وسام فتحي زغبر
الحوار المتمدن-العدد: 8321 - 2025 / 4 / 23 - 23:06
المحور:
القضية الفلسطينية
*حين تتحول السجون إلى مقابر للأحياء: معتقلو غزة بين وحشية الاحتلال وصمت العالم*
بقلم: وسام زغبر
عضو اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
ليس غريباً أن يكون الجحيم على الأرض فلسطينياً، لكنه بات اليوم يحمل وجهاً أكثر ظلمة ووضوحاً في سجون الاحتلال الإسرائيلي، التي تجاوزت كل حدود المعقول، وتحولت إلى مسالخ بشرية، تُمارس فيها أعتى أشكال الإذلال والتعذيب بحق المعتقلين الفلسطينيين، ولا سيما من قطاع غزة.
الصور المسربة من داخل سجن النقب ومعسكر «عوفر»، وشهادات المعتقلين التي نقلتها هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني، لا تترك مجالاً للشك: نحن أمام جرائم مكتملة الأركان، تتراوح بين الاغتصاب، والتعذيب الجسدي والنفسي، والتجويع، وصولاً إلى الإبادة البطيئة.
ما كشفه المعتقلون من انتهاكات جنسية ممنهجة يضعنا في مواجهة مباشرة مع سؤال الإنسانية قبل أي قانون: كيف يمكن للعالم أن يقف متفرجاً على ممارسات تعيد إلى الأذهان أكثر الحقب دموية في تاريخ البشرية؟ في معسكر «عوفر»، لا يُكتفى باغتصاب المعتقل، بل يُمارَس ذلك أمام رفاقه لإذلاله وكسرهم معاً. تُدخل العصا في جسده مراراً حتى يصل إلى حد الاختناق، وعندما يصرخ، يتحول الألم إلى أداة متعة لجلاده.
وفي النقب، لا تقل المأساة شراسة: استخدام الدلاء لقضاء الحاجة، غياب الماء النظيف، تفشي الجرب، منع الملابس النظيفة، النوم على إسفنجات مقطعة، كل ذلك يختزل معاناة إنسان يُدفن حياً دون قبر. لا دواء، لا نظافة، لا كرامة، بل فقط استمرار في القهر.
ما يزيد الجريمة إيلاماً أن العالم يرى ويسمع، لكنه لا يتدخل. لا لجان تحقيق، ولا محاكمات، ولا حتى ضغط فعلي على سلطات الاحتلال. ومع مرور 19 شهراً على المجازر المفتوحة بحق غزة، لا شيء تغير. الأسوأ أن الزمن أصبح حليف الجريمة، لا رادعاً لها.
في هذا السياق، يصبح من الضروري إعادة النظر في فاعلية المنظومة الحقوقية الدولية التي لم تعد فقط عاجزة، بل باتت تتواطأ بالصمت. حين يصبح المعتقل الفلسطيني هدفاً مشاعاً للاغتصاب والتجويع والتعذيب، من دون حتى بيان إدانة جاد، فذلك يعني أن «الاستثناء الإسرائيلي» لم يعد استثناءً، بل أصبح القاعدة في عصر الانهيار الأخلاقي.
ربما آن الأوان لطرح السؤال الأعمق: ماذا يعني أن نكون بشراً إذا كانت هذه الجرائم تمر كأنها أخبار طقس؟ ما جدوى القانون الدولي، إن لم يوقف عصاً تُغرس في جسد شاب أعزل فقط لأنه فلسطيني؟
صمت العالم لم يعد مجرد تقاعس، بل مشاركة فاعلة في الجريمة.
#وسام_فتحي_زغبر (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟