رياض هاني بهار
الحوار المتمدن-العدد: 8323 - 2025 / 4 / 25 - 11:19
المحور:
المجتمع المدني
في دولة القانون لا يجوز أن تكون الشوارع مسرحًا لانتهاك الخصوصيات، فالأمن الذي لا يحترم المواطن يتحول تدريجيًا إلى مصدر تهديد له ، في مشهد يتكرر يوميًا في شوارع بغداد والمحافظات ، تنتشر مفارز أمنية ( مشتركة ) تقوم بتوقيف المركبات والمارة، وأحيانًا تخضعهم لتفتيش جسدي مباشر ، هذا الإجراء رغم ما يُقال عنه ضرورات امنيه ، يثير تساؤلات جدية حول مدى مشروعيته القانونية ومدى توافقه مع الدستور والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان.
المفارز المشتركة في الشوارع سواء كانت تابعة لوزارة الداخلية أو الأجهزة الأخرى ، لا تملك تفويضًا عامًا لتفتيش المواطنين جسديًا ،فالقانون العراقي وتحديدًا قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971 يضع نصوص دقيقة لأي عملية تفتيش،
فالمادة (72) تنص صراحة على أن "تفتيش الأشخاص والمساكن لا يجوز إلا بإذن من قاضي التحقيق أو في حالات التلبس فقط"، وهذا يعني أن أي تفتيش جسدي دون أمر قضائي أو دون وجود حالة تلبس فعلية يُعد مخالفة قانونية ، الصلاحية هنا محدودة ومحكومة بسياقات دقيقة:
وجود حالة تلبس بارتكاب جريمة ، وجود بلاغ أمني موثق يستدعي التفتيش ،ضرورة التدخل الوقائي الفوري بشرط أن يكون الإجراء متناسبًا مع التهديد المحتمل.
فأي تجاوز لتلك الحدود، يُعد انتهاكًا للحقوق الدستورية والحريات العامة.
حتى في الحالات التي يجيز فيها القانون التفتيش الجسدي هناك ضمان بعدم التفريط بها :
أن يكون التفتيش محترمًا للكرامة الإنسانية، دون إهانة أو إذلال ،أن يُجرى من قبل عنصر نسائي في حالة النساء، أن يُحرر محضر رسمي يُوضح فيه سبب التفتيش ونتيجته ،أن يتم توثيق الإجراء ومراجعته من قبل الجهات الرقابية المختصة.
في قانون العقوبات العراقي المادة (329) ُيحاسب أي موظف أو رجل شرطة يقوم بتفتيش شخص أو مسكن دون مسوغ قانوني بالحبس و الغرامة، ويُعد متجاوزًا على صلاحياته الوظيفية، الأمر لا يتوقف على المخالفة الإدارية فحسب، بل قد يصل إلى المساءلة الجزائية إذا اقترن التفتيش بإهانة أو استخدام للقوة المفرطة.
الخلاصة
إذا كان الأمن ضرورة فإن الالتزام بالقانون هو ما يضفي عليه المشروعية ويُكسبه ثقة المواطنين ،فان الظروف الاستثنتائيه قد انتهت ولا داعي ان نستمر بالاجراءات التعسفية التي هي وليدة الانظمة الشمولية والتي تولد الكرهية على الدولة فاصبح من الضروري
- إصدار تعليمات واضحة بعدم اللجوء إلى التفتيش الجسدي إلا عند تحقق شروطه القانونية.
- تدريب المفارز المشتركة والنجدة والقوة الماسكة للارض على الضوابط الإجرائية والتعامل الإنساني وتاهيلهم على حقوق الانسان.
- تفعيل الرقابة المحايدة على الأداء الميداني ومعاقبة من يتجاوز على حريات الناس دون مبرر.
#رياض_هاني_بهار (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟