أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - حين يصبح الكوردي سلاحًا ضد الكورد














المزيد.....

حين يصبح الكوردي سلاحًا ضد الكورد


محمود عباس

الحوار المتمدن-العدد: 8323 - 2025 / 4 / 25 - 08:30
المحور: القضية الكردية
    


في مفارقة لا تكاد تجد لها مثيلًا بين الأمم، تقف الأمة الكوردية أمام لوحة دامية ومتناقضة من أبنائها أنفسهم، أولئك الذين تفانوا في خدمة الآخر حتى أصبحوا أداة الطغيان الذي سحق أحلام شعبهم، ووقود آلة القمع التي لم تتوقف يومًا عن مطاردة الحرف الكوردي، والصوت الكوردي، والهوية الكوردية.
من الغرائب التي تليق بأن تدرج في صفحات السوداوية التاريخية، أن الكورد، وهم أمة خلقت العظماء، وصدّرت الكفاءات، وملأت أروقة الإدارات الإقليمية والدولية بنخبها، كثيرًا ما رأوا أبناءهم وقد تحولوا إلى سيوف مغروسة في جسدهم لا في عدوهم.
ها هم رجال ونساء من أبناء كوردستان، يتسلقون سلالم السلطة في أنظمة عنصرية تمارس الإنكار والتذويب بحق الأمة الكوردية، ولكن لا ليكونوا جسرًا نحو العدالة، بل ليكونوا أداة طمس أكثر قسوة من الأعداء التقليديين. وكأن بهم يسعون لشرعنة سياسات الإبادة الناعمة، مستخدمين لغات السيطرة، وأقنعة الحداثة، لتبرير خيانتهم، أو لتمويه قطيعتهم مع أصلهم، ودمهم، وذاكرة الجبال التي أنجبتهم.
هاكان فيدان، الكوردي الصامت بلغته، المتكلم بأجندات خصومه، ليس استثناءً، بل هو تجلٍ نموذجي لحالة نفسية مركّبة من الإنكار، والانسلاخ، وإعادة تشكيل الذات على مقاس الآخر الأقوى، رجل يتحدث الكوردية بطلاقة، لكنه يختار الصمت، لا خوفًا من بطش، بل انصهارًا في قناعة راسخة بأن الولاء للسلطة أعظم من الانتماء للأصل.
لكنه ليس وحده، بل يقف ضمن سلسلة طويلة من المسؤولين الكورد الذين اعتلوا أعلى المناصب في الدول الإقليمية. لا نتحدث عن أفراد معدودين، بل عن ظاهرة ممتدة، رؤساء جمهوريات، رؤساء وزراء، وزراء، جنرالات، قادة استخبارات، وسفراء في تركيا وسوريا والعراق وإيران وحتى الأردن ومصر، كثيرٌ منهم من أصول كوردية، لكنهم اختاروا دفن جذورهم، لا ليعيشوا فحسب، بل ليكونوا مخالب لأمم تحكمها أيديولوجيات طامسة لهويتهم.
ولا نتحدث هنا عن الأدباء والفنانين والإعلاميين، فعددهم في سوريا وحدها كان كفيلًا بإطلاق ثورة ثقافية كوردية عظيمة، لكن النسبة الكبرى منهم تحولت إلى أدوات تبرير وتجميل للأنظمة المركزية، بدلًا من أن تكون رافعة للهوية ومعبّرة عن أوجاع الأمة، أناسٌ، لو وضعوا إبداعهم في خدمة شعبهم، لأعادوا رسم خريطة الوعي الكوردي من جديد.
هي أزمة وعي، وأزمة هوية، قبل أن تكون أزمة خيانة، نفسية الكوردي الذي يخدم النظام الذي يسحق أمته، ليست ناتجة فقط عن مصلحة شخصية أو خوف وجودي، بل هي حالة اغتراب متأصلة، يجد فيها الراحة في ارتداء هوية المنتصر، حتى وإن كان هذا المنتصر يمارس عليه احتقارًا مقنعًا خلف الكواليس.
لماذا الكوردي بالتحديد؟
لأنه لم يُمنح يومًا حق أن يكون نفسه، فاختار أن يكون صورة الآخر، ولأنه، في ظل الجهل والفقر وطمس اللغة، وحرمانه من رواية تاريخه، واغتيال ذاكرته الجمعية، صار يبحث عن دور، حتى لو كان هذا الدور خنجرًا في خاصرة شعبه.
لكن الاغتراب لا يعفي من المسؤولية، أن يكون الكوردي أداة لطمس كوردستان، هو سقوط أخلاقي وفكري لا يبرره النجاح الشخصي، ولا يعوّضه الارتقاء في المناصب، لأن كل صعود على جماجم أبناء جلدتك، هو سقوط عميق في ميزان الذاكرة والتاريخ.
ربما آن لنا أن نتعامل مع هذه الفئة، لا بالغضب فقط، بل بالفهم العميق، أن نحلل آليات الانسلاخ، ونفكك جذور هذه القطيعة المؤلمة.
ما نحتاجه هو ثورة وعي، تحصّن الكوردي من أن يرى ذاته دونية، ومن أن يظن أن مكانه الطبيعي هو الهامش، أو في خدمة من يسحقون حريته.
نحتاج إلى سردية بديلة، تعيد تعريف الكوردي لنفسه، وتمنحه شرف الدفاع عن حلمه، لا الهروب منه.
إن الأمة التي تُنتج من أبنائها من يديرون أنظمة الآخرين، قادرة إن وعت، على إنتاج من يبنون دولتها.
لكن الخطوة الأولى تبدأ من الاعتراف، بأننا أمام مأساة مزدوجة، أعداء خارجنا، وأعداء منا.

د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
18/4/2025م



#محمود_عباس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نداء إلى المؤتمر الوطني الكوردي
- نداء إلى الحكومة الانتقالية لا تكرّروا الخطيئة السورية 2/2
- نداء إلى الحكومة الانتقالية لا تكرّروا الخطيئة السورية 1/2
- حين يخسر الحراك الثقافي الكوردي أحد أبنائه
- مع إبراهيم محمود حين يكتب المثقف من عزلته النبيلة
- الفيدرالية ليست تهمة وكوردستان ليست مؤامرة 2/2
- الفيدرالية ليست تهمة وكوردستان ليست مؤامرة ½
- كوردستان وحدة الجغرافيا وشرخ الوعي
- قراءة في قراءة عن مقالة إبراهيم اليوسف حول (في قضايا كوردستا ...
- لو أصاب القناص ترامب هل كانت أمريكا ستغزو العالم بالذكاء وال ...
- عن حلقة إبراهيم محمود، حوار مهم يستحق المتابعة.
- في مواجهة الأقلام المتسكعة خلف الأسماء المستعارة كفى عبثًا ب ...
- حين وقفت على حافة مقبرتي وصافحت عظامي
- الجغرافيا لا تكذب، الكورد أصل الأرض قبل أن تُسمى سوريا
- هل الله جريمة؟
- أسعد الزعبي صدى البعث المُتعفّن في زمنٍ يطلب الكرامة
- زيارة الشرع إلى إسطنبول رسائل مشفّرة من واشنطن عبر أنقرة
- تسليم الساحل السوري لقوات قسد خطوة إنقاذ لسوريا من التقسيم
- في حضرة الغياب الإلهي مجازر شنكال وسوريا بين التكفير ورايات ...
- الكورد والثورة السورية تحذير من تكرار الخطيئة الإيرانية


المزيد.....




- غارديان: إدارة ترامب تعيد احتجاز عائلات المهاجرين وتفاقم معا ...
- الأمم المتحدة تعتبر أحكام قضية -التآمر- بتونس نكسة للعدالة
- هل تنفذ الدول الأعضاء بالجنائية الدولية مذكرات الاعتقال بحق ...
- تصاعد التوتر بين الهند وباكستان والأمم المتحدة تدعو لضبط الن ...
- محللون إسرائيليون: هذه أسباب تكثيف حماس نشر فيديوهات الأسرى ...
- السودان: نزوح مئات الآلاف من مخيم زمزم هربا من المجاعة نحو م ...
- وزير الخارجية السوري الجديد يظهر في الأمم المتحدة في أول زيا ...
- الأمن العام اللبناني يستأنف عمليات ترحيل النازحين السوريين ( ...
- بعد التهديد والوعيد.. الهند وباكستان تتبادلان إطلاق النار وا ...
- سوريا – اعتقال قياديين في حركة الجهاد الإسلامي: مرحلة جديدة ...


المزيد.....

- “رحلة الكورد: من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر”. / أزاد فتحي خليل
- رحلة الكورد : من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر / أزاد خليل
- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - حين يصبح الكوردي سلاحًا ضد الكورد