أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ضياء الشكرجي - عصر ما بعد الأديان















المزيد.....

عصر ما بعد الأديان


ضياء الشكرجي

الحوار المتمدن-العدد: 8321 - 2025 / 4 / 23 - 02:47
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


محاضرة ألقيت في قاعة مظمة حرية المرأة في بغداد بتنظيم منتدى الاثنين التنويري يوم السبت 05/04/2025.
يمكن القول فيما يتعلق الأمر بالعصور التي مر بها الإنسان، فيما يتعلق بموقفه من قضايا ما وراء الطبيعة، بأننا مررنا حتى الآن على النحو الإجمالي بثلاثة عصور، هي:
1. عصر الأساطير والسحر.
2. عصر الأديان البدائية متعددة الآلهة.
3. عصر الأديان التوحيدية.
فهل يمكن تصور عصر رابع، يمكن تسميته بـ:
4. عصر ما بعد الأديان.
وذلك بعد قرن أو قرنين أو أكثر من القرون، حتى لو بعد ألف سنة؟ هناك ربما ثلاثة آراء:
1. الأول يقول ببقاء الأديان ما بقي الإنسان، وهذا ما يعتمده معظم الدينيين، بل وحتى فريق من اللادينيين.
2. والثاني وهو ما أتبناه، يقول بحتمية حلول عصر ما بعد الأديان، دون تحديد المدى الزمني الذي يحتاج إليه لبلوغ هذا العصر.
3. والرأي الثالث هو القائل بصعوبة التنبؤ ببقاء الأديان أو أفولها ثم انتهائها، بل يترك الباب مفتوحا أمام كلا الاحتمالين، كون كلاهما ممكنين، لعدم امتلاك دليل على حتمية أي من الاحتمالين؛ ألا هما بقاء أو نهاية الأديان.
وقد ذكرت أننا مررنا حتى الآن بثلاثة عصور، عصر الأساطير، وعصر الأديان البدائية متعددة الآلهة، ثم العصر الذي مازلنا فيه منذ ثلاثة آلاف سنة، ألا هو عصر الأديان التوحيدية، التي أزعم أنها ليست توحيدية خالصة، بل عبر كل منها صياغة رؤيته التوحيدية، التي كانت محاولة لم تحقق هدفها، عن قصد من مؤسسيها أو عن غير قصد.
وإني أزعم على نحو التوقع المؤسس على أساس، وليس مجرد على نحو التمني، إن عصرا رابعا سيأتي، ألا هو عصر ما بعد الأديان.
ابتداءً لنسأل أنفسنا عن المنطلق للإيمان بما وراء الطبيعة، ذلك بالنسبة للإلهيين العقليين، سواء الدينيون منهم، أو اللادينيون، بوجوب وجود الله، فيما يسمونه واجب الوجود، أو ضروري الكؤون.
قبل كل شيء أزعم إن الكلاميين المسلمين أو الإلهيين الدينيين العقليين منهم، لم يجدوا الأدلة العقلية في أي من كتبهم (العهدان أو القرآن)، على وجود الخالق الأزلي، لذا استعاروا الاستدلال العقلي من مناطقة وفلاسفة الإغريق.
وأهم الأدلة بقناعتي دليلان هما:
1. دليل العلية واستحالة تسلسل العلل ثم تقسيم الوجود (الكؤون) إلى كؤون ممكن حادث، وكؤون واجب أزلي، ثم الانتهاء إلى تعدد الكائنات الممكنة الحادثة، ووحدة الكائن الواجب الأزلي (القديم).
2. الإتقان، وبناءً عليه استحالة اجتماع ملايين الصدف، ليكون ما كان في الكون وعلى الأرض وفي الإنسان.
وبالنسبة لي أفهم الله أولا كـ(طاقة ذكية أزلية)، هي مطلقة الذكاء والقدرة والإرادة، كما أفهمه كـ(مبرمج) منذ الانفجار الكبير بالنسبة لكوننا، مما يوجب ألا بد من وجود أكوان قبل كوننا.
صحيح إن الأدلة العقلية لا تقنع الجميع، لكنها مقنعة للإلهيين العقليين، وليس مهما عندي إقناع من لا يقتنع بها، مع اعتقادي أن الله نفسه غير مهتم بذلك، فالإيمان به عندي قضية معرفية بالدرجة الأولى، ولا تمثل حاجة، لكنها لا تخلو من فائدة لفريق من المؤمنين، وبالتأكيد ليس لهم كلهم.
لماذا أقول بحتمية مجيء عصر ما بعد الأديان؟
بعدما بينت الوجوب العقلي لوجود الله، وقبل أن أواصل بيان موقف العقل النظري من الدين (Theoretische Vernunft) بالألمانية (Theoretical reasson) بالإنگليزية، لا بد من بيان أن للعقل ثلاثة مواقف من القضايا غير التجريبية (الأمپيرية) التي يواجهها، فهي إما واجبة عقلا (واجبة الكؤون وواجبة الصدق)، أو ممتنعة عقلا (ممتنعة الكؤون وممتنعة الصدق)، أو ممكنة عقلا (ممكنة كل من صدقها وكذبها). من هنا وبنفس طريقة الاستدلال على الوجوب العقلي لوجود الطاقة الذكية الأزلية أو المحرك الأول، كما يسميه ميشيو كاكو، ويسميه أيضا (الله)، يقول العقل النظري أن وجود الدين ليس واجبا عقليا ولا ممتنعا عقليا، بل هو من الممكنات عند العقل. لكن فقط هذا كمفهوم في عالم التجريد، أما إذا انتقل العقل من المفهوم الممكن هذا، إلى مصداقه أو مصاديقه في الواقع (الإسلام، المسيحية، اليهودية، البهائية، وغيرها)، فسرعان ما سيكتشف العقل أن هذه المصاديق ممتنعة الصدور عن الذكاء الكلي أو عن الكائن المطلق، أي عن (الله).
وهنا أزعم أن حتمية التاريخ تنبئنا أن كل وهم، أي ما هو غير صادق، مهما كان عدد المصدقين به، ومهما امتد العمر به، فلا بد أن تكون له نهاية، ويستحيل عقلا أن يبقى أبديا.
لكن يمكن أن يأتي السؤال من بعض من يطرحونه محقين، هو كيف سيكون الأمر مع الذين يمثل الدين حاجة لابدية عندهم، لا يجدون أنفسهم قادرين على الاستغناء عنها؟
هنا يمكن تقسيم الشعور بالحاجة إلى الدين إلى ثلاث حاجات، وهي:
1. الحاجة الروحية.
2. الحاجة الأخلاقية.
3. الحاجة لمعرفة ما يجب على الإنسان فعله (الواجب، أو الفرض)، وما يجب عليه تركه (الحرام)، وما تكون له حرية الاختيار بين الفعل والترك (الحلال أو الإباحة).
4. الحاجة إلى كل من المحفز والرادع؛ المحفز للعمل الصالح بالوعد بالثواب، والرادع للعمل السيئ بالوعيد بالعقاب.
وهنا أحاول الإجابة على هذه الأسئلة الأربعة:
1. الحاجة الروحية: ليس كل الناس يشعرون إلى الحاجة إلى الجانب الروحي أو الروحاني، لكن بالتأكيد هناك كثير من الناس يشعرون بالحاجة للبعد الروحي (السپريتوآلي)، مما لا يريدون الاستغناء عنه. هنا يمكن أن يقدم البديل، ألا هو الإيمان اللاديني، بعد بيان عدم وجود تلازم منطقيا بين الإيمان والدين، أي بين العام والخاص.
2. الحاجة الأخلاقية: هنا لا بد، كما بينت في حاضرتي السابقة بعنوان (الأخلاق بين الدين والسياسة)، ذلك أن الأخلاق، التي هي بلا شك ضرورية للمجتمع الإنساني، ليست مرتبطة بالدين، بل هي نتاج العقل الأخلاقي، أو ما يمكن تسميته بالفطرة الإنسانية التي أودعها الخالق، أو أودعتها الطبيعة في الإنسان.
3. الحاجة لمعرفة ما يجب على الإنسان فعله أو تركه. إذا ثبت لنا أن الدين هو نتاج اجتهاد بشري، يصيب ويخطئ، لا تبقى أهمية للواجب والحرام الدينيين، مما هو شأن شخصي، لا يؤثر إيجابا ولا سلبا على الآخر، عندها يبقى كل من الواجب فعله والواجب تركه خاضعا للأخلاق والضمير، كعاملي تحفيز وردع داخليين، وإلى جانب ذلك القانون العادل المتبانى عليه ديمقراطيا، والمعدل بشكل مستدام إلى ما هو أعدل وأصلح، كما يمكن أن يكون للفلسفة والتوعية الأخلاقيتين دور مهم في ذلك.
4. الحاجة إلى كل من المحفز والرادع؛ المحفز للعمل الصالح، والرادع للعمل السيئ، ذلك من خلال ما يعد به الدين من ثواب لأصحاب العمل الصالح، وما يتوعد الدين من عقاب لأصحاب العمل السيئ، وهذا ما مر ذكره في النقطة الثالثة.
أخيرا لنطرح السؤال عن البديل، إذا ما انتهى عصر الأديان. هنا يمكن التنبؤ بأن الناس سينقسمون إلى ثلاثة فرق نسبة إلى القضايا الماورائية:
1. الملحدون أو اللاإلهيون: خاصة بالنسبة لمن يؤمن بالله إيمانا عقليا، وينزه الله عن أن تكون له عقدة تجاه الذين لا يؤمنون به، وللامتناع العقلي لمعاقبة الله بسبب عدم الإيمان أو حتى الإيمان الخاطئ، ذلك لثبوت أنهما جبريان، وللامتناع العقلي لمعاقبة الله على ما هو جبري، مما يتقاطع من العدل الإلهي، بل ولثبوت أن الله غير مهتم بقضية الإيمان به، فالإلحاد ما هو إلا عدم القدرة على الاقتناع بالأدلة على وجود الله، مما لا يوضع في ميزان الجزاء الإلهي بسبب جبريته. ثم إني حسب لاهوتي الذي يقوم على أصل (التنزيه) أدعي أن الملحد قد يكون أكثر تنزيها لله من المؤمن الديني، لكونه بسبب عدم إيمانه بالله، فهو لا يؤمن بالإله الخطأ، أو بالإله غير المنزَّه، بينما المؤمن الديني غالبا ما يؤمن بالإله الخطأ، ومع هذا فالله لا يؤاخذ لا هذا ولا ذاك، طالما لم يكن أي منهما من الظالمين.
2. اللاأدريون: ومن يدري لعلهم أكثر عقلانية – ولا أقول أكثر عقلية لما من فرق بين ما هو عقلي وما عقلاني - من الفريقين الآخرين، وهما الإلهيون واللاإلهيون، وفي كل الأحوال هم أقرب إلى الصواب من الدينيين.
3. الإلهيون العقليون اللادينيون: وهؤلاء الذين أنا منهم، هم دعاة التعايش مع جميع الفرائق الأخرى، بما فيهم الملحدون والدينيون العقلاء والطيبون، الذين ربما ستبقى إلى حين قلة ضئيلة منهم في بداية عصر ما بعد الأديان.



#ضياء_الشكرجي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مناقشة المفهوم البهائي للقيامة ٢/٢
- مناقشة المفهوم البهائي للقيامة ١/٢
- ماذا لو جاء مؤسسو الأديان في عصرنا؟
- القرآن والمضواء ٥
- ردي على وليد العتيبي في مقالته تهافت الرؤى الإلحادية ٢ ...
- ردي على وليد العتيبي في مقالته تهافت الرؤى الإلحادية ١/ ...
- القرآن والمضواء ٥
- القرآن والمضواء ٤
- القرآن والمضواء ٣
- القرآن والمضواء ٢
- القرآن والمضواء ١
- الشرك في الأديانِ التوحيدية
- بين أزمة الحرب وأزمة العقل الشرقي
- الأحداث الراهنة ومستقبل المنطقة ٤
- الأحداث الراهنة ومستقبل المنطقة ٣
- الأحداث الراهنة ومستقبل المنطقة ٢
- الأحداث الراهنة ومستقبل المنطقة ١
- لماذا كتابي (القرآن والمضواء)؟
- القرآن محاولة لقراءة مغايرة ١٦١
- القرآن محاولة لقراءة مغايرة ١٦٧


المزيد.....




- قتيلان من الجماعة الإسلامية وحزب الله بغارتين اسرائيليتين عل ...
- لقاء بين رئيس مجلس الوزراء العراقي ورئيس الطائفة الشيعية في ...
- السفير الإسرائيلي السابق في إيطاليا يهاجم بابا الفاتيكان الر ...
- رئيس مجلس الوزراء العراقي يستقبل رئيس الطائفة الشيعية في سور ...
- ما الذي نعرفه عن العقيدة الكاثوليكية؟
- تثبيت تردد قناة طيور الجنة الجميلة لأطفالك على القمر الصناعي ...
- بيتر باينارت: أن تكون يهوديا بعد تدمير غزة، أين الحساب؟
- نزلها الآن “تردد قناة طيور الجنة الجديد للأطفال 2025” .. TOY ...
- أول صورة لجثمان بابا الفاتيكان.. وعراقي من بين المرشحين لخلا ...
- كل عام والأمة الإسلامية بخير “موعد عيد الاضحي 2025” .. في مص ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ضياء الشكرجي - عصر ما بعد الأديان