أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - ياسر عرفات(أبو عمار): حين خانتهُ البنادقُ التي ربّاها














المزيد.....

ياسر عرفات(أبو عمار): حين خانتهُ البنادقُ التي ربّاها


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 8321 - 2025 / 4 / 23 - 14:32
المحور: القضية الفلسطينية
    


في ذكرى غياب الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات، يعود هذا النص ليطرح الأسئلة المؤجَّلة، ويستعيد اللحظة التي انفصل فيها الحُلم عن حامله، والثورة عن رجالها.

ليست هذه قراءة في السيرة، بل تأمّل في الخيانة التي تتسلّل من الداخل، وفي البنادق التي تنقلب على صاحبها حين يُطلّ برأسه خارج الحسابات.

هذا النص لا يبحث عن متّهم، بل يُضيء الزاوية التي لم يلتفت إليها الكثيرون يوم ودّعنا الكوفية واحتفظنا بالبدلات.

ما بين مقرّه المُحاصر في المقاطعة، ووجهه الشاحب خلف زجاج الطائرة الطبية المتجهة نحو الغياب، سقطت أوراق كثيرة من دفتر الثورة؛ بعضها احترق بنار القذائف، وبعضها تمزّق بأظافر الخيانة.

لم يكن أبو عمار نبيّاً، لكنه حمل نبوءة فلسطين على ظهره مثل صليبٍ ثقيل.

كان يعلم أن من يحمل الحُلم طويلاً، ينهشه الحُلم نفسه، وأن البنادق التي لا تُصوَّب نحو العدو، تنقلب على كتف من علّمها الاصطفاف.

لذا، لم يُفاجئه الحصار، ولا الجوع، ولا حتى نباح الخونة خلف أبواب الاجتماعات، لكنه لم يتوقّع أن تُفتح له أبواب الموت من الداخل.

في رام الله، لم يكن محاصراً من الاحتلال وحده، بل من صمت الرفاق، ومن اليد التي لم تمتدّ حين وقع قلبه في الهبوط الأخير، ومن الأسماء التي شاركت في جنازته ببدلاتٍ رسمية ورؤوسٍ مرفوعة، بينما السُّمّ في دمه كان لا يزال طازجاً.

عرفات، ذاك الاسم الذي صار أقرب إلى رائحة زيتونةٍ عتيقة، كانت آخر كلماته:

"يريدونني بلا كوفية، بلا بندقية، بلا وطن.

يريدونني أسيراً، أو طريداً، أو قتيلاً، وأنا أقول: بل شهيداً، شهيداً، شهيداً."

وكانوا قد بدأوا فعلاً في رسم المرحلة الجديدة: مرحلة بلا عرفات.

لقد خذلوه حين قال "لا" في كامب ديفيد، وخانوه حين رفض أن يكون توقيع السلام بمثابة توقيع على شهادة وفاة القدس.

حاصروه في المقاطعة، ثم حاصروه في الكلمات، وفي الإعلام، وفي الاجتماعات، حتى صار موته قراراً أكثر منه قَدَراً.

سافر أبو عمار إلى مثواه الأخير، وهو محمولٌ لا على الأكتاف فقط، بل على صمتٍ طويلٍ من الأسئلة المؤجَّلة:

من سهّل خروجه إلى باريس؟

من بدّل أطبّاءه؟

من جلس على مكتبه في اليوم التالي، ولم يسأل: أين اختفت الكوفية؟

وفي جنازته، كانت فلسطين تبكيه بصمت الناجين من الخيانة.

تقاطرت الجموع من كلّ مكان، تتشبّث بطرف كوفيّته، كأنها تتشبّث بخيط ما تبقّى من الحُلم.

الهتافات كانت مبحوحة، وعيون الحرس القديم تفيض بما لم يُقَل.

أما الذين حضروا ليشهدوا نهايته، فقد وقفوا متماسكين، كأنهم لا يذكرون أنهم، ذات يوم، كانوا خلفه... أو ضدّه.

كان المشهد مسرحيّاً حدّ الوجع:

نعشٌ ملفوف بالكوفية... وعيونٌ تتقن البكاء أمام الكاميرا... بينما الجريمة تتلوّى بصمتٍ في الزوايا.

في المقاطعة، التي صارت شاهداً على الحصار والخيانة، ترك عرفات ظلّه على الجدران، وصدى صوته في الزوايا.

ما زالت الرائحة هناك، تشبه البارود المبلول، والمرايا التي لا تكشف كلّ شيء.

إنّ إغتيال الشهيد ياسر عرفات(أبو عمار) لم يكن فقط نهاية رجل، بل نهاية مرحلةٍ صدّقنا فيها أن الوطن أكبر من الحسابات، وأعمق من الألقاب، وأنّ من ماتوا وهم يُردّدون اسمه، كانوا أكثر صدقاً ممن جلسوا على طاولته ينتظرون غيابه.

[محمود كلّم] كاتب فلسطيني يكتُبُ في الشَّأنينِ السِّياسيِّ والوجدانيِّ، وَيُعنَى بقضايا الانتماءِ والهُويَّةِ الفلسطينيَّةِ. يرى في الكلمةِ امتداداً للصَّوتِ الحُرِّ، وفي المقالِ ساحةً من ساحاتِ النِّضالِ.

مفاتيح تأملية للمقال:

"ياسر عرفات: السيرة الذاتية السياسية" – سعيد أبو الريش

شهادات من كتاب "أبو عمار: سيرة شعب" – ناصر اللحام

مقابلات موثقة في أرشيف مؤسسة ياسر عرفات

تحليل موسّع في مجلة "شؤون فلسطينية" حول مرحلة الحصار

تسريبات وتصريحات نُسبت لمحمد دحلان وآخرين في ملف التسميم (للاستخدام الرمزي، لا التوثيقي)



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عبد القادر الحسيني: بطلُ القسطل ورمزُ الفداءِ في تاريخِ فلسط ...
- الذين خذلونا… هُناك، حيث يُدفَنُ الوطنُ في حضرةِ الفسادِ
- خان يونس: زُهورُ الطفولةِ التي احترقت نائمةً
- ذاكرةُ الدم: حينَ يكونُ الصمتُ شريكاً في القتل
- الأَسدُ لا يُفاوِضُ على قُوتهِ
- لا تَنسَ يا أَحمد... فذاكرتُكَ تفضحُهُم
- وداعاً أَبا أَحمد: حين تغادرُنا الطُّيُورُ الأَصيلةُ بلا ودا ...
- هذه ليلتُها... وغزَّة تَصحو على خُذلانٍ بلا فجرٍ
- حينَ تفرَّقَ الأَصحابُ وضاعَتِ الخُطى: حِكايةٌ من مُخيَّمٍ ف ...
- عيسى أَحوش ودار بيسان: صوتُ فلسطين الذي لا يمُوتُ
- من فِيتنام إلى غزّة: أَمريكا في مَسَارِ الهزائمِ والخيباتِ
- الاستسلامُ ليس خياراً: دُروسٌ من بيروت إلى غزَّة
- الدكتور صالح الشيباني... من تُرابِ فلسطين تَكَوَّنَت رُوحُهُ
- أَحمد الشُّقيري... رجُلٌ صَنَعَ الثَّورة فخذلتهُ!
- نوح الفلسطيني: بين طوفانِ الخذلانِ وسفينةِ الصُّمودِ
- فرحان السعدي: الشَّيخ الذي صامَ عن الحياةِ وارتوى بالمجدِ
- اليمن: أَصلُ العروبة وَشُمُوخُ الجبالِ
- نافع محمد: من القامشلي إِلى فلسطين.. حكايةُ عشقٍ لا تنتهِي!
- الشَّهِيدُ مرعي الحسين: نَسرٌ حَلَّقَ في سماءِ المجدِ ولم يه ...
- حينَ يغيبُ الكبارُ... وداعاً أَبا سعيد!


المزيد.....




- فيديو متداول لفرار مُصلين من مسجد عند وقوع زلزال تركيا.. هذه ...
- الجزائريون يطالبون رئيسهم بعدم السفر إلى العراق
- خبير يكشف سبب عدم تأثر منطقة شمال غرب سوريا بزلزال اسطنبول ا ...
- الرد بالمثل .. موسكو تمنع 21 برلمانيا بريطانيا من دخول روسيا ...
- مسابقة فريدة من نوعها في مدرسة روسية للأطفال
- دونيتسك.. RT ترصد عمل قوات الاقتحام
- حزب -التضامن الأوروبي- الأوكراني يطالب زيلينسكي بتوضيح تفاصي ...
- المثنى العراقية تشهد وفاة ثانية يشتبه بإصابتها بالحمى النزفي ...
- باكستان تلغي 800 ألف بطاقة إقامة لأفغان وأكثر من 100 ألف غاد ...
- بمناسبة الأسبوع العالمي للتطعيم.. يبقى اللقاح أهم سلاح ضد ال ...


المزيد.....

- سيناريوهات إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان -دراسة استشرافية ... / سمير أبو مدللة
- تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل / غازي الصوراني
- حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية / فتحي كليب و محمود خلف
- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني
- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - ياسر عرفات(أبو عمار): حين خانتهُ البنادقُ التي ربّاها