsichtiger, je klarer es erscheint.
كل وجه حلم،
لكن، عندما يتلاقى وجهان،
يتلاقى الحلم والواقع.
Jedes Gesicht ist ein Traum, wenn sich aber zwei Gesichter begegnen, treffen sich Traum und Wirklichkeit.
في الوجه يتوحد الضوء والسر.
Im Gesicht vereinen sich Licht und Geheimnis.
الزمان والمكان موجهُ واحدهُ في بحر الوجه.
Zeit und Raum- eine Welle im Meer des Gesichtes.
للوجه قيد لا يتحررَ منه إلا بالغموض.
Das Gesicht liegt in Fesseln. Es kann sich nur in .Verborgenheit befreien
أنظرُ إلى الوجه : أضيعُ بين ما أراهُ ،وما أودُ أن أراه.
Ich betrachte das Gesicht und verliere mich zwischen dem, was ich sehe und dem, was ich sehen möchte.
وجهُ الإنسان ــ صورة للكون.
Das Gesicht des Menschen- ein Abbild des Universums.
لا يأخذ القمر شكل الوجه إلا حين يكتمل: يَصيرُ بدرا
Der Mond, doch nur der Vollmond, gleicht der Form des Gesichtes.
الأهدابُ أجنحة يَطيرُ بها الوجه.
Die Wimpern sind die Schwingen mit denen das Gesicht sich in die Lüfte hebt.
تزول الخليقة ،ولا يبقى إلا الوجه – وجه الخالق.
Die Schöpfung ist vergänglich, aber was bleibt, ist das Gesicht des
Schöpfers.
مصطفى بحيري شاعر شاب سوداني هرب من عسف السلطة والاعتقال إلى ألمانيا الديمقراطية، فقد هناك دفيء الأسرة وغياب الأصدقاء.
إلى رجــل وحيــد
مصطفى بحيري
لا الخمرُ تَشفي ولا الأغاني . .
من عضة الليل . .
حل الظلام.
فعد إلى البيتِ
ولا تقلِّبِ المارةَ بحثاً عن وجهٍ أليف . .
افتحِ . . و . . ادخلْ !
لا تنقبْ عند البابِ على ضوءِ عود ثقاب،
عن جملةٍ كتبها صديقٌ،
أتاك ولم يجدك.
لا تذرعِ الغرفة. .
فليس في دروبها دربٌ جديد . .
ولا تُفرحْكَ تلك الخشخشةُ المريبة . .
فما من لصٍّ يضيع وقتَه في سرقتِك.
لا تكسرِ الزجاجَ . .
لا تركلِ الكرسيَّ . .
لا تنهشِ الستائرَ . .
لا تفلقِ الجدران برأسك . .
أم . . رأسك بالجدران.
فلا شيء يشفي من عضة الليل.
انطفأ الشباك الأخير في البناية المقابلة ـ
انطفأت النجمة الأخيرة في السماء القاتمة ـ
وسكن آخر طبول السهارى
المرعب البارد: سريرك الأصم . .
قد . .
هدأ ..
ونام.
فاهدأ أنت، . .
اهدأ . .
و. . نمْ !
.
An einen einsamen Mann
Mustafa Buhairi
Vom Biss der Nacht heilt
weder Wein noch Gesang.
Die Dunkelheit ist hereingebrochen.
So kehre heim . .
ohne bei den Passanten nach
einem vertrauten Gesicht
zu suchen.
Schließ‘ auf … und … tritt ein!
Suche an der Tür beim Licht eines Streichholzes
nicht nach einem Satz eines Freundes,
der zu Dir kam und dich nicht fand!
Schreite nicht im Zimmer auf und ab,
denn unter dessen vielen Wegen
gibt es keinen neuen!!
Freu‘ dich nicht über jene seltsamen Geräusche!
Denn kein Einbrecher vergeudet seine Zeit,
um dich zu berauben.
Zerbrich‘ nicht das Glas,
Gib‘ dem Stuhl keinen Fußtritt,
Reiß die Vorhänge nicht herunter!
Spalte nicht die Wände mit deinem Kopf …
oder … deinen Kopf an ihnen!
Denn nichts heilt vom Biss der Nacht.
Erloschen ist das letzte Fenster im Haus gegenüber
und der letzte Stern am dunklen Himmel.
Auch verstummte die letzte Trommel
der lustig Feiernden.
Dein schrecklich kaltes, taubes Bett,
ruht in der Ecke
So begib auch Du dich zur Ruh..
ganz ruhig . .
und ..
schlaf‘..
ein!
أنه نص شعري جميل ولكنه في منتهى الحزن، حسب تعليق قارئة ألمانية للكتاب.
كما فضلت أن اُطلع القارئ الألماني، على بعض التعليقات حول قصص حامد القصيرة جاءت من كتاب ونقاد عرب، باختيار فقرات قصيرة. تم نشرها في الصفحة قبل الأخيرة من الكتاب.
"حامد فضل الله طبيب أمراض نساء وولادة، يعيش في برلين، ناشط حقوقي وثقافي مع العرب المقيمين في ألمانيا، يعيش معهم آمالهم وآلامهم كما يبدو بوضوح في هذه القصص.
تنطلق كل القصص من خبرة شخصية، لكنها، مع ذلك، ليست سيراً ذاتية، إنما تنتمي بوضوح إلى نوع القصة القصيرة بلغته المكثفة التي تجسد لحظة أزمة في بناء محكم.
الأزمة الدائمة .. في معظم القصص ــ هي أزمة الأنسان الغريب الذي يمر بأشكال من التجاهل أو الاِهانة أو التعصب، غير أن البطل أو الراوي لا يضخم هذه الأزمة، لأنه يمتلك من وسائل الدفاع عن النفس، الثقة والقدرة على السخرية، والوعي العميق بالنفس البشرية، مما يجعله قادراُ على تحويل الأزمة إلى الأخرين، ليجعل القارئ يدرك أن الأزمة هي أزمة المُضطهِد قبل أن تكون أزمة المُضطهدْ أو المغترب.
تعتمد هذه الفدرة على وعي عميق بتركيب المجتمعات الأوروبية أو حساسية عالية لالتقاط الحالات الاِنسانية، التي هي على كل حال متشابهة في كل مكان في العالم، من هنا يأتي تنوع الشخصيات في القصص بين سوداني وألماني وتركي ... إلخ، وأن أن هذه الحساسية هي قدرة شخصية لدى الكاتب صقلتها خبرته كطبيب، وخاصة للنساء اللائي يشغلن هاجساً أساسياً له في كل القصص".
سيد البحراوي، أستاذ النقد الأدبي بجامعة القاهرة،
مجلة أدب ونقد، القاهرة يناير 2010 ــ العدد 293
كتب حامد فضل الله في مجلة (الدليل) نصا يجمع بين بناء القصة القصيرة وروح الرواية وإيقاع المقال لكنه ليس قصة ولا رواية ولا مقالا فهو أقرب للكتابة التجريبية الجديدة التي لا اسم لها غير قوة الأشياء!
خذ مثلا هذه القطعة التي لا تدل على انه طبيب نساء فقط بل هو خبير بحوار النساء
قالت المرأة: "ابنتي تداوم عندك يا دكتور منذ 4 أعوام فيسألها: كيف حالها؟ فتجيب: "جيدة ولها ثلاثة أطفال وتضيف: كله من فضلك" فيقول: "بل من فضل زوجها"!
حامد فضل الله مسؤول كآخرين أمام الشعبين الألماني والسوداني عن إنتاجه لأبناء نصفهم سوداني ونصفهم الآخر ألماني وهذا من فضل، الله ولكنه أيضا من حامد فضل الله.
"عاشت كلمتا النساء والولادة بيننا مقترنتين علماً من العلوم الطبية السريرية في كليات الطبّ وممارسة طبية آناء الليل وأطراف النهار لا يصيبها الكساد في المستشفيات والمستوصفات وعيادات الاِختصاصيين وسيدوم طبّ النساء والولادة لممارسة عِلماً وعَلَماً ومهنة لا يراها ممتهنوها إلاّ من نافذة الجهاز التناسلي للمرأة!
بين يدي الآن أوراق تثبت عكس ذلك، إذ يمكن النظر إلى عالم النساء والولادة من غير تلك النافذة وهي مجموعة القصص القصيرة لحامد فضل الله.
تقرأ المجموعة القصصية فتجد أنّها تتصل ببعضها بخيوط حريرية أو بخيوط أمعاء القطّ التي يخاط بها رحِم المرأة بعد عملية قيصرية فالقصص على تباين شخصيّاتها ونقاط قوتهن وضعفهّن وعلى اِختلاف مواقفهن من الحياة إقبالاً أو إدباراً فهي تلتقي في نقطة العلاقة الدقيقة بين الرجل والمرأة أو المرأة والرجل التي تنتهي بزيارة عيادة النساء والولادة، ويبقى أمامهما مدى مشروعية هذه الزيارة!
بمقدرة الروائي المتمكن ومهارة طبيب النساء والولادة يقصّ علينا الكاتب أدقّ القصص من ملفّات عيادته، فيقدم لنا الصراع بين النزوة والحبّ فيستبين لنا أنّ طبيب النساء والولادة لا يستقيم تخصصه لو لم تتوافر له أدوات الروائي، وأنّ الروائي في أدب المرأة لن ينتج رواية لو لم تكن له خبرة تتقاطع مع طبّ النساء والولادة!
معظم قصص المجموعة تدور أو تنطلق أو تنتهي في عيادة المؤلف في برلين لكنّها في جوهرها تصبّ في مصبّ الأدب الإنساني أو في أحد روافده: أدب النساء والولادة!"
كمال حنفي، طبيب وكاتب.
صحيفة الرأي العام الخرطوم ، 2011.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- Hamid Fadlalla, Ein sudanesischer Berliner Gynäkologe am Lietzensee. Erinnerungen, Erlebnisse, Gesichter – Kurzgeschichten
2 ـ أودو شتاينباخ
درس الاستشراق والفيلولوجيا الكلاسيكية، وباحثاً في التاريخ المعاصر وسياسات الشرق الأدنى والمدير السابق لمعهد الشرق في هامبورغ.
تتمحور مجالات عمله حول التغيرات السياسية والاجتماعية في البلدان العربية، وتركيا، وإيران، وكذلك أوضاع الأقليات الدينية والعرقية (الأثنية) في مجتمعات الشرق الأدنى، إضافة إلى مكانة الشرق الأدنى في النظام الدولي.
ويرى شتاينباخ أن تصوّر الإسلام في العالم الغربي يتم تشويهه من خلال عرض غير متوازن.
من إصداراته الهامة:" الاِسلام والحداثة" عام 1992 (مقال) في مجلة ديراشبيجل، العالم العربي في القرن العشرين عام 2015 . "التقليد والتجديد في النضال من أجل المستقبل، الشرق الأوسط منذ عام 1906 " صدر عام 2021.
.
#حامد_فضل_الله (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟