أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أشرف أيوب - يوم شم النسيم 2025م في العريش














المزيد.....

يوم شم النسيم 2025م في العريش


أشرف أيوب
(Ashraf Ayuop)


الحوار المتمدن-العدد: 8322 - 2025 / 4 / 24 - 15:21
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كان هذا اليوم شاهد موثوق على العلاقة بين رجل الدين و الرأسمالي، أو العلاقة بينه والحكم، أي الدور الذي يمنحه النظام السياسي للدين للهيمنة الطبقية.. وتبرير سياسات الطبقة المسيطرة.

عندنا في الموروث الشعبي مظاهر الاحتفال بعيد شم النسيم، العيد المصري الممتد لعمق التاريخ، وأيضا طقس أربعاء أيوب الذي يصادف يوم الثلاثاء السابق عن يوم بداية الربيع (شم النسيم)، يفوق الأعياد الدينية بمسافات. وبعد أن تسلفن المجتمع في شمال سيناء من منتصف التسعينات من القرن الماضي وزاد نفوذ الجماعات المتسلفة وأصبح مذهب المصريين المذهب الحنبلي، حرموا الاحتفال به كعيد، حينها تماهى الحكم مع خطابهم واستبدل كلمة عيد بيوم، واعتمد في النتيجة والأجندات والصحف الرسمية والقرارات التي تمنح هذا اليوم أجازة رسمية بأنه "يوم شم النسيم، وبالتالي أسقط عنه كونه عيد مصري يحتفل به المصريين قبل نزول الأديان الإبراهيمية، وبعد أن نجحوا في تحويل العيد ليوم، استمروا في تحريم الاحتفال به على اعتبار أنه عيد مسيحي لتصادفه مع نهاية أعياد يوم القيامة للمسيحيين، وهذا الخطاب علا صوته وترك أثره هذا العام رغم أن المصريين في العريش منذ أن استقروا فيها يحتفلون به كأحد موروثاتهم الشعبية كرباط وثيق بالحضارة المصرية القديمة رغم أن غالبية السكان مسلمين بنسبة ٩٩.٥٪.. قبل سلفنة المجتمع والحكم.

كانت العريش تعلن حالة الاستنفار الشعبي العام للاحتفال بشم النسيم وأربعاء أيوب، للزحف نحو شواطئ البحر من شرقها إلي غربها، منذ الساعات الأولى من شروق الشمس حتى يأتي ظهر اليوم يكون غالبية سكان العريش وضيوفها قد استقروا وأفترشوا ما بين شواطئها وشارع الفاتح من الريسة شرقاً حتى المساعيد غرباً، ومحلات البقالة والمطاعم لا تغلق أبوابها من اليوم الذي يسبق كل مناسبة حتي مغادرة الزوار الشاطئ. والكافيتريات الموسمية يمنح مجلس المدينة تصاريحها للشباب خلال الأيام التي تسبق أربعاء أيوب تنتشر على الشاطئ.

أمس قررت أن أذهب شاطئ البحر أمام منزلي بحي آل أيوب أنا وزوجتي مديحة أيوب الساعة العاشرة صباحاً للتمشية على الكورنيش قبل الازدحام كما اعتقدنا، وقبل الخروج من بيتي نشرت فيديو على يومياتي والقصة بهذه المناسبة.. أول المفاجآت أن محلي البقالة على جانبي باب منزلي أبوابهما الأقفال أحكمت غلقهما، قطعنا شارع الفاتح ونحن في طريقنا إلي الشاطئ سار بجوارنا رجل أربعيني ومعه زوجته وأطفاله، وعند وصولنا معا لأول الكورنيش كانت الدهشة قد خرجت كلمات من فم زوجة الرجل: "هو مفيش حدن غيرنا جاي البحر"، ساعتها نظرت حتي مرمي نظري الذي وصل على يميني لكازينو العريش وعلى يساري شاطئ عثماثون لم أجد أحد إلا كثبان رمليه تكسو الكورنيش تجاوره من الجنوب بركة من مياه الصرف الصحي، غياب تام لكافتريات الشباب.. جلست أنا و مديحة أيوب على صخور أحد الألسنة نسترجع ذكرياتنا في مثل هذا اليوم منذ عام ١٩٧٩م حتى عام ٢٠١٦م أخر يوم شم نسيم احتفلنا به مع أبنائي وأحفادي.
وعندما قمنا للتمشية على الرمال التي تغطي الكورنيش كان يتمشى من بعيد في اتجاهنا جارنا السبعيني ليتفقد وضع الناس الذي وجودها يعود عليه بالمكسب عند فتح محل بقالته، وعندما التقينا جلسنا على أحد مقاعد الكورنيش لنستريح، بادرته بسؤال: "الضهر على وشك، ليش ما فتحت المحل للحين؟!"، رد وقال: "محصله بعضيها اليوم زي امبارح زي بكره، إنت شايف إن هادا يوم شم النسيم، الحكاية إن الناس معهاش فلوس، الناس يا دوب مكفية قوت يومها، هادا للي معاه، إنت عارف لولا شوية المشي هادول من البيت للمحل، كنت قفلته، المحل مفيش بيع إلا وين ووين، يا دوب بيجيب مصاريف فتحه"
قمنا للعودة إلى منزلي وهو لمحله نتساند على بعضنا، وفي الطريق أخذ يحدثني عن هزيمة ١٩٦٧م، حينها كان طالب في معسكر المتطوعين، وقد انسحب بعد قرار المشير بالانسحاب، والمعاناة التي عاناها هو ومن معه، والماء عبارة عن زلطة ترطب جوفهم، حتى أنقذهم بمبوطية بورسعيد، وكيف شارك في حرب استرداد الكرامة في حرب أكتوبر ١٩٧٣م، ورحتله من بورسعيد حتى صحراء مديرية التحرير، ثم عودته منها في ذات المواصلة إلى الإسماعيلية التي استقر بها.

بعد أن استقريت بالمنزل أخذت أتجول في اشعارات الموبايل وإذا باشعارات الماسنجر عددها أكثر من اشعارات البرامج الأخرى، أغلب الاشعارات - كان بعضها تهنئة - يحاول أصحابها أن يبلغوني أنه لا يجوز الاحتفال بهذا اليوم لأنه عيد للمسيحيين، وكان الفيديو الذي أودعته في يومياتي والقصة خطيئتي.

المسؤولون والمتسلفة في المحافظة عزفوا سويا على شطب المناسبات الشعبية من الذاكرة الشعبية للجيل الحالي والأجيال القادمة والتي كانت من تراث الأجداد، المسؤولون بالأهمال وعدم الاستعداد، والمتسلفة بالتحريم.

تلاقت المصالح الطبقية لنظام الحكم وخطاب التحريم الذي تنتهجه الجماعات الوهابية المتسلفة، فالطبقة التي تحتكر السلطة والثروة التي أفقرت الشعب المصري وصادرت حق الاجيال القادمة في حياة كريمة حيث أثقلتها بالديوان، وانعزلت في مجتمعات داخل مدن تمارس فيها حريتها المطلقة وثقافتها الليبرالية المتحررة داخل ما أطلقوا عليها "ايجيبت".
وتركوا شعب مصر يعاني من سياسات الإفقار، والجباية، وتسليمه إلى جماعات تخاصم تراثه الشعبي وتسعى لطمسه واستبداله بموروث ثقافي صحراوي مغاير، يحرم عليه أي نقد للحكم، وعدم الخروج على الحاكم.



#أشرف_أيوب (هاشتاغ)       Ashraf_Ayuop#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المخطط الأمريكي للشرق الأوسط الجديد
- سقوط نظام بشار، خطوة نحو رسم خريطة الشرق الأوسط الجديد
- ما بين انطلاق طوفان الأقصى واليوم التالي لانتهاء الحرب
- سيناء كلاكيت ثالث مرة.. الجمهورية الجديدة تدار بمنطق مدير ال ...
- روان
- منجاة
- وهم العودة (1)
- وهم العودة (2)
- أزمة سّد النهضة، هل أوجدتها مصيدة الديون؟! القروض المصرية إغ ...
- أزمة سّد النهضة، هل أوجدتها مصيدة الديون؟! القروض المصرية إغ ...
- أزمة سد النهضة، هل أوجدتها مصيدة الديون؟! ** القروض المصرية ...
- قراءة في الرسائل السياسية التي بثها مسلسل -الاختيار- للمصريي ...
- سيناء بين التنمية الرأسمالية والتنمية على أساس وطني
- رفض السيسي فكرة بأن ما قام به في رفح تهجير لوي لعنق الحقيقة
- الاعتداد بملكية أبناء سيناء، ووضع النقاط فوق الحروف
- الدولة التي قلصت حدودنا الشرقية
- رشاقة التفاصيل
- التعليم المصري بين التاريخ وصناعة المستقبل من 1952 حتى 2018
- مرام
- ضابط جدع تايه


المزيد.....




- قوات كييف تدمر مجمع الكنائس -القدس الجديدة- في بيلغورود (صور ...
- الشارع الأردني وقرار حظر الإخوان
- صعود الإسلاميين.. ماذا يتغير في اللعبة السياسية بالأردن؟
- فضيحة التجسس على المساجد.. هيئة هولندية تأمر الحكومة بإتلاف ...
- كيف تفاعل الأردنيون على حظر الإخوان المسلمين في البلاد؟
- إسرائيل تسمح لـ 600 رجل دين درزي من سوريا بزيارة الجليل الجم ...
- هل لإيران علاقة بمخططات -الإخوان- التخريبية في الأردن؟
- الإخوان على حافة الغياب.. ضربات قاصمة تُجهز على نفوذ التنظيم ...
- حظر -الإخوان- في الأردن.. كيف ستتعامل معه سوريا؟
- الجماعة المنبوذة.. دول حظرت تنظيم -الإخوان- الإرهابي


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أشرف أيوب - يوم شم النسيم 2025م في العريش