|
تفكيك الأكاذيب: العرب والمسيحية وحمّى التزييف الأيديولوجي المعاصر
خلف علي الخلف
الحوار المتمدن-العدد: 8320 - 2025 / 4 / 22 - 16:47
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
كثيرًا ما تتردد في الكتابات المعاصرة، من بعض كتاب اليسار العربي والكتّاب ذوو الخلفية المسيحية روايةٌ مريحة لعقولهم وأيديولوجياتهم وغرائزهم الثقافية، تختزل تاريخ المشرق في مسيحية "تقدمية حضارية موسيقية"، تم تقديمها كجوهرة كانت تتلألأ في قلب التاريخ، إلى أن جاء الإسلام "الغريب" فغزاها وأطفأ نورها. هذه الرواية التي تحولت إلى شبه عقيدة ثقافية عند بعض خصوم الإسلام، تتغافل عن التاريخ الفعلي للمسيحية نفسها، وتحوّلاتها السياسية والاجتماعية، كما تتجاهل تمامًا البنية الدينية والروحية للمجتمع الذي جاء فيه الإسلام، وتاريخ الصراعات الدينية بين المسيحيين أنفسهم، فضلًا عن معاناة المسيحية المشرقية التي حاولت المسيحية الرومانية القضاء عليها قبل الإسلام لا بعده. ليس الغرض هنا الدفاع عن الإسلام أو الهجوم على المسيحية، بل إعادة وضع التاريخ في إطاره الواقعي، بعيدًا عن الأوهام الأيديولوجية والتوظيف السياسي والاستشراقي الداخلي. هذا المقال هو محاولة لإعادة ترتيب الحقائق في مواجهة الرواية المشوهة، بل حتى المزوَّرة، عبر تتبع أبرز المحطات التي شهدها المشرق دينيًا من المسيحية الأولى إلى ما قبل الإسلام، وصولًا إلى ما بعد ما سمي الفتح الإسلامي، منطلقًا من قناعة بأن كل الأديان بما فيها السماوية التوحيدية؛ المسيحية والإسلام واليهودية، تداخلت وتصارعت في فضاء واحد، لكن قراءة هذا الفضاء غالبًا ما تكون مشوهة بهوى من كتبها.
المسيحية: ديانة ناشئة لم تشكل هوية المشرق
من المهم قبل أي نقاش أن نضع المسيحية في سياقها التاريخي الواقعي، لا في صورتها المتخيلة التي يكتبها المعاصرون. فالمسيحية، كما هو ثابت في أغلب الدراسات التاريخية الرصينة، لم تكن ديانةً متجذرة أو منتشرة في منطقة الهلال الخصيب والمشرق عمومًا، بل ديانة جديدة طارئة ظهرت في فلسطين في القرن الأول الميلادي، ضمن بيئة يهودية متوترة دينيًا وسياسيًا. وقد واجهت المسيحية رفضًا واسعًا من معظم سكان المنطقة، بما في ذلك اليهود الذين رأوا فيها انحرافًا عن التوحيد، وأتباع الديانات المحلية الشرقية الذين اعتبروها تهديدًا لهوياتهم الدينية والثقافية. لقد ظل أتباع المسيحية الأوائل – حتى القرن الرابع الميلادي – جماعات محدودة ومنعزلة، منتشرين على هامش المدن الكبرى مثل الرها وأنطاكية ونصيبين، وغالبًا تعرّضوا للرفص والاضطهاد والتنكيل، لم يرفضهم فقط أتباع الديانات المحلية التي أطلقوا عليها "الوثنية"، بل من المجتمعات المحلية، قبل أن يضطهدهم الرومان الذين كانت إمبراطوريتهم مترامية الأطراف وتحكم معظم المشرق العربي. وهذا ما تؤكده كتابات آباء الكنيسة أنفسهم، ممن اشتكوا من "جحود الأقربين". لم يكن هناك تبنٍّ جماعي أو شعبي واسع للمسيحية، بل كانت مساراتها التبشيرية بطيئة ومليئة بالعقبات، وكان انتشارها في بلاد الشام والرافدين حتى القرن السادس الميلادي لا يزال في نطاق محدود جغرافيًا واجتماعيًا.
المسيحية انتشرت في مراحلها الأولى عبر الطرق التبشيرية، وعبر الجماعات الثقافية مثل الآراميين وبعض القبائل العربية المتنصرة، مثل تغلب وطي وغسان واللخميون. أما غالبية سكان المشرق؛ سواء في سورية الداخلية أو الجزيرة الفراتية والعراق ومصر وشمال أفريقيا، فكانوا يعتنقون ديانات محلية ضاربة في القدم، مثل عقيدة الإله سين الحنيفية في حران والجزيرة الفراتية، وديانة بل في تدمر، والمزدكية والزرادشتية في العراق وإيران، إلى جانب أنماط الحنيفية المنتشرة في بادية الشام والجزيرة العربية التي لم تكن مؤسسية، بل كانت تجليات إيمانية فردية مستلة من أحناف حرّان أي أتباع عقيدة الإله سين.
إذًا، المسيحية لم تكن ديانة سائدة في المشرق قبل الإسلام، بل كانت مستجدة عليه ومرفوضة من أهله لفترات طويلة، حتى بعد اعتناق ملوك الرها العرب لها، إلى أن اعتنقها الحكام الرومان في عهد الإمبراطور قسطنطين في القرن الرابع، فتحولت فجأة إلى ديانة دولة، وبدأت في فرض نفسها بقوة السلاح في نسختها الرومانية، لا بقوة الإقناع، كما يحاول من يكتبون التاريخ بطريقة انتقائية إقناعنا. قبل ذلك، كان المشرق يشهد تنوعًا دينيًا، حيث كانت عقائد مثل عبادة الإله سين سائدة منذ آلاف السنين، وتشكل جزءًا من الهوية الروحية العميقة لأهله.
عقيدة الإله سين الحنيفية: الجذر المنسي للروح الدينية في المشرق قبل الإسلام.
قبل بزوغ المسيحية، ثم الإسلام، كانت عقيدة الإله سين، أو "الإله القمر"، تمثل واحدًة من أكثر العقائد أو الأديان رسوخًا وانتشارًا في المشرق القديم، خصوصًا في المناطق الواقعة في الجزيرة الفراتية مثل حران والرها ومرتفعات طور عبدين. الباحث يوئيل ناتان (Yoel Natan)، ألّف كتابًا يمكن ترجمة عنوانه إلى "التوحيد القمري: ديانة نبي إله الحرب والقمر"، وهو دراسة من مجلدين ضخمين تتناول ديانة الإله سين، الإله القمر في الشرق الأدنى القديم، وتأثيرها على الديانات الإبراهيمية، خاصة الإسلام. نشر في بدايته خريطة توضح انتشار الأديان غداة ظهور الإسلام، وتوضح هذه الخريطة أن الديانة السائدة في المشرق هي عبادة الإله سين بينما كانت اليهودية والمسيحية مجرد بقع متناثرة ومعزولة. يربط يوئيل ويطابق إلى حد كبير بين ديانة الإله سين وبين الحنيفية، وهذا ما وصلنا إليه من مصادر متعددة عربية وسريانية كثيرة في كتابنا "الحرانيون السومريون: في أصول ومعتقدات العشائر الزراعية في الجزيرة والفرات". والإسلام يقول نصا أن الحنيفية هي جذره الأساسي. وقد كانت حران مركزًا روحيًا وتاريخيًا لهذه العقيدة، واستمر أهلها على ولائهم لسين حتى قرون متأخرة، حتى بعد قدوم الإسلام، ما يدل على تجذر هذه الديانة واستعصائها على الإقصاء. بل إن الحرّانيين يفخرون بحماية مدينتهم من "ضلال الناصرة" كما خطب زعيمهم العالم والفيلسوف الكبير ثابت بن قرة الحرّاني، في ردِ على آباء الكنيسة الذين اعتبروا حرّان "عش الوثنية".
عقيدة الإله سين كانت عقيدة فلاحية علمية مرتبطة بالكواكب؛ لدورها في تدبير الكون وتبدلات الطبيعة، مما جعل القمر مركزًا لتصور ديني عملي غير عنيف وغير تبشيري، لكنه عميق التأثير على الحياة اليومية وخصوصا الشؤون الزراعية. وقد ظهرت صور الإله سين وتماثيله في النصوص السومرية والأكدية والبابلية، وكان له معبد ضخم في أور، ثم مركزه الرئيس في حران، حيث بقيت عبادته حية حتى منتصف القرن الثالث عشر الميلادي، وبحسب ما يورده المؤرخون كانت قائمة في القرن العاشر الميلادي وكتب عنها ابن النديم والمسعودي والبلاذري. والبيروني وآخرين. ولعل أكثر ما يثير الانتباه هو أن أتباع هذه العقيدة لم يصطدموا مع الإسلام، بل احتُسبوا من "الصابئة" الذين ذُكروا في القرآن، ما أتاح لهم النجاة والعيش في ظل الإسلام، بالرغم من أن جوارهم المسيحي الرهاوي أشاع بأنهم "وثنيون". ويشيير باحثون إلى أن الحنيفية التي نُسب إليها إبراهيم أبو الأنبياء في التراث الإسلامي، ليست إلا مرحلة من طقوس وأفكار عقيدة سين، مع تطعيمها برفض الأصنام والتركيز على خالق واحد ضمن مفهوم التوحيد.
الحنيفية، بهذا المعنى، لم تكن دينًا مؤسسيًا، بل كانت في أحد تجلياتها تيارًا علميًا؛ لارتباطها بالكواكب التي تدبر الكون بشكل علمي، وتيارًا روحيًا تأمليا عابرًا للقبائل والمدن. إنها عقيدة من سميوا الصابئة الحرانيين، وارثي عقيدة الإله سين بعد أن تم تطعيمها بنزعة توحيدية ناضجة نشأت في سياق تأملات كونية لا تصادمية. لذا، فإن الزعم بأن المنطقة كانت "مسيحية" قبل الإسلام، هو طمس متعمد لحضور الحنيفية والديانات الطبيعية، بما فيها المصرية، التي حكمت الخيال الديني لملايين البشر لعشرات القرون. إن تجاهل هذه الحقيقة في السرديات المسيحية والغربية الحديثة يمثل جزءًا من مشروع منهجي لمحو الذاكرة الدينية العميقة للمشرق، ومحاولة لافتتاح التاريخ بالمسيحية وكأن ما قبلها كان مرحلة فارغة من الجذور الروحية والوجود الديني. هذه السرديات تتجاهل عمداً الدور الحيوي للديانات التي نشأت في المشرق قبل الأديان الإبراهيمية، وتغفل تمامًا أبعادها الثقافية والدينية التي ساهمت في تشكيل هوية المنطقة.
العرب ونشر المسيحية في المشرق والعالم
رغم ما تُشيعه بعض الروايات الحديثة من أن المسيحية انتشرت في المشرق بفضل إنطاكية والإسكندرية وروما، فإن الحقائق التاريخية تشير إلى أن العرب؛ لا سيّما عرب الممالك الحدودية مثل الرها والحيرة والغساسنة، كانوا القوة الحقيقية التي حملت المسيحية السلمية. بداية من الرها المملكة العربية التي آمنت بالناصري قبل كل الدول، ثم حمل لوائها عرب آخرون؛ ممالك وقبائل عربية حملت المسيحية إلى أقاصي آسيا ونشروها بوصفها مشروعًا ثقافيًا مستقلًا عن الهيمنة الرومانية والبيزنطية.
اعتنقت مملكة الرها (أورفا حاليًا) المسيحية في وقت مبكر، بل هي أول كيان سياسي أعلن اعتناق الدين الجديد رسميًا، وذلك في النصف الأول من القرن الثالث الميلادي، رغم أن هناك باحثين يرجعون ذلك إلى القرن الأول الميلادي، قبل أن تفعل روما ذلك بزمن طويل. وكان ملوك الرها من العرب المتحضرين الذين تبنوا المسيحية بلغتهم السريانية، وشجّعوا إنشاء الكنائس البسيطة ذلك الوقت، وساهموا في بذر أولى بذور الفكر اللاهوتي ونقاشاته، ممهدين الطريق لاحقًا لنشوء المدارس والتيارات العقدية المسيحية، فصار لمدينة الرها شأن ديني كبير، وأصبحت مركزًا للتعليم اللاهوتي في الشرق. وقد برز فيها مفكرون كبار أمثال أفراهات الحكيم، وأفرام السرياني، الذين كانوا أدوات نشر فعّالة للمسيحية ضمن بيئة آرامية عربية متجانسة.
كذلك، لا يُمكن إغفال دور مملكة الحيرة العربية التابعة للفرس، التي تبنّت المسيحية النسطورية واحتضنت بطاركتها المطرودين من الإمبراطورية البيزنطية. ظهر في الحيرة شعراء وأدباء وملوك تنصّروا دون ضغوط، ومنهم النعمان بن المنذر، الذي كان راعيًا للثقافة النصرانية في مشرق الجزيرة. أما الغساسنة -وهم عرب استقروا جنوب سوريا تحت الوصاية البيزنطية- فقد كانوا المسيحيين العرب الأبرز في بلاد الشام، وكان يُنظر إليهم كحماة للمسيحية الأرثوذكسية الشرقية، التي آلت إلى اليعقوبية، ضد التسلط الديني الآتي من القسطنطينية. وقد ساهم الغساسنة في تعزيز الثقافة المسيحية المشرقية، وكان ملوكهم يتدخلون لحماية الكنائس من تغوّل الإمبراطورية.
لم تكن روما من أوصلت المسيحية إلى المشرق، ولا كانت الإسكندرية أو إنطاكية وحدهما مهندستَي انتشارها. الحقيقة أن العرب، ومعهم الآراميون، هم الذين احتضنوا المسيحية الأولى، وصاغوها بلغاتهم ولهجاتهم، وغرسوها في تربتهم الثقافية. فنشأت كنائس مشرقية أصيلة، ناطقة بالسريانية، مشبعة بروح المكان وسكانه. لم تكن تابعة لإمبراطوريات، ولا خاضعة لوصاية. تجاهل هذا الدور – سواء بدافع الجهل أو سوء النية – لا يعني سوى تشويه لتاريخ المسيحية الحقيقي، حيث كان العرب من بناة كنائس الشرق لا مجرد متلقّين.
المجازر المسيحية ضد أتباع الديانات الأصلية: الوجه الآخر "للمحبة".
كثيرًا ما يُروّج للمسيحية -خصوصًا في منظورها الغربي- كدين محبة وسلام. إلا أن التاريخ المتعلق بصعود المسيحية كقوة سياسية في الإمبراطورية الرومانية، يقدّم وجهًا مغايرًا؛ حيث شهد المشرق موجة عنف منهجية واسعة النطاق ارتكبتها الكنيسة الرسمية بحق أتباع الديانات القديمة التي أطلقوا عليها "الوثنية". هذه المجازر لم تكن استثناءً، بل هي سياسة ممنهجة لإعادة تشكيل الوعي والهوية الثقافية تحت راية المسيحية الإمبراطورية، وخصوصًا بعد مرسوم ميلانو (313م) ثم مرسوم تسالونيكي (380م) الذي جعل المسيحية دين الدولة. بعد هذه التحولات، تم تدمير مئات المعابد التي تعود للديانات الأصلية الشعبية في سوريا ومصر وبلاد الرافدين، منها معبد بعلبك ومعبد أرتميس في أفسس، ومعبد سين في حران، الذي أعاد الحرانيون ترميمه، ومعبد بل في تدمر. وقد قاد الأساقفة حملات تحريض مباشرة لهدم تلك المعابد وتحويلها إلى كنائس، كما حدث في الإسكندرية بقيادة البابا ثيوفيلوس، الذي أشرف على تدمير معبد السيرابيوم، أحد أعظم معابد العالم القديم. وتشير الروايات إلى أن الرهبان أنفسهم كانوا ينخرطون في الهدم بالحجارة والمعاول، ويمارسون الطقوس المسيحية فوق أنقاض المعبد؛ لترسيخ الانتصار الرمزي.
الأدهى من ذلك أن أتباع الديانات الأصيلة لم يُمنحوا حتى خيار النجاة، بل طوردوا، وأُجبروا على التحوّل، أو نُفوا، أو قُتلوا. وتشير كتابات المؤرخ البيزنطي زوسيمنوس إلى أن الإمبراطور ثيودوسيوس أصدر أوامر مباشرة بقتل الكهنة "الوثنيين" ومصادرة ممتلكاتهم. شهدت أنطاكية وحرّان وسينوب ودمشق موجات من التطهير الديني، استهدفت أتباع الديانات التي سبقت المسيحية بآلاف السنين، كديانة الإله القمر سين، وعبادات مردوخ وعشتار، والمزدكية، والزرادشتية، إضافة إلى المندائية والمانوية. وقد وثّق المؤرخ السرياني يوحنا الأفسسي (القرن السادس الميلادي) في كتابه "تاريخ الكنيسة" تلك الأفعال بصراحة، وذكر أن جماعات مسيحية كانت تحرق القرى التي يصفها بالوثنية بمن فيها، وكان يُنظر إلى هذه الجرائم بوصفها "أعمال تقوى"، ما دام الهدف منها القضاء على "الوثنية" وإنقاذ الأرواح من الجحيم!
وهكذا فإن المسيحية، مثل سائر الأديان عندما تحكم، لم تكن أقل دموية أو تعصبًا، بل ربما تفوقت في بعض المراحل على ما مارسه غيرها. وتُعدّ هذه المجازر بحق الديانات الأصلية واحدة من أكبر عمليات الإبادة الفعلية والرمزية في تاريخ المشرق، وقد ساعدت على طمس هوية ثقافية وفكرية كانت عميقة الجذور، لتحل محلها سلطة كنسية تستمد شرعيتها من دعم الدولة والقمع المسلح.
العرب وثيودورا المنبجية: منقذو المسيحية المشرقية من الاضطهاد البيزنطي
في المفارقة التي يتجاهلها كثير من الكُتّاب اليساريين والمعادين للإسلام حين يكتبون في هذا المفصل، أن المسيحية المشرقية –بتفرعاتها النسطورية واليعقوبية والقبطية – لم تكن لتبقى على قيد الحياة لولا العرب الذين أنقذوها من براثن الاضطهاد الروماني والبيزنطي. فبينما يرى البعض أن ما سمي الفتح الإسلامي كان تهديدًا للمسيحية، فإن الوقائع تثبت أن المسيحية التي طاردها بطاركة روما والقسطنطينية وجدت في البيئة العربية متنفسًا وملجأً، سواء قبل الإسلام أو بعده.
ابتداءً من القرن الخامس الميلادي، اتخذت الإمبراطورية البيزنطية موقفًا متشددًا تجاه المسيحية الشرقية غير الخلقيدونية، النساطرة واليعاقبة والأقباط. وقد بلغت حملة الاضطهاد أوجها بعد مجمع خلقيدونية (451م) الذي اتهم نسطور بالهرطقة، وتبعه في ذلك بطاركة روما والإسكندرية. تم تجريد نسطور من بطركيته، ونُفي، وأُحرقت كتبه، واضطُهد أتباعه في المدن الخاضعة للرومان. فهرب كثير من النسطوريين إلى نصيبين وفارس، ومن هناك انتشروا في آسيا. ونشروا المسيحية التي وصلت الصين والهند.
وهنا يبرز دور العرب المشرقيين، وعلى رأسهم الحارث بن جبلة؛ ملك الغساسنة، الذي وقف إلى جانب الكنيسة اليعقوبية ضد الخلقيدونية، ووفّر الحماية للأديرة والرهبان، كما ساعد على تأسيس مراكز لاهوتية بعيدًا عن قبضة بيزنطة. ثم جاء الدور الأهم لشخصية يجب ألا تُنسى من الذاكرة المسيحية المعاصرة: الإمبراطورة ثيودورا المنبجية الأصل، وزوجة الإمبراطور جستنيان الأول (527–565م).
ثيودورا، التي وُلدت في منبج، التي في شمال سوريا الآن (بحسب عدة روايات)، كانت تتعاطف عميقًا مع المسيحيين المشرقيين غير الخلقيدونيين. ويذكر المؤرخ بروكوبيوس في كتابه التاريخ السريّ أن ثيودورا كانت ذات تأثير كبير في البلاط، واستخدمت نفوذها لحماية المطرودين والمضطهدين من الكنيسة الرسمية، وقد قامت بحماية العديد من البطاركة المشرقيين الذين كانوا تحت الإقامة الجبرية في القسطنطينية لرفضهم مجمع خلقديونية. ثيودورا زوجة الإمبراطور جستنيان المنوفيزية، دعمت طلب الحارث بن جبلة (توفي 569م) لرسم أساقفة للمشرق، فتم رَسم يعقوب البرادعي‘أسقفًا على الرّها وبلاد الشام وآسيا، وتيودور أسقفًا لمملكة الغساسنة التابعة لبيزنطة مقره بُصرى، بوضع اليد من قبل بطريرك الإسكندرية ثاودوسيوس.الذي كان تحت الإقامة الجبرية في القسطنطينية. وينسب الفضل ليعقوب البرادعي في إعادة أحياء الكنيسة الأرثوذكسية بشقيها السرياني والقبطي، فقد رسم آلاف الأساقفة والمطارنة والشمامسة وساهم في الحفاظ على البنية اللاهوتية والإدارية للكنائس الشرقية التي لولا ثيودورا والحارث والبرادعي لانتهت بالكامل. من اللافت أن هذه الحماية جاءت من سيدة تعود أصولها إلى المشرق، ما يُظهر أن الهوية الثقافية للمنطقة لم تكن متماهية مع السلطة الدينية المسيحية الرسمية، بل كانت تقاومها وتحتضن ما يُقمع منها.
لقد ساهم هؤلاء –الحارث، وثيودورا، ويعقوب البرادعي– في حفظ التنوع المسيحي، وفي ضمان استمرارية كنائس الشرق رغم مطاردات روما. وعندما جاء الإسلام، ورث هذه البنية، ومنحها شرعية جديدة تحت مظلة "أهل الذمة"، ما سمح للمسيحية المشرقية أن تزدهر وتبني مدارس ومكتبات وأديرة وكنائس، وأن تُخرّج أطباء ولاهوتيين كان لهم دور كبير في الحضارة الإسلامية ذاتها.
المسيحية الشرقية في ظل الإسلام
الكنيسة النسطورية، أو كما تعرف رسميًا بـ"كنيسة المشرق"، هي واحدة من أبرز الكنائس المسيحية التي نشأت في المشرق العربي قبل الإسلام، ولعبت دورًا حيويًا في الحفاظ على المسيحية في مواجهة الاضطهاد البيزنطي. كان تأثير هذه الكنيسة العميق في المنطقة العربية واضحًا، ليس فقط من الناحية الدينية، بل أيضًا من الناحية الثقافية والتاريخية.
قبل الإسلام، كانت الكنيسة النسطورية تنتشر بشكل محدود في المناطق التي كانت تحت حكم الإمبراطورية البيزنطية، فقد أدت الخلافات العقائدية، وتبني بيزنطة للمذهب الملكاني [الخلقيدوني] إلى تشرذم المسيحية المشرقية. وفي هذا السياق، تُعد النسطورية إحدى أقدم فروع المسيحية غير الخلقيدونية، التي عارضت عقيدة الاتحاد بين اللاهوت والناسوت في المسيح التي تبنتها الكنائس الغربية. كان نسطور، مؤسس هذه الكنيسة وأحد أبرز آباء الكنيسة، شخصية محورية، وكان معروفًا بنقده المفرط لنظريات الكنيسة الغربية عن طبيعة المسيح، الأمر الذي أدى إلى اتهامه بالهرطقة في مجمع خلقيدونية عام 451م.
لكن بعد هذا الاضطهاد، قامت الكنيسة النسطورية بتوسيع نفوذها في مناطق عدة بعيدًا عن القبضة البيزنطية. فبعد أن طردت من الرها التي كانت مركزًا رئيسيًا للكنيسة النسطورية، اتخذت نصيبين في الجزيرة الفراتية، مقرًا لها، وكانت تحت النفوذ الساساني. كانت علاقة الكنيسة النسطورية مع الإمبراطورية الساسانية أكثر تسامحًا مقارنةً مع الاضطهاد البيزنطي.
مع قدوم الإسلام في القرن السابع الميلادي، بدأ هذا الوضع يتغير بشكل كبير. فالكنائس المشرقية التي تعرضت للتهميش والخنق في ظل حكم بيزنطة، وعلى رأسها الأرثوذكسية السريانية والقبطية، وجدت في الإسلام نهجًا مختلفًا تمامًا في تعامله مع الكنائس المسيحية. في حين حاولت الإمبراطورية البيزنطية فرض وحدة دينية بالقوة، وإجبار جميع المسيحيين على الالتزام بعقيدتها، كان الإسلام أكثر تسامحًا تجاه الأديان الأخرى. أقر الإسلام "أهل الذمة" على حق العبادة دون فرض تحويلهم إلى الدين الجديد، ما سمح للمسيحية المشرقية بالاستمرار في مناطقها. استفادت الكنائس النسطورية والقبطية واليعقوبية من الوضع الجديد تحت حكم المسلمين، حيث تمتع أتباعها بحرية دينية نسبية مقارنة بالفترة البيزنطية، وصاروا يعقدون المجامع اللاهوتية، وينتخبون بطاركتهم علنًا بعد أن كان ذلك ممنوعا عليهم في ظل حكم بيزنطة. ازدهرت المسيحية الشرقية بفضل التسامح الذي أبداه الحكام المسلمون، والذين اعتمدوا على الجزية كأداة اقتصادية بدلاً من الإكراه الديني. وبالتالي، ورغم الاتفاقات مع المسلمين التي تمنع ذلك، شهدت كنائس المشرق توسعًا ملحوظًا في عدد الكنائس في المناطق التي كانت تحت سيطرة الدولة الإسلامية، بل واستمر عدد المسيحيين في النمو.
وبالإضافة إلى ذلك، كان أتباع الكنيسة النسطورية من العلماء والأطباء، ومنهم شخصيات بارزة مثل حنين بن إسحاق وولده إسحاق العرب السريان وسلالة بختيشوع، قد لعبوا دورًا في بلاط الخلافة في العصور الإسلامية. ولذلك، يمكن القول إن الكنيسة النسطورية ساهمت بفاعلية في نشر الثقافة المسيحية السريانية، وعلوم الطب في العالم الإسلامي. على الرغم من الازدهار النسبي الذي عرفته الكنيسة النسطورية في ظل الحكم الإسلامي، فإنها لم تكن بمنأى عن التحديات الدينية المتواصلة. فقد ظلت الخلافات العقائدية قائمة بينها وبين الكنائس المشرقية الأخرى، كاليعقوبية (السريان الأرثوذكس) والقبطية، فضلاً عن استمرار الصراع اللاهوتي مع الكنائس الغربية. كما ظل التأثير البيزنطي مهيمنًا على بعض المناطق، ليس فقط سياسيًا، بل ثقافيًا ولاهوتيًا، مما زاد من تعقيد وضع المسيحية الشرقية.
ومع ذلك، فقد استطاعت كنيسة المشرق أن تصمد، محافظةً على وجودها وانتشارها، لتغدو إحدى أعمدة المسيحية في المشرق، لا سيما في الفضاء الإسلامي الذي منحها حيزًا من التسامح النسبي، خلافًا لما واجهته في العهد البيزنطي من اضطهاد وقمع. وهذا ينطبق أيضًا على الكنيسة اليعقوبية، التي يذكر بطريركها ديونيسيوس التلمحري (775 - 845 م) في تأريخه كيف وفّر الخلفاء المسلمين لها الحماية من الانقسامات العنيفة التي كانت تهدد كيانها عبر تثبيت البطريرك المنتخب من مجامعهم اللاهوتية.
أما الكنيسة القبطية، فقد تمتعت بهامش واسع من الاستقلال في ظل الدولة الإسلامية، ولم يُعترض سبيلها إلا في مسألة الجزية التي فُرضت على غير المسلمين، لكنها لم تُواجَه بالملاحقة أو القمع لأسباب دينية كما كان عليه الحال في العهد البيزنطي. المفارقة هنا أن هذا العهد البيزنطي، الذي امتهن إذلال الكنائس المشرقية،تغنّى به اليوم بعض الكتّاب الكنسيين واليساريين المعادين لا للإسلام فحسب، بل للعرب أنفسهم، متجاهلين أن العرب لم يأتوا إلى المشرق مع الإسلام، بل كانوا هم أول من حمل المسيحية، ونشرها، وحماها من الاندثار.
التعايش بين المسيحية والإسلام في المشرق
عندما حكم المسلمون أراضي المشرق في القرن السابع الميلادي، كانت المنطقة تعيش في سياق ديني متعدد ومعقد، يتداخل فيه المسيحيون واليهود والزرادشتيون والأحناف الحرانيون وغيرهم من الأديان التقليدية. ورغم التحولات الكبيرة التي جلبها العهد الإسلامي، فإن تعامل الدولة الإسلامية مع المسيحيين بشكل خاص كان له تأثير عميق على استمرارية وحياة المسيحية في هذه المناطق. في البداية، كان هناك استجابة متباينة من قبل المجتمعات المسيحية تجاه الإسلام. البعض رحب بالمسلمين باعتبارهم خلاصًا من الهيمنة البيزنطية التي كانت تضطهد الكنائس المشرقية غير الخلقيدونية، وقد دخل العرب المسلمون؛ القدس والرها والموصل والرقة وحرّان صلحا. بينما الذين ظلوا مخلصين للكنيسة الرومانية أو البيزنطية الخلقيدونية، رأوا في الإسلام تهديدًا لعقيدتهم ووجودهم. العرب المسلمون أقروا لـ"أهل الكتاب" أي اليهود والمسيحيين بمكانة خاصة في المجتمع الإسلامي. فسمح لهم بممارسة شعائر دينهم بحرية، وأُعطوا "أهل الذمة" حقوقًا قانونية وسياسية بوثائق مكتوبة تحميهم من الاضطهاد مقابل الجزية وهي على ما يذكر باحثون منصفون كانت أقل ما كانت تفرضه بيزنطة من ضرائب.
هذا التعايش بين المسلمين والمسيحيين كان له آثار ثقافية كبيرة. فالمسيحيون، استمروا في تسيير حياتهم الدينية، وكانوا يشاركون في الحياة العامة من خلال تقديم المشورة للحكام المسلمين في القضايا الدينية والتنظيمية والطبية، وكان أطباؤهم ومهنيوهم موجودين في البلاط الإسلامي، ووصلوا إلى مناصب عليا في الدولة. بل خاض رجال دينهم جدلا سياسيا ولاهوتيا في قصور الخلفاء وهذا ما كتبه نصا وبتفصيل البطريرك ديونيسيوس التلمحري اليعقوبي وثاودوروس أبو قرة الحرّاني (750- 825م) أسقف حرّان الخلقيدوني. ومع تطور الخلافات العقائدية بين الكنائس الشرقية والغربية، كان التعايش مع الإسلام يحمل بُعدًا آخر في تطور الفكر المسيحي المشرقي. ففي الوقت الذي كان فيه الغرب المسيحي يتجه نحو تحديد العقائد بشكل دقيق ومركزي، كانت الكنائس المشرقية تشهد تحولات داخلية، مما ساهم في تطور لاهوتي ومذهبي في ضوء التحديات الجديدة.
وفي المقابل، على الرغم من العيش المشترك، لم تخلُ هذه العلاقات من التوترات بين المسلمين والمسيحيين، خاصة في فترات الاضطرابات السياسية في المنطقة. إلا أن ذلك لم يمنع المسيحيين من التكيف مع الوضع الجديد، بل كانت لهم أدوار بارزة في فترات الحكم العباسي والفاطمي، حيث ازدهرت المجتمعات المسيحية، خصوصًا في الحواضر الكبرى مثل بغداد ودمشق والاسكندرية. كانت الكنائس تحظى بحماية الحكام المسلمين الذين كانوا يفضلون الجزية على الدخول في الإسلام، مما سمح لها بالاستمرار في ممارسة دورها الديني والثقافي. على الرغم من التحديات والخلافات، فإن هذا التعايش أسهم في إثراء الحضارة الإسلامية والمسيحية على حد سواء، حيث تم تبادل المعرفة والفكر، وكان له تأثير طويل الأمد في تشكيل هوية المنطقة. كان هذا التعايش هو الحل الوسط الذي سمح بوجود المسيحية بشكل مستمر في المشرق الإسلامي، رغم التحديات الدينية والسياسية.
انتصار المسيحية الغربية وتراجع كنائس المشرق
شهدت الكنائس الشرقية، وعلى رأسها النسطورية والأرثوذكسية، مرحلة من الازدهار تلتها فترات تراجع طويلة، خاصة بعد الانتصار التاريخي الذي حققته المسيحية الغربية سياسيًا ولاهوتيًا. فالكنيسة النسطورية، التي كانت ذات نفوذ واسع في العراق وفارس وآسيا الوسطى، تلقت ضربات متتالية بدأت من مجمع خلقيدونية (451م) الذي صنّف تعاليمها بالهرطقة، وتواصل إقصاؤها مع صعود التحالف البيزنطي-الكاثوليكي. أما الكنيسة اليعقوبية (الأرثوذكسية السريانية) والكنيسة القبطية، فكانتا أيضًا في صراع دائم مع الإمبراطورية البيزنطية، التي سعت لفرض مفاهيمها اللاهوتية على كل المشرق. فقد رُفضت عقيدتهما المونوفيزية وأسمتهم أصحاب الطبيعة الواحدة، وتعرض أتباعهما للقمع والتنكيل. المفارقة أن الإسلام، مع قدومه، منح هذه الكنائس وضعًا أفضل بكثير مما لاقته في ظل الحكم البيزنطي. فقد وفّر الخلفاء الأمويون والعباسيون، مناخًا من التسامح، بل وحماية الكنيسة اليعقوبية من الانشقاقات التي كانت تعصف بها. الكنيسة القبطية، رغم ما واجهه أتباعها من ضرائب كالجزية، لم تتعرض لإقصاء أو اجتثاث، كما كان عليه الحال في العهد الروماني، حين اعتُبر الأقباط أشبه بالهراطقة. وهنا يظهر التجني الذي يروج له بعض الكتّاب اليساريين و"كتاب الكنائس" المعادين للإسلام، بتصوير الإسلام كقوة قمعية تجاه المسيحيين الشرقيين، في الوقت الذي تجاهلوا فيه القمع البيزنطي العنيف. متناسين أو متجاهلين تاريخ المسيحية ذاتها، الذي يظهر أن العرب -قبل الإسلام- حملوا المسيحية ونشروها في الشام والعراق والجزيرة وآسيا. وعندما جاء الإسلام، حماهم المسلمون، وتركوهم لشؤون عقيدتهم وتنظيم كنائسهم دون تدخل. ومع مرور القرون، ونتيجة للهيمنة الثقافية والسياسية الغربية، تراجعت الكنيسة النسطورية إلى حدود الانقراض، فيما ظلت الكنيستان اليعقوبية والقبطية تصارعان؛ للحفاظ على تراثهما، وهويتهما في ظل عالم متحوّل. لقد صمدت الكنائس الشرقية بفضل بيئاتها الأصلية، لا بفضل بيزنطة التي مارست ضدهم الاضطهاد الشنيع.
الخاتمة
شهدت المسيحية في المشرق مسارًا معقدًا تشكل عبر صراعات عقائدية وهيمنات سياسية متعاقبة، لكن كثيرًا ما يُغفل الدور العربي في هذا التاريخ، بل وينشر تاريخ مزور لعلاقتهم بالمسيحية. فالعرب، قبل الإسلام، كانوا من أوائل من اعتنق المسيحية، ونشروها من الرها إلى نصيبين والحيرة ثم آسيا. أسهم الغساسنة والتغالبة وطي، في ترسيخ الكنائس المشرقية كالنسطورية واليعقوبية والقبطية. وقد لعب مفكرون ولاهوتيون عرب دورًا أساسيًا في صياغة العقيدة، وتوسيع نفوذها حتى أقاصي الشرق. ومع ظهور الإسلام، لم تُحاصر المسيحية، بل حظيت ببيئة أكثر تسامحًا مما عرفته في ظل بيزنطة، التي اضطهدت الكنائس غير الخلقيدونية، وضيقت على أتباعها بالقمع والنفي والملاحقة. وقد شهدت الكنيسة النسطورية واليعقوبية والقبطية عهدًا من الاستقرار النسبي في ظل الدولة الإسلامية، سمحت لها ليس بالحفاظ على هويتها ومؤسساتها فقط، بل بإعادة بنائها. وبدل أن يكون الإسلام نهاية للمسيحية الشرقية، كان إنقاذًا لها من الطمس البيزنطي. وقد وثّق بطاركة ومؤرخون مثل ديونيسيوس التلمحري كيف وفر الحكم الإسلامي للكنائس حرية العبادة وتنظيم الشؤون الداخلية، بل ساهم المسيحيون في بناء الحضارة الإسلامية في مجالات الطب وبعض العلوم. ورغم ما واجهته هذه الكنائس من تراجع لاحق أمام صعود الكنيسة الغربية، فقد ظل تراثها صامدًا بفضل مرونتها، وبدور أساسي للعرب – مسيحيين ومسلمين– في حمايتها وتثبيت حضورها في تاريخ المشرق.
#خلف_علي_الخلف (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تاريخ المعتزلة وتدليس اليسار العربي
-
دليل الحيران إلى مذاهب الإيمان: الأريوسية المسيحية المنقرضة
-
عن الدولة الأندلسية في الإسكندرية
-
يامبليخوس: الفيلسوف الذي شكل الأفلاطونية المحدثة
-
وجوب محاسبة من تلطخت كلماتهم بالدماء في سوريا
-
معايير تشكيل اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني في سوريا والجدل
...
-
مقاربات عملية لحل معضلة قسد في إطار سوريا الجديدة
-
الدور السعودي في سوريا الجديدة
-
الوهابية الثقافية العربية
-
رسالة تأخرت سنة إلى طالبي فتح الحدود
-
الحسين مجرد طالب سلطة وليس ثائرا
-
دفاعًا عن الأدب العربي المترجم إلى اليونانية وليس بيرسا
-
عبدالله الريامي: جيشٌ من رجلٍ واحدٍ يحارب على جبهات متعددة
-
قصيدة النثر بالعربية: إضاءات من زوايا شخصية
-
بولاق الفرنساوي لحجاج أدول والحنين للماضي
-
هل احتل العرب المكسيك؟
-
عن المغاربة الذين لا يعرفون أن الأندلس أموية
-
السوريون وهواية أسطرة الفوارغ
-
العلاقة بين اليهود وحائكي السجاد في رواية بازيريك للماجدي
-
سلام حلوم في «كسْر ِالهاء»: الحنين كمنبع للشعر
المزيد.....
-
رئيس مجلس الوزراء العراقي يستقبل رئيس الطائفة الشيعية في سور
...
-
ما الذي نعرفه عن العقيدة الكاثوليكية؟
-
تثبيت تردد قناة طيور الجنة الجميلة لأطفالك على القمر الصناعي
...
-
بيتر باينارت: أن تكون يهوديا بعد تدمير غزة، أين الحساب؟
-
نزلها الآن “تردد قناة طيور الجنة الجديد للأطفال 2025” .. TOY
...
-
أول صورة لجثمان بابا الفاتيكان.. وعراقي من بين المرشحين لخلا
...
-
كل عام والأمة الإسلامية بخير “موعد عيد الاضحي 2025” .. في مص
...
-
الفاتيكان يكشف سبب وفاة البابا فرنسيس
-
بطريرك عراقي ضمن المرشحين لمنصب بابا الفاتيكان
-
مقتل قيادي في الجماعة الإسلامية بغارة إسرائيلية جنوب بيروت
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|