أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاتن ناظر - فهم جديد للقرآن......















المزيد.....

فهم جديد للقرآن......


فاتن ناظر

الحوار المتمدن-العدد: 8322 - 2025 / 4 / 24 - 04:50
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


《لقد خلقنا الإنسان في كَبد》سورة البلد الآية "٤"
لقد ذكر القرآن الكريم في سورة البلد في الآية الرابعة خلق الله للإنسان وذلك بعد قسمه بالبلد المباركة فجاء جواب القَسَم خلق الإنسان في كَبَد .
إن المتعارف عليه والمتواتر لدى العديد من أئمة التأويل والتفسير القرآني أن كلمة كَبَد تعني المعاناة والشقاء الإنساني الذي يتكبده الإنسان في حياته من خلال تحمل مصاعب الحياة المختلفة وضيق ذات اليد والصبر على البلاء والشقاء إلخ تلك المشاق المتعددة .
إلا أن المتأمل لمعاني القرآن الكريم بفحص لغوي وتدّبر متكامل مترابط مع وحدة الآيات السالفة والتالية لتلك الآية يجد أن المعنى المتعارف عليه لدى الكثير من أئمة التفسير لا يستقيم ويستوي مع المعنى العام المتسق لباقي آيات السورة .
فإذا سلمنّا بأن جواب القسم هذا وهو الكَبَد يعني كل تلك المعاني السلبية من حيث الضعف والنقص والعجز والعناء والمكابدة ، فكيف يستقيم ذلك المعنى مع الآية التي تاليها عندما تحدث فيها الله وقال 《أيحسب أن لن يقدر عليه أحد》. وتشير تلك الآية إلى وصف لحالة الغرور والرعونة والتكبر التي يتمتع بها الإنسان عندما يكون في عنفوانه وتجبره وسلطانه . فهل يستقيم تأويل معنى الضعف لكلمة كَبَد التي جاءت بها الكثير من كتب التفسير مع وصف الغرور والمكابرة في الآية التالية .
إن المعنى الحقيقي لكلمة الكَبَد إنما هو مغايراً لكل ذلك فهو يعني : الإعتدال والإستقامة والشدة والقوة ونَصَب القامة .
وبما أن القرآن يفسر بعضه بعضاً ، فإن ذلك المعنى يستقيم مع آيات القرآن الأخرى التي قال فيها الله سبحانه وتعالى《لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم》وكذلك 《يا أيها الإنسان ما غرّك بربك الكريم الذي خلقك فسوّاك  فعدلك》.
إن خلق الله للإنسان جاء متفرداً ومختلفاً عن خلقه لكافة الكائنات الأخرى ، حيث جاء خلق الحيوان منذ بداية تكوينه وأطوار نموه الجنينية في بطن أمه  منكباً على وجهه إلا ابن آدم فإنه يكون في رحم أمه منتصب القامة معتدل الجِلسة حتي عند ولادته فإنه يخرج مرفوع الرأس عالياً للجبين  ، وليس بقدميه مثل بقية الحيوانات .
فكيف بعد ذلك التكريم والمنّ الإلهي يُخلق الإنسان في كَبَد وكأنه يُجزى بما لم يقترف وبما لا يتوافق مع العدل الرّباني .

ونتطرق الآن إلى معني آخر من معاني القرأن الكريم والذي يتم تفسيره أو تأويله بمعنى مغلوط .
تلك الآية هي :
《والذين يقولون ربّنا اصرف عنَّا عذاب جهنَّم إنَّ عَذابها كان غراماً 》
سورة الفرقان الآية ٦٥
إن لفظ غراماً في تلك الآية يتم تفسيره بشكل متعارف عليه متداول ، والذي يعني عشقاً أو حباً أو اشتياقاً . إلا أن معنى غراماً هذا عارٍ تماماً من الصحة ، حيث أن غراماً إنما تعني التزاماً ومرافقة مستمرة ، وهي ملازمة بلا خلاص منقطع ؛ أي إنه مصاحبة دائمة غير مفارقة للعذاب .
إن لفظ غراماً إنما هو لفظ مشتق من التغريم ؛ أي صاحب الدَيَن المتعثر الذي لا يستطيع أن يفي بِدَيَنه للدائن ، لذلك عليه أن يتحمل الجزاء والعقاب الدائم لتبعات دَيَنه لخالقه .
ونتطرق إلى آية أخري تثير الجدل وتدعو إلى الشك والريبة ، لذا فإنها تحتاج منا إلى إذعان بتدبر . تلك الآية التى جاءت بسورة يوسف وفيها :
《 ولقد همّت به وهمَّ بها لولا أن رأى برهان ربه》
سورة يوسف الآية ٢٤
إن التفسيرات المختلفة التي عكفت على تفسير سورة يوسف إنما جاء تأويلها أن امرأة عزيز مصر إنما راودت يوسف عن نفسه ، وقد أعدت العُدة لذلك وهيأت له الأجواء والأحوال والسبل التي تسمح لإقامة تلك العلاقة سواء من حيث غفلة زوجها عن ذلك وتهيئة عدم تواجده بالقصر ، أو تزينها وحسن مظهرها بتلك الليلة ، أو إحكام سيطرة وإغلاق كافة أبواب القصر التي تؤدي إلي غرفتها ، وبعد تلك التهيئة النفسية والمادية قامت  باستدعائه إليها وما كان منها إلا أنها همَّت به . وهنا يفسر أغلب المفسرين أن الهَمّ الذي قامت به امرأة العزيز قابله هَمّ من قِبل يوسف ، وذلك لأن يوسف رجل شأنه شأن أغلب الرجال حينما يتعرض للإغراء فإنه يستسلم لتلك المحاولة وإلا ناله العديد من الشكوك التي تصيبه سواء من الناحية النفسية أو الجنسية ، فكيف يصبح الرجل رجلاً إذا لم يستجب إلي امرأة خاصة إذا كانت حسناء وفي كامل زينتها وقامت بغوايته وإغرائه، وذلك الرأي هو الرأي الذي يؤيده الشيخ محمد متولي الشعراوي.
إن الذين أيدوا ذلك التفسير  من المفسرين إنما جعلوا منه قاعدة عامة إلزامية فُرَضت كالفطرة على كل الرجال وغفلوا تماماً ما جاء ذكره في سورة آل عمران
عن نبي الله يحيى : 《 فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب أن الله يُبشرُكَ بيحيى مُصدقاً بكلمة من الله وسيظلً وحصوراً 》 .
وبالبحث لغوياً عن كلمة ولفظ حصوراً جاءت معناها أنها تعني الرجل الذي لا يرغب في النساء ليس عن ضعف أو نقص أو عيب وإنما عن استغناء وعدم رغبة وزهد وترفع عنهن ، فكيف يستقيم ذلك المعنى وهو الحصور الخاص بنبي الله يحيى من حيث الزهد في النساء مع الصديق يوسف من حيث الهَمّ بالنساء حتى يصبح رجلاً طبقاً لما جاء لدى أغلب المفسرين .
وعند البحث اللغوي والبلاغي في اللغة العربية نجد أن  لفظ ( هَمّ ) جاء ملازماً ومترافقاً مع حرف لولا ، وأن حرف لولا هو : حرف امتناع لوجود . بمعنى أن حالة الهَمّ لم يأت بها يوسف وامتنع عنها لأنه أتته البيّنة والبشرى من ربه ، لذلك فهي لم تحدث نظراً لوجود حرف لولا .

وأخيراً ........
يجدر القول أن المتواتر  والمتوارث والمتعارف عليه لدى بعض أئمة التفسير يجب أن يؤخذ بعين التَفكّر والتَدبّر والإمعان ، وأنه ليس كل ما وصل إلينا صحيحاً وليس كل ما توارثناه مسلماً به وبديهياً غير قابل للنقاش أو المجادلة ، وإنما لابد من إعمال العقل وجعله الحكم الفصل بعد الإسترشاد بالقلب والإيمان .

فإن المشكلة لا تكمن في ديننا ولا أئمتنا ، بل في تديُننا ، الذي لا يتعدى سوى قراءة خاوية جوفاء في سطور قرآن الله الكريم  . والتي تَأنّ كلماته من طول مناجاتنا بالدعاء لنا: اتخذوني منهجاً وحياة ، فلستُ رهواً وركوداً.



#فاتن_ناظر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نظرية الحصان الميت أو الفيل في الغرفة ........ عندما يصبح ال ...
- شهيد الرأي! ..... غَيَلان الدمشقي
- موعد القيامة والبعث ! ........ في السادس عشر من ذي الحجة
- ولاية المرأة ...... ملكة سبأ نموذجاً
- وثنيّة الأفكار الجائرة ضد المرأة.......
- حواء أسكنها ربها الجنة وأدم أخرجها منها ........
- ثورة النساء ضد قانون أوبيا.........
- بديهيات مرفوضة...........
- الإله ..... أُنثى !
- وللرجال عليهن درجة..... تشريف أم تكليف؟!
- رُجُولة النساء .....
- أُنثى وافتخر ..........
- تأمُّلات ............
- قراءة في كتاب الفلسفة طريقة حياة......... للكاتب بيير هادو
- ما أحوجنا اليوم إلى مصباح ديوجين !...........
- رؤى ..............
- متاهة الحياة


المزيد.....




- سوريا... وجهاء الطائفة الدرزية في السويداء يصدرون بيانا يرفض ...
- أحدث تردد قناة طيور الجنة على القمر الصناعي نايل سات “نزلها ...
- -الشرق الأوسط الجديد ليس حلماً، اليهود والعرب في خندق واحد-– ...
- بعد دعوة رجل دين درزي.. تحذير مصري من -مؤامرة- لتقسيم سوريا ...
- الزعيم الروحي للطائفة الدرزية في سوريا حكمت الهجري يطالب بحم ...
- الدروز في دائرة الخطر: نتنياهو يستغل الطائفة لأغراض سياسية
- جماعات الهيكل منظمات إسرائيلية تسعى لهدم المسجد الأقصى
- الاشتباكات الطائفية في سوريا: أبرز القادة الروحيين الدروز يط ...
- تردد قناة طيور الجنة.. نزلها على جهازك الرسيفر وتابع كل جديد ...
- -كمين- لقوات تابعة للحكومة السورية يتسبب في مقتل 23 مسلحاً د ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاتن ناظر - فهم جديد للقرآن......