كمال غبريال
كاتب سياسي وروائي
(Kamal Ghobrial)
الحوار المتمدن-العدد: 8320 - 2025 / 4 / 22 - 14:07
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الكاثوليكية الحديثة اتجاه فكري إنساني محض. بدأ تباشيره مع البابا يوحنا بولس الثاني. لا ينطلق من النصوص المسيحية المقدسة، التزاماً دوجماطيقياً بعموم ماورد بها. وإنما من افتراض تعسفي محمود ولاشك،
أن المسيحية "خير مطلق وإنسانية محضة". فيذهب مرتقياً بفكره الإنساني إلى ذرى دائمة التطور والارتقاء. مع تطور مسيرة الحضارة الإنسانية،
التي تتصدرها وتقودها الشعوب المسيحية التي تبنت العلمانية فكراً ومنهج حياة. متراجعة بالمسيحية التعبدية والطقوسية لتكون ديكوراً في خلفية الصورة. أشبه بحديقة من زهور صناعية بديعة.
سبحت الكاثوليكية الڤاتيكانية مع هذا التيار، رغم أن تبني الأفكار الإنسانية الجديدة يحطم دائرة أو قفص الدوجما ونصوصها العتيقة. ليتنفس فرنسيس وأصحابه في موكب الكاثوليكية الحديثة بحرية في فضاء الانتماء الإنساني المفارق لركود العقائد المغلقة الموروثة. ومنقطع الصلة بالارتباط العضوي بعبادة آلهة تسكن سماوات مفترضة، تقوم بتحديد أخلاق ومصير حياة الإنسان، الذي إن لم يعبدها حق العبادة، أو خالف تعاليمها، فإن مصيرة سيكون بحيرة نار وكبريت معدة للعصاة والكافرين!!
فعل هذا فرنسيس بكاثوليكيته الحديثة، غير عابئ أن منصبه الرسمي يجعله الحارث الأكبر والأعظم للدوجما المسيحية نصوصاً ومنهج حياة.
هكذا لم يكن جريجوري أو فرنسيس الأول بابا مسيحي كاثوليكي.
كان بابا الإنسان والإنسانية وكفى.
ولم يكن سعيه الوصول بالناس للمسيح وملكوت السماوات.
وإنما كان يرى أن رسالته أن يتوفر للفقراء والمهمشين حياة أفضل.
وأن ينشر المحبة والسلام بين كافة البشر.
لم يكن فرنسيس ممن يسعون للتقارب مع الآخر منطلقاً من انتمائه الديني الخاص. وإنما يرى أن الانتماء الوحيد هو الانتماء الإنساني. الذي يجمع الكل تلقائياً وطبيعياً على أرضية إنسانية.
كان فكره وخطابه لاعقائدي وإنما إنساني.
ضارباً عرض الحائط بما تزخر به مرجعية مسيحيته المقدسة من نصوص تجعل الإيمان بإله ذي مواصفات محددة هو المحور الرئيسي للعقيدة التي يتحدث باسمها.
فكان أن فتح باب ملكوت يسوع المسيح، ليس فقط لأصحاب مختلف الأديان التي تتعبد لآلهة مختلفة تماماً وجذرياً عن إله المسيحية، وإنما فتح أبواب الملكوت أيضاً للادينيين والملحدين.
هل كان الرجل في دخيلته لادينياً أو ملحداً؟!
لم يقل هذا صراحة بالطبع.
لكن خطابه كان يقبل بل ويدفع للدخول به إلى هذا التصنيف.
#كمال_غبريال (هاشتاغ)
Kamal_Ghobrial#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟